العراق يحدد أولوياته في مؤتمر المانحين بالكويت

واشنطن لن تعلن أي مساهمة مالية خلال الاجتماعات

لوحة ترحيبية بالمشاركين في مؤتمر المانحين المخصص للعراق في الكويت (أ.ف.ب)
لوحة ترحيبية بالمشاركين في مؤتمر المانحين المخصص للعراق في الكويت (أ.ف.ب)
TT

العراق يحدد أولوياته في مؤتمر المانحين بالكويت

لوحة ترحيبية بالمشاركين في مؤتمر المانحين المخصص للعراق في الكويت (أ.ف.ب)
لوحة ترحيبية بالمشاركين في مؤتمر المانحين المخصص للعراق في الكويت (أ.ف.ب)

حدد العراق الأولويات التي يعول عليها في مؤتمر الكويت للمانحين الذي من المنتظر أن ينطلق الاثنين المقبل ويستمر ثلاثة أيام. وقال بيان للأمانة العامة لمجلس الوزراء إن «أجندة المؤتمر التي سيحملها وفد العراق الرسمي الذي يضم عدداً من الوزراء والمسؤولين في الجهات ذات العلاقة من الحكومة الاتحادية وإقليم كردستان، بالإضافة إلى محافظي المحافظات كافة، ستتضمن ثلاثة محاور أساسية (إعادة الإعمار، الاستثمار ودعم الاستقرار والتعايش السلمي)».
وأضاف البيان أن «الحكومة اعتمدت في محاورها المذكورة على مجموعة من الدراسات وزعت على الأيام الثلاث، حيث سيتناول اليوم الأول مناقشة دراسة مسح الأضرار والاحتياجات، فضلاً عن مشروعات دعم الاستقرار والمصالحة المجتمعية والتعايش السلمي، في حين سيتناول اليوم الثاني مناقشة دراسة أخرى تبين الإجراءات الخاصة بتهيئة البيئة المناسبة للاستثمار، وتضمنت عرض 212 مشروعاً استثمارياً لجميع قطاعات الاقتصاد العراقي بما فيها مشروعات في إقليم كردستان والتي سيعلن عنها خلال اليوم الثاني للمؤتمر بعنوان (استثمر في العراق)».
وأشار البيان إلى أن اليوم الختامي للمؤتمر الذي سيرعاه كل من أمير دولة الكويت، ورئيس مجلس الوزراء حيدر العبادي بحضور الأمين العام للأمم المتحدة، ورئيس البنك الدولي ومنسق الاتحاد الأوروبي سيخصص للإعلان عن الدعم الذي ستقدمه الدول المشاركة إلى العراق.
في هذا السياق، أكد الدكتور مظهر محمد صالح، المستشار الاقتصادي لرئيس الوزراء العراقي، في تصريح لـ«الشرق الأوسط» إن «أبرز المحاور التي سيناقشها المؤتمر هي ثلاثة، الأول يتعلق بالمناطق المحررة المدمرة، حيث حدد العراق الحاجة إلى إعادة إعمارها على مدى السنوات المقبلة إلى نحو 100 مليار دولار من خلال منح وقروض ميسرة». وأضاف صالح «أما الثاني فيتعلق بتشجيع الاستثمار، حيث يوجد ما بين 160 إلى 250 مشروعاً استثمارياً استراتيجياً، بينما الثالث هو إعادة الاستقرار، وهو أمر يتطلب سرعة لأنه يتعلق بالمناطق التي تم تحريرها لكن بيئتها غير صالحة للسكن وتحتاج إلى أموال كافية لبعث الحياة فيها». ورداً على سؤال عما إذا كان العراق يعول على المؤتمر، قال صالح إن «العراق حدد احتياجاته وبلغة الأرقام، وتبقى الكرة في ملعب المجتمع الدولي».
إلى ذلك، قال مسؤولون أميركيون وغربيون إن الولايات المتحدة لا تعتزم المساهمة بأي أموال في المؤتمر في خطوة يقول محللون إنها قد تمثل ضربة جديدة لمكانة واشنطن على الساحة الدولية. ونقلت وكالة «رويترز» عن مسؤول أميركي قوله أول من أمس: «لا نعتزم إعلان أي شيء». لكن المسؤول أضاف أن وزير الخارجية ريكس تيلرسون ربما يقرر إعلان مساهمة أميركية قبيل المؤتمر. وقوبلت تركيبة الوفد العراقي إلى المؤتمر بانتقادات. وفي هذا السياق، من جهته، قال الخبير الاقتصادي العراقي باسم جميل إنطون لـ«الشرق الأوسط» إن نواباً وناشطين مدنيين وجهوا انتقادات حادة للوفد الحكومي العراقي الذي ضم عدداً كبيراً من الأشخاص لا علاقة لهم بالمؤتمر ولا أهمية لوجودهم. وأضاف أنه «يتعين على العراق الذهاب إلى هذا المؤتمر بملف اقتصادي بحت وبلغة الأرقام والوقائع وليس بخطاب إنشائي». وأوضح إنطون أنه «في الوقت الذي تبدي فيه الجهات الرسمية العراقية تفاؤلاً وتبني أملاً على المؤتمر، فإن من غير المتوقع أن تكون المنح سخية من منطلق أن العراق بلد غني لا يحتاج إلى أموال بقدر ما يحتاج إلى إدارة حكم رشيدة، فضلاً عن تضخم ملف الفساد وعدم قدرة الجهات الرسمية على الحد منه رغم كل ما يقال، غير أن هناك مسألة أساسية سوف تكون حاضرة في هذا المؤتمر، وهي أن هناك حرصاً من دول كثيرة إقليمية وعالمية على دعم العبادي، وكذلك ملء الفراغ الذي يمكن أن تستثمره إيران لصالحها من خلال تحجيمها بما يؤدي إلى إعادة إعمار العراق». من جهتها، قالت رحاب العبودة، عضو البرلمان العراقي عن ائتلاف دولة القانون لـ«الشرق الأوسط» إن «القوائم التي وزعت بشأن الوفد العراقي الذي هو في حقيقة الأمر وفود لا وفد واحد يعطي الانطباع إن هناك من يبحث عن فرص شخصية له يمكن تخدم مصالحه لا فرص حقيقية للبلد». وأضافت إن «مؤتمراً كهذا يفترض أن يناقش واقع بلد يحتاج إلى إعادة إعمار واستقرار لا يحتاج إلى كل هذه الأعداد الكبيرة من الأسماء التي لا حاجة ولا أهمية ولا ضرورة لها في مثل هذه المؤتمرات مما يعكس مفارقة واضحة تتمثل في أنه بقدر اهتمام المجتمع الدولي بالعراق واحتياجاته بقدر عدم اهتمام المسؤولين بحيث أوجدوا تسميات لبعض المرافقين تثير السخرية».



الحوثيون يكثفون انتهاكاتهم بحق الأكاديميين في الجامعات

فعالية حوثية داخل جامعة صنعاء تضامناً مع «حزب الله» (إعلام حوثي)
فعالية حوثية داخل جامعة صنعاء تضامناً مع «حزب الله» (إعلام حوثي)
TT

الحوثيون يكثفون انتهاكاتهم بحق الأكاديميين في الجامعات

فعالية حوثية داخل جامعة صنعاء تضامناً مع «حزب الله» (إعلام حوثي)
فعالية حوثية داخل جامعة صنعاء تضامناً مع «حزب الله» (إعلام حوثي)

كثّفت الجماعة الحوثية استهدافها مدرسي الجامعات والأكاديميين المقيمين في مناطق سيطرتها بحملات جديدة، وألزمتهم بحضور دورات تعبوية وزيارات أضرحة القتلى من قادتها، والمشاركة في وقفات تنظمها ضد الغرب وإسرائيل، بالتزامن مع الكشف عن انتهاكات خطيرة طالتهم خلال فترة الانقلاب والحرب، ومساعٍ حثيثة لكثير منهم إلى الهجرة.

وذكرت مصادر أكاديمية في العاصمة اليمنية المختطفة صنعاء لـ«الشرق الأوسط» أن مدرسي الجامعات العامة والخاصة والموظفين في تلك الجامعات يخضعون خلال الأسابيع الماضية لممارسات متنوعة؛ يُجبرون خلالها على المشاركة في أنشطة خاصة بالجماعة على حساب مهامهم الأكاديمية والتدريس، وتحت مبرر مواجهة ما تسميه «العدوان الغربي والإسرائيلي»، ومناصرة فلسطينيي غزة.

وتُلوّح الجماعة بمعاقبة مَن يتهرّب أو يتخلّف من الأكاديميين في الجامعات العمومية، عن المشاركة في تلك الفعاليات بالفصل من وظائفهم، وإيقاف مستحقاتهم المالية، في حين يتم تهديد الجامعات الخاصة بإجراءات عقابية مختلفة، منها الغرامات والإغلاق، في حال عدم مشاركة مدرسيها وموظفيها في تلك الفعاليات.

أكاديميون في جامعة صنعاء يشاركون في تدريبات عسكرية أخضعهم لها الحوثيون (إعلام حوثي)

وتأتي هذه الإجراءات متزامنة مع إجراءات شبيهة يتعرّض لها الطلاب الذين يجبرون على حضور دورات تدريبية قتالية، والمشاركة في عروض عسكرية ضمن مساعي الجماعة لاستغلال الحرب الإسرائيلية على غزة لتجنيد مقاتلين تابعين لها.

انتهاكات مروّعة

وكان تقرير حقوقي قد كشف عن «انتهاكات خطيرة» طالت عشرات الأكاديميين والمعلمين اليمنيين خلال الأعوام العشرة الماضية.

وأوضح التقرير الذي أصدرته «بوابة التقاضي الاستراتيجي»، التابعة للمجلس العربي، بالتعاون مع الهيئة الوطنية للأسرى والمختطفين، قبل أسبوع تقريباً، وغطّي الفترة من مايو (أيار) 2015، وحتى أغسطس (آب) الماضي، أن 1304 وقائع انتهاك طالت الأكاديميين والمعلمين في مناطق سيطرة الجماعة الحوثية التي اتهمها باختطافهم وتعقبهم، ضمن ما سمّاها بـ«سياسة تستهدف القضاء على الفئات المؤثرة في المجتمع اليمني وتعطيل العملية التعليمية».

أنشطة الجماعة الحوثية في الجامعات طغت على الأنشطة الأكاديمية والعلمية (إكس)

ووثّق التقرير حالتي وفاة تحت التعذيب في سجون الجماعة، وأكثر من 20 حالة إخفاء قسري، منوهاً بأن من بين المستهدفين وزراء ومستشارين حكوميين ونقابيين ورؤساء جامعات، ومرجعيات علمية وثقافية ذات تأثير كبير في المجتمع اليمني.

وتضمن التقرير تحليلاً قانونياً لمجموعة من الوثائق، بما في ذلك تفاصيل جلسات التحقيق ووقائع التعذيب.

ووفق تصنيف التقرير للانتهاكات، فإن الجماعة الحوثية نفّذت 1046 حالة اختطاف بحق مؤثرين، وعرضت 124 منهم للتعذيب، وأخضعت اثنين من الأكاديميين و26 من المعلمين لمحاكمات سياسية.

وتشمل الانتهاكات التي رصدها التقرير، الاعتقال التعسفي والإخفاء القسري والتعذيب الجسدي والنفسي والمحاكمات الصورية وأحكام الإعدام.

عشرات الأكاديميين لجأوا إلى طلب الهجرة بسبب سياسات الإقصاء الحوثية وقطع الرواتب (إكس)

وسبق أن كشف تقرير تحليلي لأوضاع الأكاديميين اليمنيين عن زيادة في طلبات العلماء والباحثين الجامعيين للهجرة خارج البلاد، بعد تدهور الظروف المعيشية، واستمرار توقف رواتبهم، والانتهاكات التي تطال الحرية الأكاديمية.

وطبقاً للتقرير الصادر عن معهد التعليم الدولي، ارتفعت أعداد الطلبات المقدمة من باحثين وأكاديميين يمنيين لصندوق إنقاذ العلماء، في حين تجري محاولات لاستكشاف الطرق التي يمكن لقطاع التعليم الدولي من خلالها مساعدة وتغيير حياة من تبقى منهم في البلاد إلى الأفضل.

إقبال على الهجرة

يؤكد المعهد الدولي أن اليمن كان مصدر غالبية الطلبات التي تلقّاها صندوق إنقاذ العلماء في السنوات الخمس الماضية، وتم دعم أكثر من ثلثي العلماء اليمنيين داخل المنطقة العربية وفي الدول المجاورة، بمنحة قدرها 25 ألف دولار لتسهيل وظائف مؤقتة.

قادة حوثيون يتجولون في جامعة صنعاء (إعلام حوثي)

لكن تحديات التنقل المتعلقة بالتأشيرات وتكلفة المعيشة والاختلافات اللغوية الأكاديمية والثقافية تحد من منح الفرص للأكاديميين اليمنيين في أميركا الشمالية وأوروبا، مقابل توفر هذه الفرص في مصر والأردن وشمال العراق، وهو ما يفضله كثير منهم؛ لأن ذلك يسمح لهم بالبقاء قريباً من عائلاتهم وأقاربهم.

وخلص التقرير إلى أن العمل الأكاديمي والبحثي داخل البلاد «يواجه عراقيل سياسية وتقييداً للحريات ونقصاً في الوصول إلى الإنترنت، ما يجعلهم يعيشون فيما يُشبه العزلة».

وأبدى أكاديمي في جامعة صنعاء رغبته في البحث عن منافذ أخرى قائمة ومستمرة، خصوصاً مع انقطاع الرواتب وضآلة ما يتلقاه الأستاذ الجامعي من مبالغ، منها أجور ساعات تدريس محاضرات لا تفي بالاحتياجات الأساسية، فضلاً عن ارتفاع الإيجارات.

إجبار الأكاديميين اليمنيين على المشاركة في الأنشطة الحوثية تسبب في تراجع العملية التعليمية (إكس)

وقال الأكاديمي الذي طلب من «الشرق الأوسط» التحفظ على بياناته خوفاً على سلامته، إن الهجرة ليست غاية بقدر ما هي بحث عن وظيفة أكاديمية بديلة للوضع المأساوي المعاش.

ويقدر الأكاديمي أن تأثير هذه الأوضاع أدّى إلى تدهور العملية التعليمية في الجامعات اليمنية بنسبة تتجاوز نصف الأداء في بعض الأقسام العلمية، وثلثه في أقسام أخرى، ما أتاح المجال لإحلال كوادر غير مؤهلة تأهيلاً عالياً، وتتبع الجماعة الحوثية التي لم تتوقف مساعيها الحثيثة للهيمنة على الجامعات ومصادرة قرارها، وصياغة محتوى مناهجها وفقاً لرؤية أحادية، خصوصاً في العلوم الاجتماعية والإنسانية.

وفي حين فقدت جامعة صنعاء -على سبيل المثال- دورها التنويري في المجتمع، ومكانتها بصفتها مؤسسة تعليمية، تُشجع على النقد والتفكير العقلاني، تحسّر الأكاديمي اليمني لغياب مساعي المنظمات الدولية في تبني حلول لأعضاء هيئة التدريس، سواء في استيعابهم في مجالات أو مشروعات علمية، متمنياً ألا يكون تخصيص المساعدات لمواجهة المتطلبات الحياتية للأكاديميين غير مشروط أو مجاني، وبما لا يمس كرامتهم.