الحكومة اللبنانية تحت ضغط إقرار الموازنة قبل الانتخابات

تأخيرها يترك تداعيات سلبية على مؤتمر باريس - 4

TT

الحكومة اللبنانية تحت ضغط إقرار الموازنة قبل الانتخابات

دخلت الحكومة اللبنانية في سباق مع المهل الضيقة، لإقرار مشروع الموازنة العامة للعام 2018، وإحالته على المجلس النيابي لمناقشته وصدوره بقانون قبل موعد الانتخابات البرلمانية المقررة في السادس من مايو (أيار) المقبل، وسط تحذير خبراء اقتصاديين من ترحيل الموازنة إلى الحكومة الجديدة التي ستنبثق عن الانتخابات، مع ما يعنيه ذلك من خطر العودة إلى دوامة تعثّر إقرار الموازنات بفعل الخلافات السياسية، وتقاذف أطراف السلطة كرة مسؤولية التقصير في إنجاز هذا القانون المهمّ.
وتتهيّب القوى الممثلة في الحكومة خطورة تأخير إقرار الموازنة على الوضع الاقتصادي والمالي، وتدرك أنها واقعة تحت مجهر المجتمع الدولي، الذي لا ينفكّ عن المطالبة بإقرار موازنات تتضمن رزمة من الإصلاحات المالية، التي تسدّ مزاريب الهدر وتخفّض سقف الأنفاق، وتحفّز على الجباية لتعزيز إيرادات الدولة.
وتوقّع وزير الاقتصاد والتجارة رائد خوري في تصريح لـ«الشرق الأوسط»، أن «يُدرج مشروع الموازنة على جدول أعمال الحكومة في وقت قريب جداً»، مبدياً تفاؤله بالأجواء الإيجابية التي انتهى إليها لقاء بعبدا الأخير، الذي جمع رؤساء الجمهورية ميشال عون، ومجلس النواب نبيه بري، والحكومة سعد الحريري، والذي تطرق إلى ضرورة الإسراع في إقرار الموازنة، معترفاً بأن الحكومة «تأخرت في إقرار الموازنة، وكان يفترض أن يصدر بقانون عن مجلس النواب قبل نهاية السنة الماضية».
بدوره، أوضح الخبير المالي والاقتصادي وليد أبو سليمان، أن إقرار الموازنة «تخطّى المهل الدستورية، وأعاد الوضع إلى دوامة الصرف وفق القاعدة الاثني عشرية». وقال لـ«الشرق الأوسط»: «أصبحنا على أبواب الانتخابات، والمؤسف أن اتفاقات الأقطاب السياسية باتت تطغى على عمل المؤسسات الدستورية، ونأمل أن يكون اللقاء الذي جمع الرؤساء الثلاثة في بعبدا، أعطى دفعاً لإقرار مشروع الموازنة من قبل الحكومة». ونبّه أبو سليمان إلى أنه «حتى لو أقرّت الحكومة مشروع الموازنة اليوم وأحالته إلى المجلس النيابي، فإن هذا المشروع يحتاج بالحدّ الأدنى إلى شهرين من المناقشات وإدخال التعديلات عليه، قبل إحالته على الهيئة العامة لإقراره».
وينتاب اللبنانيين قلقٌ كبير من الدخول مجدداً في نفق العجز عن إقرار الموازنات العامة، كما حصل على مدى 12 عاماً (ما بين 2005 و2017)، والذي ترك آثاراً سلبية جداً على المالية العامة، لكنّ وزير الاقتصاد رائد خوري أكد أن «لا مفرّ من تقديم الموازنة إلى المجلس النيابي قبل موعد الانتخابات، وأن تكون موازنة مدروسة وتتضمن بنوداً إصلاحية، لأن المجتمع الدولي يراقب وينتظر هذه الإصلاحات، لتقديمها في مؤتمر باريس - 4 لدعم لبنان، المزمع عقده في العاصمة الفرنسية خلال الأشهر القليلة المقبلة». وأوضح أن وزير المال علي حسن خليل «اقترب من إنجاز مشروع الموازنة، وهو يجري بعض نقاشات أخيرة مع بعض الوزارات ليحيله إلى مجلس الوزراء».
وجدد رئيس مجلس النواب نبيه بري التأكيد على «الإسراع في درس وإقرار الموازنة في مجلس الوزراء، لكي يتمكن المجلس النيابي الحالي من إقرارها قبل الانصراف إلى التحضيرات الانتخابية». وقال: «نخشى أن يطول الوقت حتى تستحق ميزانية الـ2019، فلا نريد أن نعود إلى الدوامة القديمة».
وفيما تتقاطع مواقف القوى السياسية كافة، عند أهمية الانتهاء من الموازنة في أسرع وقت ممكن، فإنها لا تقدّم الأسباب الموجبة لتأخيرها حتى الآن، وإذ تحدث الخبير الاقتصادي وليد أبو سليمان عن صعوبة إنجاز قانون الموازنة خلال شهرين، حذّر من أن «تأجيلها إلى ما بعد الانتخابات يدخل البلد في المحظور، لأن الحكومة الحالية تصبح حكومة تصريف أعمال بعد الانتخابات، ولا يحق لها المثول أمام البرلمان»، ورأى أن «انتظار الحكومة الجديدة يُدخل الموازنة في متاهات، لأن تأليف الحكومات في لبنان يحتاج إلى وقت طويل، وحينها تصبح إمكانية إقرارها هذا العام ضعيفة جداً».
وكان رئيس الحكومة سعد الحريري، أصدر قبل شهر تعميماً إلى كافة الوزارات والإدارات الرسمية، وطلب منها خفض الإنفاق فيها بنسبة 20 في المائة، وذلك بهدف تحقيق وفر للخزينة، وتقديم هذا الوفر كأحد البنود الإصلاحية في مؤتمر باريس - 4، الذي ستقدّم خلاله الحكومة مشروعاً تنموياً بقيمة 16 مليار دولار تصرف على مدى 10 أعوام، لتطوير البنى التحتية والمؤسسات الخدماتية، وتحقيق النمو الاقتصادي، وفرص العمل المطلوبة للبنانيين.



مصر تؤكد تمسكها باحترام سيادة الصومال ووحدة وسلامة أراضيه

الرئيس التركي رجب طيب إردوغان متوسطاً الرئيس الصومالي حسن شيخ محمود ورئيس الوزراء الإثيوبي آبي أحمد في أنقرة بعيد انتهاء المحادثات (رويترز)
الرئيس التركي رجب طيب إردوغان متوسطاً الرئيس الصومالي حسن شيخ محمود ورئيس الوزراء الإثيوبي آبي أحمد في أنقرة بعيد انتهاء المحادثات (رويترز)
TT

مصر تؤكد تمسكها باحترام سيادة الصومال ووحدة وسلامة أراضيه

الرئيس التركي رجب طيب إردوغان متوسطاً الرئيس الصومالي حسن شيخ محمود ورئيس الوزراء الإثيوبي آبي أحمد في أنقرة بعيد انتهاء المحادثات (رويترز)
الرئيس التركي رجب طيب إردوغان متوسطاً الرئيس الصومالي حسن شيخ محمود ورئيس الوزراء الإثيوبي آبي أحمد في أنقرة بعيد انتهاء المحادثات (رويترز)

قالت وزارة الخارجية المصرية، في بيان اليوم (الأحد)، إن الوزير بدر عبد العاطي تلقّى اتصالاً هاتفياً من نظيره الصومالي أحمد معلم فقي؛ لإطلاعه على نتائج القمة الثلاثية التي عُقدت مؤخراً في العاصمة التركية، أنقرة، بين الصومال وإثيوبيا وتركيا؛ لحل نزاع بين مقديشو وأديس أبابا.

ووفقاً لـ«رويترز»، جاء الاتصال، الذي جرى مساء أمس (السبت)، بعد أيام من إعلان مقديشو وإثيوبيا أنهما ستعملان معاً لحل نزاع حول خطة أديس أبابا لبناء ميناء في منطقة أرض الصومال الانفصالية، التي استقطبت قوى إقليمية وهدَّدت بزيادة زعزعة استقرار منطقة القرن الأفريقي.

وجاء في بيان وزارة الخارجية المصرية: «أكد السيد وزير خارجية الصومال على تمسُّك بلاده باحترام السيادة الصومالية ووحدة وسلامة أراضيها، وهو ما أمَّن عليه الوزير عبد العاطي مؤكداً على دعم مصر الكامل للحكومة الفيدرالية (الاتحادية) في الصومال الشقيق، وفي مكافحة الإرهاب وتحقيق الأمن والاستقرار».

وقال زعيما الصومال وإثيوبيا إنهما اتفقا على إيجاد ترتيبات تجارية للسماح لإثيوبيا، التي لا تطل على أي مسطح مائي، «بالوصول الموثوق والآمن والمستدام من وإلى البحر» بعد محادثات عُقدت يوم الأربعاء، بوساطة الرئيس التركي رجب طيب إردوغان.

وهذا الاجتماع هو الأول منذ يناير (كانون الثاني) عندما قالت إثيوبيا إنها ستؤجر ميناء في منطقة أرض الصومال الانفصالية بشمال الصومال مقابل الاعتراف باستقلال المنطقة.

ورفضت مقديشو الاتفاق، وهدَّدت بطرد القوات الإثيوبية المتمركزة في الصومال لمحاربة المتشددين الإسلاميين.

ويعارض الصومال الاعتراف الدولي بأرض الصومال ذاتية الحكم، والتي تتمتع بسلام واستقرار نسبيَّين منذ إعلانها الاستقلال في عام 1991.

وأدى الخلاف إلى تقارب بين الصومال ومصر، التي يوجد خلافٌ بينها وبين إثيوبيا منذ سنوات حول بناء أديس أبابا سداً مائيّاً ضخماً على نهر النيل، وإريتريا، وهي دولة أخرى من خصوم إثيوبيا القدامى.

وتتمتع تركيا بعلاقات وثيقة مع كل من إثيوبيا والصومال، حيث تُدرِّب قوات الأمن الصومالية، وتُقدِّم مساعدةً إنمائيةً مقابل موطئ قدم على طريق شحن عالمي رئيسي.

وأعلنت مصر وإريتريا والصومال، في بيان مشترك، في أكتوبر (تشرين الأول) أن رؤساء البلاد الثلاثة اتفقوا على تعزيز التعاون من أجل «تمكين الجيش الفيدرالي الصومالي الوطني من التصدي للإرهاب بصوره كافة، وحماية حدوده البرية والبحرية»، وذلك في خطوة من شأنها فيما يبدو زيادة عزلة إثيوبيا في المنطقة.

وذكر بيان وزارة الخارجية المصرية، اليوم (الأحد)، أن الاتصال بين الوزيرين تطرَّق أيضاً إلى متابعة نتائج القمة الثلاثية التي عُقدت في أسمرة في العاشر من أكتوبر.

وأضاف: «اتفق الوزيران على مواصلة التنسيق المشترك، والتحضير لعقد الاجتماع الوزاري الثلاثي بين وزراء خارجية مصر والصومال وإريتريا؛ تنفيذاً لتوجيهات القيادات السياسية في الدول الثلاث؛ لدعم التنسيق والتشاور بشأن القضايا الإقليمية ذات الاهتمام المشترك».

وفي سبتمبر (أيلول)، قال مسؤولون عسكريون واثنان من عمال المواني في الصومال إن سفينةً حربيةً مصريةً سلَّمت شحنةً كبيرةً ثانيةً من الأسلحة إلى مقديشو، تضمَّنت مدافع مضادة للطائرات، وأسلحة مدفعية، في خطوة من المرجح أن تفاقم التوتر بين البلدين من جانب، وإثيوبيا من جانب آخر.

وأرسلت القاهرة طائرات عدة محملة بالأسلحة إلى مقديشو بعد أن وقَّع البلدان اتفاقيةً أمنيةً مشتركةً في أغسطس (آب).

وقد يمثل الاتفاق الأمني مصدر إزعاج لأديس أبابا التي لديها آلاف الجنود في الصومال، يشاركون في مواجهة متشددين على صلة بتنظيم «القاعدة».