موريتانيا تعيش على وقع حرب كلامية بين المعارضة والرئيس

ولد عبد العزيز وصف خطاب المعارضة بـ«دعاية كاذبة ومغرضة»

موريتانيا تعيش على وقع حرب كلامية بين المعارضة والرئيس
TT

موريتانيا تعيش على وقع حرب كلامية بين المعارضة والرئيس

موريتانيا تعيش على وقع حرب كلامية بين المعارضة والرئيس

اندلعت في موريتانيا حرب كلامية بين محمد ولد عبد العزيز الرئيس المنتهية ولايته والمرشح الأبرز للانتخابات الرئاسية، من جهة، والمعارضة التي أعلنت مقاطعتها للانتخابات، من جهة أخرى، إذ يتبادل الطرفان الاتهامات بالفساد وافتعال الأزمات في البلاد، وذلك بالتزامن مع الحملة الانتخابية، التي يتنافس فيها خمسة مترشحين.

في غضون ذلك، نظم المنتدى الوطني للديمقراطية والوحدة، أكبر تشكيل للمعارضة الموريتانية، أول من أمس، مؤتمرا استعرض خلاله ما سماه «الحصيلة الكارثية» في الولاية الأولى للرئيس ولد عبد العزيز، وتطرق فيه إلى عدة محاور تتعلق بالجوانب الاقتصادية والسياسية والاجتماعية والحقوقية خلال فترة حكمه ما بين 2009 - 2014، إذ أكد يحيى ولد أحمد الوقف، رئيس الوزراء الأسبق أن «النمو الذي شهده الاقتصاد الموريتاني في السنوات الأخيرة ليس أفضل مما شهده في الفترات التي سبقت حكم ولد عبد العزيز»؛ وأضاف أن «النمو المسجل في السنوات الأخيرة لم ينعكس على حياة المواطنين».

كما وجه محمد جميل منصور، رئيس حزب التجمع الوطني للإصلاح والتنمية الإسلامي، انتقادات لاذعة إلى طريقة تسيير البلاد، وقال إنها «سلبية وتعاني الترهل وغياب وضوح الرؤية»، مشيرا إلى أن «قرابة 50 في المائة من الشباب يعانون البطالة، التي أصابت حملة الشهادات العليا وأصحاب الحرف على حد سواء».

من جهته، قلل ولد عبد العزيز من خطاب المعارضة ووصفه بـ«الدعاية الكاذبة والمغرضة لمقاطعة الانتخابات»، مشيرا إلى أنها «لن تكون أكثر حظا من تلك التي طالب بها هؤلاء في الانتخابات التشريعية الأخيرة، إذ تجاوزت نسبة المشاركة فيها 75 في المائة محققة بذلك مستوى قياسيا في دول المنطقة»، وفق تعبيره.

وأكد ولد عبد العزيز أن ارتفاع نسبة النمو وصل إلى 6.7 في المائة خلال عام 2013، بعد أن كانت لا تتجاوز اثنين في المائة في 2008، مشيرا إلى أن البطالة انخفضت من 31 في المائة عام 2008 لتصل إلى عشرة في المائة العام الماضي.

وأوضح ولد عبد العزيز في خطاب انتخابي، نظمه أول من أمس، أنه عمل في السنوات الأخيرة على «ترسيخ وتكريس الديمقراطية، حيث مكن حوار 2011، الذي رفض جزء من المعارضة المشاركة فيه، البلاد من أن تصبح فضاء للديمقراطية والحرية»، وتحدث عن «تشكيل لجنة مستقلة للانتخابات بشكل توافقي، والترخيص لـ97 حزبا سياسيا جديدا، كما تبوأت موريتانيا لأول مرة الصدارة في حرية الصحافة في العالم العربي». وتعهد ولد عبد العزيز الساعي إلى الظفر بولاية رئاسية ثانية، بالعمل على «تعزيز مفهوم المواطنة والقضاء على الفئوية والطائفية والعرقية والقبلية، وحماية الوحدة الوطنية والتعايش بين جميع فئات الشعب، وضمان تكافؤ الفرص بين جميع المواطنين»، داعيا الناخبين إلى التصويت بكثافة يوم 21 يونيو (حزيران) الحالي، موعد الانتخابات الرئاسية.

وبينما يحتدم الصراع «اللفظي» بين المعارضة التي تقاطع الانتخابات، وولد عبد العزيز يواصل مؤيدو هذا الأخير حملاتهم الدعائية في مناطق البلاد الداخلية للرفع من نسبة المشاركة في الانتخابات، كما بدأت أحزاب المعارضة أمس إرسال بعثات إلى مدن الداخل قصد توعية المواطنين وحثهم على مقاطعة الانتخابات.



للمرة الأولى منذ عقود... مقاتلات فرنسا تغادر سماء تشاد

جنود فرنسيون يودعون أقرانهم التشاديين خلال مغادرة المقاتلات الفرنسية الثلاثاء (الجيش الفرنسي)
جنود فرنسيون يودعون أقرانهم التشاديين خلال مغادرة المقاتلات الفرنسية الثلاثاء (الجيش الفرنسي)
TT

للمرة الأولى منذ عقود... مقاتلات فرنسا تغادر سماء تشاد

جنود فرنسيون يودعون أقرانهم التشاديين خلال مغادرة المقاتلات الفرنسية الثلاثاء (الجيش الفرنسي)
جنود فرنسيون يودعون أقرانهم التشاديين خلال مغادرة المقاتلات الفرنسية الثلاثاء (الجيش الفرنسي)

سحب الفرنسيون من تشاد، الثلاثاء، مقاتلات عسكرية من طراز «ميراج 2000»، ليصبح البلد الأفريقي مترامي الأطراف والحبيس في قلب القارة السمراء، خالياً من أي مقاتلات فرنسية لأول مرة منذ أن نال استقلاله عن باريس قبل 6 عقود.

اليوم، أصبحت سماء تشاد هادئة من أزيز «الميراج» الفرنسية، وأغمضت العين الفرنسية التي ظلّت لعقود طويلة رقيباً لا يغفل على أرض تشاد الشاسعة، الممتدة من صحراء أوزو الحارقة شمالاً، وصولاً إلى أحواض بحيرة تشاد الرطبة في أقاصي الجنوب.

الطائرة التي تُمثّل فخر الصناعة العسكرية الفرنسية، ظلّت لسنوات طويلة صاحبة الكلمة الأولى في السماء التشادية، والسلاح الحاسم الذي تدخّل لقلب موازين السياسة أكثر من مرة، خصوصاً حين حاصر المتمردون القادمون من الشمال الرئيسَ الراحل إدريس ديبي في 2006 و2019.

بداية الرحيل

طائرة «ميراج» فرنسية وهي تغادر قاعدة «غوسي» التشادية الثلاثاء (الجيش الفرنسي)

في حدود منتصف نهار الثلاثاء، كان الجنود الفرنسيون في قاعدة «غوسي» العسكرية في عاصمة تشاد إنجامينا، يتبادلون الابتسامات الباهتة مع أقرانهم التشاديين، فطغت على أجواء الوداع حميمية مصطنعة، وهم يستعدون لركوب طائرات «الميراج»، في رحلة ذهاب دون عودة، نحو فرنسا.

رفع الطيار العسكري الفرنسي يده بتحية عسكرية صارمة، من وراء زجاج طائرته النفاثة، وألقى نظرة أخيرة، ثم حلّق عالياً لتكون بذلك بداية انسحاب فرنسي من بلد دخله أجداده مستعمرين مطلع القرن العشرين، أي قبل 120 عاماً.

الجيش الفرنسي قال في بيان مقتضب تعليقاً على سحب طائراته العسكرية، إن القرار جاء بعد أن قررت تشاد إنهاء العمل باتفاقية التعاون الأمني والعسكري مع فرنسا، يوم 28 نوفمبر (تشرين الثاني) الماضي. وأضاف أن «وجود هذه الطائرات كان تلبية لحاجة سبق أن عبّر عنها الشريك (التشادي)».

فيما قال مصدر فرنسي إن وجود المقاتلات الفرنسية في تشاد لم يعُد مبرّراً بعد إنهاء التعاون العسكري بين البلدين، وأضاف أن «فرنسا تنهي نشر مقاتلاتها في قاعدة (غوسي) الجوية في إنجامينا. والجيش الفرنسي اتخذ قراراً بسحب طائراته الحربية».

رحيل تدريجي

وزير خارجية تشاد، عبد الرحمن كليم الله، نشر تغريدة مقتضبة على موقع «إكس»، قال فيها: «إنه بعد الانسحاب النهائي لمقاتلات (الميراج) الفرنسية وطائرة الدعم والإسناد، نفذت المرحلة الأولى من سحب القوات الفرنسية في تشاد».

كما نشرت الخارجية التشادية بياناً قالت فيه: «إن هذا الحدث يُمثل خطوة كبيرة في تنفيذ الجدول الزمني المتفق عليه بين الطرفين» بخصوص مغادرة القوات الفرنسية، قبل أن تشير إلى أنه «سيتم الترحيل التدريجي للقوات البرية خلال الأسابيع المقبلة».

ويوجد في تشاد نحو ألف جندي فرنسي، كانوا موجودين بموجب اتفاق تعاون عسكري موقع منذ عقود، وجرى تجديده عام 2019، ولكن تشاد قررت الشهر الماضي أن تنهيه من جانب واحد من أجل «تجسيد السيادة» على أراضيها.

وفي هذا السياق، قالت الخارجية التشادية إن الشعب التشادي «يتطلّع إلى مستقبل تحظى فيه السيادة الوطنية بالاحترام الكامل، وتتولى فيه القوات المسلحة الوطنية بشرف وكفاءة الدفاع عن أراضيها وأمن مواطنيها».

ولكنها في الوقت نفسه، شدّدت على «فكّ الارتباط (مع فرنسا) يتم بروح من الاحترام المتبادل والحوار البنّاء للحفاظ على العلاقات الثنائية بين تشاد وفرنسا في المجالات الاستراتيجية الأخرى ذات الاهتمام المشترك».

لجنة مشتركة

جنديان تشاديان خلال مناورات مع سلاح الجو الفرنسي (أرشيف الجيش الفرنسي)

ورغم أن البلدين لم يُعلنا أي تفاصيل حول الجدول الزمني لسحب القوات الفرنسية، فإن المصادر تؤكد تشكيل «لجنة مشتركة» تتولّى الإشراف على العملية، وقد عقدت هذه اللجنة اجتماعها الأول يوم الجمعة الماضي، دون إعطاء أي تفاصيل.

في هذه الأثناء، وصفت صحف فرنسية واسعة الانتشار من بينها «لوموند» ما يجري بأنه «صفعة موجعة» تتلقّاها فرنسا في بلد ظلّ لعقود يمثل حليفاً استراتيجياً في أفريقيا، واليوم يُعدّ آخر مركز نفوذ لفرنسا في منطقة الساحل الأفريقي، حيث سبق أن انسحبت القوات الفرنسية من مالي وبوركينا فاسو والنيجر.

ويصر الفرنسيون على أن ما يحدث في تشاد مختلف عما جرى في دول الساحل الأخرى؛ حيث وقعت قطيعة تامة مع باريس.

ويقول مصدر وصفه الإعلام الفرنسي بأنه قريب من الملف: «إن التشاديين لم يطلبوا سحب القوات بشكل فوري، وبهذه السرعة»، وأضاف: «نحن من أراد التحكم في الانسحاب» تفادياً لأي مفاجآت.