حلم القضاء على «داعش» يسكّن المعاناة المعيشية لأبناء سيناء

حصاد رابع أيام العملية الموسعة: مقتل 12 «تكفيرياً» وضبط 92 مطلوباً

مواطنون مصريون يستخدمون العبارات في التنقل بين جانبي قناة السويس بمنطقة الإسماعيلية (إ.ب.أ)
مواطنون مصريون يستخدمون العبارات في التنقل بين جانبي قناة السويس بمنطقة الإسماعيلية (إ.ب.أ)
TT

حلم القضاء على «داعش» يسكّن المعاناة المعيشية لأبناء سيناء

مواطنون مصريون يستخدمون العبارات في التنقل بين جانبي قناة السويس بمنطقة الإسماعيلية (إ.ب.أ)
مواطنون مصريون يستخدمون العبارات في التنقل بين جانبي قناة السويس بمنطقة الإسماعيلية (إ.ب.أ)

شوارع شبه خالية من حركة الأفراد والمركبات، وأسواق يشكو تجارها وزبائنها افتقادهم حاجياتهم الأساسية من مواد التموين والوقود، وانقطاع كلّي لخدمات الاتصالات طوال ساعات النهار، بالتزامن مع أصوات انفجارات وتحليق مكثف للطيران في الأجواء... هكذا بدت مشاهد الحياة اليومية لمدن محافظة شمال سيناء المصرية في إطار العملية الشاملة «سيناء 2018» التي تشهدها مناطق شمال ووسط سيناء، وانطلقت صباح الجمعة الماضي، قبل أسابيع من انتهاء مهلة 3 أشهر حددها الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي في نهاية نوفمبر (تشرين الثاني) الماضي لـ«استعادة الأمن في شمال سيناء».
ورغم «المعاناة المعيشية» التي يواجهها أهالي المحافظة التي ينشط فيها منذ سنوات عناصر تدين بالولاء لتنظيم داعش، فإن سكانا محليين وتجارا ونائبا بالبرلمان عن المحافظة، عبروا خلال حديثهم إلى «الشرق الأوسط» عن «ثبات وتحمل» في مواجهة كل ذلك... «إذا كانت نتائجه هي القضاء على سطوة التنظيمات الإرهابية» التي نفذت جرائم قتل المئات منهم بالتصفية، فضلاً عن استهداف قوات الجيش والشرطة. وقدّرت إحصائية رسمية غطت الفترة ما بين 2013 ومنتصف 2017 أعداد النازحين من نيران الحرب على الإرهاب في مراكز شمال سيناء كافة إلى مناطق آمنة داخل المحافظة، بنحو 6700 أسرة تضم أكثر من 26 ألف شخص.
وتحولت محافظة شمال سيناء الحدودية إلى بؤرة إرهابية مشتعلة منذ سنوات، وتنتشر فيها جماعات متشددة من أبرزها تنظيم «أنصار بيت المقدس» الذي بايع «داعش» الإرهابي عام 2014 وغيّر اسمه إلى «ولاية سيناء»، ومؤخراً شهد مركز «بئر العبد» في شمال سيناء، أسوأ هجوم إرهابي تتعرض له مصر في العصر الحديث، حين قتل مسلحون أكثر من 305 مصلّين في هجوم على مسجد. ولم تعلن بعد أي جماعة مسؤوليتها عن الهجوم.
النائب البرلماني عن وسط سيناء، جازى سعد، قال لـ«الشرق الأوسط»: «العملية الأخيرة للقوات المسلحة والشرطة في سيناء تختلف كليا عن سابقاتها من العمليات»، وحققت وفقاً لما توفر له من معلومات ومشاهدات نتائج متقدمة في القضاء على بؤر لعناصر إرهابية.
وأوضح أن «أهالي سيناء طال انتظارهم لتحريرها من العناصر الإرهابية، وهم صبروا وتحملوا الكثير، ويقفون ظهيراً للقوات، رغم معاناتهم الشديدة؛ حيث أغلقت شمال سيناء كليا، ولا يسمح لهم بالدخول أو الخروج من المحافظة، أو حتى بين مدنها المختلفة، إلا للحالات الإنسانية والمرضى وطلبة الجامعات».
موسى المنيعي، وهو أحد سكان منطقة جنوب رفح المصرية، نقل عن شهود عيان أن «شدة الضربات لبؤر المجموعات الإرهابية في منطقة (شبانة) كانت طوق النجاة لعشرات من الأهالي المدنيين، الذين كان يحتجزهم التنظيم في سجون خاصة، وفرّ الناجون من قبضة التكفيريين».
ووفق سكان محليين في الشيخ زويد، تحدثوا شريطة عدم ذكر أسمائهم، فإن مناطق الوجود والسيطرة الدائمة لعناصر «داعش سيناء» ومنها «العجراء»، و«أبو لفيتة»، و«ودوار رفيعة»، و«الرسم» كلها كانت أهدافاً لقصف مكثف غير مسبوق.
ولفت بعضهم إلى «اختفاء أفراد (داعش) ممن يعرفون باسم (عناصر الرصد المسلحين)، وكانوا يستقلون دراجات نارية وينتشرون على الطرق في تلك المناطق لرصد تحركات الأمن».
رئيس الغرفة التجارية بشمال سيناء، عبد الله قنديل، قال لـ«الشرق الأوسط» إن «السكان يعتمدون في حياتهم اليومية على مؤن تموينية من الخضراوات والبقوليات التي تنقل إليهم من محافظات أخرى»، مضيفاً أن «قرار وقف دخول السيارات إلى المحافظة لإحكام السيطرة على عناصر التنظيمات الإرهابية، وتعذر نقل البضائع دفع بعض الأهالي إلى تخزين السلع، غير أن التجار يعملون على التنسيق لسد العجز بوصول كميات إضافية تغطي الضروري من الاحتياجات في ظل الظروف الطارئة».
في غضون ذلك، اتخذت محافظة شمال سيناء إجراءات رسمية لمساعدة الأهالي في المدن على تسيير أمورهم المعيشية، بعد إغلاق المحافظة. ووفقاً لبيانات رسمية، فإنه تم السماح بمرور سيارات نقل المواد التموينية، ونقل الحالات الإنسانية والطلبة المسافرين في حافلات خاصة إلى خارج المحافظة، وتسيير حافلات نقل عامة لمساعدة الأهالي في التنقل بعد توقف حركة السيارات الأجرة والخاصة.
من جهة اخرى أعلنت القوات المسلحة المصرية، أمس، في بيان أصدرته في رابع أيام عمليتها الموسعة في شمال سيناء والتي بدأت الجمعة الماضي، مقتل 12 من العناصر «التكفيرية» خلال تبادل لإطلاق النيران، كما تم ضبط 92 مطلوباً لأجهزة الأمن في مناطق متفرقة بالمحافظة.
وأوضح بيان الجيش، أن القوات الجوية رصدت ودمرت 60 هدفاً للعناصر الإرهابية بعد توفر معلومات استخباراتية حول هذه الأهداف، وأشار كذلك إلى ضبط وتدمير والتحفظ على 20 سيارة تستخدمها العناصر الإرهابية في عملياتها الإجرامية لترويع المواطنين، وتدمير عدد 27 دراجة نارية من دون لوحات معدنية، و30 «وكراً» بالإضافة لمخزن عثر بداخله على كميات من المواد الكيميائية المستخدمة في صناعة العبوات الناسفة، وأجهزة اتصال اللاسلكية وكميات من قطع الغيار والمواد المخدرة.
كما أعلن الجيش في بيانه، اكتشاف وتفجير 23 عبوة ناسفة تمت زراعتها بمناطق العمليات، والعثور على 13 مخبأ تحت الأرض.



أحداث سوريا تدفع الحوثيين لإطلاق مجاميع من المعتقلين

الحوثيون هددوا برد قاسٍ على أي تحرك وقالوا إنهم أقوى من النظام السوري (إعلام حوثي)
الحوثيون هددوا برد قاسٍ على أي تحرك وقالوا إنهم أقوى من النظام السوري (إعلام حوثي)
TT

أحداث سوريا تدفع الحوثيين لإطلاق مجاميع من المعتقلين

الحوثيون هددوا برد قاسٍ على أي تحرك وقالوا إنهم أقوى من النظام السوري (إعلام حوثي)
الحوثيون هددوا برد قاسٍ على أي تحرك وقالوا إنهم أقوى من النظام السوري (إعلام حوثي)

دفعت الأحداث المتسارعة التي شهدتها سوريا الحوثيين إلى إطلاق العشرات من المعتقلين على ذمة التخطيط للاحتفال بالذكرى السنوية لإسقاط أسلافهم في شمال اليمن، في خطوة تؤكد المصادر أنها تهدف إلى امتصاص النقمة الشعبية ومواجهة الدعوات لاستنساخ التجربة السورية في تحرير صنعاء.

وذكرت مصادر سياسية في إب وصنعاء لـ«الشرق الأوسط» أن الحوثيين أطلقوا دفعة جديدة من المعتقلين المنحدرين من محافظة إب (193 كيلومتراً جنوب صنعاء) بعد مضي ثلاثة أشهر على اعتقالهم بتهمة الدعوة للاحتفال بالذكرى السنوية للإطاحة بنظام حكم الإمامة في شمال البلاد عام 1962.

الكثيري والحذيفي بعد ساعات من إطلاق سراحهما من المعتقل الحوثي (إعلام محلي)

وبيّنت المصادر أن معتقلين آخرين من صنعاء تم إطلاق سراحهم أيضاً، ورأت أن هذه الخطوة تهدف إلى امتصاص النقمة الشعبية على إثر انكشاف حجم الجرائم التي ظهرت في سجون النظام السوري، الذي كان حليفاً للحوثيين.

وبحسب هذه المصادر، تم إطلاق سراح محمد الكثيري، وهو أول المعتقلين في محافظة إب، ومعه الناشط الحوثي سابقاً رداد الحذيفي، كما أُطلق سراح المراهق أمجد مرعي، والكاتب سعيد الحيمي، والطيار الحربي مقبل الكوكباني، مع مجموعة من المعتقلين الذين تم نقلهم إلى السجون السرية لمخابرات الحوثيين في صنعاء.

وتوقعت المصادر أن يقوم الحوثيون خلال الأيام المقبلة بإطلاق دفعة من قيادات حزب «المؤتمر الشعبي» الذين اعتقلوا للأسباب ذاتها.

امتصاص النقمة

كان الحوثيون، وفقاً للمصادر السياسية، يرفضون حتى وقت قريب إطلاق سراح المعتقلين الذين يُقدر عددهم بالمئات، وأغلبهم من محافظة إب، ومن بينهم قيادات في جناح حزب «المؤتمر الشعبي»، أمضوا أكثر من ثلاثة أشهر في المعتقل واتُهموا بالتخطيط لإشاعة الفوضى في مناطق حكم الجماعة من خلال دعوة السكان للاحتفال بذكرى الإطاحة بنظام حكم الإمامة.

تعنت حوثي بشأن إطلاق سراح قيادات حزب «المؤتمر الشعبي» (إعلام محلي)

وبيّنت المصادر أن الجهود التي بذلتها قيادة جناح حزب «المؤتمر» المتحالف شكليّاً مع الحوثيين، وكذلك الناشطون والمثقفون والشخصيات الاجتماعية، وصلت إلى طريق مسدود بسبب رفض مخابرات الحوثيين الاستجابة لطلب إطلاق سراح هؤلاء المعتقلين، على الرغم أنه لا يوجد نص قانوني يجرم الاحتفال بذكرى الثورة (26 سبتمبر 1962) أو رفع العلم الوطني، فضلاً عن أن الجماعة فشلت في إثبات أي تهمة على المعتقلين عدا منشورات على مواقع التواصل الاجتماعي تدعو للاحتفال بالمناسبة ورفع الأعلام.

وتذكر المصادر أنه عقب الإطاحة بنظام الرئيس السوري بشار الأسد وانكشاف حجم الانتهاكات والجرائم التي كانت تُمارس في سجونه، ووسط دعوات من أنصار الحكومة المعترف بها دولياً لإسقاط حكم الحوثيين على غرار ما حدث في سوريا وتفكك المحور الإيراني في المنطقة، سارعت الجماعة إلى ترتيب إطلاق الدفعات الجديدة من المعتقلين من خلال تكليف محافظي المحافظات باستلامهم والالتزام نيابة عنهم بعدم الاحتفال بذكرى الإطاحة بالإمامة أو رفع العلم الوطني، في مسعى لامتصاص النقمة الشعبية وتحسين صورتها أمام الرأي العام.

مراهق أمضى 3 أشهر في المعتقل الحوثي بسبب رفع العلم اليمني (إعلام محلي)

ورغم انقسام اليمنيين بشأن التوجهات الدينية للحكام الجدد في سوريا، أجمعت النخب اليمنية على المطالبة بتكرار سيناريو سقوط دمشق في بلادهم، وانتزاع العاصمة المختطفة صنعاء من يد الحوثيين، بوصفهم أحد مكونات المحور التابع لإيران.

وخلافاً لحالة التوجس التي يعيشها الحوثيون ومخاوفهم من أن يكونوا الهدف المقبل، أظهر قطاع عريض من اليمنيين، سواء في الشوارع أو على مواقع التواصل الاجتماعي، ارتياحاً للإطاحة بنظام الحكم في سوريا، ورأوا أن ذلك يزيد من الآمال بقرب إنهاء سيطرة الحوثيين على أجزاء من شمال البلاد، ودعوا الحكومة إلى استغلال هذا المناخ والتفاعل الشعبي للهجوم على مناطق سيطرة الحوثيين.