فضيحة «القرض القطري» تتسع وتحاصر باركليز «جنائياً»

في سابقة هي الأولى من نوعها في بريطانيا، وجهت السلطات الحكومية أمس أول اتهام جنائي إلى أحد البنوك العاملة في المملكة المتحدة، وذلك حين وجه مكتب مكافحة جرائم الاحتيال الخطيرة في بريطانيا أمس الاتهام رسمياً إلى ذراع العمليات بالبنك بالقيام بـ«مساعدات مالية غير قانونية» إلى «مستثمرين قطريين»، وهي الاتهامات التي «حال ثبوتها» ستهدد البنك كلية من حيث إمكانية استخراج التراخيص المصرفية والتنظيمية، التي تكفل له العمل في المملكة المتحدة. والاتهام الجديد لذراع العمليات هو نفسه الذي وجهه المكتب إلى 4 من القيادات السابقة بالشركة الأم القابضة للبنك في يونيو (حزيران) الماضي، بشخصهم وليس بصفتهم، ما يعني أن الاتهام الجديد بالأمس قد يقوض عمل البنك بشكل كلي، نظراً لأنه يتعلق بصفة العاملين.
ورفض بنك باركليز التعليق على الخبر في اتصال من «الشرق الأوسط»، مؤكداً على أن البنك والشركة الأم مصممان على مواجهة التهم المنسوبة إليهما، واعدا بإصدار بيان قريب لاستبيان وضع البنك وتأثير التهم عليه وعلى استمرار خدماته للعملاء في وقت قريب.
وتعود وقائع القضية إلى عام 2008، حين تعرض باركليز لأزمة مالية ضمن القطاع المصرفي على مستوى العالم في أعقاب الأزمة المالية، حيث وجه الاتهام إلى البنك بأنه قام بالتحايل عبر بيع أسهمه بطريقة غير قانونية لمشاركين بالبنك، في خطوة لتجنب «الإنقاذ الحكومي»، والذي يكفل للحكومة التدخل في قرارات إدارته لاحقا.
وبحسب الاتهام، ينطوي قرض قُدم إلى قطر في نوفمبر (تشرين الثاني) 2008 على مخالفة للقانون، إذا استطاع مكتب جرائم الاحتيال أن يثبت أنه يرتبط بمدفوعات قطرية إلى باركليز. ويُحظر على الشركات المدرجة في بريطانيا إقراض الأموال لشراء أسهمها وهي العملية المعروفة باسم المساعدة المالية.
وقال مكتب مكافحة جرائم الاحتيال في بيان: «الاتهامات ترتبط بالمساعدة المالية التي قدمها بنك باركليز إلى قطر القابضة في الفترة بين أول أكتوبر (تشرين الأول) و30 نوفمبر 2008، وكانت على شكل قرض بثلاثة مليارات دولار بغرض مباشر أو غير مباشر يتمثل في شراء أسهم في باركليز.
وفي الاتهام السابق، الموجه إلى الشركة الأم في يونيو الماضي، يواجه مسؤولان كبيران سابقان تهما بالضلوع في المساعدة المالية المخالفة للقانون. ومن المقرر أن تبدأ محاكمة باركليز القابضة وأربع مسؤولين تنفيذيين كبار في يناير (كانون الثاني) القادم، فيما يتعلق بالتآمر لارتكاب جرائم احتيال من خلال التمثيل الزائف حين تفاوضوا على ضخ رأسمال في البنك من قطر، ولم يُوجه ذلك الاتهام المنفصل (آنذاك) إلى الذراع التشغيلية لباركليز.
ويقول محللون لدى كيف بريوت آند ووذز إن توجيه مكتب مكافحة جرائم الاحتيال الخطيرة اتهامات إضافية لباركليز ليس بالتطور المفيد له، لكن هذا لا يغير في ديناميات القضية بشكل كبير.
وقالت شركة الخدمات المالية في مذكرة للعملاء إنه «من السلبي أن المجموعة لم تتمكن من تسوية عدد من حالات التقاضي القائمة»، مشيرة إلى أن ذلك ينحرف بتركيز الإدارة عن تسيير الأعمال الأساسية للنشاط.
ومن النادر أن تواجه البنوك اتهامات جنائية في المملكة المتحدة، مما يجعل من الصعب التنبؤ بكيفية تأثر باركليز إذا ثبتت إدانته، حيث يرفع هذا التحرك الضغط على البنك من حيث الهيكل التنظيمي للمجموعة والذي يصدر عنه صلاحيات استخراج التراخيص المصرفية والتنظيمية والتي تعتمد على الجهة الأم. وعلى العكس ثبتت إدانة العديد من البنوك الأميركية بالتلاعب في الأسواق وبيع «غير شرعي» لأسهمها، ولم يفقد أي منها ترخيصه على الرغم من أن بنك «بي إن بي باربيا» الفرنسي قد تم وقف ترخيصه جزئيا لمدة عام. وينظر مكتب الاحتيال في الإجراءات الإضافية ضد بنك باركليز منذ أن اتهمت الشركة الأم وبعض المديرين التنفيذيين السابقين باحتيال آخر في يونيو الماضي، وفسر متعاملون في السوق أنها محاولة أخرى للضغط على البنك ليمتثل أمام القضاء. وقام باركليز مؤخراً بتغيير هيكله ليتوافق مع قواعد حوكمة الشركات في المملكة المتحدة.