استغراب في الجزائر بعد «خطاب حربي» في مجلة الجيش

هدد «أقلاماً مغرضة» وتحدث عن «نشر أكاذيب» و«نيات سيئة»

رجلا أمن في مواجهة طلبة طب يحتجون على الخدمة المدنية الإلزامية في العاصمة الجزائرية أمس (أ.ف.ب)
رجلا أمن في مواجهة طلبة طب يحتجون على الخدمة المدنية الإلزامية في العاصمة الجزائرية أمس (أ.ف.ب)
TT

استغراب في الجزائر بعد «خطاب حربي» في مجلة الجيش

رجلا أمن في مواجهة طلبة طب يحتجون على الخدمة المدنية الإلزامية في العاصمة الجزائرية أمس (أ.ف.ب)
رجلا أمن في مواجهة طلبة طب يحتجون على الخدمة المدنية الإلزامية في العاصمة الجزائرية أمس (أ.ف.ب)

تتعامل المؤسسة العسكرية في الجزائر، منذ فترة قصيرة، بحساسية بالغة مع تصريحات وكتابات في الصحافة تخصّها، ومع احتجاج متقاعدين انتسبوا إليها في وقت سابق، تتعلق بمعاشاتهم وحقوق اجتماعية مرتبطة بفترة انخراطهم في الحرب ضد المتطرفين الإسلاميين في تسعينات القرن الماضي.
وأثارت مقالات نشرتها مجلة «الجيش»، لسان حال وزارة الدفاع، في عدد شهر فبراير (شباط) الحالي، استغراب بعض الأوساط السياسية والإعلامية، بسبب حدتها وخطورتها، إذ إنها تركت انطباعاً بأن السلطات الأمنية والعسكرية تواجه عدوّاً يهدد الأمن القومي. ففي مقال عنوانه «الجيش الوطني الشعبي... صورة ناصعة لا تتأثر بالمغالطات»، موقّع باسم «التحرير»، جرى حديث عن أن الجيش «يجد نفسه ملزماً، كلما تعلق الأمر بأحداث عادية يعيشها، لأن يصدح بقوله بدافع موضوعي، يفرضه التصدي لبعض الأقلام المغرضة، مستغلة سياقات تشوبها مغالطات مقصودة وتأويلات موجهة».
واستعملت في المقال ألفاظ حربية ولكنها تحمل مواقف واتهامات ذات طابع سياسي، من قبيل «زرع الشك وسط الرأي العام من خلال نشر الأكاذيب وبث البلبلة علَها تسيء إلى عمق التحولات التي تعرفها مؤسسة الجيش الوطني، إلا أن كل هذه المحاولات اليائسة لذوي النفوس الضعيفة، والأيادي المرتعشة التي تمتهن الاصطياد في المياه العكرة، ستصطدم لا محالة برجال آثروا حب الوطن وتقديم المصلحة العليا فوق كل المصالح الذاتية والشخصية».
ولا يوضح المقال الداعي إلى مثل هذه الكتابات الحادة، وموضوعياً لم يقع أي شيء في البلاد أخيراً يُفهم على أنه إساءة لمؤسسة الجيش، بل على عكس ذلك تتعرض هيئات كثيرة في الدولة وأجهزة حكومية للانتقاد، وأحيانا للتجريح، باستثناء وزارة الدفاع والجيش. وحتى أكثر المعارضين تشدداً مع الحكومة، يتوقف عند انتقاد سياسات الرئيس عبد العزيز بوتفليقة، وهو أيضاً وزير الدفاع القائد الأعلى للقوات المسلحة، وانتقاد رئيس الوزراء أحمد أويحيى وكل الوزراء، أما رئيس أركان الجيش الفريق أحمد قايد صالح الذي هو نائب وزير الدفاع، فنادراً ما يتعرض له الصحافيون بشكل سلبي، في تقاريرهم المكتوب أو المذاعة.
والشائع أن سبب «تلافي» الحديث عن الجيش وعدم الخوض في شؤونه، وخصوصاً قايد صالح، هو الخوف من مصير شبيه بما لقيه ضابط عسكري سابق وصحافيان. فالضابط حسين بن حديد، وهو جنرال كان مستشاراً لوزير الدفاع قبل 20 سنة، وضعه الجيش في السجن العام الماضي بسبب وصفه صالح في الإعلام بأنه «شخص لا يحظى باحترام الجنود»، وأطلق سراحه بعد 8 أشهر لسبب وحيد، وهو تدهور حالته الصحية على إثر اكتشاف إصابته بالسرطان. أما الصحافيان فأحدهما يدعى محمد تامالت وتوفي نهاية 2016 متأثراً بمضاعفات إضراب عن الطعام شنّه في سجنه احتجاجاً على إدانته بالسجن عامين مع التنفيذ بتهمة الإساءة إلى رئيس الجمهورية وقادة كبار في المؤسسة العسكرية، من بينهم صالح، في حين أن الثاني وهو سعيد شيتور الذي كان يراسل وسائل إعلام أجنبية، فقد سُجن منذ الصيف الماضي بتهمة «التخابر مع جهة أجنبية».
ومما جاء في مجلة «الجيش» أيضاً: «بين الفينة والأخرى، وكلما تعلّق الأمر بالمؤسسة العسكرية، تطلّ علينا أطراف تغذيها نيات سيئة وتحركها أهداف مغرضة، تحاول المساس بصورة الجيش الوطني الشعبي، وهو ما حدث تماماً وراء استغلال بعض المتقاعدين وإقحامهم في أغراض لا تخدم البتة مصلحة وطنهم، وهي محاولة يائسة لجرّهم وتوريطهم في أفعال لا تمت بصلة للأخلاقيات المستمدة قيمها من ثورتنا التحريرية المباركة». وأضافت المجلة: «هناك أطراف تسعى، من خلال بعض الأقلام من ذوي النيات غير البريئة إلى بلوغ مبتغاها، الرامي إلى الإساءة إلى وطن اسمه الجزائر، التي تبقى دوماً رغماً عنهم تسمو بها همّتها إلى مواجهة وكسب كل التحديات، وتحقيق المزيد من الأمن والاستقرار الذي يكفل لها مواصلة مشوارها التنموي الطموح».



انقلابيو اليمن ينزفون جراء تصعيدهم الميداني

سور مستشفى حكومي في صنعاء حوّله الحوثيون إلى معرض لصور قتلاهم (الشرق الأوسط)
سور مستشفى حكومي في صنعاء حوّله الحوثيون إلى معرض لصور قتلاهم (الشرق الأوسط)
TT

انقلابيو اليمن ينزفون جراء تصعيدهم الميداني

سور مستشفى حكومي في صنعاء حوّله الحوثيون إلى معرض لصور قتلاهم (الشرق الأوسط)
سور مستشفى حكومي في صنعاء حوّله الحوثيون إلى معرض لصور قتلاهم (الشرق الأوسط)

شيّعت جماعة الحوثيين خلال الأسبوع الماضي 17 قتيلاً من عناصرها العسكريين، الذين سقطوا على خطوط التماس مع القوات الحكومية في جبهات الساحل الغربي ومأرب وتعز والضالع، منهم 8 عناصر سقطوا خلال 3 أيام، دون الكشف عن مكان وزمان مقتلهم.

وفقاً للنسخة الحوثية من وكالة «سبأ»، شيّعت الجماعة في العاصمة اليمنية المختطفة صنعاء كلاً من: ملازم أول رشاد محمد الرشيدي، وملازم ثانٍ هاشم الهجوه، وملازم ثانٍ محمد الحاكم.

تشييع قتلى حوثيين في ضواحي صنعاء (إعلام حوثي)

وسبق ذلك تشييع الجماعة 5 من عناصرها، وهم العقيد صالح محمد مطر، والنقيب هيمان سعيد الدرين، والمساعد أحمد علي العدار، والرائد هلال الحداد، وملازم أول ناجي دورم.

تأتي هذه الخسائر متوازية مع إقرار الجماعة خلال الشهر الماضي بخسائر كبيرة في صفوف عناصرها، ينتحل أغلبهم رتباً عسكرية مختلفة، وذلك جراء خروقها الميدانية وهجماتها المتكررة ضد مواقع القوات الحكومية في عدة جبهات.

وطبقاً لإحصائية يمنية أعدّها ونشرها موقع «يمن فيوتشر»، فقد خسرت الجماعة خلال نوفمبر (تشرين الثاني) الماضي، 31 من مقاتليها، أغلبهم ضباط، سقطوا في مواجهات مع القوات الحكومية.

وشيّع الانقلابيون الحوثيون جثامين هؤلاء المقاتلين في صنعاء ومحافظة حجة، دون تحديد مكان وزمان مصرعهم.

وأكدت الإحصائية أن قتلى الجماعة خلال نوفمبر يُمثل انخفاضاً بنسبة 6 في المائة، مقارنة بالشهر السابق الذي شهد سقوط 33 مقاتلاً، ولفتت إلى أن ما نسبته 94 في المائة من إجمالي قتلى الجماعة الذين سقطوا خلال الشهر ذاته هم من القيادات الميدانية، ويحملون رتباً رفيعة، بينهم ضابط برتبة عميد، وآخر برتبة مقدم، و6 برتبة رائد، و3 برتبة نقيب، و 13 برتبة ملازم، و5 مساعدين، واثنان بلا رتب.

وكشفت الإحصائية عن أن إجمالي عدد قتلى الجماعة في 11 شهراً ماضياً بلغ 539 مقاتلاً، بينهم 494 سقطوا في مواجهات مباشرة مع القوات الحكومية، بينما قضى 45 آخرون في غارات جوية غربية.

152 قتيلاً

وتقدر مصادر عسكرية يمنية أن أكثر من 152 مقاتلاً حوثياً لقوا مصرعهم على أيدي القوات الحكومية بمختلف الجبهات خلال سبتمبر (أيلول) وأكتوبر (تشرين الأول) الماضيين، منهم 85 قيادياً وعنصراً قُتلوا بضربات أميركية.

وشهد سبتمبر المنصرم تسجيل رابع أعلى معدل لقتلى الجماعة في الجبهات منذ بداية العام الحالي، إذ بلغ عددهم، وفق إحصائية محلية، نحو 46 عنصراً، معظمهم من حاملي الرتب العالية.

الحوثيون استغلوا الحرب في غزة لتجنيد عشرات الآلاف من المقاتلين (إكس)

وبحسب المصادر، تُحِيط الجماعة الحوثية خسائرها البشرية بمزيد من التكتم، خشية أن يؤدي إشاعة ذلك إلى إحجام المجندين الجدد عن الالتحاق بصفوفها.

ونتيجة سقوط مزيد من عناصر الجماعة، تشير المصادر إلى مواصلة الجماعة تعزيز جبهاتها بمقاتلين جُدد جرى استقطابهم عبر برامج التعبئة الأخيرة ذات المنحى الطائفي والدورات العسكرية، تحت مزاعم مناصرة «القضية الفلسطينية».

وكان زعيم الجماعة الحوثية أقرّ في وقت سابق بسقوط ما يزيد عن 73 قتيلاً، وإصابة 181 آخرين، بجروح منذ بدء الهجمات التي تزعم الجماعة أنها داعمة للشعب الفلسطيني.

وسبق أن رصدت تقارير يمنية مقتل نحو 917 عنصراً حوثياً في عدة جبهات خلال العام المنصرم، أغلبهم ينتحلون رتباً عسكرية متنوعة، في مواجهات مع القوات الحكومية.