اعتبرت كريستين لاغارد المديرة العامة لصندوق النقد الدولي أن التقلبات الأخيرة في الأسواق المالية ناجمة عن «تصحيحات ضرورية»، داعية إلى عدم القلق حيال تبعات ذلك.
وقالت لاغارد خلال مشاركتها في مؤتمر «القمة العالمية للحكومات» في دبي «الارتياب الذي أصاب الأسواق في الأيام الماضية لا يقلقني»، مضيفة «من الواضح بنظرنا أن هذه التحركات في الأسواق ناجمة عن تصحيحات ضرورية فيها».
وأضافت في كلمة لها بشأن أنشطة الأعمال العالمية والاتجاهات الاجتماعية أن الاقتصادات مدعومة أيضا بوفرة في التمويل المتاح.
وقالت في أول تصريحات علنية لها بشأن تحركات الأسواق منذ أحدثت موجة اضطراب في الأسواق نهاية الأسبوع الماضي «أنا متفائلة إلى حد ما بسبب المشهد الحالي. لكن لا يمكن أن نجلس ساكنين وننتظر أن يستمر النمو كالمعتاد»، وتابعت «لا أدق جرس إنذار ولكن أرسل بإشارة قوية للتشجيع والتحذير».
وأعادت لاغارد التأكيد على توقعات الصندوق، التي أصدرها الشهر الماضي، بأن ينمو الاقتصاد العالمي 3.9 في المائة العام الجاري وبنفس الوتيرة في العام المقبل وقالت إنها أساس جيد للإصلاحات اللازمة.
ولم تتطرق لتفاصيل عن الإصلاحات التي تريد أن تراها مكتفية بأنه يتعين على السلطات التحرك لتنظيم الأنشطة وليس الكيانات نفسها، وتابعت «ينبغي أن نتوقع أين ستكون الأزمة المقبلة. هل ستكون بنوك الظل؟ هل ستكون العملات المشفرة؟».
وحددت لاغارد ثلاث خطوات تحتاجها أسواق العمل التي تشكل عماد وحاضنة اقتصاد المستقبل: الأولى الإصلاحات الهيكلية الجادة للكيانات الاقتصادية، وتغيير أنماط العمل التقليدية نحو مناهج إبداعية في التخطيط والتطوير، وتغيير ثقافة المجتمعات التي تعتبر حاضنة الأسواق والعامل الأهم في توجيه مسارها. وأكدت في الجلسة على أهمية تطوير أنظمة السوق بالتعاون مع المؤسسات والمنظمات الدولية من دون استئثار جهات منفردة بهذه الأنظمة. وحول المهمة المركزية للحكومات، قالت لاغارد: «هناك نوعان من الحكومات، الأول يعالج أزماته الحالية، والثاني يعمل على منع تشكل هذه الأزمات»، ودعت إلى التركيز على الإصلاحات المالية بدل الانشغال بالتراجعات الآنية التي شهدتها أسواق البورصات العالمية مؤخراً، قائلة إن أسعار الأصول صعدت إلى مستويات مرتفعة جداً اقتضت حدوث هذا التصحيح الذي كانت الأسواق بحاجة إليه.
وأكدت لاغارد أن النظرة العامة تجاه مستقبل النمو الاقتصادي إيجابية، مشددة على الفرص المتاحة أمام الحكومات لتحقيق التعافي الاقتصادي، مع ضرورة توسيع دائرة هذا التعافي الذي كان يقتصر في الماضي على المصارف ومؤسسات التأمين، داعية إلى أن يشمل أنشطة أوسع، مثل التعاملات المصرفية غير الرسمية وتداولات العملات الافتراضية، منعاً لحدوث أزمات مستقبلية.
وحول اقتصادات الشرق الأوسط، أثنت لاغارد على الإصلاحات المتعددة التي تم تطبيقها في الإمارات، معتبرة أن دولاً أخرى في المنطقة تعيد حساباتها الآن لتحذو حذوها، ورأت أن تطبيق ضريبة القيمة المضافة قد لا يكون خياراً مستحباً، لكن الشعوب ستقدّر المنافع التي يحققها من تعزيز الأمن، وتطوير البنى التحتية للمواصلات والصحة.
ولفتت لاغارد إلى أن تطبيق الإصلاحات الضرورية يجعل حكومات المنطقة أكثر قدرة على تعزيز آمال الأجيال الشابة ببناء اقتصادات أقوى وتوفير المزيد من فرص العمل، وطالبت بإشراك المنظمات المدنية والدولية وذات التخصصات المختلفة في صنع القرار الاقتصادي والاجتماعي، مؤكدة أن الحكومات ستكسب الكثير إذا قامت بذلك.
وحول ما إذا كان العالم قد بدأ العمل على التغيير متأخراً، قالت لاغارد: «لم نتأخر قط، ومن الجميل أن يبدأ العالم استشعار التحديات والمخاطر لأنه بذلك سيضع خطط المواجهة اللازمة للتغلب على التحديات، وهذه الخطط بدورها تعني تمكين المؤثرين في الأسواق والمجتمعات من ثقافة ومهارات التغيير».
ودعت لاغارد حكومات العالم إلى أن تولي اهتماماً أكثر بالشباب الذين يشكلون أكثر من 60 في المائة من سكان هذا الكوكب، وقالت هناك عدد كبير من الشباب لا يشعرون بأن حكوماتهم ومجتمعاتهم تعمل من أجلهم، وشددت على ضرورة ردم الهوة بين الكوادر الوظيفية الشابة على وجه التحديد من ناحية ومخرجات التكنولوجيا الحديثة من ناحية أخرى.
واعتبرت أن الفجوة بين الطرفين كبيرة وتؤثر سلباً على مسيرة التنمية في العالم، كما طالبت لاغارد بتخصيص جزء من الناتج المحلي في كل بلد لدعم مبادرات الشباب وبرامج التأهيل، مشيرة إلى أن الاستثمار في الشباب هو استثمار في المستقبل.
لاغارد تبرر تقلبات أسواق المال الأخيرة بـ«تصحيحات ضرورية»
لاغارد تبرر تقلبات أسواق المال الأخيرة بـ«تصحيحات ضرورية»
لم تشترك بعد
انشئ حساباً خاصاً بك لتحصل على أخبار مخصصة لك ولتتمتع بخاصية حفظ المقالات وتتلقى نشراتنا البريدية المتنوعة