كاتدرائية آيا صوفيا في إسطنبول تحرك التوترات مجددا

لقاء فريد يجمع بين العمارة البيزنطية والزخرفة العثمانية

كاتدرائية آيا صوفيا في إسطنبول تحرك التوترات مجددا
TT

كاتدرائية آيا صوفيا في إسطنبول تحرك التوترات مجددا

كاتدرائية آيا صوفيا في إسطنبول تحرك التوترات مجددا

عرفت إسطنبول قديما باسم القسطنطينية، وفي قلبها تقف بكل شموخ كاتدرائية ضخمة بنيت تمجيدا لعظمة روما، وهي بناء كبير نجا من انهيارات مؤكدة سببتها الزلازل والحرب، وهي أيضا أكثر الكنائس عظمة في تاريخ الإمبراطورية البيزنطية، إنها «آيا صوفيا». احتل العثمانيون القسطنطينية عام 1453، فاعتنق أهلها الإسلام وأطلقوا عليها اسم إسطنبول، يقع في منتصفها مسجدان عظيمان على حافة الشاطئ، المسجد الأقدم منهما هو آيا صوفيا، وتعني باللغة اليونانية القديسة «صوفيا»، في بادئ الأمر لم يكن هذا المبنى مسجدا، بل كان أعظم كنيسة في عصر الإمبراطورية البيزنطية. ومنذ 15 قرنا لم تبق كاتدرائية آيا صوفيا في منأى عن العواصف بشتى أشكالها، لكن هذا المعلم التراثي الذي يجذب أكبر عدد من الزوار إلى إسطنبول نجح في تجاوز الحروب ومقاومة الزلازل والجدل. وأصبحت الكاتدرائية مجددا محط جدل، ففي حين تتهم الحكومة التركية بالسعي إلى «أسلمة» البلاد أشعل نائب رئيس الوزراء بولنت أرينتش فتيل أزمة بإعرابه عن الرغبة في تحويل الكنيسة الأرثوذكسية الأثرية العريقة التي أصبحت متحفا في 1934 إلى مسجد كما كانت في ظل السلطنة العثمانية.
وقال أرينتش قبل أسبوعين بعد زيارة الكاتدرائية «إننا نشاهد آيا صوفيا حزينة. آمل أن نراها تبتسم قريبا». وهذه العبارة الصغيرة التي أطلقها أحد الأعضاء البارزين في حزب العدالة والتنمية الحاكم في تركيا منذ 2002 تركت وقعا. وكحارس للتراث الأرثوذكسي والبيزنطي، سارعت اليونان إلى التنديد بتصريحات تمس بالمشاعر الدينية لملايين المسيحيين.
وكاتدرائية آيا صوفيا التي شيدها الإمبراطور يوستينيانوس في القرن السادس ميلادي كانت مقر بطريرك القسطنطينية الأرثوذكسي. ثم حولت إلى مسجد في القرن الـ15 بعد أن استولى العثمانيون على المدينة في 1453.
وفي ظل نظام مصطفى كمال أتاتورك العلماني حولت إلى متحف في 1934 يزوره اليوم ملايين السياح. كما أعربت الطائفة الأرثوذكسية الصغيرة في القسطنطينية سابقا عن صدمتها لتصريحات أرينتش. ولقد سعى الإمبراطور جستنيان لترك بصمته التاريخية مخلدا فترة حكمه، وككل الأباطرة الرومان توجه نحو المعمار ليخلد ذكراه بالمنشآت، فأمر ببناء هذه الكنيسة عام 532 ميلادي، وأرادها أن تكون ذات طابع مميز وأن تكون أكثر تطورا وجمالا من الطراز المعماري المألوف في الكنائس، رغبة منه في ابتكار الجديد، لذلك استغرق بناؤها نحو خمس سنوات، لأنها قامت على أنقاض كاتدرائية قديمة جرى حرقها عند ثورة الشعب على جستنيان بسبب ارتفاع الضرائب.
وكان قرار تشييد أعظم كنيسة في الإمبراطورية ضرب لعصفورين بحجر، حيث تمكن الإمبراطور من شغل الناس بالبناء الجديد لتجنب ثورتهم من جديد، كما أنها وفرت له الرمز الذي يخلد به تاريخه ويعيد ثقة الناس بحكمه». وكان المخطط الرئيس لتصميم القائمين على المشروع، وهما رجلان شهد لهما بمهارتهما في علم الميكانيكا، بسيطا جدا، فقد قام على منطقة وسطية كبيرة مساحتها 31 مترا مربعا تحدها أربع ركائز ضخمة تشكل سندا للبناء بأكمله، تحيط بها سلسلة ممرات جانبية وفوقها قبة ضخمة.
ويقول ميخائيل فاسيلياديس، رئيس تحرير صحيفة «أبويفماتيني» اليونانية ومقرها في إسطنبول: «البعض يرى آيا صوفيا حزينة منذ أكثر من 500 سنة ويريدون أن تصبح كنيسة مجددا».
وقال فاسيلياديس، الناطق باسم اليونانيين في إسطنبول، إنه لا حاجة لتحريك حرب أديان مجددا. وأضاف فاسيلياديس (74 عاما): «من أجل خير العلاقات بين المجموعتين من الأفضل أن يبقى هذا المعلم رمزا للتعايش». وأوضح «ليس من مصلحة أحد إعادة فتح الجروح».
وفي المعسكر الآخر يبدو أن ناشطي حزب الاتحاد الكبير الإسلامي والقومي في غاية التصميم. وقال نائب رئيس حزب الاتحاد الكبير بيرم كرجان «إن عملية المسح تقول إن آيا صوفيا مسجد يضم مدافن وأماكن عامة ومكان عبادة ومدرسة فقه».
وأكد «لم يقبل الشعب التركي أبدا تحويل آيا صوفيا إلى متحف».
وكان هذا الحزب طلب مرارا تحويل كاتدرائية آيا صوفيا المدرجة على لائحة اليونيسكو للتراث العالمي، لكن دون نتيجة.
وعلى الساحة الكبرى في حي السلطان أحمد الفاصل بين آيا صوفيا والمسجد الأزرق، تتجمع الحشود التي فوجئت لإعادة تحريك هذا الجدل. وقال الإيراني غيلاري كيازند (32 عاما): «لا أفهم لماذا يجب تحويل آيا صوفيا مجددا إلى مسجد إذا بقيت لفترة طويلة متحفا استقبل الديانتين». وذكر أحمد كوياس، الأستاذ المحاضر في جامعة غلطة سراي بإسطنبول، أن الدوافع السياسية للحكومة الإسلامية المحافظة قبل أشهر من الانتخابات المحلية وراء هذا القرار.
وقال: «بدأت السلطة حملة لجذب بعض الأصوات من هنا وهناك، لكنني لا أعتقد أن ذلك سيفضي إلى نتيجة».
ومنذ أشهر كثف أردوغان الذي بات يطلق عليه لقب «السلطان الجديد» اتخاذ القرارات ذات الطابع الديني، من فرض قيود على بيع الخمور واستهلاكها إلى السماح بارتداء الحجاب في الوظائف العامة.
وحولت كنيستان أخيرا في تركيا إلى مسجدين. وفي إسطنبول سيحول دير مهجور يعود إلى القرن الخامس إلى مسجد العام المقبل.
وبات عدد المساجد في تركيا 83 ألفا بزيادة نسبتها 7% منذ وصول أردوغان إلى السلطة قبل وقال فهمي سيمسك أحد تجار الحي ساخرا: «هناك الكثير من المساجد هنا ومعظمها فارغة». وأضاف: «من سيشغل كل هذه المساجد إذا حولت آيا صوفيا إلى مسجد؟ كما أنه لن يكون هناك سياح». وقالت سيفداس، المحجبة المقيمة في حي السلطان أحمد: «آيا صوفيا لنا وبالتالي يجب أن تكون مسجدا». ورد الأستاذ كوياس: «يعاني البعض للأسف من عقدة النقص ويشعرون بالحاجة لتأكيد وجود الإسلام. لهذا السبب يريدون تحويل آيا صوفيا إلى مسجد وسيكون ذلك ضربة جديدة إلى النظام العلماني في تركيا».



«يوم 13» يطارد «هارلي» في سباق إيرادات «الفطر السينمائي» بمصر

أحمد داود في لقطة من الفيلم
أحمد داود في لقطة من الفيلم
TT

«يوم 13» يطارد «هارلي» في سباق إيرادات «الفطر السينمائي» بمصر

أحمد داود في لقطة من الفيلم
أحمد داود في لقطة من الفيلم

حقق فيلم الرعب والإثارة «يوم 13» مفاجأة خلال الأيام الماضية في شباك التذاكر بمصر، حيث حصد أعلى إيراد يومي متفوقاً على فيلم «هارلي» لمحمد رمضان، الذي لا يزال محتفظاً بالمركز الأول في مجمل إيرادات أفلام موسم عيد الفطر محققاً ما يزيد على 30 مليون جنيه مصري حتى الآن (نحو مليون دولار أميركي)، بينما يطارده في سباق الإيرادات «يوم 13» الذي حقق إجمالي إيرادات تجاوزت 20 مليون جنيه حتى الآن.
ويعد «يوم 13» أول فيلم عربي بتقنية ثلاثية الأبعاد، وتدور أحداثه في إطار من الرعب والإثارة من خلال عز الدين (يؤدي دوره الفنان أحمد داود) الذي يعود من كندا بعد سنوات طويلة باحثاً عن أهله، ويفاجأ بعد عودته بالسمعة السيئة لقصر العائلة المهجور الذي تسكنه الأشباح، ومع إقامته في القصر يكتشف مغامرة غير متوقعة. الفيلم من تأليف وإخراج وائل عبد الله، وإنتاج وتوزيع شركته وشقيقه لؤي عبد الله «أوسكار»، ويؤدي بطولته إلى جانب أحمد داود كل من دينا الشربيني، وشريف منير، وأروى جودة، كما يضم عدداً من نجوم الشرف من بينهم محمود عبد المغني، وفرح، وأحمد زاهر، ومحمود حافظ، وجومانا مراد، ووضع موسيقاه هشام خرما.
وقال مخرج الفيلم وائل عبد الله في تصريحات لـ«الشرق الأوسط» إنه ليس متفاجئاً بالإيرادات التي حققها الفيلم، ولكنه كان متخوفاً من الموسم نفسه ألا يكون جيداً، قائلاً إن «إقبال الجمهور حطم مقولة إن جمهور العيد لا يقبل إلا على الأفلام الكوميدية، وإنه يسعى للتنوع ولوجود أفلام أخرى غير كوميدية، وإن الفيصل في ذلك جودة الفيلم، مؤكداً أن الفيلم احتل المركز الأول في الإيرادات اليومية منذ انتهاء أسبوع العيد».
وكشف عبد الله أن الفيلم استغرق عامين، خلاف فترات التوقف بسبب جائحة كورونا، وأنه تضمن أعمال غرافيك كبيرة، ثم بعد ذلك بدأ العمل على التقنية ثلاثية الأبعاد التي استغرق العمل عليها عشرة أشهر كاملة، مؤكداً أنه درس طويلاً هذه التقنية وأدرك عيوبها ومميزاتها، وسعى لتلافي الأخطاء التي ظهرت في أفلام أجنبية والاستفادة من تجارب سابقة فيها.
وواصل المخرج أنه كان يراهن على تقديم الفيلم بهذه التقنية، لا سيما أن أحداً في السينما العربية لم يقدم عليها رغم ظهورها بالسينما العالمية قبل أكثر من عشرين عاماً، موضحاً أسباب ذلك، ومن بينها ارتفاع تكلفتها والوقت الذي تتطلبه، لذا رأى أنه لن يقدم على هذه الخطوة سوى أحد صناع السينما إنتاجياً وتوزيعياً، مشيراً إلى أن «ميزانية الفيلم وصلت إلى 50 مليون جنيه، وأنه حقق حتى الآن إيرادات وصلت إلى 20 مليون جنيه».
ورغم عدم جاهزية بعض السينمات في مصر لاستقبال الأفلام ثلاثية الأبعاد، فقد قام المخرج بعمل نسخ «2 دي» لبعض دور العرض غير المجهزة، مؤكداً أن استقبال الجمهور في القاهرة وبعض المحافظات للفيلم لم يختلف، منوهاً إلى أن ذلك سيشجع كثيراً على تقديم أفلام بتقنية ثلاثية الأبعاد في السينما العربية.