الأقمشة الهندية... تاريخ عريق وحاضر مبهر

من قرى الهند النائية إلى منصات عروض الأزياء

قماش «بيزلي» بترجمة دار «إيترو» الإيطالية
قماش «بيزلي» بترجمة دار «إيترو» الإيطالية
TT

الأقمشة الهندية... تاريخ عريق وحاضر مبهر

قماش «بيزلي» بترجمة دار «إيترو» الإيطالية
قماش «بيزلي» بترجمة دار «إيترو» الإيطالية

تتميز صناعة المنسوجات في الهند بتاريخ موغل في القدم يعود إلى 6000 عام ماضية. والكل يعرف أنها لا تزال تهيمن على المشهد العام لصناعة الموضة عالمياً. فلو أمعنا النظر شرقاً وغرباً، لوجدنا أمثلة كثيرة على أنواع ذات جذور هندية جرى دمجها في ملابس محلية تقليدية وفلكلورية. على سبيل المثال، يدين أسلوبا «إيكات» و«باتيك» لصباغة الملابس في إندونيسيا، بالفضل في بدايتهما إلى الهند، ويتميز الأسلوبان بلمسة جمالية لافتة ومستوى فني رفيع. وبالمثل، تضرب جذور نسيج «ساراسا» الياباني في نسيج «كاليكو» الهندي الذي انتقل إلى اليابان، على يد تجار برتغاليين في القرن الـ16.
أما أوروبا، فحدث بلا حرج، إذ هناك كثير من الأمثلة على منسوجات ذات أصول هندية. فمدينة بيزلي الاسكوتلندية اكتسبت شهرتها بمحاكاتها الشال الكشميري، وتعديله من خلال الاستعانة بالقماش القطني الإنجليزي والفرنسي المزدان برسوم الأزهار والنباتات. أيضاً، يحاكي الأسلوب البروفنسي الفرنسي الشهير في المنسوجات أسلوب الطباعة الخشبية، الذي انتقل إلى فرنسا عبر «طريق الحرير» على أيدي تجار أميركيين. وبذلك يتضح كيف أن المنسوجات الهندية تركت بصمتها المميزة على الموضة الشعبية والعالمية.

التاريخ

بحلول القرن الـ15، كان تجار المنسوجات الهندية قد نجحوا في بناء شبكة معقدة من الصين حتى أفريقيا. وعندما وصل الأوروبيون إلى الشواطئ الهندية، شعروا بانجذاب نحو الأقمشة والمنسوجات الهندية المصنوعة من مواد رفيعة المستوى، وصبغات مميزة، ونماذج زخرفية نباتية وأشكال هندسية.
ورغم أن غالبية التصميمات الزخرفية ركزت على صور تقليدية مرتبطة بالحياة في الهند، مثل الحيوانات، خاصة الأفيال، وصفوف من الراقصين المتحمسين، استجاب صناع المنسوجات كذلك إلى حاجة وأذواق الأجانب، ونجحوا في تعديل تصميماتهم لتتناسب مع أذواق شعوب أخرى.
إضافة إلى ذلك، أثرت تصميمات المنسوجات الهندية على أذواق المصممين بشتى أرجاء العالم، فمثلاً وجدت الرسومات النباتية البراقة والتصميمات الثرية الكثيفة طريقها إلى بريطانيا، في الحقبتين الفيكتورية والإدواردية، التي تنتمي جذورها بصورة مباشرة إلى النسيج القطني الهندي، الذي نقله التجار إلى أوروبا قبل بضعة مئات من السنين.
وخلال ذروة حركة التجارة العالمية في القرن الـ17، كان يجري بيع الأقمشة الهندية في الأسواق بمناطق شتى من العالم، منها اليابان وأفريقيا والشرق الأوسط وأوروبا. وبدا موقع الهند المركزي المطل على المحيط الهندي مثالياً لخدمة تجارة الأقمشة والمنسوجات للشرق والغرب على حد سواء.
من أشهر موجات الموضة الحالية التي تعود جذورها إلى الهند نذكر:

«بيزلي»

يشتهر اسم «بيزلي» باعتباره الاسم المستخدم للإشارة إلى التصميم الذي يتخذ شكل قطرة الماء، والذي جرى استخدامه على نحو كاسح في شتى المجالات، بدءاً من «هوت كوتور» إلى مجموعة واسعة النطاق من السلع المنزلية والهدايا.
كان «بيزلي» قد تحول لصيحة في عالم الموضة، عندما نجاح مصممون كشميريون في تحويل هذا الرسم المنتمي إلى فارس القديمة إلى تصميم يزين الشال الرقيق المصنوع من صوف كشميري، يعرف باسم «باشمينا». بحلول أواخر القرن الـ18، كان هذا الشال قد لاقى رواجاً في صفوف سيدات أوروبا وتحول إلى صيحة بمجال الموضة؛ لكن تركزت المشكلة في نقص المعروض منه وسعره الباهظ. وعليه، عمد صانعو المنسوجات والأقمشة البريطانيون إلى محاكاته وبيعه مقابل عُشر سعر النسخة الهندية فقط.
إضافة لذلك، جرى تعديل التصميم الهندي لقطرة الماء على نحو يوافق الذوق الأوروبي. وبالفعل، ترك هذا التعديل تأثيراً هائلاً، وزاد الطلب على النسخ المقلدة من الشال الهندي، لدرجة جعلت مراكز النسيج في أدنبره ونوريتش وبيزلي ترزح تحت وطأة طلبات الشراء الضخمة التي تنهال عليها. وكانت مدينة بيزلي الاسكوتلندية واحدة من أكبر الجهات المنتجة لهذا النسيج، لدرجة أنه - أي النسيج - حمل اسمها نهاية الأمر. ومن هنا، اكتسب «بيزلي» شهرته بشتى أنحاء العالم.

«سيرساكر»

يعتبر هذا النسيج القطني المخطط من الكلاسيكيات الأميركية. ظهر في عدد لا حصر له من مجموعات أزياء الصيف، منها «هاسبل» و«بروكس براذرز» و«جورجيو أرماني»، مع حرص كل دار أزياء على إضفاء لمستها الخاصة على النسيج. ومع هذا، من الواضح أن القليلين للغاية يعرفون أن أصول هذا النسيج تنتمي إلى الهند. وقد دخلت كلمة «سيرساكر» ذاتها إلى الإنجليزية من الهندية، وتتمثل جذورها في لفظي «شير» و«شاكار»، ويعنيان حرفياً «الحليب والسكر»، ربما في إشارة إلى تشابه الخطوط الناعمة والخشنة في النسيج، مع نعومة الحليب وخشونة السكر.
اللافت أن «سيرساكر» يجري غزله على نحو يجعل بعض الخيوط يلتف على البعض، على نحو يمنح النسيج مظهراً مجعداً ببعض المناطق. يذكر أنه خلال فترة التوسع الاستعماري البريطاني، كان «سيرساكر» من الأقمشة المنتشرة في المستعمرات البريطانية التي تتميز بدفء مناخها، مثل الهند البريطانية.
وعندما انتقل «سيرساكر» إلى الولايات المتحدة للمرة الأولى، جرى استخدامه على نطاق واسع ومتنوع؛ لكن أول استخدام له على الإطلاق هناك كان الاستعانة به بديلاً عن نسيج «الفلانيل» الثقيل الذي يدخل في صناعة السترات الرجالية، ذلك أن النسيج الهندي بدا أكثر موائمة للطقس الحار بجنوب البلاد. ومن هنا، ولدت السترة الصيفية الأميركية الشهيرة المؤلفة من خطوط بيضاء وزرقاء.
اليوم، يقتصر إنتاج «سيرساكر» داخل الولايات المتحدة على عدد محدود من جهات تصنيع النسيج، نظراً لقلة أرباحه وارتفاع تكلفته وبُطء عملية تصنيعه.

«مادراس بليد»

تحول «مادراس بليد» إلى رمز للرفاهية الأميركية. في المقابل نجد أنه داخل الهند، يجري النظر إلى هذا النسيج باعتباره يخص أبناء طبقة المزارعين أكثر، ما يخلق مفارقة مذهلة أن تجد أن العنصر المشترك بين الفلاح الفقير في كولكاتا بالهند والمصرفي الثري في «وول ستريت» بالولايات المتحدة يكمن في «مادراس بليد». يتميز هذا القماش بكونه نسيجاً قطنياً خفيفاً يحمل نقوشاً مربعة، ويستخدم بصورة أساسية في صنع الملابس الصيفية، مثل السراويل الداخلية والفساتين والسترات.
وتبعاً لما ذكره مؤرخون معنيون بصناعة النسيج، ظهر أول مصنع لغزل نسيج «مادراس بليد» من أطراف قشرة أشجار عتيقة في مادراس بالهند (تشيناي حالياً). وعرف «مادراس بليد» طريقه إلى الشرق الأوسط وأفريقيا بحلول القرن الـ13 تقريباً، واستخدم في صنع أغطية الرأس. مع دخول القرن الـ14، شهد مزيداً من التطور، وازدان بتصميمات نباتية. وبمرور الوقت، أصبح الملبس التقليدي لأبناء مادراس. وانتشر هذا النسيج الذي تضرب جذوره في جنوب الهند، داخل أعرق مدارس نيو إنغلاند.
في عام 1718، أرسل حاكم مادراس التابع لـ«شركة الهند الشرقية»، إليهو ييل، شحنة من السلع، بينها أقمشة، إلى مدرسة في مسقط رأسه بكونيتيكت على سبيل الهدية. لاحقاً، أطلق على هذا المدرسة اسم «جامعة ييل»، التي أصبح «مادراس بليد» جزءا منها، وكذلك بـ«هارفارد» وبعض أعرق المؤسسات التعليمية الأميركية، ليتحول إلى رمز للرفاهية والتميز بداخل الولايات المتحدة.
جدير بالذكر أن نسيج «مادراس بليد» الهندي الأصلي، يصنع يدوياً من خيوط غزل مصبوغة بألوان طبيعية مستخرجة من خضراوات.

نسيج «شينتز» القطني

يستخدم لفظ «شينتز» اليوم في الإشارة إلى أي نسيج يحمل تصميمات نباتية، بينما ينتمي هذا اللفظ في الأصل إلى الكلمة الهندية «تشينت» أو «تشيتا»، أي منقط أو مرقط. وقد جرى إنتاجه داخل الهند خصيصاً للسوق الأوروبية، عبر عملية فنية عرفت باسم الصباغة ثابتة اللون. أما الرسومات، فجرى صنعها يدوياً بالاعتماد على قلم بسيط مصنوع من البامبو.
عام 1600 تقريباً، حمل تجار برتغاليون وهولنديون عينات من الـ«شينتز» الهندي إلى أوروبا في شحنات صغيرة؛ لكن القرن ذاته شهد بدء إرسال تجار إنجليز وفرنسيين لكميات ضخمة منه إلى أوروبا. بحلول عام 1680 كانت إنجلترا تستورد أكثر من مليون قطعة نسيج مصنوعة من الـ«شينتز» سنوياً، وعرفت كميات مشابهة طريقها إلى كل من فرنسا وهولندا.
منذ مطلع القرن الـ17 حتى منتصف الـ19، انتشر استخدام «شينتز» على الصعيد الأوروبي، في البداية في صنع أغطية الأسرة والستائر، ثم لاحقاً في أحدث صيحات ملابس الرجال والنساء. وبدا الأوروبيون بوجه عام في حالة انبهار بهذا النسيج الهندي.
وبمرور الوقت، أصبح من العناصر الرئيسية في الديكورات الداخلية خلال القرن الـ19، ولاقى إقبالاً خاصاً من جانب أبناء الطبقة الراقية الأوروبية. اللافت أن الطلب على «شينتز» الهندي ارتفع لدرجة أثارت قلق بعض الدول الأوروبية، مع عجز مصانع الغزل الأوروبية عن محاكاة النسيج الهندي. وقد دفع هذا القلق فرنسا إلى فرض حظر على استيراد «شينتز» بمختلف صوره.
في نهاية الأمر نجحت الطابعات الآلية الأوروبية في محاكاة التصميمات الهندية اليدوية، وبحلول منتصف القرن الـ19 جرى إنتاجه على نطاق واسع داخل بريطانيا، واكتسبت تصميماته طابعاً أوروبياً متزايداً، واتسعت رقعة العملاء الذين يقبلون على شرائه، وبلغ الإقبال عليه حد الشغف خلال الحقبة الفيكتورية.

الديباج

توحي اكتشافات أثرية في الفترة الأخيرة في هارابا وتشانهودارو، بأن صناعة خيوط الحرير من أنواع محلية من دودة الحرير، كانت موجودة في جنوب آسيا في عصر حضارة وادي السند، التي يعود تاريخها إلى ما بين 2450 قبل الميلاد و2000 بعد الميلاد، ما يعود لحقبة أقدم عن ظهور صناعة الحرير في الصين.
جدير بالذكر أن نسيج «كهينخواب» الأسطوري المرتبط في الوقت الحالي بمدينة فارانساي الهندية، اعتمد على أسلوب غزل الحرير مع خيوط من الذهب أو الفضة.
وكان له عملاؤه من كبار الأثرياء وجرى تصديره إلى بابل بالعراق قديماً في حقب ما قبل الميلاد. وقد أسهم هذا النسيج في تعزيز صورة الهند باعتبارها أرض الثراء والوفرة.
الملاحظ أن مراكز غزل الديباج ظهرت وتطورت داخل وحول عواصم الممالك الكبرى والمدن المقدسة؛ نظراً للطلب عليه من جانب الأسر المالكة وكهنة المعابد.


مقالات ذات صلة

5 قطع لن تخسري إذا استثمرتِ فيها حالياً

لمسات الموضة الجينز لا يزال يتصدر منصات الموضة العالمية مثل عرض «ليبرتين» خلال أسبوع نيويورك الأخير (إ.ب.أ)

5 قطع لن تخسري إذا استثمرتِ فيها حالياً

مهما تغيرت المواسم والأذواق، هناك قطع من الموضة تتحدى الزمن وتعتبر بمثابة استثمار سعره فيه.

جميلة حلفيشي (لندن)
لمسات الموضة اعتمد المصمم على التفاصيل الجريئة حتى يمنح كل زي ديناميكية خاصة (خاص)

فؤاد سركيس يرسم لوحة ملونة بالالوان والتفاصيل في مجموعته لـ 2025

في أحدث مجموعاته لموسم خريف وشتاء 2025، يعيد المصمم فؤاد سركيس رسم هوية جديدة لمعنى الجرأة في الموضة. جرأة اعتمد فيها على تفاصيل الجسم وتضاريسه. تتبعها من دون…

«الشرق الأوسط» (لندن)
لمسات الموضة مصممة الأزياء التراثية علياء السالمي (الشرق الأوسط)

علياء السالمي... تحمل تقاليد الماضي إلى الحاضر

من قلب المملكة العربية السعودية؛ حيث تتلاقى الأصالة والحداثة، تبرز مصممة الأزياء التراثية علياء السالمي واحدةً من ألمع الأسماء في عالم تصميم الأزياء.

أسماء الغابري (جدة)
لمسات الموضة كانت روح ماريا تحوم في قصر غارنييه بكل تجلياتها (ستيفان رولان)

من عاشقة موضة إلى مُلهمة

كل مصمم رآها بإحساس وعيون مختلفة، لكن أغلبهم افتُتنوا بالجانب الدرامي، وذلك التجاذب بين «الشخصية والشخص» الذي أثَّر على حياتها.

جميلة حلفيشي (لندن)
لمسات الموضة لم تحتج الدار يوماً إلى مدير إبداعي يرسم معالمها... لأن «نجمها الأول وعملتها الذهبية» هي أنسجتها (لورو بيانا)

«لورو بيانا»... تحتفل بمئويتها بفخامة تستهدف أصحاب الذوق الرفيع

لم تحتج الدار يوماً إلى مدير إبداعي يقودها ويحدد اتجاهاتها... فشخصيتها واضحة، كما أنها تمتلك نجماً ساطعاً يتمثل في أليافها وصوفها الملكي.

جميلة حلفيشي (لندن)

هل يمكن أن تستعيد «بيربري» بريقها وزبائنها؟

الممثلة والعارضة زانغ جينيي في حملة «بيربري» الأخيرة (بيربري)
الممثلة والعارضة زانغ جينيي في حملة «بيربري» الأخيرة (بيربري)
TT

هل يمكن أن تستعيد «بيربري» بريقها وزبائنها؟

الممثلة والعارضة زانغ جينيي في حملة «بيربري» الأخيرة (بيربري)
الممثلة والعارضة زانغ جينيي في حملة «بيربري» الأخيرة (بيربري)

التقرير السنوي لحالة الموضة عام 2025، والذي تعاون فيه موقع «بي أو. ف» Business of Fashion مع شركة «ماكنزي آند كو» للأبحاث وأحوال الأسواق العالمية، أفاد بأن الأوضاع لن تكون جيدة في عام 2025. فالركود الاقتصادي مستمر، وسيزيد من سوئه الاضطرابات السياسية وتضارب القوى العالمية.

حتى سوق الترف التي ظلت بمنأى عن هذه الأزمات في السنوات الأخيرة، لن تنجو من تبعات الأزمة الاقتصادية والمناوشات السياسية، وبالتالي فإن الزبون الثري الذي كانت تعوّل عليه هو الآخر بدأ يُغير من سلوكياته الشرائية. مجموعات ضخمة مثل «إل في إم آش» و«كيرينغ» و«ريشمون» مثلاً، وبالرغم من كل ما يملكونه من قوة وأسماء براقة، أعلنوا تراجعاً في مبيعاتهم.

أنا وينتور لدى حضورها عرض «بيربري» في شهر سبتمبر الماضي (رويترز)

لكن ربما تكون بيوت بريطانية عريقة مثل «مالبوري» و«بيربري» هي الأكثر معاناة مع قلق كبير على مصير هذه الأخيرة بالذات في ظل شائعات كثيرة بسبب الخسارات الفادحة التي تتكبدها منذ فترة. محاولاتها المستميتة للبقاء والخروج من الأزمة، بتغيير مصممها الفني ورئيسها التنفيذي، لم تُقنع المستهلك بإعادة النظر في أسعارها التي ارتفعت بشكل كبير لم يتقبله. استراتيجيتها كانت أن ترتقي باسمها لمصاف باقي بيوت الأزياء العالمية. وكانت النتيجة عكسية. أثبتت أنها لم تقرأ نبض الشارع جيداً ولا عقلية زبونها أو إمكاناته. وهكذا عِوض أن تحقق المراد، أبعدت شريحة مهمة من زبائن الطبقات الوسطى التي كانت هي أكثر ما يُقبل على تصاميمها وأكسسواراتها، إضافة إلى شريحة كبيرة من المتطلعين لدخول نادي الموضة.

المغنية البريطانية جايد ثيروال لدى حضورها عرض «بيربري» في شهر سبتمبر الماضي (رويترز)

هذا الزبون، من الطبقة الوسطى، هو من أكثر المتضررين بالأزمة الاقتصادية العالمية، وبالتالي فإن إمكاناته لم تعد تسمح له بمجاراة أسعار بيوت الأزياء التي لم تتوقف عن الارتفاع لسبب أو لآخر. بينما يمكن لدار «شانيل» أن ترفع أسعار حقائبها الأيقونية لأنها تضمن أن مبيعاتها من العطور ومستحضرات التجميل والماكياج وباقي الأكسسوارات يمكن أن تعوض أي خسارة؛ فإن قوة «بيربري» تكمن في منتجاتها الجلدية التي كانت حتى عهد قريب بأسعار مقبولة.

المعطف الممطر والأكسسوارات هي نقطة جذب الدار (بيربري)

«مالبوري» التي طبّقت الاستراتيجية ذاتها منذ سنوات، اعترفت بأن رفع أسعارها كان سبباً في تراجع مبيعاتها، وبالتالي أعلنت مؤخراً أنها ستعيد النظر في «تسعير» معظم حقائبها بحيث لا تتعدى الـ1.100 جنيه إسترليني. وصرح أندريا بالدو رئيسها التنفيذي الجديد لـ«بلومبرغ»: «لقد توقعنا الكثير من زبوننا، لكي نتقدم ونستمر علينا أن نقدم له منتجات بجودة عالية وأسعار تعكس أحوال السوق».

الممثل الآيرلندي باري كيغن في حملة «بيربري» الأخيرة (بيربري)

«بيربري» هي الأخرى بدأت بمراجعة حساباتها؛ إذ عيّنت مؤخراً جاشوا شولمان، رئيساً تنفيذياً لها. توسّمت فيه خيراً بعد نجاحه في شركة «كوتش» الأميركية التي يمكن أن تكون الأقرب إلى ثقافة «بيربري». تعليق شولمان كان أيضاً أن الدار تسرّعت في رفع أسعارها بشكل لا يتماشى مع أحوال السوق، لا سيما فيما يتعلق بمنتجاتها الجلدية. عملية الإنقاذ بدأت منذ فترة، وتتمثل حالياً في حملات إعلانية مبتكرة بمناسبة الأعياد، كل ما فيها يثير الرغبة فيها.