إيرانيون يطالبون باستفتاء شعبي لنقل السلطة سلمياً برعاية أممية

شيرين عبادي لـ {الشرق الأوسط}: نطالب بإقامة نظام علماني ديمقراطي بدلاً من ولاية الفقيه

عبادي تلقي خطاباً خلال تسلمها جائزة «ساخاروف» لحقوق الإنسان بالنيابة عن المخرج جعفر بناهي والمحامية نسرين ستوده بمقر الاتحاد الأوروبي في ديسمبر 2012 (الاتحاد الأوروبي)
عبادي تلقي خطاباً خلال تسلمها جائزة «ساخاروف» لحقوق الإنسان بالنيابة عن المخرج جعفر بناهي والمحامية نسرين ستوده بمقر الاتحاد الأوروبي في ديسمبر 2012 (الاتحاد الأوروبي)
TT

إيرانيون يطالبون باستفتاء شعبي لنقل السلطة سلمياً برعاية أممية

عبادي تلقي خطاباً خلال تسلمها جائزة «ساخاروف» لحقوق الإنسان بالنيابة عن المخرج جعفر بناهي والمحامية نسرين ستوده بمقر الاتحاد الأوروبي في ديسمبر 2012 (الاتحاد الأوروبي)
عبادي تلقي خطاباً خلال تسلمها جائزة «ساخاروف» لحقوق الإنسان بالنيابة عن المخرج جعفر بناهي والمحامية نسرين ستوده بمقر الاتحاد الأوروبي في ديسمبر 2012 (الاتحاد الأوروبي)

غداة اقتراح الرئيس الإيراني حسن روحاني اللجوء لصناديق الاقتراع لحسم الخلافات وتخطي المآزق الداخلية، طالب 15 ناشطاً سياسياً ومدنياً بارزاً في إيران، أمس، في بيان بتنظيم استفتاء شعبي برعاية الأمم المتحدة للانتقال السلمي من نظام «ولاية الفقيه» إلى نظام «ديمقراطي علماني برلماني»، وقالت المحامية شيرين عبادي لـ «الشرق الأوسط» إن الموقّعين على البيان يمثلون أفكارا واتجاهات وفئات مختلفة، لتلبية المطالب الشعبية في الاحتجاجات الأخيرة، التي تصدّرها طلب الاستفتاء لتقرير مصير نظام ولاية الفقيه.
وقال الموقعون إن «حل هذه المشكلات الأساسية هو الانتقال السلمي من الجمهورية الإسلامية إلى ديمقراطية برلمانية علمانية قائمة على الانتخابات الحرة، واحترام حقوق الإنسان احتراما تاما، والقضاء على جميع أشكال التمييز المؤسسي، لا سيما المساواة الكاملة بين الرجال والنساء والجماعات الإثنية والأديان والطوائف في جميع الميادين الثقافية والاجتماعية والسياسية والاقتصادية». ويرى الموقعون أن إجراء استفتاء يمكن الإيرانيين من انتخاب نوع النظام السياسي تحت إشراف أممي، وتقرير مصير الشعب الإيراني.
وقالت المحامية شيرين عبادي الحائزة جائزة نوبل للسلام عام 2003 في اتصال هاتفي لـ«الشرق الأوسط» إن «البيان مستقل»، نافية أن يكون ردا على خطاب الرئيس الإيراني حسن روحاني أول من أمس. وأضافت أنه «في الحقيقة أن جميع من نزلوا للشارع في احتجاجات نهاية ديسمبر (كانون الأول) الماضي رددوا هتافات تعبر عن استيائهم من الوضع الحالي، وقالوا إنهم لا يريدون النظام الحالي».
وأوضحت عبادي أن «15 ناشطا من اتجاهات وأفكار وفئات مختلفة، قرروا معا الاستجابة للمطالب الشعبية»، مشددة على أن البيان «يوضح عدة نقاط؛ أولها محاولة الحكومة القول إن من يقيمون خارج إيران لا يعرفون المشكلات الداخلية، وأن هناك شرخا بين الداخل والخارج. ولكننا بهذا البيان، أظهرنا أن جميع الإيرانيين في كل مكان في العالم يريدون معا شيئا واحدا».
والموقعون هم: المخرج السينمائي جعفر بناهي، والمحامية نسرين ستودة، والمحامية نرجس محمدي، والمحامية شيرين عبادي، والناشط بيام إخوان، والناشط السياسي الإصلاحي محسن سازغارا، والمحامي محمد سيف زاده، والناشط السياسي حسن شريعتمداري، والمحامي حشمت الله طبرزدي، والناشط السياسي أبو الفضل قدياني، والباحث في الشؤون الدينية محسن كديور، والناشط كاظم كردواني، والمخرج محسن مخملباف، والناشط الحقوقي محمد ملكي، والمدافع عن حقوق الإنسان محمد نوري زاد.
ويتهم البيان السلطات الإيرانية بـ«استغلال الدين، والتستر وراء المفاهيم الدينية، واتباع الكذب والخداع وعدم الشفافية، وتجاهل الرأي العام، والتخلي عن القانون ومعايير حقوق الإنسان، وانتهاك ممنهج للحريات وحقوق الشعب الإيراني، والعجز المفرط في حل الأزمات السياسية والاقتصادية والاجتماعية، فضلا عن عدم فاعلية كل أساليب الإشراف القانوني والإصلاحي السلمي»، وهي جملة أسباب عدّها الموقعون من بين أسباب تعثر تقدم إيران.
وأشارت عبادي إلى قضية أخرى؛ وهي أن «الجمهورية الإسلامية أظهرت منذ 39 عاما، أن هذه الدولة غير قابلة للإصلاح كما أثبتت تجارب الحكومات المختلفة؛ سواء كانت للمحافظين أو للإصلاحيين».
وفي إشارة إلى مطالب روحاني بإجراء استفتاء لحل المآزق الداخلية، قالت عبادي إن الرئيس الإيراني قال إن طلبه دستوري ووفقا للدستور، وإنه «يمكن الاستفتاء في قضايا مهمة، لكن يتعذر التغيير في عدة قضايا أساسية؛ بما فيها (أساس الجمهورية الإسلامية) و(إسلامية الحكومة)، وكذلك (مرجعية الشرعية للقوانين الإيرانية). وهو ما يعني أن ولي الفقيه نفسه لا يمكنه تغيير هذه القضايا. وسبب ذلك أن الشعب لا يريد حكومة دينية».
وأشارت عبادي إلى هتافات رددها المتظاهرون في أكثر من 80 مدينة إيرانية شهدت احتجاجات مؤخرا، وقد رددوا هتافات ضد سياسات النظام الداخلية والخارجية، واستهدفت الشعارات بشكل أساسي الرجل الأول في النظام؛ المرشد الإيراني علي خامنئي.
وقال روحاني خلال مؤتمر صحافي الأسبوع الماضي إن شعارات المحتجين لم تقتصر على الاقتصاد؛ وإنما شملت شعارات سياسة واجتماعية وأخرى ضد السياسة الخارجية.
وأوضحت نتائج استطلاع رأي نشره «مركز الأبحاث الاستراتيجية» التابع للرئاسة الإيرانية الأسبوع الماضي، أن نحو 75 في المائة من المشاركين في الاستطلاع قالوا إنهم مستاءون من الأوضاع الحالية في إيران، وأظهرت أن 60 في المائة من الإيرانيين «ما زالوا يعتقدون بإمكانية إصلاح أوضاع البلد، في حين أن 31 في المائة يعتقدون خلاف ذلك».
وتلفت عبادي إلى أن البيان «يطالب بالانتقال من (الجمهورية الإسلامية) إلى (حكومة ديمقراطية علمانية)، تحت رعاية الأمم المتحدة». إلا أنها في الوقت نفسه قالت: «نحن لا ننتظر معجزة بتوقيع 5 أشخاص، ولكن إذا تم رفع هذا الصوت بين الناس، وتحول إلى مطلب شعبي، فستكون الحكومة مضطرة للخضوع لهذا الاستفتاء، لأن نسبة عدم رضا الناس بلغت مستويات عالية، ونرى كل يوم وقوع الاضطرابات في مختلف أنحاء البلاد».
وتحذر عبادي من التأخر في تلبية المطالب الشعبية في إيران، وقالت في هذا الشأن: «إذا لم يحدث هذا الاستفتاء، فإن المظالم ستزداد سوءا، وستؤدي الأمور إلى العنف». ونوهت بأن «الاستفتاء تحت إشراف الأمم المتحدة هو السبيل الوحيدة لإنقاذنا من العنف».
وكان أبو الفضل قدياني، عضو اللجنة المركزية في «منظمة مجاهدي الثورة الإسلامية» وصف المرشد الإيراني بأنه «مستبد إيران الحالي»، منتقدا تنازلات شخصيات التيار الإصلاحي ومواقفهم خلال الاحتجاجات الأخيرة، متهما إياهم بـ«المصالحة مع المرشد على حساب الشعب الإيراني».
وطالب روحاني في خطاب ذكرى الثورة، أول من أمس، باللجوء إلى خيار الاستفتاء وصناديق الاقتراع في جزء من الحل بمواجهة المآزق السياسية نتيجة أزمة القرار بين التيارات المشاركة في السلطة الإيرانية.
وردا على سؤال عما إذا كانت دعوة روحاني تلبية للمطالب الشعبية حول تنظيم استفتاء، قالت عبادي: «لا أرى سجل روحاني إيجابيا، لأنه في فترة رئاسته لم يتحسن الوضع الاقتصادي ولا أوضاع حقوق الإنسان، ولم يف بوعده في إطلاق سراح السجناء السياسيين، كما رأينا اعتقال 3700 شخص، وتوفي بعض منهم تحت التعذيب... وفي النهاية خرج المدعي العام بكل وقاحة ليعلن أن السجناء انتحروا».
وخاطبت عبادي روحاني الذي «وعد بإطلاق سراح السجناء السياسيين» قائلة: «يجب أن ينتبه إلى أن أكثر من يرفعون الدعاوى ضد السجناء هي وزارة الاستخبارات، وأن الوزارة تابعة لرئاسة الجمهورية، وأن الوزير من يختاره روحاني ويقدمه للبرلمان. من أجل ذلك؛ إذا كان روحاني يعتقد بضرورة إطلاق سراح السجناء السياسيين، فيكفي أن يأمر ضباط المخابرات بحذف تلك الدعاوى من الملفات، وسنرى فتح أبواب السجون».
وأضافت عبادي أن «روحاني يعالج الأمور بالكلام، ويحاول بترديد بعض العبارات الجميلة أن يمتص غضب الناس. وللأسف؛ لا فائدة من ذلك، ونرى أنه في كل يوم يزداد السخط بين الناس».



تقرير: الإسرائيليون استطاعوا مشاهدة فيلم وثائقي تحجبه السلطات عن قضية فساد نتنياهو

نتنياهو قبل الإدلاء بشهادته في محاكمته بتهمة الفساد في المحكمة المركزية في تل أبيب الثلاثاء (إ.ب.أ)
نتنياهو قبل الإدلاء بشهادته في محاكمته بتهمة الفساد في المحكمة المركزية في تل أبيب الثلاثاء (إ.ب.أ)
TT

تقرير: الإسرائيليون استطاعوا مشاهدة فيلم وثائقي تحجبه السلطات عن قضية فساد نتنياهو

نتنياهو قبل الإدلاء بشهادته في محاكمته بتهمة الفساد في المحكمة المركزية في تل أبيب الثلاثاء (إ.ب.أ)
نتنياهو قبل الإدلاء بشهادته في محاكمته بتهمة الفساد في المحكمة المركزية في تل أبيب الثلاثاء (إ.ب.أ)

قالت وكالة «أسوشييتد برس» للأنباء إن هناك إسرائيليين تمكنوا من مشاهدة الفيلم الوثائقي «ملفات بيبي» الذي يدور حول قضية الفساد التي يحاكم بسببها رئيس الوزراء بنيامين نتنياهو، وذلك باستخدام شبكة VPN لتجاوز قيود البث، أو من خلال مشاهدة نسخ مسربة شقت طريقها إلى وسائل التواصل الاجتماعي.

معارض لنتنياهو خارج مقرّ المحكمة بتل أبيب الثلاثاء (أ.ب)

وكانت السلطات الإسرائيلية قد منعت عرض الفيلم بسبب قوانين الخصوصية التي تنظم مثل هذه الإجراءات.

وأضافت الوكالة أن نتنياهو أصبح أول رئيس حكومة إسرائيلي في السلطة يقف متهماً ووعد بإسقاط مزاعم الفساد «السخيفة» ضده.

المنتج والمخرج الأميركي الإسرائيلي أليكس جيبني

وقالت إن مخرج الفيلم الوثائقي أليكس جيبني تناول خلال مسيرته المهنية التي استمرت عقوداً العديد من القضايا الشائكة، ولم يكن يخطط لفيلم عن إسرائيل - حتى يوم واحد من العام الماضي، عندما وقع تسريب مذهل بين يديه واتضح أن التسريب كان أشبه بالطوفان، حيث عُرض عليه من خلال مصدر تسجيلات فيديو لمقابلات الشرطة مع رئيس الوزراء الإسرائيلي وزوجته سارة وابنه يائير ومجموعة من رجال الأعمال، وكلها أجريت بوصفها جزءاً من قضية الفساد وبلغ مجموعها أكثر من 1000 ساعة من الفيديوهات.

ولم يكن المخرج الحائز على جائزة الأوسكار يتحدث العبرية، لكنه شعر بأن هذا كان شيئاً كبيراً ولجأ إلى مراسل التحقيقات الإسرائيلي المخضرم رفيف دراكر، الذي قام بفحص عميق للفيديوهات، وقال له إن «لدينا شيئاً مثيراً للغاية» ثم ضم جيبني زميلته أليكسيس بلوم، التي عملت في إسرائيل، لإخراج الفيلم.

وكانت النتيجة: فيلم «ملفات بيبي» الذي خدمه أن توقيت إصداره هذا الأسبوع، تزامن مع محاكمة نتنياهو.

رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو وزوجته سارة خلال نزهة برفقة ابنيهما يائير وأفنير (جيروزاليم بوست - المكتب الصحافي الحكومي الإسرائيلي)

ولفتت الوكالة إلى أن الفيلم واجه عقبات أخرى، من ناحية، كان على جيبني وبلوم جمع الأموال لإنتاجه دون الكشف عنه، نظراً لمحتواه، وكان العديد من الداعمين والموزعين متوترين بشأن المشاركة، خاصة بعد اندلاع الحرب بعد الهجوم الذي قادته «حماس» على إسرائيل في 7 أكتوبر (تشرين الأول) 2023 ثم كانت هناك أكبر عقبة على الإطلاق: حيث لا يمكن عرض الفيلم في إسرائيل، بسبب قوانين الخصوصية.

وكانت المراجعات في وسائل الإعلام الإسرائيلية لفيلم «ملفات بيبي» إيجابية في الغالب، وليس من المستغرب أن يعكس رد الفعل العام الانقسامات حول نتنياهو المثير للجدل، حيث يقول هو وأنصاره إنه مطارد من وسائل الإعلام المعادية والقضاء المتحيز ضده.

مخرجة فيلم «ملفات بيبي» الأميركية أليكسيس بلوم

وكتب نير وولف، الناقد التلفزيوني لصحيفة إسرائيل اليوم المؤيدة لنتنياهو: «سوف يقسم معارضو نتنياهو بالفيلم وسيصبحون أكثر اقتناعاً بأنه فاسد، ويقودنا إلى الدمار وسوف يرغب أنصاره في احتضانه أكثر».

وهاجم نتنياهو الفيلم في سبتمبر (أيلول)، وطلب محاميه من المدعي العام للبلاد التحقيق مع دروكر، وهو منتج مشارك مع جيبني، متهماً إياه بمحاولة التأثير على الإجراءات القانونية ولكن لم يتم فتح أي تحقيق.