البرلمان التونسي يسائل وزراء الداخلية والعدل والدفاع بشأن الوضع الأمني في البلاد

الأحزاب السياسية تفشل في التوافق على مواعيد الانتخابات

البرلمان التونسي يسائل وزراء الداخلية والعدل والدفاع بشأن الوضع الأمني في البلاد
TT

البرلمان التونسي يسائل وزراء الداخلية والعدل والدفاع بشأن الوضع الأمني في البلاد

البرلمان التونسي يسائل وزراء الداخلية والعدل والدفاع بشأن الوضع الأمني في البلاد

خصص المجلس التأسيسي (البرلمان) التونسي، أمس، جلسته المسائية لمساءلة وزراء الداخلية والدفاع والعدل بشأن الوضع الأمني والأحداث الإرهابية الأخيرة، التي شهدتها البلاد، وفي مقدمتها انفجار لغم في جبل السلوم، القريب من جبل الشعانبي في القصرين (وسط غرب تونس)، مما أدى إلى إصابة مواطنين بجراح.

ورفض مصطفى بن جعفر رئيس المجلس، الموافقة على طلب مجموعة من الأحزاب السياسية، من بينها حركة النهضة، عقد جلسة سرية نظرا لطبيعة المعطيات والمعلومات المقدمة في مثل هذه الجلسات البرلمانية.

وكان لطفي بن جدو وزير الداخلية، قد امتنع خلال جلسة مساءلة سابقة عن تقديم معلومات عن العمليات الإرهابية، واكتفى بإجابات سطحية.

وتساءل أكثر من نائب خلال الجلسة عن الأسباب التي تقف في وجه المؤسسة الأمنية والعسكرية لاستئصال الإرهاب، والقضاء على المجموعات الإرهابية التي تطل برأسها في كل مرة من موقع مختلف.

ودافعت الوزارات الثلاث (الداخلية والدفاع والعدل)، بوصفها المكلفة ملف الإرهاب، عن النجاحات التي سجلتها استراتيجية مكافحة الإرهابيين المطبقة في تونس حتى الآن، ودعت في أكثر من مناسبة إلى مشاركة جماعية في القضاء على مظاهر الإرهاب، والتخلص من مناصريه.

وكان بن جدو قد دعا، خلال مناقشة مشروع قانون مكافحة الإرهاب داخل البرلمان، إلى تمكين المؤسسة العسكرية من تعقب آثار المجموعات الإرهابية في المناطق السكنية، وتقنين هذه العملية ضمن فصول قانون مكافحة الإرهاب، المعروض حاليا على النقاش داخل البرلمان، من قبل وزارة العدل والعدالة الانتقالية، وذلك لضمان مشاركة الجيش إلى جانب قوات الأمن والحرس في مكافحة الإرهاب.

ويمنع قانون مكافحة الإرهاب، المعروف بقانون 2003، المؤسسة العسكرية، من تعقب الإرهابيين داخل المناطق السكنية، إذ لا يمكن لرجال الأمن مواجهتهم إلا في المناطق الخارجة عن العمران (المناطق الريفية).

وتخشى تونس عودة مئات المقاتلين من سوريا وليبيا، بعد أن تلقوا تدريبات قتالية عالية، إذ أبدت وزارة الداخلية تخوفها من عودة 460 جهاديا من سوريا.

كما كشف وزير الداخلية عن نجاح بلاده في منع أكثر من ثمانية آلاف تونسي من التوجه إلى القتال في سوريا. وتحدثت تقارير غربية عن وجود أكثر من ثلاثة آلاف تونسي يقاتلون هناك حاليا. كما شكلت تونس لجنة لمتابعة الأوضاع في ليبيا، ووجهت خمسة آلاف جندي إضافي إلى الحدود الشرقية مع ليبيا، خشية تسلل عناصر إرهابية إلى تونس.

على صعيد آخر، فشلت سادس جلسة حوار وطني خصصت للحسم في مسألة الفصل أو التزامن في إجراء الانتخابات الرئاسية والبرلمانية المقبلة، وسيطر خيار «التخندق السياسي» على عملية التوافق، ونتيجة لذلك، أجل قرار العودة لمناقشة هذا الموضوع إلى جلسة جديدة، بعد أن عبر أكثر من طرف سياسي عن صعوبة الحسم في هذه المسألة. كما انتقدت الجبهة الشعبية، التي يتزعمها حمة الهمامي، مواقف بعض الأحزاب السياسية.

وقال جلول عزونة القيادي في الجبهة إن بعض الأحزاب لا تبحث عن التوافق السياسي، بقدر سعيها إلى فرض رؤيتها على بقية الأطراف السياسية.

ورفضت مجموعة من الأحزاب التونسية، من بينها حزب التكتل الديمقراطي من أجل العمل والحريات، بزعامة مصطفى بن جعفر، التصويت على خيار الفصل أو التزامن في موعد الانتخابات باللجوء إلى البرلمان، لعلمها المسبق أن الكفة تميل لصالح حركة النهضة، وستكون صاحبة الكلمة الفصل عن طريق أغلبية الأصوات، ودافعت في المقابل عن التصويت بين الأحزاب الممثلة في البرلمان والمشاركة في جلسة الحوار (20 حزبا سياسيا).



الحوثيون يكثّفون حملة الاعتقالات في معقلهم الرئيسي

جنود حوثيون يركبون شاحنة في أثناء قيامهم بدورية في مطار صنعاء (إ.ب.أ)
جنود حوثيون يركبون شاحنة في أثناء قيامهم بدورية في مطار صنعاء (إ.ب.أ)
TT

الحوثيون يكثّفون حملة الاعتقالات في معقلهم الرئيسي

جنود حوثيون يركبون شاحنة في أثناء قيامهم بدورية في مطار صنعاء (إ.ب.أ)
جنود حوثيون يركبون شاحنة في أثناء قيامهم بدورية في مطار صنعاء (إ.ب.أ)

أطلقت الجماعة الحوثية سراح خمسة من قيادات جناح حزب «المؤتمر الشعبي» في مناطق سيطرتها، بضمانة عدم المشاركة في أي نشاط احتجاجي أو الاحتفال بالمناسبات الوطنية، وفي المقابل كثّفت في معقلها الرئيسي، حيث محافظة صعدة، حملة الاعتقالات التي تنفّذها منذ انهيار النظام السوري؛ إذ تخشى تكرار هذه التجربة في مناطق سيطرتها.

وذكرت مصادر في جناح حزب «المؤتمر الشعبي» لـ«الشرق الأوسط»، أن الوساطة التي قادها عضو مجلس حكم الانقلاب الحوثي سلطان السامعي، ومحافظ محافظة إب عبد الواحد صلاح، أفضت، وبعد أربعة أشهر من الاعتقال، إلى إطلاق سراح خمسة من أعضاء اللجنة المركزية للحزب، بضمانة من الرجلين بعدم ممارستهم أي نشاط معارض لحكم الجماعة.

وعلى الرغم من الشراكة الصورية بين جناح حزب «المؤتمر» والجماعة الحوثية، أكدت المصادر أن كل المساعي التي بذلها زعيم الجناح صادق أبو راس، وهو عضو أيضاً في مجلس حكم الجماعة، فشلت في تأمين إطلاق سراح القادة الخمسة وغيرهم من الأعضاء؛ لأن قرار الاعتقال والإفراج مرتبط بمكتب عبد الملك الحوثي الذي يشرف بشكل مباشر على تلك الحملة التي طالت المئات من قيادات الحزب وكوادره بتهمة الدعوة إلى الاحتفال بالذكرى السنوية للإطاحة بأسلاف الحوثيين في شمال اليمن عام 1962.

قيادات جناح حزب «المؤتمر الشعبي» في صنعاء يتعرّضون لقمع حوثي رغم شراكتهم الصورية مع الجماعة (إكس)

في غضون ذلك، ذكرت وسائل إعلام محلية أن الجماعة الحوثية واصلت حملة الاعتقالات الواسعة التي تنفّذها منذ أسبوعين في محافظة صعدة، المعقل الرئيسي لها (شمال)، وأكدت أنها طالت المئات من المدنيين؛ حيث داهمت عناصر ما يُسمّى «جهاز الأمن والمخابرات»، الذين يقودهم عبد الرب جرفان منازلهم وأماكن عملهم، واقتادتهم إلى معتقلات سرية ومنعتهم من التواصل مع أسرهم أو محامين.

300 معتقل

مع حالة الاستنفار التي أعلنها الحوثيون وسط مخاوف من استهداف قادتهم من قبل إسرائيل، قدّرت المصادر عدد المعتقلين في الحملة الأخيرة بمحافظة صعدة بنحو 300 شخص، من بينهم 50 امرأة.

وذكرت المصادر أن المعتقلين يواجهون تهمة التجسس لصالح الولايات المتحدة وإسرائيل ودول أخرى؛ حيث تخشى الجماعة من تحديد مواقع زعيمها وقادة الجناح العسكري، على غرار ما حصل مع «حزب الله» اللبناني، الذي أشرف على تشكيل جماعة الحوثي وقاد جناحيها العسكري والمخابراتي.

عناصر من الحوثيين خلال حشد للجماعة في صنعاء (إ.ب.أ)

ونفت المصادر صحة التهم الموجهة إلى المعتقلين المدنيين، وقالت إن الجماعة تسعى لبث حالة من الرعب وسط السكان، خصوصاً في محافظة صعدة، التي تستخدم بصفتها مقراً أساسياً لاختباء زعيم الجماعة وقادة الجناح العسكري والأمني.

وحسب المصادر، تتزايد مخاوف قادة الجماعة من قيام تل أبيب بجمع معلومات عن أماكن اختبائهم في المرتفعات الجبلية بالمحافظة التي شهدت ولادة هذه الجماعة وانطلاق حركة التمرد ضد السلطة المركزية منذ منتصف عام 2004، والتي تحولت إلى مركز لتخزين الصواريخ والطائرات المسيّرة ومقر لقيادة العمليات والتدريب وتخزين الأموال.

ومنذ سقوط نظام الرئيس السوري بشار الأسد وانهيار المحور الإيراني، استنفرت الجماعة الحوثية أمنياً وعسكرياً بشكل غير مسبوق، خشية تكرار التجربة السورية في المناطق التي تسيطر عليها؛ حيث نفّذت حملة تجنيد شاملة وألزمت الموظفين العموميين بحمل السلاح، ودفعت بتعزيزات كبيرة إلى مناطق التماس مع القوات الحكومية خشية هجوم مباغت.

خلق حالة رعب

بالتزامن مع ذلك، شنّ الحوثيون حملة اعتقالات شملت كل من يُشتبه بمعارضته لسلطتهم، وبررت منذ أيام تلك الحملة بالقبض على ثلاثة أفراد قالت إنهم كانوا يعملون لصالح المخابرات البريطانية، وإن مهمتهم كانت مراقبة أماكن وجود قادتها ومواقع تخزين الأسلحة في صنعاء.

وشككت مصادر سياسية وحقوقية في صحة الرواية الحوثية، وقالت إنه ومن خلال تجربة عشرة أعوام تبيّن أن الحوثيين يعلنون مثل هذه العمليات فقط لخلق حالة من الرعب بين السكان، ومنع أي محاولة لرصد تحركات قادتهم أو مواقع تخزين الصواريخ والمسيرات.

انقلاب الحوثيين وحربهم على اليمنيين تسببا في معاناة ملايين السكان (أ.ف.ب)

ووفق هذه المصادر، فإن قادة الحوثيين اعتادوا توجيه مثل هذه التهم إلى أشخاص يعارضون سلطتهم وممارساتهم، أو أشخاص لديهم ممتلكات يسعى قادة الجماعة للاستيلاء عليها، ولهذا يعمدون إلى ترويج مثل هذه التهم التي تصل عقوبتها إلى الإعدام لمساومة هؤلاء على السكوت والتنازل عن ممتلكاتهم مقابل إسقاط تلك التهم.

وبيّنت المصادر أن المئات من المعارضين أو الناشطين قد وُجهت إليهم مثل هذه التهم منذ بداية الحرب التي أشعلتها الجماعة الحوثية بانقلابها على السلطة الشرعية في 21 سبتمبر (أيلول) عام 2014، وهي تهم ثبت زيفها، ولم تتمكن مخابرات الجماعة من تقديم أدلة تؤيد تلك الاتهامات.

وكان آخرهم المعتقلون على ذمة الاحتفال بذكرى الإطاحة بنظام حكم أسلافهم في شمال اليمن، وكذلك مالك شركة «برودجي» التي كانت تعمل لصالح الأمم المتحدة، للتأكد من هوية المستفيدين من المساعدات الإغاثية ومتابعة تسلمهم تلك المساعدات؛ حيث حُكم على مدير الشركة بالإعدام بتهمة التخابر؛ لأنه استخدم نظام تحديد المواقع في عملية المسح، التي تمت بموافقة سلطة الحوثيين أنفسهم