نبات الخزامى المائي في الهند... من مصدر خطر إلى منسوجات مبتكرة

يساعد في تحسين الحالة الاقتصادية والاجتماعية للأسر الفقيرة في الريف

نجحت النساء الريفيات في شمال وجنوب وشرق الهند في تحويل نبات الخزامى المائي إلى نعال وظلال مصابيح («الشرق الأوسط»)
نجحت النساء الريفيات في شمال وجنوب وشرق الهند في تحويل نبات الخزامى المائي إلى نعال وظلال مصابيح («الشرق الأوسط»)
TT

نبات الخزامى المائي في الهند... من مصدر خطر إلى منسوجات مبتكرة

نجحت النساء الريفيات في شمال وجنوب وشرق الهند في تحويل نبات الخزامى المائي إلى نعال وظلال مصابيح («الشرق الأوسط»)
نجحت النساء الريفيات في شمال وجنوب وشرق الهند في تحويل نبات الخزامى المائي إلى نعال وظلال مصابيح («الشرق الأوسط»)

وصل نبات الخزامى المائي، الذي يشتهر بزهرته الزرقاء الجميلة وأوراقه الخضراء العائمة على سطح المياه، إلى الهند على أيدي السيدة هاستينغز، زوجة أول حاكم عام بريطاني في الهند في نهاية القرن الثامن عشر تقريبا، واليوم ينتشر هذا النبات في جميع أنحاء الهند على نحو يسبب الأذى. وقد أدى وجود هذا النبات الطفيلي إلى انسداد عدد لا يحصى من الممرات المائية مما تسبب في حرمان النباتات والحيوانات الأخرى من الأكسجين وضوء الشمس.
مع ذلك نجحت السيدات الريفيات في شمال وجنوب وشرق الهند، حيث يمثل هذا النبات خطرا كبيرا، في تحويل هذا النبات إلى نعال، وظلال مصابيح، وحقائب باهرة، واستخدامه في تصنيع حامل أقلام، وسلال، حقائب يد، وحقائب لأجهزة كومبيوتر محمولة، ومحافظ، وبسط، وإطارات صور مبتكرة، وغيرها من الأشياء.
ريجيا وماسليما من آلاف النساء الريفيات الصانعات والخبيرات اللاتي تدربن على فن نسج أوراق وسيقان الخزامى المجففة لتصبح منتجات جميلة يتم استخدامها في الحياة اليومية. لم تكن كل من ريجيا بيغام، البالغة من العمر 27 عاما أم لطفل واحد، وماسيلما بيغام، البالغة من العمر 41 عاما، وأم لأربعة أبناء، تعرفان كيفية تدبير سبل المعيشة إلى أن سمعتا عن فن صناعة الخزامى المائي الفريد. وبعد أن كانتا من ربات المنازل اللائي لا يجنين أي دخل منذ أربعة أعوام، باتت كلتاهما تتمتعان بحياة كريمة بفضل تصنيع مجموعة متنوعة من المنتجات الصديقة للبيئة من سيقان نبات الخزامى المجففة، وقد أسهمتا بذلك بنصيب كبير في دخل أسرة كل منهن.
ساعد هذا الفن اليدوي المبتكر، الذي قدمته شركة «نورث إيسترن دفيلوبمنت فاينانس كوربوريشن لمتيد»، في تحسين الحالة الاقتصادية والاجتماعية للأسر الفقيرة في الريف، حيث مكنها من تصنيع منتجات صديقة للبيئة من نبات مائي، وفي الوقت ذاته تقديم الدعم المتمثل في سوق مستدام، إلى نوع جديد من الصنّاع.
يتسم هذا الفن اليدوي بمرونة كبيرة حيث لا يلتزم الصنّاع بوقت محدد لتسليم منتجاتهم، ويمكنهم العمل في أي وقت مناسب بالنسبة إليهم ليلا كان أم نهارا. كذلك يتطلب هذا العمل جهدا أقل مقارنة بغيره من الأعمال المتاحة في القرى كالوظائف ذات الأجر اليومي مثل العمل في الزراعة. كذلك لا يحتاج الصناع إلى الخروج من منازلهم بحثا عن عمل؛ وتلك من الأسباب التي ساهمت في شعبية وانتشار هذا الفن وقبوله من جانب السيدات الريفيات.
على الجانب الآخر أنشأ كثير من الرجال والنساء المتعلمين مشروعات صغيرة لاستخدام الخزامى بكفاءة وفاعلية. وكانت أحد تلك المشروعات من بنات أفكار الشيخ عبد المجيب وهو مهندس إلكترونيات يبلغ من العمر 28 عاما من ولاية أندرا براديش. وبدأ مجيب الذي يتمتع بالقدرة على الابتكار يحلم بأن يصبح واحدا من أصحاب الأعمال الرائدة حتى قبل تخرجه، وخطر بباله ذات مرة إمكانية استخدام نبات الخزامى الفائض أو غير المرغوب فيه بفاعلية، وبدأ حينها بتكوين فريق عمل من النساء أطلق عليه اسم «أليكا ويف» في بلدته. وبات هذا المشروع مصدر رزق ودخل لنحو مائة سيدة في مناطق ريفية، وساعدهن ذلك المال في دعم أسرهن ماديا ومعيشيا.
يتم حصاد الخزامى المائي من برك مياه محلية وبعد قطع الجذور والأوراق، يتم تنظيف اللحاء وتجفيفه في الشمس. المنتجات مصنوعة يدويا بالأساس، لكن هناك دعم ميكانيكي محدود، حيث يتم استخدام أسطوانة دوّارة لتسوية الساق وجعله مسطحا. تتراوح أسعار المنتجات التي تقدمها مؤسسة «أليكا ويف» بين 150 وبين 3 آلاف روبية. ويمكن أن تظل تلك المنتجات في حالة جيدة لفترة تتراوح بين 8 و10 سنوات، ويتم تصنيعها باستخدام السيقان مع الخيش والقماش الذي تتم صباغته أولا.
حدثتني بادمافاتي من صديقاتي في القرية عن مؤسسة «أليكا ويف»، التي سوف تدربني على صناعة الحقائب، وتوظفني بعد ذلك. تقول شاردا البالغة من العمر 29 عامًا: «لقد بدأت صناعة الحقائب بهذه الطريقة في مارس (آذار) 2015. ونظرا لكوني أعمل في منزل، شعرت أنني قادرة على جني المال واكتساب مهارات في الوقت ذاته. لقد انضممت إلى المشروع منذ نحو عامين وأنا أستطيع الآن نسج حقيبة يد بسيطة في 20 دقيقة تقريبا». وقد أصبحت شاردا أسرع عاملة نسيج في المؤسسة، وتساعد أيضا في تدريب النساء اللاتي يتطلعن إلى تعلم حرفة يدوية.
كثيرًا ما يتلقى عبد المجيب دعوات من الحكومة، وكذلك من أصحاب شقق مطلة على الماء إلى تنظيف الماء من الخزامى وإزالته. وأوضح قائلا: «نظرا لقدرتنا على توريد كميات كبيرة من هذا النبات، نريد توسيع نطاق منتجاتنا، ونفكر في تحويل النبات إلى قطع أثاث. أتواصل مع مؤسسة صناعية في أفريقيا تنتج مناديل ورقية باستخدام أقمشة مصنعة من هذا النبات، وآمل في أن نبدأ في القيام بذلك أيضا».
تساعد مؤسسة «أليكا ويف»، بفضل طلبات توريد من أنحاء الهند ومن الخارج، قضية حماية البيئة بطرق عملية. يتم تصنيف الخزامى المائي بين أهم عشرة أنواع من الحشائش على مستوى العالم، وتعد من أكثر النباتات قدرة على الاستعمار والتطفل، حيث يستطيع هذا النبات التكاثر كل تسعة أيام، وله جذور كبيرة وبصلية، لذا تتداخل مع شباك صيد الأسماك، وتعيق مرور القوارب مما يتسبب في وقوع حوادث. وتنفق الحكومة الهندية الملايين لإزالة هذا النبات من الممرات المائية حيث تعيق الملاحة بها، وتؤدي إلى ركود الماء مما يؤثر على تدفق مياه الري بسلاسة ويسر. وقد وضع الاتحاد الأوروبي هذا النبات خلال العام الماضي على قائمة «النباتات الأجنبية»، أي التي لا يمكن بيعها أو شراؤها في دول الاتحاد الأوروبي، وذلك بسبب المشكلات التي سببها وجود هذا النبات في المياه الإسبانية والبرتغالية. ويتم تنظيف البحيرات وبرك المياه والأنهار في الهند بشكل دوري منتظم، وكثيرا ما يتم إلقاؤه على ضفاف المياه أو حرقه. بمجرد حرق النبات، تحدث مشكلة أخرى، هي انبعاث غاز الميثان الضار بالبيئة.
بدأت مؤسسة غير حكومية هي «كيدز» في جنوب الهند وتحديدا في ولاية كيرالا في بذل جهود في هذا المجال من خلال تدريب كثير من السيدات الريفيات على نسج هذا النبات السحري. يجب أن يصل طول نبات الخزامى إلى نحو 20 بوصة، قبل أن يتم تجفيفه في الشمس وصباغته بألوان مختلفة، وتقسيمه إلى خيوط رفيعة ونسجه. يمكن تحويله بعد ذلك إلى حصائر وبسط ذات لون أخضر أو أزرق، وملمس يشبه ملمس الإسفنج نظرا لنسج الخزامى بها. النساء اللاتي قامت تلك المؤسسة بتدريبهن يجربن حاليا صناعة حصيرة يوغا تتحلل بطريقة حيوية باستخدام هذا النبات، وتم تدشين ذلك المنتج الجديد في اليوم القومي لليوغا العام الماضي.
تقول الأخت ميرسي توماس من «كيدز»: «نحن نستخدم هذا النبات الخبيث في جني المال، حيث نقتلعه ونستخدم السيقان، ونشعل النيران في الجذور حتى لا يصبح قادرا على التكاثر، ونقدم في الوقت ذاته خدمة جليلة للبيئة».
لكل صانع يتدرب على هذه الحرفة الجديدة، وأكثرهم من النساء، قصص ليرويها. تقول مانغولا تشاموا، زوجة لرجل يعمل أجيرا بشكل يومي: «لقد كنت في غاية السعادة عندما سددت قرضا خاصا قيمته 7 آلاف روبية بمعدل فائدة 5 في المائة شهريا بعد تقاضي أول مبلغ مالي نظير ما صنعته من منتجات من الخزامى. لقد اضطررنا إلى الحصول على هذا القرض عندما خضع زوجي لعملية جراحية في العين. كذلك خلال موسم الرياح الماضي عندما لم يتمكن زوجي من جني المال لمدة أطول بسبب قلة فرص العمل المتاحة، والفيضان الشديد، تمكنت من إعالة أسرتي بفضل المال الذي ادخرته من خلال عمل منتجات الخزامى. لم يمنحنا نبات الخزامى فرصة للحصول على دخل فحسب، بل جعل لحياتنا معنى أيضا».
تقول صوبها، التي تعمل لدى مؤسسة «كيدز» منذ نحو عقد، بخجل وعلى استحياء: «لقد قدم لي نبات الخزامى هدفا وغرضا للحياة، وبفضل ما أجنيه من مال تمكنت من ادخار المهر اللازم لزواجي».
كذلك تدير دولوموني كاليتا، الشابة المبدعة حديثة التخرج، مشروعا ناجحا لتصنيع المنتجات المنزلية باستخدام نبات الخزامى الذي يوجد بوفرة في برك المياه والبحيرات في ولاية آسام.



تمثال غريب الشكل في الكويت يُحيِّر علماء الآثار

الغرابة (SWNS)
الغرابة (SWNS)
TT

تمثال غريب الشكل في الكويت يُحيِّر علماء الآثار

الغرابة (SWNS)
الغرابة (SWNS)

اكتُشف رأسٌ غريب الشكل لكائن غير معروف، من الفخار، يعود إلى آلاف السنوات خلال عملية تنقيب في الكويت، مما أثار حيرة علماء الآثار بشأنه.

وأوضح بيان نشرته جامعة وارسو، ونقلته «فوكس نيوز»، أنّ باحثين من البعثة الأثرية الكويتية - البولندية وجدوا ذلك الأثر في بحرة 1؛ وهو موقع أثري في منطقة الصبية بالكويت.

ووُصف الأثر بأنه «أحد أبرز الاكتشافات» في عملية التنقيب، مع الإشارة إلى أنه «رأس صغير مُتقن الصنع من الفخار، جمجمته طويلة وممدودة، مع عينين منحرفتين وأنف مسطَّح».

يعود تاريخ التمثال الصغير إلى فترة العبيد في بلاد الرافدين القديمة التي تسبق العصر البرونزي. وأُنجز خلال الفترة بين الألفية السادسة قبل الميلاد، وفق تقدير العلماء، ما يجعل عمره يتراوح بين 7 و8 آلاف عام.

وأشار البيان إلى العثور على تماثيل صغيرة مُشابهة تعود إلى فترة العبيد قبل ذلك، لكنَّ هذا الأثر يُعدُّ الأول من نوعه الذي يُعثر عليه في منطقة الخليج.

وذكر الأستاذ بيوتر بيلينسكي في البيان الصحافي: «يثير وجوده تساؤلات بشأن غرضه وقيمته الرمزية، أو ربما الطقسية بالنسبة إلى الناس في ذلك المجتمع القديم».

الفريق الأثري الكويتي - البولندي المشترك (SWNS)

كذلك أشار علماء الآثار إلى اكتشافهم نوعَيْن مميّزين من الآنية والأعمال الفخارية في الموقع عينه، واصفين الاكتشاف بأنه «محوري» لدراسة فترة العبيد: «أثمرت عمليات التنقيب في الموقع منذ بدايتها نوعَيْن من الآنية الفخارية، هما عبيد، المعروف أنه كان يُستردُّ من بلاد الرافدين، وآخر مختلف تماماً يُعرف باسم الآنية، وهي حمراء خشنة الملمس، جرت معرفتها من مواقع في شبه الجزيرة العربية»؛ علماً بأنّ النوع الثاني يوصف بأنه محلّي الصنع في الخليج، لكنْ لا تزال الأماكن الفعلية لصنعه مجهولة.

وظهر أخيراً دليلٌ قاطع من موقع بحرة 1، يشمل إناء من الفخار غير المحترق. وتؤكد النتائج أنّ بحرة 1، الذي يُعدُّ واحداً من أقدم المواقع السكنية وأكبرها في شبه الجزيرة العربية، هو أيضاً أقدم موقع معروف لتصنيع الآنية الفخارية ومنتجات الفخار في الخليج العربي.

كذلك عثر المنقّبون على بقايا أثرية من النباتات التي كانت تُضاف إلى طين الفخار خلال عملية التصنيع. وسيجري الباحثون بعد ذلك تحليلاً نباتياً أثرياً للمادة النباتية لمعرفة النباتات المحلّية التي وُجدت خلال تلك الحقبة الزمنية. علَّق الدكتور رومان هوفيسبيان في البيان: «كشفت التحليلات المبكرة عن آثار لنباتات برّية، خصوصاً القيصوب (الغاب) داخل الأعمال الفخارية محلّية الصنع، في حين عُثر على آثار وبقايا نباتات مزروعة من بينها الحبوب، مثل الشعير والقمح، في الآنية المستوردة خلال حقبة العبيد».

وتُخطّط البعثة الأثرية الكويتية - البولندية لمواصلة دراسة الموقع، وتأمل في العثور على «مزيد من الاكتشافات والتبصّرات في مواضع التقاطع بين ثقافة كلّ من العصر الحجري في الجزيرة العربية وعصر العبيد في بلاد الرافدين، إلى جانب تحقيق مزيد من التعاون بين متخصّصين بولنديين وكويتيين في التراث»، وفق البيان، الذي أوضح: «تكشف عمليات التنقيب المستمرّة أنّ موقع بحرة 1 مهمّ وحيوي لفَهْم التبادل الثقافي بين مجتمعات العصر الحجري الحديث في الجزيرة العربية وثقافة العبيد الممتدّة من بلاد الرافدين إلى منطقة شاسعة من الأناضول، فشبه الجزيرة العربية».