السيستاني أفتى بحمل السلاح ضد «داعش».. ودعا للتوحد وترك الخلافات

سبع محافظات في الجنوب تفتح أبواب التطوع للقتال.. ومخاوف من استهداف النجف وكربلاء > الحرس الثوري الإيراني يقاتل في ديالى

عائلة عراقية فارة من المعارك تصل الى معسكر مؤقت للنازحين في منطقة باقليم كردستان (أ.ف.ب)
عائلة عراقية فارة من المعارك تصل الى معسكر مؤقت للنازحين في منطقة باقليم كردستان (أ.ف.ب)
TT

السيستاني أفتى بحمل السلاح ضد «داعش».. ودعا للتوحد وترك الخلافات

عائلة عراقية فارة من المعارك تصل الى معسكر مؤقت للنازحين في منطقة باقليم كردستان (أ.ف.ب)
عائلة عراقية فارة من المعارك تصل الى معسكر مؤقت للنازحين في منطقة باقليم كردستان (أ.ف.ب)

أفتى المرجع الشيعي الأعلى في العراق آية الله العظمى علي السيستاني بضرورة حمل السلاح على كل القادرين لمواجهة تنظيم داعش الذي يسيطر الآن على عدة مدن وقصبات شمال وشمال غربي العراق ويهدد بالزحف على مدينتي كربلاء والنجف المقدستين لدى الشيعة.
وقال عبد المهدي الكربلائي ممثل السيستاني خلال خطبة صلاة الجمعة في مدينة كربلاء أمس إن «الأوضاع التي يمر بها العراق هي خطيرة جدا ولا بد أن يكون لدينا وعي كامل حول المسؤولية الشرعية والوطنية إزاء التحدي والخطر العظيم الذي يواجهه العراق وشعبه»، مؤكدا أن «المخاطر المحدقة تقتضي تطوع من يتمكنون من حمل السلاح للدفاع عن الوطن وهو واجب كفائي عليهم ومن يتحقق بهم الهدف فقد سقط الواجب عن الآخرين». وأضاف الكربلائي أن «التصدي للإرهاب ومقاتلته هي مسؤولية ولا تختص بطائفة معينة لأن الإرهابيين يستهدفون كل مدن العراق والعراقيين وليس نينوى أو صلاح الدين فقط»، عادا «دفاع القوات المسلحة والأجهزة الأمنية الأخرى عن العراق دفاعا مقدسا سيما أن منهج الإرهاب بعيد عن روح الإسلام ويعتمد العنف وسفك الدفاع لبسط نفوذه على العراق وباقي الدول». وأكد الكربلائي إلى أن «القوات المسلحة أمام مسؤولية، مسؤولية تاريخية فاجعلوا قصدكم هو الدفاع عن العراق وعن كرامته ومقدساته وأعراضه وأن المرجعية تؤكد دعمها وإسنادها لكم وتحثكم على التحلي بالشجاعة والبسالة وأن من يقتل منكم فهو شهيد» على حد قوله. وأشار ممثل السيستاني في كربلاء إلى أن «القيادات السياسية العراقية أمام مسؤولية وطنية وشرعية وتاريخية كبيرة، ولا بد من ترك الخلافات والتناحر وتوحيد موفقهم بدعم وإسناد القوات المسلحة في الحرب ضد الإرهاب».
وفي هذا السياق أكد الأستاذ في الحوزة العلمية في مدينة النجف والمقرب من المرجعية الدينية حيدر الغرابي في تصريح لـ«الشرق الأوسط» أن «المرجعية الدينية العليا تتابع عن كثب الأوضاع الأمنية والسياسية في العراق وهي تدرك تماما طبيعة المخاطر المحدقة بالبلاد الآن» مبينا أن «البيان الأول الذي أصدره المرجع الأعلى السيد السيستاني عد من يسقط من مقاتلي الجيش والقوات الأمنية في المعركة فهو شهيد وبالتالي فإنه أعطى تصويرا حقيقيا لحقيقة هذه المعركة وأهميتها القصوى». وردا على سؤال فيما إذا كان ما صدر عن السيستاني هو دعوة لحمل السلاح أو هي فتوى ملزمة قال الغرابي «هي فتوى صريحة لأن هناك تهديدا حقيقيا وجديا لا سيما أن هناك دعوات صريحة من الجماعات الإرهابية بالتوجه إلى المدن المقدسة واستباحتها فضلا عن أن العراق الآن كله بات مهددا» مشيرا إلى أن «السيستاني لم يصدر فتوى بحمل السلاح في سوريا عندما صدرت دعوات لهدم الأضرحة والقبور مطالبا في وقتها المدافعين عنها بالصبر إلا إذا أقدموا فعلا». وعد الغرابي «قيام الحكومة العراقية بإرسال جيش كبير من بغداد إلى الموصل إنما هو أمر خاطئ لأنها أفرغت بغداد من المدافعين عنها وهي بذلك ارتكبت خطأ فادحا» مؤكدا أن «ما نشاهده الآن هو نوع من التحالف بين كل من تضرر من سقوط النظام السابق وصدام حسين حتى من بين بعض دول المنطقة وبالتالي فإن ما يجري اليوم يعد خطرا عظيما رغم أنهم يحاولون إيهام الناس ببناء دولة وتقديم خدمات للمواطنين ولذلك لم يعد ممكنا سوى الدفاع عن العراق والمقدسات بأي ثمن».
في سياق ذلك أعلنت سبع محافظات عراقية عن دعمها التام للحكومة والقوات المسلحة معلنة فتح باب التطوع من أجل مقاتلة داعش. وقال محافظو (كربلاء والنجف وبابل والمثنى والديوانية وذي قار)، في بيان تلاه نيابة عنهم محافظ كربلاء، عقيل الطريحي، خلال مؤتمر صحافي إن «المحافظات السبع تؤكد دعمها التام للحكومة والقوات الأمنية، من جيش وشرطة، واستعدادها للمشاركة في مواجهة زمر الإرهاب والدفاع عن أرض العراق ومقدساته»، مبينين أنها «أعلنت عن فتح باب التطوع لمقاتلة الإرهابيين دعما للقوات المسلحة، وبدأت باستقبال الآلاف من المتطوعين في مقار الحكومات المحلية». ودعت المحافظات السبع في بيانها، إلى «تعزيز الروح المعنوية والحذر من الإشاعات المضادة التي تهدف إلى شق الصف وتوهين الوحدة الوطنية»، مؤكدة أن «الجيش العراقي هو عزة الوطن وكرامته ولا يسمح بتشويه سمعته». وأكدت المحافظات السبع، على ضرورة «محاسبة المتخاذلين»، مطالبة السياسيين بـ«نبذ الخلافات واتخاذ موقف وطني موحد تجاه الخطر الذي يهدد الجميع وتغليب المصلحة الوطنية العليا على المصالح الضيقة».
من جهة ثانية, أكدت مصادر أمنية عراقية، أمس، أن إيران أرسلت قوة من الحرس الثوري إلى العراق لمساندة القوات العراقية في مواجهتها مع تنظيم الدولة الإسلامية في العراق والشام (داعش).. وقالت المصادر التي تحدثت إلى قناة «سي إن إن» الأميركية, إن إيران أرسلت في الأيام الأخيرة نحو 500 من قوات الحرس الثوري للقتال إلى جانب قوات الأمن الحكومية العراقية في محافظة ديالى. لكن المتحدث باسم البنتاغون قال، أمس، إنه لا يستطيع تأكيد وجود قوات خاصة إيرانية داخل العراق.



انخفاض شديد في مستويات دخل الأسر بمناطق الحوثيين

فتاة في مخيم مؤقت للنازحين اليمنيين جنوب الحُديدة في 4 يناير الحالي (أ.ف.ب)
فتاة في مخيم مؤقت للنازحين اليمنيين جنوب الحُديدة في 4 يناير الحالي (أ.ف.ب)
TT

انخفاض شديد في مستويات دخل الأسر بمناطق الحوثيين

فتاة في مخيم مؤقت للنازحين اليمنيين جنوب الحُديدة في 4 يناير الحالي (أ.ف.ب)
فتاة في مخيم مؤقت للنازحين اليمنيين جنوب الحُديدة في 4 يناير الحالي (أ.ف.ب)

بموازاة استمرار الجماعة الحوثية في تصعيد هجماتها على إسرائيل، واستهداف الملاحة في البحر الأحمر، وتراجع قدرات المواني؛ نتيجة الردِّ على تلك الهجمات، أظهرت بيانات حديثة وزَّعتها الأمم المتحدة تراجعَ مستوى الدخل الرئيسي لثُلثَي اليمنيين خلال الشهر الأخير من عام 2024 مقارنة بالشهر الذي سبقه، لكن هذا الانخفاض كان شديداً في مناطق سيطرة الجماعة المدعومة من إيران.

ووفق مكتب الأمم المتحدة لتنسيق الشؤون الإنسانية، فقد واجهت العمالة المؤقتة خارج المزارع تحديات؛ بسبب طقس الشتاء البارد، ونتيجة لذلك، أفاد 65 في المائة من الأسر التي شملها الاستطلاع بانخفاض في دخلها الرئيسي مقارنة بشهر نوفمبر (تشرين الثاني) الماضي والفترة نفسها من العام الماضي، وأكد أن هذا الانخفاض كان شديداً بشكل غير متناسب في مناطق الحوثيين.

وطبقاً لهذه البيانات، فإن انعدام الأمن الغذائي لم يتغيَّر في المناطق الخاضعة لسيطرة الحكومة اليمنية، بينما انخفض بشكل طفيف في المناطق الخاضعة لسيطرة الحوثيين؛ نتيجة استئناف توزيع المساعدات الغذائية هناك.

الوضع الإنساني في مناطق الحوثيين لا يزال مزرياً (الأمم المتحدة)

وأظهرت مؤشرات نتائج انعدام الأمن الغذائي هناك انخفاضاً طفيفاً في صنعاء مقارنة بالشهر السابق، وعلى وجه التحديد، انخفض الاستهلاك غير الكافي للغذاء من 46.9 في المائة في نوفمبر إلى 43 في المائة في ديسمبر (كانون الأول) الماضي.

وضع متدهور

على النقيض من ذلك، ظلَّ انعدام الأمن الغذائي في المناطق الخاضعة لسيطرة الحكومة اليمنية دون تغيير إلى حد كبير، حيث ظلَّ الاستهلاك غير الكافي للغذاء عند مستوى مرتفع بلغ 52 في المائة، مما يشير إلى أن نحو أسرة واحدة من كل أسرتين في تلك المناطق تعاني من انعدام الأمن الغذائي.

ونبّه المكتب الأممي إلى أنه وعلى الرغم من التحسُّن الطفيف في المناطق الخاضعة لسيطرة الحوثيين، فإن الوضع لا يزال مزرياً، على غرار المناطق الخاضعة لسيطرة الحكومة، حيث يعاني نحو نصف الأسر من انعدام الأمن الغذائي (20 في المائية من السكان) مع حرمان شديد من الغذاء، كما يتضح من درجة استهلاك الغذاء.

نصف الأسر اليمنية يعاني من انعدام الأمن الغذائي في مختلف المحافظات (إعلام محلي)

وبحسب هذه البيانات، لم يتمكَّن دخل الأسر من مواكبة ارتفاع تكاليف سلال الغذاء الدنيا، مما أدى إلى تآكل القدرة الشرائية، حيث أفاد نحو ربع الأسر التي شملها الاستطلاع في مناطق الحكومة بارتفاع أسعار المواد الغذائية كصدمة كبرى، مما يؤكد ارتفاع أسعار المواد الغذائية الاسمية بشكل مستمر في هذه المناطق.

وذكر المكتب الأممي أنه وبعد ذروة الدخول الزراعية خلال موسم الحصاد في أكتوبر (تشرين الأول) ونوفمبر، الماضيين، شهد شهر ديسمبر أنشطةً زراعيةً محدودةً، مما قلل من فرص العمل في المزارع.

ولا يتوقع المكتب المسؤول عن تنسيق العمليات الإنسانية في اليمن حدوث تحسُّن كبير في ملف انعدام الأمن الغذائي خلال الشهرين المقبلين، بل رجّح أن يزداد الوضع سوءاً مع التقدم في الموسم.

وقال إن هذا التوقع يستمر ما لم يتم توسيع نطاق المساعدات الإنسانية المستهدفة في المناطق الأكثر عرضة لانعدام الأمن الغذائي الشديد.

تحديات هائلة

بدوره، أكد المكتب الإنمائي للأمم المتحدة أن اليمن استمرَّ في مواجهة تحديات إنسانية هائلة خلال عام 2024؛ نتيجة للصراع المسلح والكوارث الطبيعية الناجمة عن تغير المناخ.

وذكر أن التقديرات تشير إلى نزوح 531 ألف شخص منذ بداية عام 2024، منهم 93 في المائة (492877 فرداً) نزحوا بسبب الأزمات المرتبطة بالمناخ، بينما نزح 7 في المائة (38129 فرداً) بسبب الصراع المسلح.

نحو مليون يمني تضرروا جراء الفيضانات منتصف العام الماضي (الأمم المتحدة)

ولعبت آلية الاستجابة السريعة متعددة القطاعات التابعة للأمم المتحدة، بقيادة صندوق الأمم المتحدة للسكان، وبالشراكة مع برنامج الأغذية العالمي و«اليونيسيف» وشركاء إنسانيين آخرين، دوراً محورياً في معالجة الاحتياجات الإنسانية العاجلة الناتجة عن هذه الأزمات، وتوفير المساعدة الفورية المنقذة للحياة للأشخاص المتضررين.

وطوال عام 2024، وصلت آلية الاستجابة السريعة إلى 463204 أفراد، يمثلون 87 في المائة من المسجلين للحصول على المساعدة في 21 محافظة يمنية، بمَن في ذلك الفئات الأكثر ضعفاً، الذين كان 22 في المائة منهم من الأسر التي تعولها نساء، و21 في المائة من كبار السن، و10 في المائة من ذوي الإعاقة.

وبالإضافة إلى ذلك، تقول البيانات الأممية إن آلية الاستجابة السريعة في اليمن تسهم في تعزيز التنسيق وكفاءة تقديم المساعدات من خلال المشاركة النشطة للبيانات التي تم جمعها من خلال عملية الآلية وتقييم الاحتياجات.