مقتل 948 عراقياً الشهر الماضي وانتحاري يستهدف زعيم عشيرة في ديالى

«الداخلية» تعلم أصحاب المقاهي كيفية تفادي الهجمات الانتحارية

أصحاب المقاهي يحضرون ندوة حول كيفية تفادي الهجمات الانتحارية بمقر وزارة الداخلية في بغداد أول من أمس (أ.ف.ب)
أصحاب المقاهي يحضرون ندوة حول كيفية تفادي الهجمات الانتحارية بمقر وزارة الداخلية في بغداد أول من أمس (أ.ف.ب)
TT

مقتل 948 عراقياً الشهر الماضي وانتحاري يستهدف زعيم عشيرة في ديالى

أصحاب المقاهي يحضرون ندوة حول كيفية تفادي الهجمات الانتحارية بمقر وزارة الداخلية في بغداد أول من أمس (أ.ف.ب)
أصحاب المقاهي يحضرون ندوة حول كيفية تفادي الهجمات الانتحارية بمقر وزارة الداخلية في بغداد أول من أمس (أ.ف.ب)

قتل 12 شخصا على الأقل وأصيب 25 آخرون في تفجير انتحاري بحزام ناسف استهدف تشييع جنازة نجل أحد قادة الصحوة في محافظة ديالى المضطربة شمال شرقي بغداد، وفقا لمصادر أمنية وطبية.
وأوضح ضابط برتبة عقيد في قيادة عمليات ديالى لوكالة الصحافة الفرنسية أن «انتحاريا فجر نفسه في جنازة نجل الشيخ علي الشلال العراكي، داخل مقبرة في منطقة الوجيهة (25 كلم شرق بعقوبة)، ما أسفر عن مقتل 12 وإصابة 25 آخرين». وقتل نجل الشيخ علي الشلال شيخ عشيرة العراكية في ديالى مساء أول من أمس بانفجار عبوة ناسفة قرب منزله في منطقة الوجيهية، بحسب الشرطة.
ووقع الهجوم الانتحاري صباح أمس لدى وصول المشيعين إلى مقبرة المدينة. وإلى جانب كونه كبير عشيرته فإن الشيخ علي الشلال والد الضحية هو مع أبنائه من قادة قوات الصحوة التي تقاتل تنظيم القاعدة في محافظة ديالى التي كبرى مدنها بعقوبة.
من ناحية ثانية، قتل نحو 950 شخصا في أعمال العنف اليومية في العراق خلال الشهر الماضي، بحسب ما أفادت أمس أرقام رسمية. وأشارت أرقام وزارات الدفاع والداخلية والصحة العراقية إلى مقتل 948 شخصا الشهر الماضي، هم 852 مدنيا و53 من عناصر الشرطة و43 عسكريا. كما أفادت الحصيلة بإصابة 1349 شخصا خلال الشهر الماضي هم 1208 مدنيين و89 شرطيا و52 عسكريا.
وحصيلة ضحايا نوفمبر (تشرين الثاني) مقاربة لحصيلة ضحايا الشهر الذي سبقه والذي قتل خلاله 964 شخصا، وهي الحصيلة الرسمية الأعلى لضحايا العنف في العراق منذ أبريل (نيسان) 2008.
وقتل منذ بداية العام نحو ستة آلاف شخص في موجة عنف غير مسبوقة منذ النزاع الطائفي بين عامي 2006 و2008.
من جهة أخرى، وبعد تكرار استهداف المقاهي بهجمات انتحارية، دعت وزارة الداخلية أول من أمس أصحاب مقاه في بغداد إلى اجتماع في مديرية الشرطة حاولت خلاله تعليمهم كيفية اتخاذ إجراءات احترازية لكشف المهاجمين الانتحاريين ومنعهم من مهاجمة أماكن عملهم. وقال اللواء الركن سعد جعفر، نائب قائد عمليات بغداد، على هامش الاجتماع بأن «المنظومة الأمنية تتطلب من المواطن العراقي مساعدة القطاعات الأمنية»، مستدركا «هذا لا يعني أن القطاعات الأمنية غير قادرة على حماية المواطنين». وأضاف أن «الأوضاع التي تواجهها المقاهي تتطلب من أصحابها تعيين حارس (أمني خاص) أو اثنين، وتحديد مدخل واحد للدخول إلى المقهى، حتى تتم السيطرة على الإرهابيين الذين يرتدون أحزمة ناسفة ويقتلون المواطنين بدم بارد». ودعا المسؤول الأمني أصحاب المقاهي أيضا إلى «نصب كاميرات لحماية الزبائن الذين يرتادون المقاهي».
وقال موسى محمد، وهو صاحب مقهى في حي العامل في جنوب بغداد شهد تفجيرا داميا أودى بحياة أربعين شخصا في 20 أكتوبر (تشرين الأول) الماضي، بأن «عملنا تراجع كثيرا نتيجة التفجيرات الإرهابية خلال الفترة القليلة الماضية». ورأى أن «وضع حراس أمنيين عند باب المقهى وإغلاق جميع الأبواب باستثناء باب واحد قد يؤدي إلى عزوف تام عن ارتياد مقاهينا، وهي مصدر عيشنا الوحيد».
مقابل ذلك، رحب محمد مصطفى وهو صاحب مقهى في منقطة البياع بمقترحات وزارة الداخلية، قائلا: إنه سوف ينفذها فورا، لكنه طالب «السلطات بتوفير دوريات أمنية على مقرب من هذه الأماكن التي تضم تجمعات بشرية كبيرة».
من جهته، احتج عبد العزيز يوسف، وهو صاحب مقهى في منطقة حي الجامعة في غرب بغداد، على قرار إغلاق المقاهي باكرا، وذلك أثناء مباريات كرة القدم الأوروبية. وقال يوسف «بعد التفجيرات الإرهابية التي شهدتها المقاهي، بدأت القوات الأمنية في المنطقة تأمرنا بإغلاق المقاهي خصوصا أيام مباريات ناديي برشلونة وريال مدريد التي تكتظ خلالها المقاهي بالزبائن». وتابع: «هل هناك مقهى في العالم يغلق أبوابه في يوم مباراة لريال مدريد أو برشلونة؟».



الحوثيون يكثّفون حملة الاعتقالات في معقلهم الرئيسي

جنود حوثيون يركبون شاحنة في أثناء قيامهم بدورية في مطار صنعاء (إ.ب.أ)
جنود حوثيون يركبون شاحنة في أثناء قيامهم بدورية في مطار صنعاء (إ.ب.أ)
TT

الحوثيون يكثّفون حملة الاعتقالات في معقلهم الرئيسي

جنود حوثيون يركبون شاحنة في أثناء قيامهم بدورية في مطار صنعاء (إ.ب.أ)
جنود حوثيون يركبون شاحنة في أثناء قيامهم بدورية في مطار صنعاء (إ.ب.أ)

أطلقت الجماعة الحوثية سراح خمسة من قيادات جناح حزب «المؤتمر الشعبي» في مناطق سيطرتها، بضمانة عدم المشاركة في أي نشاط احتجاجي أو الاحتفال بالمناسبات الوطنية، وفي المقابل كثّفت في معقلها الرئيسي، حيث محافظة صعدة، حملة الاعتقالات التي تنفّذها منذ انهيار النظام السوري؛ إذ تخشى تكرار هذه التجربة في مناطق سيطرتها.

وذكرت مصادر في جناح حزب «المؤتمر الشعبي» لـ«الشرق الأوسط»، أن الوساطة التي قادها عضو مجلس حكم الانقلاب الحوثي سلطان السامعي، ومحافظ محافظة إب عبد الواحد صلاح، أفضت، وبعد أربعة أشهر من الاعتقال، إلى إطلاق سراح خمسة من أعضاء اللجنة المركزية للحزب، بضمانة من الرجلين بعدم ممارستهم أي نشاط معارض لحكم الجماعة.

وعلى الرغم من الشراكة الصورية بين جناح حزب «المؤتمر» والجماعة الحوثية، أكدت المصادر أن كل المساعي التي بذلها زعيم الجناح صادق أبو راس، وهو عضو أيضاً في مجلس حكم الجماعة، فشلت في تأمين إطلاق سراح القادة الخمسة وغيرهم من الأعضاء؛ لأن قرار الاعتقال والإفراج مرتبط بمكتب عبد الملك الحوثي الذي يشرف بشكل مباشر على تلك الحملة التي طالت المئات من قيادات الحزب وكوادره بتهمة الدعوة إلى الاحتفال بالذكرى السنوية للإطاحة بأسلاف الحوثيين في شمال اليمن عام 1962.

قيادات جناح حزب «المؤتمر الشعبي» في صنعاء يتعرّضون لقمع حوثي رغم شراكتهم الصورية مع الجماعة (إكس)

في غضون ذلك، ذكرت وسائل إعلام محلية أن الجماعة الحوثية واصلت حملة الاعتقالات الواسعة التي تنفّذها منذ أسبوعين في محافظة صعدة، المعقل الرئيسي لها (شمال)، وأكدت أنها طالت المئات من المدنيين؛ حيث داهمت عناصر ما يُسمّى «جهاز الأمن والمخابرات»، الذين يقودهم عبد الرب جرفان منازلهم وأماكن عملهم، واقتادتهم إلى معتقلات سرية ومنعتهم من التواصل مع أسرهم أو محامين.

300 معتقل

مع حالة الاستنفار التي أعلنها الحوثيون وسط مخاوف من استهداف قادتهم من قبل إسرائيل، قدّرت المصادر عدد المعتقلين في الحملة الأخيرة بمحافظة صعدة بنحو 300 شخص، من بينهم 50 امرأة.

وذكرت المصادر أن المعتقلين يواجهون تهمة التجسس لصالح الولايات المتحدة وإسرائيل ودول أخرى؛ حيث تخشى الجماعة من تحديد مواقع زعيمها وقادة الجناح العسكري، على غرار ما حصل مع «حزب الله» اللبناني، الذي أشرف على تشكيل جماعة الحوثي وقاد جناحيها العسكري والمخابراتي.

عناصر من الحوثيين خلال حشد للجماعة في صنعاء (إ.ب.أ)

ونفت المصادر صحة التهم الموجهة إلى المعتقلين المدنيين، وقالت إن الجماعة تسعى لبث حالة من الرعب وسط السكان، خصوصاً في محافظة صعدة، التي تستخدم بصفتها مقراً أساسياً لاختباء زعيم الجماعة وقادة الجناح العسكري والأمني.

وحسب المصادر، تتزايد مخاوف قادة الجماعة من قيام تل أبيب بجمع معلومات عن أماكن اختبائهم في المرتفعات الجبلية بالمحافظة التي شهدت ولادة هذه الجماعة وانطلاق حركة التمرد ضد السلطة المركزية منذ منتصف عام 2004، والتي تحولت إلى مركز لتخزين الصواريخ والطائرات المسيّرة ومقر لقيادة العمليات والتدريب وتخزين الأموال.

ومنذ سقوط نظام الرئيس السوري بشار الأسد وانهيار المحور الإيراني، استنفرت الجماعة الحوثية أمنياً وعسكرياً بشكل غير مسبوق، خشية تكرار التجربة السورية في المناطق التي تسيطر عليها؛ حيث نفّذت حملة تجنيد شاملة وألزمت الموظفين العموميين بحمل السلاح، ودفعت بتعزيزات كبيرة إلى مناطق التماس مع القوات الحكومية خشية هجوم مباغت.

خلق حالة رعب

بالتزامن مع ذلك، شنّ الحوثيون حملة اعتقالات شملت كل من يُشتبه بمعارضته لسلطتهم، وبررت منذ أيام تلك الحملة بالقبض على ثلاثة أفراد قالت إنهم كانوا يعملون لصالح المخابرات البريطانية، وإن مهمتهم كانت مراقبة أماكن وجود قادتها ومواقع تخزين الأسلحة في صنعاء.

وشككت مصادر سياسية وحقوقية في صحة الرواية الحوثية، وقالت إنه ومن خلال تجربة عشرة أعوام تبيّن أن الحوثيين يعلنون مثل هذه العمليات فقط لخلق حالة من الرعب بين السكان، ومنع أي محاولة لرصد تحركات قادتهم أو مواقع تخزين الصواريخ والمسيرات.

انقلاب الحوثيين وحربهم على اليمنيين تسببا في معاناة ملايين السكان (أ.ف.ب)

ووفق هذه المصادر، فإن قادة الحوثيين اعتادوا توجيه مثل هذه التهم إلى أشخاص يعارضون سلطتهم وممارساتهم، أو أشخاص لديهم ممتلكات يسعى قادة الجماعة للاستيلاء عليها، ولهذا يعمدون إلى ترويج مثل هذه التهم التي تصل عقوبتها إلى الإعدام لمساومة هؤلاء على السكوت والتنازل عن ممتلكاتهم مقابل إسقاط تلك التهم.

وبيّنت المصادر أن المئات من المعارضين أو الناشطين قد وُجهت إليهم مثل هذه التهم منذ بداية الحرب التي أشعلتها الجماعة الحوثية بانقلابها على السلطة الشرعية في 21 سبتمبر (أيلول) عام 2014، وهي تهم ثبت زيفها، ولم تتمكن مخابرات الجماعة من تقديم أدلة تؤيد تلك الاتهامات.

وكان آخرهم المعتقلون على ذمة الاحتفال بذكرى الإطاحة بنظام حكم أسلافهم في شمال اليمن، وكذلك مالك شركة «برودجي» التي كانت تعمل لصالح الأمم المتحدة، للتأكد من هوية المستفيدين من المساعدات الإغاثية ومتابعة تسلمهم تلك المساعدات؛ حيث حُكم على مدير الشركة بالإعدام بتهمة التخابر؛ لأنه استخدم نظام تحديد المواقع في عملية المسح، التي تمت بموافقة سلطة الحوثيين أنفسهم