مصر تتجه لتقديم الانتخابات الرئاسية على البرلمانية

اشتباكات في التحرير بعد اختراق «الإخوان» مسيرات الطلبة

أحد أنصار جماعة الإخوان المسلمين يشير بعلامة «رابعة» في مسيرات لطلبة الجامعة أمس.. وتظهر سيارة شرطة تحترق في الخلفية (رويترز)
أحد أنصار جماعة الإخوان المسلمين يشير بعلامة «رابعة» في مسيرات لطلبة الجامعة أمس.. وتظهر سيارة شرطة تحترق في الخلفية (رويترز)
TT

مصر تتجه لتقديم الانتخابات الرئاسية على البرلمانية

أحد أنصار جماعة الإخوان المسلمين يشير بعلامة «رابعة» في مسيرات لطلبة الجامعة أمس.. وتظهر سيارة شرطة تحترق في الخلفية (رويترز)
أحد أنصار جماعة الإخوان المسلمين يشير بعلامة «رابعة» في مسيرات لطلبة الجامعة أمس.. وتظهر سيارة شرطة تحترق في الخلفية (رويترز)

فضت السلطات المصرية مظاهرة معارضة للنظام في قلب ميدان التحرير بالقوة وبقنابل الغاز أمس، بعدما اخترق عدد من المؤيدين لجماعة الإخوان المسلمين مسيرات طلابية توجهت إلى الميدان، في ظهور هو الأول لأنصار الجماعة بالميدان الذي يشهد تشديدات أمنية كبيرة منذ ثورة 30 يونيو (حزيران).
وبينما تظاهر آلاف الطلاب بجامعات مصر وعدد من النشطاء السياسيين أمس بميدان التحرير، بعد موافقة وزارة الداخلية على تنظيم مظاهرة بالميدان بوسط القاهرة،حسب بيان للداخلية، للمطالبة بإسقاط قانون التظاهر والقصاص لمقتل طالب «هندسة جامعة القاهرة»، الذي توفي جراء طلق ناري يوم الخميس الماضي داخل جامعة القاهرة.. استغل طلاب ينتمون لجماعة الإخوان المسلمين التي ينتمي إليها الرئيس المعزول محمد مرسي المظاهرة، وحاولوا رفع شعارات رابعة العدوية (كف طويت إبهامه) ولافتات تطالب بشرعية مرسي. وقال مصدر أمني لـ«الشرق الأوسط» إنه «جرى التعامل مع طلاب الإخوان بعد محاولات الخروج عن قواعد القانون، برفعهم شعارات ولافتات ضد النظام». وأوضح المصدر: «رصدنا اندساس طلاب وأشخاص منتمين للإخوان في مظاهرة التحرير، المصرح بها للناشط محمد عادل».
يأتي هذا في وقت دعا فيه الاتحاد الأوروبي مصر إلى احترام حقوق الإنسان في جميع الأوقات. وفي تصريحات لها أمس، أعربت الممثلة العليا للشؤون الخارجية والسياسة الأمنية للاتحاد الأوروبي، كاثرين آشتون، عن «قلقها إزاء الأحداث الأخيرة في مصر».
وقال المتحدث الرسمي لممثل الاتحاد الأوروبي في بيان وزعته المفوضية الأوروبية بالقاهرة أمس: «تابعت الممثل الأعلى بغاية القلق التقارير الخاصة بالأحداث الأخيرة في مصر، وما تضمنته هذه التقارير من الاستخدام المفرط للقوة وعمليات القبض والأحكام القضائية غير المتكافئة سيعرقل مسار الديمقراطية في البلاد. علاوة على ذلك، فإن هذه الإجراءات تنتهك حقوق وتطلعات الشعب المصري، خاصة في ظل قانون التظاهر الجديد، ولن تؤدي إلى أمن حقيقي ومستدام للشعب المصري».
وأضاف البيان أنه «سبق أن طالبت كاثرين آشتون خلال لقائها نائب رئيس الوزراء، زياد بهاء الدين، في 27 نوفمبر (تشرين الثاني) الماضي، باحترام حقوق الإنسان الأساسية في جميع الأوقات، خاصة أن مصر في المراحل النهائية من كتابة الدستور».
واعتاد الاتحاد الأوروبي خلال الفترة الأخيرة على تكرار الدعوة الأوروبية لجميع الأطراف في مصر للهدوء من أجل إيجاد الحلول لكل القضايا العالقة. وفي وقت سابق وجهت آشتون دعوة إلى كل الأطراف المشاركة في العملية الانتقالية إلى التركيز على الحوار والتسامح.
ووصلت مسيرة تضم المئات من طلاب جامعة القاهرة بعضهم إخوان، لميدان التحرير بوسط القاهرة، لأول مرة منذ ثورة 30 يونيو (حزيران) وعزل مرسي، وسط غياب كامل لقوات الأمن بالميدان، الذي يشهد تشديدات أمنية كبيرة.
وحاول أنصار الرئيس المعزول أكثر من مرة دخول ميدان التحرير خلال المظاهرات التي تطالب بعودة شرعية مرسي، لكن السلطات الأمنية كانت تتصدى لهم على مشارف الميدان.
وسمحت وزارة الداخلية بمظاهرة بميدان التحرير أمس، بناء على طلب من الناشط السياسي وعضو حركة 6 أبريل محمد عادل، بتنظيم مظاهرة ضد قانون التظاهر. وقالت مصادر أمنية إن «الشرطة أمنت مظاهرة التحرير، بعد تقديم الناشط محمد عادل طلبا لتنظيم مسيرة في ميدان طلعت حرب، ووافقت الأجهزة الأمنية عليها».
وأضافت المصادر أنه «جرى اتخاذ الإجراءات القانونية، وجرى التعامل مع المتظاهرين بعد انتهاء المدة المقررة لهم، ووجود عناصر من الإخوان»، مشيرة إلى أنه «بالتواصل مع الناشط عادل قرر أن تلك المجموعات اندست وسط المتظاهرين وأنه لم يدعُهم للمشاركة في التظاهرة، فجرى اتخاذ الإجراءات الأمنية والقانونية اللازمة لفض المظاهرة وفقًا لما كفله القانون».
لكن الناشط محمد عادل، قال لـ«الشرق الأوسط»، إن «مسؤولي قسم شرطة قصر النيل، نفوا موافقة وزارة الداخلية على الطلب لتنظيم مظاهرة، بميدان التحرير، وذلك على الرغم من إبلاغ الوزارة له بموافقتها على الطلب».
ورفض عادل وصف المظاهرة التي وصلت التحرير بأنها إخوانية فقط، قائلا: «نرفض التحريض ضد طلاب جامعة القاهرة (من الإخوان) وحقهم في التعبير عن آرائهم بشكل سلمي». وتابع: «ليس معنى أن يصور البعض في القنوات الفضائية أن المظاهرة قادها الطلاب الإخوان.. أن نصدقه».
وأطلقت قوات الأمن قنابل الغاز المسيل للدموع تجاه الطلاب المتظاهرين بميدان التحرير. ودخلت مدرعتان وسيارة مطافئ لـ«الميدان»، مما أدى إلى فرار المتظاهرين ناحية طلعت حرب.
وكان الآلاف من الطلاب بجامعة القاهرة نظموا أمس، مظاهرة حاشدة أمام مبنى جامعة القاهرة بمحافظة الجيزة. وقال زياد أحمد، وهو طالب في كلية الهندسة جامعة القاهرة، لـ«الشرق الأوسط» إن «المظاهرة كانت للتنديد بمقتل زميلنا محمد رضا، وللمطالبة بإلغاء قانون التظاهر، لكن بعض طلاب الإخوان حاولوا استغلال المظاهرة برفع شعارات رابعة وشرعية مرسي».
وقتل رضا، وهو طالب بكلية الهندسة جامعة القاهرة، وذلك خلال اشتباكات طلاب الإخوان والأمن الخميس الماضي.
وأضاف زياد أحمد: «جرى الاتفاق مع طلاب الإخوان على عدم رفع أي شعارات، وأن يكون هدف المظاهرة واحدا، وذلك خلال المسيرة الكبرى التي خرجت من أمام كلية دار العلوم، إلى ميدان التحرير، تضامنا مع النشطاء». وتابع أنه «عقب الوصول للتحرير.. وجدنا بعضهم خالف الاتفاق ورفعوا شعارات رابعة العدوية.. وقاموا بالصلاة في الميدان».
وتظاهر الآلاف من طلاب الجامعات ضد وزير التعليم العالي الدكتور حسام عيسي، احتجاجا على مقتل طالب الهندسة. وأعلنت جامعة القاهرة الحداد لمدة ثلاثة أيام أمس دون تعطيل للدراسة. وطالبت اتحادات طلاب كليات جامعة القاهرة المتظاهرين بالجامعة التحقيق مع إدارة الجامعة لعدم حماية الطلاب، معلنة الشروع في إضراب عام عن الدراسة وتجميد الأنشطة.
وحدد اتحاد طلاب جامعة القاهرة مطالبه، بمنع الشرطة من دخول حرم الجامعة، واﻹفراج الفوري عن الطلاب المقبوض عليهم، وإلغاء كافة مجالس التأديب.
وارتدى أعضاء اتحاد الطلاب المشاركون في المظاهرات، شارة سوداء للحداد على طالب كلية الهندسة.
بدوره ولاحتواء الموقف، التقى اللواء محمد إبراهيم، وزير الداخلية، بممثلين عن الاتحادات الطلابية في الجامعات مساء أول من أمس. وقالت مصادر أمنية إن «الوزير أكد أن وزارة الداخلية ليست طرفًا في المعادلة السياسية، ومهمتها هي حماية المؤسسات، وأنها لا تنحاز لأي طرف ومسؤوليتها حماية أمن المواطن».
وانسحبت قوات الجيش والشرطة أمس من ميدان نهضة مصر، القريب من جامعة القاهرة، والذي شهد اعتصام أنصار الرئيس المعزول في أغسطس (آب) الماضي. بينما طافت مسيرات تضم العشرات من الإخوان جامعة القاهرة، حمل المشاركون فيها صورًا لمحمد رضا، ورددوا هتافات «حركة طلابية واحدة». وأشعل طلاب جامعة القاهرة أمام ميدان النهضة النار في سيارة شرطة خلال مرورها.



إرغام تربويين في صنعاء على تلقي برامج تعبئة طائفية

مسؤولون تربويون في صنعاء يخضعون لتعبئة حوثية (إعلام حوثي)
مسؤولون تربويون في صنعاء يخضعون لتعبئة حوثية (إعلام حوثي)
TT

إرغام تربويين في صنعاء على تلقي برامج تعبئة طائفية

مسؤولون تربويون في صنعاء يخضعون لتعبئة حوثية (إعلام حوثي)
مسؤولون تربويون في صنعاء يخضعون لتعبئة حوثية (إعلام حوثي)

أوقفت الجماعة الحوثية عشرات القادة والمسؤولين التربويين في العاصمة المختطفة صنعاء عن العمل، وأحالتهم إلى المحاسبة تمهيداً لفصلهم من وظائفهم، بعد أن وجّهت إليهم تهماً برفض حضور ما تُسمى «برامج تدريبية» تُقيمها حالياً في صنعاء وتركّز على الاستماع إلى سلسلة محاضرات لزعيمها عبد الملك الحوثي.

وفي سياق سعي الجماعة لتعطيل ما تبقى من مؤسسات الدولة تحت سيطرتها، تحدّثت مصادر تربوية في صنعاء لـ«الشرق الأوسط»، عن إرغام الجماعة أكثر من 50 مسؤولاً وقيادياً تربوياً يشملون وكلاء قطاعات ومديري عموم في وزارة التعليم الحوثية على الخضوع لبرامج تعبوية تستمر 12 يوماً.

ملايين الأطفال في مناطق سيطرة الحوثيين عُرضة لغسل الأدمغة (رويترز)

وبموجب التعليمات، ألزمت الجماعة القادة التربويين بحضور البرنامج، في حين اتخذت إجراءات عقابية ضد المتغيبين، وكذا المنسحبون من البرنامج بعد انتهاء يومه الأول، لعدم قناعتهم بما يتمّ بثّه من برامج وأفكار طائفية.

وكشفت المصادر عن إحالة الجماعة 12 مديراً عاماً ووكيل قطاع تربوي في صنعاء ومدن أخرى إلى التحقيق، قبل أن تتخذ قراراً بإيقافهم عن العمل، بحجة تخلفهم عن المشاركة في برنامجها التعبوي.

وجاء هذا الاستهداف تنفيذاً لتعليمات صادرة من زعيم الجماعة وبناء على مخرجات اجتماع ترأسه حسن الصعدي المعيّن وزيراً للتربية والتعليم والبحث العلمي بحكومة الانقلاب، وخرج بتوصيات تحض على إخضاع التربويين لبرامج تحت اسم «تدريبية» على ثلاث مراحل، تبدأ بالتعبئة الفكرية وتنتهي بالالتحاق بدورات عسكرية.

توسيع التطييف

تبرّر الجماعة الحوثية إجراءاتها بأنها رد على عدم استجابة التربويين للتعليمات، ومخالفتهم الصريحة لما تُسمّى مدونة «السلوك الوظيفي» التي فرضتها سابقاً على جميع المؤسسات تحت سيطرتها، وأرغمت الموظفين تحت الضغط والتهديد على التوقيع عليها.

وأثار السلوك الحوثي موجة غضب في أوساط القادة والعاملين التربويين في صنعاء، ووصف عدد منهم في حديثهم لـ«الشرق الأوسط»، ذلك التوجه بأنه «يندرج في إطار توسيع الجماعة من نشاطاتها الطائفية بصورة غير مسبوقة، ضمن مساعيها الرامية إلى تطييف ما تبقى من فئات المجتمع بمن فيهم العاملون في قطاع التعليم».

عناصر حوثيون يرددون هتافات الجماعة خلال تجمع في صنعاء (إ.ب.أ)

واشتكى تربويون في صنعاء، شاركوا مكرهين في البرامج الحوثية، من إلزامهم يومياً منذ انطلاق البرنامج بمرحلته الأولى، بالحضور للاستماع إلى محاضرات مسجلة لزعيم الجماعة، وتلقي دروس طائفية تحت إشراف معممين جرى استقدام بعضهم من صعدة حيث المعقل الرئيس للجماعة.

ويأتي تحرك الجماعة الحوثية لتعبئة ما تبقى من منتسبي قطاع التعليم فكرياً وعسكرياً، في وقت يتواصل فيه منذ سنوات حرمان عشرات الآلاف من المعلمين من الحصول على مرتباتهم، بحجة عدم توفر الإيرادات.

ويتحدث ماجد -وهو اسم مستعار لمسؤول تعليمي في صنعاء- لـ«الشرق الأوسط»، عن تعرضه وزملائه لضغوط كبيرة من قبل مشرفين حوثيين لإجبارهم بالقوة على المشاركة ضمن ما يسمونه «برنامجاً تدريبياً لمحاضرات زعيم الجماعة من دروس عهد الإمام علي عليه السلام لمالك الأشتر».

وأوضح المسؤول أن مصير الرافضين الانخراط في ذلك البرنامج هو التوقيف عن العمل والإحالة إلى التحقيق وربما الفصل الوظيفي والإيداع في السجون.

يُشار إلى أن الجماعة الانقلابية تركز جُل اهتمامها على الجانب التعبوي، عوضاً الجانب التعليمي وسط ما يعانيه قطاع التعليم العمومي من حالة انهيار وتدهور غير مسبوقة.