الحكومة اللبنانية ترفض التعديات الإسرائيلية برّاً وبحراً

TT

الحكومة اللبنانية ترفض التعديات الإسرائيلية برّاً وبحراً

عرضت الحكومة اللبنانية في جلستها، أمس، التهديدات الإسرائيلية، المتمثّلة ببناء جدار إسمنتي داخل أراضي لبنان، ومزاعمها بملكية البلوك النفطي رقم 9، الواقع في المياه اللبنانية، وأكدت أن مجلس الدفاع الأعلى اتخذ القرار لمواجهة الأطماع الإسرائيلية، وشكلت لجنة لتوسيع مطار رفيق الحريري الدولي، وأجرت بعض التعيينات وتنفيذ المشاريع الخدماتية.
وأكد رئيس الحكومة سعد الحريري في مداخلة له في مستهلّ جلسة مجلس الوزراء التي انعقدت في القصر الجمهوري، أمس، على «وقوف لبنان موحداً في مواجهة التهديدات الإسرائيلية». وكشف عن «تجاوب مع طلب لبنان للوصول إلى حلول إيجابية لمسألتي بناء إسرائيل الجدار الإسمنتي على الحدود الجنوبية، وادعائها بملكية الرقعة رقم 9 في المنطقة الاقتصادية الخالصة». ودعا الوزراء إلى «التجاوب مع طلب بتخفيض العجز في الموازنة».
وقال الحريري: «مهما كانت خلافاتنا السياسية، فإن كل القوى تقف موحدة في مواجهة التحديات الإسرائيلية المتمثلة ببناء الجدار الإسمنتي قبالة الحدود الجنوبية، وادعاء ملكية الرقعة 9 في المنطقة الاقتصادية الخالصة التي هي ملك لبنان». وأضاف: «خلال اجتماعنا في المجلس الأعلى للدفاع (أول من أمس)، اتخذنا قرارات واضحة لمواجهة الأطماع والتهديدات الإسرائيلية لأن أي مساس بالأرض أو بالمياه اللبنانية هو اعتداء واضح على سيادتنا وكرامتنا الوطنية، ونحن نعمل في الوقت نفسه مع الدول الصديقة والأمم المتحدة لمعالجة هذه التطورات على مختلف الصعد».
وكشف رئيس حكومة لبنان، عن «تجاوب مع طلب لبنان للوصول إلى حلول إيجابية لهذه المسائل، ونقوم بالاتصالات اللازمة ونأمل أن تسفر عن نتائج إيجابية»، لافتاً إلى أن «المؤتمرات المزمع عقدها تأييداً للبنان في روما وبروكسل وباريس، دليل على الدعم السياسي الدولي الذي يلقاه لبنان من الدول الشقيقة والصديقة». وتطرق الحريري إلى موضوع الموازنة، والطلب من الوزارات خفض 20 في المائة من أرقامها، داعياً إلى «تجاوب الوزراء مع هذا الطلب حتى يتم خفض العجز في الموازنة، بما يحقق تأثيراً إيجابياً على الوضع الاقتصادي».
وبعد ذلك ناقش مجلس الوزراء جدول أعماله، وتلا وزير الإعلام بالوكالة بيار أبو عاصي المقررات الرسمية للجلسة، وأعلن أن المجلس أقرّ معظم البنود، أبرزها نقل اعتماد من احتياطي الموازنة العامة إلى موازنة رئاسة مجلس الوزراء لعام 2018 على أساس «القاعدة الاثني عشرية، لتوزيع الجريدة الرسمية بطريقة إلكترونية»، وتشكيل لجنة وزارية برئاسة الرئيس الحريري وعضوية الوزراء غسان حاصباني، وعلي حسن خليل، ويوسف فنيانوس، ويعقوب الصراف، لدراسة المخطط التوجيهي لتطوير وتوسعة مطار الرئيس الشهيد رفيق الحريري، والمباشرة بتنفيذ المرحلة الملحة منه بكلفة تقديرية تبلغ 200 مليون دولار أميركي. ونقل اعتماد لمجلس الإنماء والإعمار بقيمة 31 مليون دولار لاستملاك وتنفيذ أشغال مشروع أوتوستراد الشمال، والموافقة على إنشاء لجنة وطنية لإعداد التقارير الدورية الخاصة بالاتفاقات الدولية في مجال حقوق الإنسان ومتابعة توجيهات اللجان المنبثقة عنها، على أن تكون أمانة سر اللجنة في وزارة الخارجية.



قتال عنيف في منبج... وتوتر في حمص والساحل

رجال موقوفون في إطار حملة على خلايا موالية للنظام السابق في حمص الجمعة (أ.ب)
رجال موقوفون في إطار حملة على خلايا موالية للنظام السابق في حمص الجمعة (أ.ب)
TT

قتال عنيف في منبج... وتوتر في حمص والساحل

رجال موقوفون في إطار حملة على خلايا موالية للنظام السابق في حمص الجمعة (أ.ب)
رجال موقوفون في إطار حملة على خلايا موالية للنظام السابق في حمص الجمعة (أ.ب)

بينما واصلت السلطات السورية الجديدة حملاتها لملاحقة خلايا تتبع النظام السابق في أحياء علوية بمدينة حمص وفي الساحل السوري، أفاد «المرصد السوري لحقوق الإنسان»، الجمعة، بأن قتالاً عنيفاً يدور بين الفصائل المدعومة من تركيا وقوات سوريا الديمقراطية (قسد) التي يقودها الأكراد في منطقة منبج شمال سوريا.

وأشار «المرصد السوري» الذي يتخذ من بريطانيا مقراً له، إلى مقتل ما لا يقل عن 28 عنصراً من الفصائل الموالية لتركيا في الاشتباكات في محيط مدينة منبج. وذكر «المرصد» أيضاً أن الجيش التركي قصف بعنف مناطق تسيطر عليها «قسد».

وجاء ذلك في وقت قالت فيه «قوات سوريا الديمقراطية» إن القوات الموالية لتركيا شنّت هجوماً واسع النطاق على عدة قرى جنوب منبج وشرقها، مؤكدة أنها نجحت في التصدي للمهاجمين الذين يحاولون منذ أيام السيطرة على المنطقة المحيطة بسد تشرين على نهر الفرات.

جانب من تشييع مقاتلَيْن كرديين قُتلا في معارك منبج ودُفنا في القامشلي بشمال شرقي سوريا يوم الخميس (أ.ف.ب)

وتريد تركيا طرد «وحدات حماية الشعب» الكردية التي تشكّل عماد «قوات سوريا الديمقراطية» من المنطقة؛ بحجة أنها فرع سوري لـ«حزب العمال الكردستاني» المصنّف إرهابياً.

إلى ذلك، في حين كان التوتر يتصاعد في الأحياء ذات الغالبية العلوية في حمص خلال عمليات دهم بحثاً عن عناصر من النظام السابق وتصل ارتداداته إلى الساحل السوري، اجتمع نحو خمسين شخصية من المجتمع الأهلي بصفتهم ممثلين عن طوائف دينية وشرائح اجتماعية في محافظة طرطوس مع ممثلين سياسيين من إدارة العمليات العسكرية (التي تولت السلطة في البلاد الآن بعد إطاحة نظام الرئيس السابق بشار الأسد). وعلى مدى أربع ساعات، طرح المشاركون بصراحة مخاوف المناطق الساحلية؛ حيث تتركز الغالبية الموالية للنظام السابق، وتم التركيز على السلم الأهلي والتماسك المجتمعي في سوريا عموماً والساحل السوري خصوصاً، بعد تقديم إحاطة سياسية حول الوضع في الداخل السوري والوضع الدولي، والتطورات الحالية وتأثيرها في الواقع السوري.

قوات أمنية خلال عمليات التمشيط في حمص الجمعة (أ.ب)

قالت ميسّرة الجلسة الصحافية، لارا عيزوقي، لـ«الشرق الأوسط»، إن المشاركين في الجلسة التي نظّمتها «وحدة دعم الاستقرار» (s.s.u) مثّلوا أطيافاً واسعة من المجتمع المحلي، من مختلف الطوائف الدينية، والشرائح الاجتماعية، بالإضافة إلى مشاركة ممثلين سياسيين من إدارة العمليات. وأكدت لارا عيزوقي أن أبرز مطلب للوفد الأهلي كان ضرورة إرساء الأمن، مشيرة إلى تقديم اقتراح بتفعيل لجان حماية محلية؛ بحيث تتولى كل منطقة حماية نفسها في المرحلة الراهنة لمنع الفوضى، مع الاستعداد لتسليم المطلوبين، على أن تُمنح ضمانات فعلية لمنع الانتقامات.

معتقلون يُشتبه بأنهم من النظام السابق في حمص الجمعة (أ.ب)

وتابعت لارا عيزوقي أن الافتقار إلى الأمن، وحالة الانفلات على الطرقات، أديا إلى إحجام كثير من الأهالي عن إرسال أولادهم إلى المدارس والجامعات، وبالتالي حرمانهم من التعليم. وأشارت إلى أن الجلسة الحوارية تضمّنت مطالبات بالإفراج عن المجندين الإلزاميين الذين كانوا في جيش النظام السابق رغماً عنهم، وجرى اعتقالهم من قِبل إدارة العمليات.

ولفتت إلى أن الوفد الأهلي شدد أيضاً على ضرورة وضع حد لتجاوزات تحدث، مضيفة أنه جرت مناقشة مطولة لما جرى في قرية خربة معزة؛ حيث أقر الأهالي بخطأ حماية المطلوبين، وأن ذلك لا يبرر التجاوزات التي حصلت أثناء المداهمات.

يُشار إلى أن اشتباكات حصلت في طرطوس في 25 ديسمبر (كانون الأول) الماضي لدى ملاحقة قوى الأمن الضابط في جيش النظام السابق محمد حسن كنجو الملقب بـ«سفاح سجن صيدنايا»، وهو رئيس محكمة الميدان العسكري التي تُتهم بأنها السبب في مقتل آلاف المعتقلين.

ومما طرحه أهالي طرطوس، في الجلسة، مطلب صدور عفو عام، إذ إن هناك مئات من الشباب المتعلم اضطرهم الفقر إلى العمل في الأجهزة الأمنية والعسكرية التابعة للنظام. ويريد ممثلو الأهالي بحث إمكانية ضم هؤلاء إلى وزارة الدفاع مجدداً، لتجنّب الانعكاسات السلبية لكونهم عاطلين عن العمل. وحسب لارا عيزوقي، كشف ممثل الإدارة الجديدة عن نية «إدارة العمليات» إصدار عفو عام يستثني المتورطين بشكل مباشر في جرائم النظام السابق.

مواطنون في حمص خلال قيام قوات أمن الحكم الجديد بعمليات دهم الجمعة بحثاً عن عناصر من النظام السابق (أ.ب)

ولفتت لارا عيزوقي إلى وجود ممثلين عن شباب بأعمار تتراوح بين 20 و30 سنة، وقالت إنهم يعتبرون أنفسهم ينتمون الى سوريا، لا إلى طائفة معينة ولا يريدون الهجرة ويتطلعون الى لعب دور في مستقبل سوريا، متسائلين عن كيف يمكن أن يحصل ذلك إذا تمّ تأطيرهم داخل مكوّن طائفي.

وحول تسريح الموظفين، عبّر مشاركون عن مخاوف من تسريح آلاف الموظفين لا سيما النساء من ذوي قتلى النظام واللواتي تعلن عائلاتهن -مع لفت النظر إلى اتساع رقعة الفقر وتعمّقها في الساحل خلال سنوات الحرب- حالة الإفقار الممنهجة التي طالت محافظة طرطوس بصفتها محافظة زراعية تدهورت زراعتها في السنوات الماضية.

أطفال في شاحنة بمدينة حمص الجمعة (أ.ب)

وشهدت مدينة طرطوس، بين مساء الخميس وصباح الجمعة، حالة توتر مع توارد أنباء عن جريمة قتل وقعت قرب «شاليهات الأحلام» حيث تستقر مجموعات من «فصائل إدارة العمليات». وحسب المعلومات، أقدم مجهولون على إطلاق نار على شخصين، مما أدى إلى مقتل أحدهما وإصابة الآخر. وقال «المرصد السوري لحقوق الإنسان» إن الأهالي طالبوا «هيئة تحرير الشام» التي تقود إدارة العمليات العسكرية، «بوضع حد للاعتداءات والانتهاكات التي تُسهم في زعزعة الاستقرار وضرب السلم الأهلي الذي تعيشه المنطقة».

وأشار «المرصد» إلى أن ملثمين مسلحين أعدموا أحد أبناء حي الغمقة الشرقية في مدينة طرطوس، وهو شقيق شخص مطلوب بقضايا جنائية، وذلك خلال تفقد القتيل شاليهاً يملكه في منطقة «شاليهات الأحلام».

وتشهد مناطق تركز العلويين في محافظات حمص وطرطوس واللاذقية انفلاتاً أمنياً بسبب انتشار السلاح، وتحصّن مطلوبين من عناصر النظام السابق في أحياء وقرى، مما يثير مخاوف من تأجيج نزاع مناطقي.

يُشار إلى أن «إدارة العمليات العسكرية» استكملت، الجمعة، حملة التمشيط التي بدأتها في حمص يوم الخميس، وشملت أحياء العباسية والسبيل والزهراء والمهاجرين، بحثاً عن فلول ميليشيات النظام السابق. وأفيد باعتقال عشرات الأشخاص بينهم من أُفرج عنهم بعد ساعات فقط.