مواجهة إسرائيلية ـ إيرانية في سوريا... وإسقاط «إف 16»

تل أبيب استهدفت 12 موقعاً عسكرياً... ودمرت طائرة من دون طيار توغلت في أجوائها

حطام طائرة «إف- 16» شمال إسرائيل (أ.ب)
حطام طائرة «إف- 16» شمال إسرائيل (أ.ب)
TT
20

مواجهة إسرائيلية ـ إيرانية في سوريا... وإسقاط «إف 16»

حطام طائرة «إف- 16» شمال إسرائيل (أ.ب)
حطام طائرة «إف- 16» شمال إسرائيل (أ.ب)

أعلنت إسرائيل، أمس، شن ضربات «واسعة النطاق» استهدفت مواقع «إيرانية وسورية» داخل الأراضي السورية، بُعيد سقوط إحدى مقاتلاتها من طراز «إف16» في أراضيها، وإثر اعتراضها طائرة من دون طيار في أجوائها، أكدت أنها إيرانية انطلقت من سوريا. وقال مسؤول إسرائيلي: إن طائرة «إف16» التي أسقطت في شمال إسرائيل أصيبت بصاروخ سوري مضاد للطائرات.
وأعلن الجيش الإسرائيلي، أن المقاتلة سقطت في منطقة وادي جزريل شرق مدينة حيفا، وأصيب أحد طياريها الاثنين إصابة بالغة.
وهي المرة الأولى التي يعلن فيها الجيش الإسرائيلي بشكل واضح ضرب أهداف إيرانية في سوريا. كما أنها المرة الأولى منذ فترة طويلة - 30 عاماً حسب صحيفة «هآرتس» - التي تفقد فيها إسرائيل مقاتلة أصيبت بمضادات أرضية خلال مشاركتها في غارات في سوريا. كما سارع متحدث آخر باسم الجيش الإسرائيلي هو الكولونيل جوناثان كونريكوس إلى تحذير سوريا وإيران قائلاً: إنهما «تلعبان بالنار بارتكابهما مثل هذه الأعمال العدوانية»، مؤكداً «إننا لا نسعى إلى التصعيد، لكننا جاهزون لمختلف السيناريوهات» وعلى استعداد لتدفيع «ثمن باهظ» على مثل هذه الأعمال.
وفي كلامه عن الطائرة من دون طيار الإيرانية التي دخلت الأجواء الإسرائيلية، قال المتحدث «إنه الانتهاك الإيراني الأكثر وضوحاً للسيادة الإسرائيلية خلال السنوات الماضية»، مضيفاً: «لذا؛ جاء ردنا بمثل هذه الشدة».
وأعلن الجيش الإسرائيلي، أن هذا التصعيد الأخير بدأ ليلة الجمعة - السبت مع دخول طائرة من دون طيار إيرانية الأجواء الإسرائيلية بعد إطلاقها من الأراضي السورية. وأكد الجيش، أن مروحية من نوع أباتشي اعترضت هذه الطائرة المسيّرة وأسقطتها. وأضاف الجيش، أنه «رداً على ذلك» أغارت مقاتلات إسرائيلية على الأنظمة التي أطلقت منها الطائرة المسيرة، لكنها تعرضت «لإطلاق نار من صواريخ مضادة للطيران».
وأكدت الشرطة الإسرائيلية أيضاً، أن المقاتلة من نوع «إف16» تحطمت قرب حيفا في شمال إسرائيلي.
من جهتها، أعلنت وكالة الأنباء السورية الرسمية (سانا)، أن الغارات الإسرائيلية استهدفت قاعدة عسكرية في وسط سوريا شرق حمص، وأن طائرات إسرائيلية عدة أصيبت. ونقلت الوكالة السورية عن مصدر عسكري قوله: «قام كيان العدو الإسرائيلي فجر اليوم (أمس) بعدوان جديد على إحدى القواعد العسكرية في المنطقة الوسطى وتصدت له وسائط دفاعنا الجوي وأصابت أكثر من طائرة». أما مدير «المرصد السوري لحقوق الإنسان»، رامي عبد الرحمن، فأعلن أن الغارات الإسرائيلية استهدفت مواقع شرق حمص في وسط سوريا في منطقة تتواجد فيها قوات إيرانية وعناصر من «حزب الله» الشيعي اللبناني.
وشنت المقاتلات الإسرائيلية موجة ثانية من الغارات «الواسعة النطاق» استهدفت، حسب بيان للجيش الإسرائيلي «12 هدفاً إيرانياً وسورياً، من بينها ثلاث بطاريات صواريخ مضادة للطائرات، وأربعة أهداف إيرانية غير محددة يملكها الجهاز العسكري الإيراني في سوريا». وفي إشارة إلى هذه الموجة الثانية، أعلنت دمشق تصدي أنظمة دفاعها الجوي لضربات إسرائيلية ثانية استهدفت قواعد للدفاع الجوي السوري في ريف دمشق، بحسب وكالة «سانا».
وسارعت روسيا إلى دعوة جميع الأطراف في سوريا إلى «ضبط النفس». وقالت وزارة الخارجية الروسية في بيان: «ندعو بقوة جميع الأطراف إلى ضبط النفس وتجنب جميع الأعمال التي من شأنها أن تؤدي إلى تعقيد أكبر للوضع». وأضافت: «غير مقبول بتاتاً تهديد حياة الجنود الروس المتواجدين في الجمهورية العربية السورية للمساعدة في الحرب ضد الإرهاب».
واندلع جدال عبر الإعلام حول ما إذا كانت الطائرة من دون طيار التي تقول إسرائيل إنها أسقطتها قد دخلت أم لا المجال الجوي الإسرائيلي. ونفت «غرفة عمليات حلفاء سوريا» التي تضم قياديين من إيران و«حزب الله» اللبناني، وتتولى تنسيق العمليات القتالية في سوريا، إرسال أي طائرة مسيّرة فوق الأجواء الإسرائيلية فجر السبت، واصفة الاتهامات في هذا الصدد بأنها «افتراء».
إلا أن الرد الإسرائيلي جاء على لسان المتحدث باسم الجيش كونريكوس، الذي أكد، أن السلطات الإسرائيلية عثرت على حطام الطائرة من دون طيار التي أسقطت، وأكد أنها إيرانية. وقال في هذا الإطار: «تم اعتراض الطائرة من دون طيار في غور الأردن من قبل مروحية أباتشي إسرائيلية ولدينا حطامها، ونؤكد بأنها إيرانية».
وفي مارس (آذار) 2017 استهدف الطيران الإسرائيلي قافلة سلاح في سوريا، واعترضت صاروخاً أطلق باتجاه أراضيها. وأكدت دمشق يومها إسقاط مقاتلة إسرائيلية وإصابة أخرى، الأمر الذي نفته إسرائيل. وكان رئيس الحكومة الإسرائيلية بنيامين نتنياهو حذر الشهر الماضي من موسكو أمام الرئيس الروسي فلاديمير بوتين من «خطر» تمركز إيران عسكرياً في سوريا وسعيها لإنتاج أسلحة متطورة.
وقال نتنياهو الثلاثاء محذراً في هذا الإطار «نحن مع السلام إلا أننا مستعدون لكل السيناريوهات، وننصح الجميع بعدم التحرش بنا».



«هدنة غزة»: الوسطاء يضغطون لإبرام اتفاق رغم «تهديدات نتنياهو»

فتيات فلسطينيات ينظرن إلى أنقاض مبانٍ دمرتها غارات إسرائيلية في بيت لاهيا شمال غزة (أ.ف.ب)
فتيات فلسطينيات ينظرن إلى أنقاض مبانٍ دمرتها غارات إسرائيلية في بيت لاهيا شمال غزة (أ.ف.ب)
TT
20

«هدنة غزة»: الوسطاء يضغطون لإبرام اتفاق رغم «تهديدات نتنياهو»

فتيات فلسطينيات ينظرن إلى أنقاض مبانٍ دمرتها غارات إسرائيلية في بيت لاهيا شمال غزة (أ.ف.ب)
فتيات فلسطينيات ينظرن إلى أنقاض مبانٍ دمرتها غارات إسرائيلية في بيت لاهيا شمال غزة (أ.ف.ب)

​ «مساعٍ حثيثة» من الوسطاء لعودة التهدئة في قطاع غزة، تقابلها تهديدات من رئيس الوزراء الإسرائيلي، بنيامين نتنياهو، بـ«سحق حماس»، ورفض إقامة دولة فلسطينية، وتسريبات بوسائل إعلام بلاده عن رفض مقترح الحركة بصفقة شاملة لتبادل الرهائن والأسرى تصل إلى 5 سنوات.

ذلك التباين الذي يصل إلى ذروته مع قرب زيارة الرئيس الأميركي دونالد ترمب، بعد نحو أسبوعين، يراه خبراء تحدثوا لـ«الشرق الأوسط»، محاولة متعمدة من نتنياهو لعدم تهديد مستقبله السياسي الذي يقف على حافة الانهيار، غير أنهم يرون أن ضغوط واشنطن، وتكثيف الوسطاء الجهود لحلول توافقية، مع دعم دولي قبل الزيارة المرتقبة للمنطقة، ستسهم في الذهاب لاتفاقات مرحلية وهدنة إنسانية وأخرى مؤقتة مع تضمينها إنهاء الحرب، خصوصاً أن البيت الأبيض غير راغب في صراع مفتوح من دون سقف، حرصاً على مصالحه بالشرق الأوسط.

ونقلت صحيفة «يديعوت أحرونوت» الإسرائيلية، الاثنين، عن مصدر سياسي ببلادها، قوله إن حكومة نتنياهو «ترفض مقترحاً لوقف إطلاق النار بغزة 5 سنوات يشمل إعادة كل المخطوفين»، مؤكداً أنه «لا فرصة للسماح لـ(حماس) بعودة التسلح والانتعاش».

فلسطينيون يصلّون بجانب جثامين قتلوا في غارات إسرائيلية ببيت لاهيا شمال غزة (أ.ف.ب)
فلسطينيون يصلّون بجانب جثامين قتلوا في غارات إسرائيلية ببيت لاهيا شمال غزة (أ.ف.ب)

وجاء الرفض بعد ساعات من خطاب مطول ألقاه نتنياهو، أكد خلاله أمرين هما: «سحق حماس» و«رفض الدولة الفلسطينية»، قائلاً: «فكرة أن الدولة الفلسطينية ستجلب السلام هي فكرة هراء، ولقد جربناها في غزة، سيتم سحق (حماس)، ولن نضع السلطة الفلسطينية هناك. لن نستبدل بنظام يريد تدميرنا، آخر يريد القيام بذلك».

لكن عائلات الأسرى الإسرائيليين، رفضت في بيان صحافي الاثنين، مسار نتنياهو الذي وصل إلى ذروته برفض المقترح، مع استمرار العد التنازلي لزيارة ترمب للسعودية، وقطر، والإمارات، في الفترة من 13 إلى 16 مايو (أيار) المقبل، حسب إعلان البيت الأبيض أخيراً، وقالت العائلات: «نطالب بإعادة المخطوفين دفعة واحدة وإنهاء الحرب، وندعو للتظاهر مساء الأربعاء في تل أبيب للمطالبة بإعادة المخطوفين».

وكان مصدر مطلع بـ«حماس» كشف لـ«الشرق الأوسط»، الأحد، أن الحركة «قدمت عبر الوسيط المصري، خلال لقاء السبت، رؤيتها الشاملة لإنهاء الحرب»، متضمنة مبادرة متكاملة تنص على «تنفيذ صفقة تبادل تشمل جميع الأسرى الإسرائيليين مقابل وقف العدوان، وانسحاب قوات الاحتلال من قطاع غزة، وتأمين الإغاثة العاجلة للشعب الفلسطيني، والقبول بهدنة طويلة الأمد تتراوح بين 5 إلى 7 سنوات».

وتتضمن الرؤية «الالتزام بالرؤية المصرية لإدارة قطاع غزة من خلال (لجنة إسناد مجتمعي)، مع تأكيد (حماس) عدم مشاركتها في هذه الإدارة ودعم جهود إعادة الإعمار، وتقديم ضمانات واضحة وقابلة للتنفيذ، بما يسهّل تطبيق الاتفاق»، بحسب المصدر المطلع.

وجاءت زيارة «حماس» إلى القاهرة للمرة الثانية خلال أسبوع، بعد أيام من زيارة لتركيا ولقاء وزير الخارجية التركي، وتلاه تأكيد مصدرين من الحركة لـ«الشرق الأوسط»، وقتها، أن الحركة تريد دعماً من تركيا، لنقل رؤيتها إلى إدارة ترمب بشأن «الصفقة الشاملة» في ظل «العلاقات الجيدة بينهما».

الخبير المختص في الأمن الإقليمي والدولي اللواء أحمد الشحات، يرى أن ما يصدر عن إسرائيل هو إصرار على استمرار الحرب والتوسع في احتلال غزة، ومحاولة لإفشال ضغوط الوسطاء التي تتواصل، ومحاولة لـ«استفزاز حماس» للتعنت وتحميلها أمام ترمب فشل أي مفاوضات.

وبرأي المحلل السياسي الفلسطيني في الشأن الإسرائيلي، نهرو جمهور، فإن تهديدات نتنياهو والتسريبات الإسرائيلية محاولة لإعاقة جهود الوسطاء والإبقاء على الحرب ولو لمائة عام، بهدف منع أي اتفاق شامل قد يجعل رئيس وزراء إسرائيل في مواجهة مساءلات داخلية تهدد بقاءه السياسي، مشيراً إلى أنه يدرك أن صفقة الـ5 سنوات كفيلة بأن تزيله هو شخصياً، وتجعله تحت المساءلة، وبالتالي يرفضها كلياً، وقد يرغب في اتفاق مرحلي للتهدئة دون التزام بوقف إطلاق النار استجابة لترمب قبل زيارته المنطقة.

في المقابل، لا يزال الوسطاء يتمسكون بممارسة مزيد من الضغوط وسط دعم دولي يتوسع لدعم ذلك المسار، وقال رئيس الوزراء القطري ووزير الخارجية الشيخ محمد بن عبد الرحمن آل ثاني، في كلمة بمؤتمر بالدوحة الاثنين، إن قطر ستواصل بالشراكة مع مصر والولايات المتحدة والشركاء الإقليميين جهودها الحثيثة للتوصل إلى وقف دائم وشامل لإطلاق النار في غزة، وتأمين تدفق المساعدات دون عوائق إلى القطاع.

وبالتزامن، دعت الحكومة الفرنسية نظيرتها في إسرائيل، إلى وقف «المذبحة» التي تجري في غزة، وأكدت «الخارجية» البريطانية أنه سيتم توقيع مذكرة تفاهم «تاريخية» مع الجانب الفلسطيني، تُكرّس الالتزام بتعزيز الدولة الفلسطينية في إطار حل الدولتين، بحسب وسائل إعلام غربية.

وانهار اتفاق لوقف إطلاق النار في 18 مارس (آذار) الماضي، عندما استأنفت إسرائيل قصف غزة، ورفضت دخول المرحلة الثانية الممهدة لإنهاء الحرب، ولم تنجح مقترحات مصرية وإسرائيلية وأميركية في مارس الماضي، وأوائل أبريل (نيسان) الحالي، في حلحلة الأزمة، بخلاف رفض «حماس» في 17 أبريل الحالي، اقتراحاً إسرائيلياً يتضمَّن هدنةً لمدة 45 يوماً، في مقابل الإفراج عن 10 رهائن أحياء.

ويرى اللواء الشحات أن الوسطاء يحاولون حشد المجتمع الدولي والإقليمي، ويحثون واشنطن للضغط على إسرائيل في بند الملف الإنساني لترجمته لهدنة إنسانية في أقرب وقت، مع كبح جماحها في الحرب وتقديم مقترحات توافقية تستغل زيارة ترمب للمنطقة، ورغبته في تحقيق نصر سياسي له بالضغط على نتنياهو للذهاب لاتفاق مرحلي، متضمناً بحث إنهاء الحرب، مؤكداً أن الأخير وصل بهذا الرفض إلى الذروة، وقد يسفر عنه تدخل ترمب ليعلن أنه صاحب تحقيق الهدنة.

وبحسب نهرو جمهور، فإن الوسطاء سيواصلون الضغط لإقناع الطرف الفلسطيني بإبرام اتفاقات مرحلية تمهد لاتفاق شامل، وكذلك بالضغط على الجانب الأميركي لتحجيم رغبات نتنياهو في استمرار الحرب، معتقداً أن واشنطن ليست لديها رغبة في استمرار الصراع لما لا نهاية، وقد تنتصر للمعارضة الإسرائيلية بترتيبات جديدة بالمنطقة؛ منها اتفاق شامل لو استمر تعنت نتنياهو، أو إجباره على اتفاق ولو بشكل مرحلي.