رواية جديدة لعلاء الأسواني تصدر اليوم في بيروت

رواية جديدة لعلاء الأسواني تصدر اليوم في بيروت
TT

رواية جديدة لعلاء الأسواني تصدر اليوم في بيروت

رواية جديدة لعلاء الأسواني تصدر اليوم في بيروت

تثير رواية علاء الأسواني الجديدة «جمهورية كأن» التي أعلن على حسابه على «تويتر» أنها ستصدر في الحادي عشر من الشهر الحالي، أي اليوم، ردود فعل متباينة حتى قبل قراءتها. فالقراء المتابعون، باتوا يعرفون أجواء الرواية وتوجهات صاحبها. فبينما يشيد البعض به ويستعجل الاطلاع على المحتوى كاملاً، هناك من يهاجمه إلى درجة الشتيمة. وفي كل الأحوال، فإن الرواية تصدر في لبنان عن «دار الآداب»، لا في مصر، بعد أن اعتذرت أكثر من «دار نشر» في القاهرة عن عدم طباعتها، بينما أخذت «دار الآداب» المغامرة على عاتقها.
فهل لا تزال الروايات والنصوص الأدبية عموماً، قادرة على أن تثير الجدل وتحمس القراء، معها أو ضدها؟ وهل يكون علاء الأسواني استثناءً، بسبب دوره في أثناء ثورة 25 يناير، خصوصاً أن الرواية حول موضوع الثورة تحديداً، وهي تميل إلى المباشرة والتعيين؟
رفضت صاحبة «دار الآداب» رنا إدريس، التكلم عن الرواية التي تم الحديث كثيراً عن محتواها خصوصاً أنها تحمل اسم مقالة نشرها علاء الأسواني عام 2014 بالتزامن مع بدء كتابة الرواية، عنوانها «تسقط جمهورية كأن»، شن فيها حملة على النظام والإخوان المسلمين، ويعتبر أن الثورة ماضية وأنها لأهلها. ويقول في المقالة: «صاحب الثورة هو الشعب المصري وحده، وهو لن يهدأ حتى يحقق أهداف الثورة بالكامل. ها هي موجة الإضرابات تعمّ مصر كلها. هؤلاء المضربون هم صناع الثورة الحقيقيون، وهم يطالبون الآن بحقوقهم التي ثاروا من أجلها. الثورة مستمرة ومنتصرة لأنها تنتمي إلى المستقبل، وأعداؤها يعيشون في الماضي... مَن يستطيع أن يُوقف المستقبل؟!».
وكل ما صرحت به ناشرة الكتاب لـ«الشرق الأوسط» عند سؤالها عن «جمهورية كأن» هو أنها لن توزَّع في مصر، دون أن تعطي أي تفسير، أو إذا كانت قد طلبت لها إذناً بالتوزيع ورُفض. لكن الظريف في الأمر، أن «دار نيل وفرات» التي تبيع الكتب عبر الإنترنت، دخلت بشكل مكثف إلى صفحة علاء الأسواني على «تويتر»، لتحث كل من يسأل إذا كان الكتاب سيوزَّع في مصر أو بلد آخر، على مراسلتها وشرائه على الإنترنت إذا لم يتم العثور عليه في أحد البلدان، لأنها توزِّع في كل دول العالم. ويقوم الأسواني بإعادة التغريد لمساعدة القراء. وبينما يستعد البعض للعرض، يعترض البعض الآخر على السعر المرتفع الذي يبلغ 18 دولاراً، ويحث القراصنة على الإسراع في النسخ والنشر لتوفير النص بالمجان. وجاء في توصيف الكتاب على الغلاف: «عن القاهرة ويناير – عن مازن وأسماء واللواء علواني والشيخ شامل وكثيرين آخرين من الشخصيَّات التي شكَّلت فسيفساء الثورة. رواية صادمة ومرعبة ومشوِّقة عن إحباط الثورة عبر التحالف الغاشم للخطاب الديني والسلطوي والإعلاميّ». «جمهوريَّة كأن»، بقلم علاء الأسواني، قد يكون لها الوقع الكابوسي نفسه الذي أحدثته رواية أورويل «1984».
ومعلوم أن رواية جورج أورويل تدور أحداثها في إيرستريب، ضمن بريطانيا العظمى سابقاً، في عالم ديكتاتوري مليء بالحروب والرقابة والطبقية، والظلم السياسي والتلاعب بالرأي العام. وصدرت رواية أورويل عام 1948 ثم تُرجمت بعدها إلى 65 لغة في العالم. وذلك ليس فقط لنقدها الطغيان والديكتاتورية ولكن أيضاً لقيمتها الأدبية.
فهل سيكون لـ«جمهورية كأن» هذا الموقع الأدبي مستقبلاً، أم كل الأمر هو قراءة كل طرف لما يريد أن يسمعه عن الآخر، في هذه الرواية التي استغرقت كتابتها 3 سنوات قبل أن تبصر النور؟
كان العمل الروائي الأخير للأسواني عام 2012 قد صدر بعنوان «نادي السيارات»، ولم يجد الصدى الكبير الذي تمتع به سابقاه «عمارة يعقوبيان» و«شيكاغو». ولا يُعرف إن كان توقيت صدور الرواية، اليوم، 11 فبراير (شباط)، حيث يتزامن مع الذكرى السابعة لتنحي الرئيس الأسبق حسني مبارك، مجرد مصادفة أو موعد مقصود ما دامت الرواية سياسية، وأن علاء الأسواني قرر أن يكون مباشراً.


مقالات ذات صلة

ثقافة وفنون «أمومة مُتعددة» في مواجهة المؤسسة الذكورية

«أمومة مُتعددة» في مواجهة المؤسسة الذكورية

في كتابها «رحِم العالم... أمومة عابرة للحدود» تزيح الكاتبة والناقدة المصرية الدكتورة شيرين أبو النجا المُسلمات المُرتبطة بخطاب الأمومة والمتن الثقافي الراسخ

منى أبو النصر (القاهرة)
تكنولوجيا شركات الذكاء الاصطناعي تتفق مع دور النشر بما يتيح لهذه الشركات استخدام الأعمال المنشورة لتدريب نماذجها القائمة على الذكاء الاصطناعي التوليدي (رويترز)

شركات الذكاء الاصطناعي التوليدي تلجأ إلى الكتب لتطوّر برامجها

مع ازدياد احتياجات الذكاء الاصطناعي التوليدي، بدأت أوساط قطاع النشر هي الأخرى في التفاوض مع المنصات التي توفر هذه التقنية سعياً إلى حماية حقوق المؤلفين.

«الشرق الأوسط» (باريس)
يوميات الشرق كاميلا ملكة بريطانيا تحصل على الدكتوراه الفخرية في الأدب بحضور الأميرة آن (رويترز)

قدمتها لها الأميرة آن... الملكة كاميلا تحصل على دكتوراه فخرية في الأدب

حصلت الملكة البريطانية كاميلا، زوجة الملك تشارلز، على الدكتوراه الفخرية؛ تقديراً لـ«مهمتها الشخصية» في تعزيز محو الأمية.

«الشرق الأوسط» (لندن)
كتب سوزان بلاكمور وابنتها أميلي تروسيانكو  أثناء حفل توقيع كتاب "الوعي: مقدمة"

الشبحُ في الآلة

شغل موضوع أصل الأشياء The Origin مكانة مركزية في التفكير البشري منذ أن عرف البشر قيمة التفلسف والتفكّر في الكينونة الوجودية.

لطفية الدليمي

ماجان القديمة ...أسرارٌ ورجلٌ عظيم

قطعتان ذهبيتان وقطعة نحاسية مصدرها موقع تل أبرق في الإمارات العربية
قطعتان ذهبيتان وقطعة نحاسية مصدرها موقع تل أبرق في الإمارات العربية
TT

ماجان القديمة ...أسرارٌ ورجلٌ عظيم

قطعتان ذهبيتان وقطعة نحاسية مصدرها موقع تل أبرق في الإمارات العربية
قطعتان ذهبيتان وقطعة نحاسية مصدرها موقع تل أبرق في الإمارات العربية

كشفت أعمال المسح المتواصلة في الإمارات العربية المتحدة عن مواقع أثرية موغلة في القدم، منها موقع تل أبرق التابع لإمارة أم القيوين. يحوي هذا التل حصناً يضمّ سلسلة مبانٍ ذات غرف متعددة الأحجام، يجاوره مدفن دائري جماعي كبير. وتُظهر الدراسات أن هذه المنشآت تعود إلى فترة تمتد من الألف الثالث إلى منتصف الألف الثاني قبل الميلاد، وترتبط بمملكة عُرفت في تراث بلاد الرافدين باسم ماجان. خرجت من هذا التل مجموعة من اللقى تشهد لتعدّدية كبيرة في الأساليب، وضمَّت هذه المجموعة بضع قطع ذهبية، منها قطعة منمنمة على شكل كبش، وقطعة مشابهة على شكل وعلَين متجاورين.

يقع تل أبرق عند الخط الحدودي الفاصل بين إمارة أم القيوين وإمارة الشارقة، حيث يجاور الطريق الرئيسي المؤدي إلى إمارة رأس الخيمة. شرعت بعثة عراقية باستكشاف هذا الموقع في عام 1973، وبعد سنوات، عُهد إلى بعثة دنماركية تابعة لجامعة كوبنهاغن بإجراء أعمال المسح والتنقيب فيه، فأجرت تحت إدارة العالِم دانيال بوتس خمس حملات بين عامَي 1989 و1998. خرج تل أبرق من الظلمة إلى النور إثر هذه الحملات، وعمد فريق من الباحثين التابعين لكلية برين ماور الأميركية وجامعة توبنغن الألمانية على دراسة مكتشفاتها في 2007. تواصلت أعمال التنقيب في السنوات التالية، وأشرفت عليها بشكل خاص بعثة إيطالية تعمل في إمارة أم القيوين منذ مطلع 2019.

استعاد دانيال بوتس فصول استكشاف هذا الموقع في كتاب صدر عام 1999 تحت عنوان «ماجان القديمة... أسرار تل أبرق». زار الباحث تل أبرق للمرة الأولى في 1986، يوم كان يقود أعمال التنقيب في مواقع مجاورة، وزاره ثانية بعد عامين، بحثاً عن مؤشرات أثرية خاصة تتعلّق بالأبحاث التي كان يقودها، وكان يومها يعتقد أن تاريخ هذا التل يعود إلى مطلع الألف الأول قبل الميلاد، ثم عهد إلى العالِمة الدنماركية آن ماري مورتنسن بمشاركته في استكشاف هذا الموقع، وتبيّن له سريعاً أن الأواني التي كشفت عنها أعمال المسح الأولى تعود إلى القرون الثلاثة الأولى قبل الميلاد بشكل مؤكّد. إثر هذا الاكتشاف، تحوّل موقع تل أبرق إلى موقع رئيسي في خريطة المواقع الأثرية التي ظهرت تباعاً في الأراضي التابعة للإمارات العربية المتحدة، وتوّلت البعثة الدنماركية مهمة إجراء أعمال المسح المعمّق فيه خلال خمسة مواسم متتالية.

حمل عنوان كتاب دانيال بوتس اسم «ماجان القديمة»، وهو اسم تردّد في تراث بلاد الرافدين، ويمثّل جزءاً من شبه جزيرة عُمان كما تُجمع الدراسات المعاصرة. يذكر قصي منصور التركي هذا الاسم في كتابه «الصلات الحضارية بين العراق والخليج العربي»، ويقول في تعريفه به: «تعدّدت الإشارات النصية المسمارية عن المنطقة التي عُرفت باسم ماجان، وهي أرض لها ملكها وحاكمها الخاص، أي إنها تمثّل تنظيماً سياسياً، جعل ملوك أكد يتفاخرون بالانتصار عليها واحداً تلو الآخر». عُرف ملك ماجان بأقدم لقب عند السومريين وهو «إين» أي «السيد»، كما عُرف بلقب «لوجال»، ومعناه «الرجل العظيم». واشتهرت ماجان بالمعادن والأحجار، وشكّلت «مملكة ذات شأن كبير، لها ملكها واقتصادها القوي»، ودلَّت الأبحاث الحديثة على أن مستوطنات هذه المملكة، «بما فيها الإمارات العربية وشبه جزيرة عُمان الحالية، كانت لها قاعدة زراعية، ولكي تجري حماية استثماراتهم هذه شعر المستوطنون بضرورة بناء التحصينات الدفاعية الممكنة لقراهم، حيث احتوت كل قرية أو مدينة صغيرة على أبراج مرتفعة، بمنزلة حصن مغلق واسع، يتفاوت ارتفاعاً ومساحةً بين مدينة وأخرى». يُمثّل تل أبرق حصناً من هذه الحصون، ويُشابه في تكوينه قلعة نزوى في سلطنة عُمان، وموقع هيلي في إمارة أبو ظبي.

يتوقّف دانيال بوتس أمام اكتشافه قطعةً ذهبيةً منمنمةً على شكل كبش في مدفن تل أبرق، ويعبّر عن سعادته البالغة بهذا الاكتشاف الذي تلاه اكتشاف آخر هو كناية عن قطعة مشابهة تمثّل كما يبدو وعلَين متجاورين. وتحمل كلٌّ من هاتين القطعتين ثقباً يشير إلى أنها شُكّلت جزءاً من حليٍّ جنائزية. إلى جانب هاتين الحليتين الذهبيتين، تحضر حلقة على شكل خاتم، وقطعة على شكل ورقة نباتية مجرّدة، إضافةً إلى زر صغير، وتُكوّن هذه القطع معاً مجموعة ذهبية صغيرة تجذب ببيرقها كما بصناعتها المتقنة. يحضر الكبش في وضعية جانبية، ويتميّز بطابع تجسيمي دقيق، يتجلى في جانبيه. في المقابل، يحضر الوعلان متقابلين بشكل معاكس، أي الذيل في مواجهة الذيل، ويتميّزان كذلك بحذاقة في التنفيذ تظهر في صياغة أدّق تفاصيل ملامح كل منهما.

يذكر احد النقوش أن «لوجال ماجان»، أي عظيم ماجان، أرسل ذهباً إلى شولكي، ثاني ملوك سلالة أور الثالثة الذي حكم من 2049 إلى 2047 قبل الميلاد. ويربط دانيال بوتس بين قطع تل أبرق الذهبية وبين هذا الذهب، مستنداً إلى هذه الشهادة الأدبية، ويجعل من هذه القطع قطعاً ملكية ماجانية. في الخلاصة، يبرز كبش تل أبرق ووعلاه بأسلوبهما الفني الرفيع، ويشكّلان قطعتين لا نرى ما يماثلهما في ميراث مكتشفات تل أبرق الذي ضمّ مجموعة من البقايا الحيوانية، تُعد الأكبر في شبه الجزيرة العربية.

من هذا الموقع كذلك، عثرت البعثة الإيطالية في عام 2021 على مجموعة من اللقى، منها تمثال نحاسي صغير على شكل وعل، يبلغ طوله 8.4 سنتيمتر. يعود هذا التمثال إلى فترة زمنية مغايرة تمتدّ من القرن الثالث قبل الميلاد إلى القرن الثالث الميلادي، ويتميّز بطابعه الواقعي الذي يعكس أثراً هلنستياً واضحاً. يماثل هذا التمثال مجموعة كبيرة من القطع مصدرها جنوب الجزيرة العربية، كما يماثل قطعاً معدنية عُثر عليها في قرية الفاو، في الربع الخالي من المملكة السعودية.