العاهل المغربي يرأس مراسم تقديم خطة لدعم تأهيل الحقل الديني

الملك محمد السادس يعين بوشعيب عروب مفتشا عاما للقوات المسلحة وقائدا للمنطقة الجنوبية

الملك محمد السادس خلال ترؤسه مراسم تقديم خطة لدعم تأهيل الحقل الديني في الرباط أمس (ماب)
الملك محمد السادس خلال ترؤسه مراسم تقديم خطة لدعم تأهيل الحقل الديني في الرباط أمس (ماب)
TT

العاهل المغربي يرأس مراسم تقديم خطة لدعم تأهيل الحقل الديني

الملك محمد السادس خلال ترؤسه مراسم تقديم خطة لدعم تأهيل الحقل الديني في الرباط أمس (ماب)
الملك محمد السادس خلال ترؤسه مراسم تقديم خطة لدعم تأهيل الحقل الديني في الرباط أمس (ماب)

ترأس العاهل المغربي الملك محمد السادس أمس بالرباط مراسم تقديم «خطة دعم» التي تعنى بالتأطير الديني على الصعيد المحلي.
وأوضح بيان للديوان الملكي، أن هذه الخطة تشكّل لبنة إضافية في مسار إصلاح الحقل الديني، الذي يوليه الملك محمد السادس عناية خاصة، وهو ما جعل النموذج المغربي في تدبير الشأن الديني يحظى بالاهتمام على المستويين القاري والدولي، كما أنها تأتي تفعيلا للتوجيهات الملكية القاضية بتطوير المجال الديني وتحديثه، ولا سيما من خلال تمكينه من الموارد البشرية المؤهلة والوسائل المادية الضرورية، والانفتاح على التكنولوجيات الحديثة، وذلك في إطار الالتزام بثوابت الأمة.
وقدم أحمد التوفيق، وزير الأوقاف والشؤون الإسلامية، الخطوط العريضة لهذه الخطة، التي جرى إعدادها من قبل الوزارة والمجلس العلمي الأعلى، والتي تدشن مرحلة جديدة من التأطير الديني، ولا سيما من خلال قيام الأئمة المرشدين، بمساعدة أئمة المساجد، سواء فيما يتعلق بالتواصل معهم في الأمور المرتبطة بالنهوض بمهامهم، أو في توسيع برنامج محو الأمية وتحسينه.
وتهدف هذه الخطة إلى تحصين المساجد من أي استغلال، والرفع من مستوى التأهيل لخدمة قيم الدين، ومن ضمنها قيم المواطنة، وذلك في إطار مبادئ المذهب المالكي الذي ارتضاه المغاربة نهجا لهم.
كما تقوم على توسيع تأطير الشأن الديني على المستوى المحلي، بواسطة جهاز تأطيري يتكون من 1300 إمام مرشد، موزعين على جميع محافظات وأقاليم المملكة. ويتميز هؤلاء الأئمة المرشدون بكونهم حاصلين على شهادة الإجازة من الجامعة، ويحفظون القرآن الكريم كاملا، وتلقوا تكوينا شرعيا تكميليا وتكوينا مهنيا عماده الالتزام بثوابت الأمة. وبهذه المناسبة، قُدّم شريط عن برنامج عمل أسبوعي نموذجي، لإمام مرشد بالمناطق الجبلية.
من جهة اخرى استقبل العاهل المغربي الملك محمد السادس القائد الأعلى ورئيس أركان الحرب العامة للقوات المسلحة الملكية، أمس، بالقصر الملكي في الرباط، الجنرال بوشعيب عروب وعينه مفتشا عاما للقوات المسلحة الملكية وقائدا للمنطقة الجنوبية، خلفا للجنرال عبد العزيز بناني (75 عاما).
وكانت وسائل إعلام قد تحدثت، قبل أسابيع، عن تدهور صحة الجنرال بناني، ونقله للعلاج في إحدى المصحات بباريس.
وذكر بيان للديوان الملكي أن الملك محمد السادس أعرب بهذه المناسبة، عن تقديره للخدمات التي قدمها الجنرال بناني، تحت أوامر الملك الراحل الحسن الثاني، والملك محمد السادس. كما أشاد الملك محمد السادس بالمسار المتميز للجنرال بناني في خدمة ملكه ووطنه طوال عدة عقود، مما يشكل نموذجا في الإخلاص والاستقامة. وأشار البيان ذاته إلى أنه جرى اختيار الجنرال عروب في مهامه الجديدة، نظرا لما يتحلى به من خصال إنسانية ومهنية عالية، ولما أبان عنه من تفانٍ وولاء في النهوض بمختلف المسؤوليات العسكرية والتأطيرية التي أنيطت به.
وكان الجنرال بناني، وهو من مواليد 1939 بمدينة تازة، قد عين مفتشا عاما للقوات المسلحة الملكية منذ سنة 2004. خلفا للجنرال عبد الحق القادري، وعمل قائدا ميدانيا للقوات المسلحة المتمركزة في الصحراء برتبة عقيد، قبل أن يعين من طرف الملك الراحل الحسن الثاني، قائدا للمنطقة العسكرية الجنوبية، بعد وفاة الجنرال أحمد الدليمي سنة 1983. بحكم أن بناني كان من بين قادة حرب الرمال ضد الجزائر سنة 1963، والحرب ضد جبهة البوليساريو، ما بين سنتي 1976 و1983.
أما الجنرال عروب، فهو رئيس المكتب الثالث في القيادة العامة للجيش منذ سنة 1988، ويعد واحدا من بين أهم المختصين في مجال التوثيق والبحث العسكري في القوات المسلحة الملكية، نظرا لخبراته التي راكمها طوال سنوات دراسته في المدارس الحربية الفرنسية. كما شغل منصبا مهما في لجنة التاريخ العسكري في حوض البحر الأبيض المتوسط، بحكم العلاقات القوية التي تجمعه مع مجموعة من الجنرالات الفرنسيين والإسبان، وأسندت إليه مهمة دراسة مشاريع الصفقات العسكرية، قبل إحالتها على القائد الأعلى للقوات المسلحة الملكية، والتنسيق مع المكتب الخامس بقيادة الجيش في مختلف عمليات الاستخبار العسكري في الصحراء.
ويرأس الجنرال عروب لجنة التاريخ العسكري المغربي، كما أن له أدوارا أساسية في إعداد المناورات العسكرية المشتركة مع القوات الإسبانية والفرنسية والأميركية.



القطن المصري... محاولة حكومية لاستعادة «عصره الذهبي» تواجه تحديات

مصطفى مدبولي بصحبة عدد من الوزراء خلال تفقده مصنع الغزل والنسيج في المحلة (مجلس الوزراء المصري)
مصطفى مدبولي بصحبة عدد من الوزراء خلال تفقده مصنع الغزل والنسيج في المحلة (مجلس الوزراء المصري)
TT

القطن المصري... محاولة حكومية لاستعادة «عصره الذهبي» تواجه تحديات

مصطفى مدبولي بصحبة عدد من الوزراء خلال تفقده مصنع الغزل والنسيج في المحلة (مجلس الوزراء المصري)
مصطفى مدبولي بصحبة عدد من الوزراء خلال تفقده مصنع الغزل والنسيج في المحلة (مجلس الوزراء المصري)

تراهن الحكومة المصرية على القطن المشهور بجودته، لاستنهاض صناعة الغزل والنسيج وتصدير منتجاتها إلى الخارج، لكن رهانها يواجه تحديات عدة في ظل تراجع المساحات المزروعة من «الذهب الأبيض»، وانخفاض مؤشرات زيادتها قريباً.

ويمتاز القطن المصري بأنه طويل التيلة، وتزرعه دول محدودة حول العالم، حيث يُستخدم في صناعة الأقمشة الفاخرة. وقد ذاع صيته عالمياً منذ القرن التاسع عشر، حتى أن بعض دور الأزياء السويسرية كانت تعتمد عليه بشكل أساسي، حسب كتاب «سبع خواجات - سير رواد الصناعة الأجانب في مصر»، للكاتب مصطفى عبيد.

ولم يكن القطن بالنسبة لمصر مجرد محصول، بل «وقود» لصناعة الغزل والنسيج، «التي مثلت 40 في المائة من قوة الاقتصاد المصري في مرحلة ما، قبل أن تتهاوى وتصل إلى ما بين 2.5 و3 في المائة حالياً»، حسب رئيس الوزراء المصري مصطفى مدبولي، الذي أكد عناية الدولة باستنهاض هذه الصناعة مجدداً، خلال مؤتمر صحافي من داخل مصنع غزل «1» في مدينة المحلة 28 ديسمبر (كانون الأول) الماضي.

أشار مدبولي، حسب ما نقله بيان مجلس الوزراء، إلى أن مشروع «إحياء الأصول» في الغزل والنسيج يتكلف 56 مليار جنيه (الدولار يعادل 50.7 جنيها مصري)، ويبدأ من حلج القطن، ثم تحويله غزلاً فنسيجاً أو قماشاً، ثم صبغه وتطويره حتى يصل إلى مُنتج سواء ملابس أو منسوجات، متطلعاً إلى أن ينتهي المشروع نهاية 2025 أو بداية 2026 على الأكثر.

وتكمن أهمية المشروع لمصر باعتباره مصدراً للدولار الذي تعاني الدولة من نقصه منذ سنوات؛ ما تسبب في أزمة اقتصادية دفعت الحكومة إلى الاقتراض من صندوق النقد الدولي؛ مرتين أولاهما عام 2016 ثم في 2023.

وبينما دعا مدبولي المزارعين إلى زيادة المساحة المزروعة من القطن، أراد أن يطمئن الذين خسروا من زراعته، أو هجروه لزراعة الذرة والموالح، قائلاً: «مع انتهاء تطوير هذه القلعة الصناعية العام المقبل، فسوف نحتاج إلى كل ما تتم زراعته في مصر لتشغيل تلك المصانع».

وتراجعت زراعة القطن في مصر خلال الفترة من 2000 إلى عام 2021 بنسبة 54 في المائة، من 518 ألفاً و33 فداناً، إلى 237 ألفاً و72 فداناً، حسب دراسة صادرة عن مركز البحوث الزراعية في أبريل (نيسان) الماضي.

وأرجعت الدراسة انكماش مساحته إلى مشكلات خاصة بمدخلات الإنتاج من بذور وتقاوٍ وأسمدة، بالإضافة إلى أزمات مرتبطة بالتسويق.

أزمات الفلاحين

سمع المزارع الستيني محمد سعد، وعود رئيس الوزراء من شاشة تليفزيون منزله في محافظة الغربية (دلتا النيل)، لكنه ما زال قلقاً من زراعة القطن الموسم المقبل، الذي يبدأ في غضون 3 أشهر، تحديداً مارس (آذار) كل عام.

يقول لـ«الشرق الأوسط»: «زرعت قطناً الموسم الماضي، لكن التقاوي لم تثمر كما ينبغي... لو كنت أجَّرت الأرض لكسبت أكثر دون عناء». وأشار إلى أنه قرر الموسم المقبل زراعة ذرة أو موالح بدلاً منه.

نقيب الفلاحين المصري حسين أبو صدام (صفحته بفيسبوك)

على بعد مئات الكيلومترات، في محافظة المنيا (جنوب مصر)، زرع نقيب الفلاحين حسين أبو صدام، القطن وكان أفضل حظاً من سعد، فأزهر محصوله، وحصده مع غيره من المزارعين بقريته في أكتوبر (تشرين الأول) الماضي، لكن أزمة أخرى خيَّبت أملهم، متوقعاً أن تتراجع زراعة القطن الموسم المقبل مقارنة بالماضي (2024)، الذي بلغت المساحة المزروعة فيه 311 ألف فدان.

تتلخص الأزمة التي شرحها أبو صدام لـ«الشرق الأوسط» في التسويق، قائلاً إن «المحصول تراكم لدى الفلاحين شهوراً عدة؛ لرفض التجار شراءه وفق سعر الضمان الذي سبق وحدَّدته الحكومة لتشجيع الفلاح على زراعة القطن وزيادة المحصول».

ويوضح أن سعر الضمان هو سعر متغير تحدده الحكومة للفلاح قبل أو خلال الموسم الزراعي، وتضمن به ألا يبيع القنطار (وحدة قياس تساوي 100 كيلوغرام) بأقل منه، ويمكن أن يزيد السعر حسب المزايدات التي تقيمها الحكومة لعرض القطن على التجار.

وكان سعر الضمان الموسم الماضي 10 آلاف جنيه، لمحصول القطن من الوجه القبلي، و12 ألف جنيه للمحصول من الوجه البحري «الأعلى جودة». لكن رياح القطن لم تجرِ كما تشتهي سفن الحكومة، حيث انخفضت قيمة القطن المصري عالمياً في السوق، وأرجع نقيب الفلاحين ذلك إلى «الأزمات الإقليمية وتراجع الطلب عليه».

ويحدّد رئيس قسم بحوث المعاملات الزراعية في معهد بحوث القطن التابع لوزارة الزراعة، الدكتور مصطفى عمارة، فارق سعر الضمان عن سعر السوق بنحو ألفي جنيه؛ ما نتج منه عزوف من التجار عن الشراء.

وأكد عمارة أن الدولة تدخلت واشترت جزءاً من المحصول، وحاولت التيسير على التجار لشراء الجزء المتبقي، مقابل أن تعوض هي الفلاح عن الفارق، لكن التجار تراجعوا؛ ما عمق الأزمة في السوق.

يتفق معه نقيب الفلاحين، مؤكداً أن مزارعي القطن يتعرضون لخسارة مستمرة «سواء في المحصول نفسه أو في عدم حصول الفلاح على أمواله؛ ما جعل كثيرين يسخطون وينون عدم تكرار التجربة».

د. مصطفى عمارة رئيس قسم بحوث المعاملات الزراعية (مركز المعلومات ودعم اتخاذ القرار المصري)

فرصة ثانية

يتفق المزارع ونقيب الفلاحين والمسؤول في مركز أبحاث القطن، على أن الحكومة أمامها تحدٍ صعب، لكنه ليس مستحيلاً كي تحافظ على مساحة القطن المزروعة وزيادتها.

أول مفاتيح الحل سرعة استيعاب أزمة الموسم الماضي وشراء المحصول من الفلاحين، ثم إعلان سعر ضمان مجزٍ قبل موسم الزراعة بفترة كافية، وتوفير التقاوي والأسمدة، والأهم الذي أكد عليه المزارع من الغربية محمد سعد، هو عودة نظام الإشراف والمراقبة والعناية بمنظومة زراعة القطن.

ويحذر رئيس قسم بحوث المعاملات الزراعية في معهد بحوث القطن من هجران الفلاحين لزراعة القطن، قائلاً: «لو فلاح القطن هجره فـلن نعوضه».

أنواع جديدة

يشير رئيس غرفة الصناعات النسيجية في اتحاد الصناعات محمد المرشدي، إلى حاجة مصر ليس فقط إلى إقناع الفلاحين بزراعة القطن، لكن أيضاً إلى تعدد أنواعه، موضحاً لـ«الشرق الأوسط» أن القطن طويل التيلة رغم تميزه الشديد، لكن نسبة دخوله في المنسوجات عالمياً قليلة ولا تقارن بالقطن قصير التيلة.

ويؤكد المسؤول في معهد بحوث القطن أنهم استنبطوا بالفعل الكثير من الأنواع الجديدة، وأن خطة الدولة للنهوض بصناعة القطن تبدأ من الزراعة، متمنياً أن يقتنع الفلاح ويساعدهم فيها.