مصادر دبلوماسية أوروبية: لا يمكن أن نترك بغداد تسقط بأيدي «داعش»

مطالبة المالكي باتخاذ خطوات للانفتاح على كل الفئات العراقية

مصادر دبلوماسية أوروبية: لا يمكن أن نترك بغداد تسقط بأيدي «داعش»
TT

مصادر دبلوماسية أوروبية: لا يمكن أن نترك بغداد تسقط بأيدي «داعش»

مصادر دبلوماسية أوروبية: لا يمكن أن نترك بغداد تسقط بأيدي «داعش»

تثير التطورات الميدانية في العراق قلقا كبيرا في الأوساط الغربية التي تقوم بينها وبين الحكومة العراقية مشاورات مكثفة لتحديد نوعية العمل الذي يمكن أن تقوم به لمساعدتها على الوقوف بوجه تنظيم دولة العراق والشام الإسلامية «داعش».

وقالت مصادر دبلوماسية أوروبية رفيعة المستوى تحدثت إليها «الشرق الأوسط» أمس، إن الغرب «لا يمكن أن يترك بغداد تسقط تحت سيطرة داعش» لأن تطورا كهذا «سيحمل في طياته الكثير من المخاطر للعراق ولمجمل المنطقة». ومن بين ما تنذر به التطورات المتسارعة، شددت المصادر المشار إليها على نقطتين أساسيتين، الأولى تفكك العراق كبلد وككيان، والثانية الخوف من اندلاع نزاع طائفي واسع النطاق بين المكونين الرئيسيين للعراق وهما السنة والشيعة، بيد أن الغربيين الذين يضعون الكثير من اللوم على رئيس الوزراء العراقي نوري المالكي يريدون، مقابل استعدادهم لمد يد العون للسلطات العراقية، أن يترافق ذلك مع «خطوات ملموسة من جانب المالكي بخصوص استعداده لحوار وطني حقيقي وانفتاح على كل الفئات العراقية بما فيها التي رأت نفسها مستبعدة بشكل أو بآخر» عن إدارة شؤون البلاد أو تلك التي شكت من «ميل المالكي إلى الاستئثار بالسلطة». وخلاصة ما تراه المصادر الدبلوماسية هي أن «الأسرة الدولية تنتظر من المالكي هذه الخطوات إذا كان يريد أن يحصن بلاده وأن يقف المجتمع الدولي إلى جانبه». ومن ضمن ما أشارت إليه المصادر الأوروبية موضوع تشكيل الكومة العراقية الجديدة والحاجة إلى توافق بشأنها.

ولكن ما الذي تستطيع أن تقدمه الحكومات الغربية للعراق؟ بداية، تنظر هذه المصادر باتجاه واشنطن حيث تعد أن الإدارة الأميركية «لا يمكنها أن تنفض يديها» مما يجري في العراق، مضيفة أنه «تترتب عليها أعباء ومسؤوليات» إزاء هذا البلد الذي حضرت فيه القوات الأميركية ما بين عامي 2003 و2011. وتذهب هذه المصادر إلى حد الجزم بأن واشنطن «لن تترك العاصمة العراقية تقع في قبضة الجهاديين» الذين وضعوا على لائحة المنظمات الإرهابية لوزارة الخارجية الأميركية، وهي تدعو لمواجهتهم في سوريا، بل إنها ترددت كثيرا في تسليم السلاح للمعارضة السورية مخافة أن تقع في أيديهم. وتعتبر واشنطن داعش من «أخطر المنظمات» الإرهابية.

على صعيد موازٍ، ترى هذه المصادر أن «من المهم، اليوم قبل الغد، أن تحصل تعبئة دولية لمصلحة العراق من أجل مساعدته على محاربة هذا التنظيم الإرهابي»، لكن حتى تاريخه لم تعلم تفاصيل المساعدة الغربية التي يمكن أن تحصل عليها بغداد باستثناء برامج التعاون التي أقرت بين بغداد من جهة وبعض البلدان الأوروبية من جهة أخرى التي بينها فرنسا.

وترصد المصادر الأوروبية طبيعة ردود الفعل الإيرانية والأميركية ومدى انعكاس الأزمة الإيرانية على علاقاتهما باعتبار أن كليهما يقف إلى جانب الحكومة العراقية وضد «داعش». وبالنسبة لطهران، فإن المصادر الأوروبية تلفت الانتباه إلى «أهمية العراق في إطار الاستراتيجية الإيرانية الإقليمية»، وحاجة طهران إلى نظام موالٍ لها في بغداد يكون «حلقة الوصل» بينها وبين بلدان المتوسط الشرقي. ولذا فإنها تعتبر أن طهران «لا يمكن أن تقبل بخسارة العراق» لما له من انعكاسات مباشرة على الحرب في سوريا وعلى الدور الذي تضطلع به طهران في البلدين معا.

أما بالنسبة إلى واشنطن فإن ما هو في الميزان «يتناول كل الجهود التي بذلتها واشنطن لبناء جيش عراقي يكون بديلا لجيش صدام حسين ويكون قادرا على المحافظة على وحدة العراق واستقراره»، ولذا فإن المراقبين يبدون بالغي التنبه لما ستقدمه واشنطن من مساعدات عسكرية للحكومة العراقية لتمكينها من وقف تقدم قوات «داعش» في مرحلة أولى وجعلها قادرة لاحقا على استعادة المدن والأراضي الشاسعة التي خسرتها. وينتظر أن تدفع واشنطن باتجاه إعادة توثيق العلاقة بين الحكومة المركزية وحكومة كردستان التي تدهورت بسبب الخلافات على النفط وتصديره وعائداته.

وأمس، قال الناطق باسم الخارجية الفرنسية رومان نادال إن الأوروبيين الذين يتشاورون في ما بينهم حول ما يتعين القيام به في العراق بشكل جماعي، سيعقدون اجتماعا تنسيقيا في الـ23 من الشهر الحالي، «ينظرون بجدية وبكثير من القلق للتهديد الإرهابي» المتمثل بتقدم «داعش» في العراق. وحتى الآن، لم يقدم الأوروبيون على سحب رعاياهم من العراق ولكنهم يطلبون منهم الحذر التام.

ويربط الأوروبيون بين «داعش» وبين النظام السوري ويؤكدون أن المجموعات الإرهابية هي «وليدة» النظام الذي غذاها وأخرج أفرادها من السجون ويتلطى وراءها لتبرير بقائه في السلطة. بأي حال، يعتبر هؤلاء أن الأسد «لا يمكن أن يدعي بأي شكل من الأشكال أنه بطل محاربة الإرهاب»، وأن السياسة الغربية يبقى محورها المعارضة المعتدلة التي تحظى بدعمه التام.



مدارس لبنانية تفتح أبوابها للتلاميذ لتلقي العلم وسط النازحين

المدارس الحكومية في عمشيت تستأنف مهمتها التعليمية (رويترز)
المدارس الحكومية في عمشيت تستأنف مهمتها التعليمية (رويترز)
TT

مدارس لبنانية تفتح أبوابها للتلاميذ لتلقي العلم وسط النازحين

المدارس الحكومية في عمشيت تستأنف مهمتها التعليمية (رويترز)
المدارس الحكومية في عمشيت تستأنف مهمتها التعليمية (رويترز)

في بلدة عمشيت الساحلية الهادئة التي تبعد 45 دقيقة بالسيارة شمالي بيروت، استأنفت المدارس الحكومية أخيراً مهمتها التعليمية وسط عشرات الآلاف من النازحين الذين اتخذوا من بعض المدارس مأوى مؤقتاً.

وحسب «رويترز»، قال مكتب الأمم المتحدة لتنسيق الشؤون الإنسانية إنه مع تصاعد الصراع بين إسرائيل و«حزب الله» في سبتمبر (أيلول) لحق الدمار بمئات المدارس في لبنان أو اضطرت لغلق أبوابها بسبب الأضرار أو المخاوف الأمنية.

وقالت وزارة التربية والتعليم العالي اللبنانية إنه تم تحويل 505 مدارس من بين نحو 1250 مدرسة حكومية في لبنان إلى ملاجئ مؤقتة لبعض النازحين الذين يبلغ عددهم 840 ألف شخص.

وبدأت الوزارة، الشهر الماضي، إعادة فتح المدارس على مراحل، مما سمح بعودة 175 ألف طالب منهم 38 ألف نازح إلى بيئة تعليمية لا تزال بعيدةً عن وضعها الطبيعي.

وفي مدرسة عمشيت الثانوية الحكومية، التي تضم الآن 300 طالب مسجل ويُتوقع انضمام المزيد منهم مع استمرار وصول العائلات النازحة، تحولت المساحات المألوفة ذات يوم إلى مكان مخصص لاستيعاب الواقع الجديد.

وقال مدير المدرسة، أنطوان عبد الله زخيا، إنه قبل شهرين ونصف الشهر اختيرت المدرسة كملجأ.

واليوم، تتدلى الملابس المغسولة من نوافذ الفصول الدراسية، وتملأ السيارات ساحة اللعب التي كانت ذات يوم منطقةً صاخبة، والممرات التي كان يتردد فيها صوت ضحكات التلاميذ أصبحت الآن استراحةً للعائلات التي تبحث عن ملجأ.

وأعربت فادية يحفوفي، وهي نازحة تعيش مؤقتاً في المدرسة، عن امتنانها الممزوج بالشوق. وقالت: «بالطبع، نتمنى العودة إلى منازلنا. لا أحد يشعر بالراحة إلا في المنزل».

كما أعربت زينة شكر، وهي أم نازحة أخرى، عن قلقها على تعليم أطفالها.

وقالت: «كان هذا العام غير عادل. بعض الأطفال يدرسون بينما لا يدرس آخرون. إما أن يدرس الجميع، أو يجب تأجيل العام الدراسي».

التعليم لن يتوقف

قال مكتب الأمم المتحدة لتنسيق الشؤون الإنسانية إن الخطة المرحلية لاستئناف الدراسة ستشمل تسجيل 175 ألف طالب من بينهم 38 ألف طفل نازح في 350 مدرسة عامة غير مستخدمة كملاجئ. وقال وزير التربية والتعليم العالي، عباس الحلبي، لـ«رويترز»: «العملية التعليمية هي أحد مظاهر مقاومة العدوان الذي يواجهه لبنان». وأضاف الحلبي أن قرار استئناف العام الدراسي كان صعباً لأن العديد من الطلاب والمدرسين النازحين لم يكونوا مستعدين نفسياً للعودة إلى المدرسة. وفي مبنى مجاور في مدرسة عمشيت الثانوية الرسمية، يتأقلم المعلمون والطلاب مع أسبوع مضغوط مدته 3 أيام ويشمل كل يوم 7 حصص دراسية لزيادة وقت التعلم إلى أقصى حد.

ولا تزال نور قزحيا (16 عاماً)، وهي من سكان عمشيت، متفائلة. وقالت: «لبنان في حالة حرب، لكن التعليم لن يتوقف. سنواصل السعي لتحقيق أحلامنا». ويتأقلم المعلمون مع الظروف الصعبة. وقال باتريك صقر وهو مدرس فيزياء (38 عاماً): «الجميع مرهقون ذهنياً... في نهاية المطاف، هذه الحرب تطولنا جميعاً». وبالنسبة لأحمد علي الحاج حسن (17 عاماً) النازح من منطقة البقاع، يمثل الأسبوع الدراسي الذي يدوم 3 أيام تحدياً لكنه ليس عائقاً. وقال: «هذه هي الظروف. يمكننا أن ندرس رغم وجودها».