الجيش اليمني يمشّط حيس غداة تحريرها ويستعيد مواقع في البيضاء

TT

الجيش اليمني يمشّط حيس غداة تحريرها ويستعيد مواقع في البيضاء

على وقع المواجهات المتصاعدة في جبهات تعز وصعدة والبيضاء، والتحركات الميدانية للقادة العسكريين لحسم المعركة مع الانقلاب الحوثي، استمر أمس، الجيش اليمني المدعوم من قوات التحالف العربي في تمشيط مديرية حيس جنوبي الحديدة في جبهة الساحل الغربي غداة تحريرها من قبضة الميليشيات.
وأفادت مصادر ميدانية لـ«الشرق الأوسط»، بأن قوات الجيش اليمني المسنودة بقوات التحالف العربي استمرت، أمس، في عمليات التمشيط في مديرية حيس، ثاني مديرية محررة في محافظة الحديدة بعد الخوخة، بالتزامن مع إحكامها السيطرة على خطوط إمداد ميليشيات الحوثي القادمة من جهة محافظة إب شرقي حيس. وذكرت المصادر أن قوات الجيش تقدمت شمالاً باتجاه مديرية الجراحي المجاورة، وسط انهيار تام في صفوف الميليشيات، وهو ما أدى إلى استنفار شديد وسط قيادات الجماعة وناشطيها في صنعاء جراء الصدمة التي تسبب فيها التقدم السريع للقوات الحكومية باتجاه مدينة الحديدة ومينائها.
وفيما أكدت المصادر سقوط أكثر من 30 انقلابياً حوثياً في الأسر إلى جانب عشرات القتلى والجرحى، أفادت بأن الميليشيات أقدمت على تفجير الجسر الذي يربط بين حيس والجراحي في محاولة لإبطاء قوات الجيش التي تتعقبهم بغطاء جوي من طيران التحالف العربي.
إلى ذلك، استمر أمس، تصاعد المعارك التي يقودها الجيش في محافظة تعز (جنوب غرب) ضد الميليشيات الحوثية، في ظل سيطرة الجيش على مواقع مهمة غربي مركز المحافظة التي تحمل ذات الاسم (تعز). وأفاد الموقع الإلكتروني للجيش اليمني (سبتمبر .نت) بأن القوات الحكومية أحكمت السيطرة أمس، على تلّتي الجبورية والصفراء في مديرية جبل حبشي غربي تعز في وقت تخوض فيه معارك ضارية مع الميليشيات الحوثية على أعتاب منطقة شرف العنين في المديرية ذاتها. وقال الموقع إن قوات الجيش «تقترب من استعادة قرية شرف العنين التي تطل على منطقة الرمادة والخط الرابط بين تعز والحديدة الذي يمثل خط إمداد رئيسياً للميليشيات».
وفي الجبهة الغربية لتعز في منطقة الضباب، ذكر موقع الجيش أن المعارك متواصلة منذ أسبوع، وأنها تتركز في جبهة الضباب في محيط التبة السوداء وجبل المنعم والأشعاب، وسط انهيارات في صفوف الميليشيات الحوثية بالتزامن مع سقوط قتلى وجرحى.
وفي محافظة البيضاء (جنوب شرقي صنعاء)، حرّرت قوات الجيش اليمني أمس، منطقة كتاب في مديرية ناطع عقب مواجهات عنيفة مع الانقلابيين الحوثيين، حسبما أفادت وكالة (سبأ) الحكومية نقلاً عن مصادر عسكرية. وأطلقت الميليشيات الحوثية المتمركزة في موقع المختبي بمديرية ذي ناعم، النار عشوائياً على المواطنين بقرية يفعان، ما أدى -حسبما أفادت به الوكالة الحكومية- إلى مقتل مواطن وإصابة آخرين حاولوا إسعافه.
وفي محافظة البيضاء نفسها، أكد موقع «سبتمبر.نت» مقتل اثنين من عناصر الحوثي في كمين نصبه رجال المقاومة القبلية في مديرية القريشية، استهدف عربة عسكرية للميليشيات في أثناء مرورها في وادي الأعرام في منطقة الزوب.
وتواصلت أمس، تحركات القادة العسكريين في محافظة مأرب (شرق صنعاء) لتفقّد ألوية الجيش المرابطة هناك في سياق ما ترجحه المصادر عن اقتراب بدء عمليات جديدة للجيش لحسم معركة صرواح غربي مأرب وفتح جبهة جديدة من جنوبي مأرب نفسها باتجاه البيضاء لخنق الميليشيات الانقلابية والتسريع بتحرير المحافظة.
وفي هذا السياق، زار الفريق محمد المقدشي المستشار العسكري للرئيس عبد ربه منصور هادي، ورئيس الأركان السابق، أمس، «كتائب القوات الخاصة» بمحافظة مأرب، واطّلع على مستوى الجاهزية القتالية والمعنوية لأفرادها. وأمر المقدشي كتائب «القوات الخاصة بالتزام الجاهزية والاستعداد لتنفيذ المهام الموكلة»، حسبما أوردته المصادر الرسمية للحكومة اليمنية. كما أشاد «بالانتصارات التي يحرزها الجيش في الساحل الغربي وفي مختلف الجبهات بدعم وإسناد من قوات التحالف العربي».
وقال مستشار الرئيس اليمني، إن «تعز ستتحرر قريباً، وإن الجيش الوطني بات على أطراف صنعاء، ويتقدم في محافظة البيضاء، وإن العصابات الحوثية أصبحت مُهدّدة في عقر دارها بمحافظة صعدة مع تقدم الجيش الوطني والمقاومة الشعبية في عمقها وباتجاه منطقة برط بمحافظة الجوف، والاقتراب باتجاه حرف سفيان بمحافظة عمران». وعبّر المقدشي عن شكره لجهود التحالف العربي لـ«دعم ومساندة الشعب اليمني لاستعادة دولته وشرعيته ومواجهة العصابات الحوثية والقوى التي تقف خلفها» والتي تُنفّذ، على حد قوله، «أجندات مستوردة وتحاول انتزاع اليمن من محيطه العربي وتحويله إلى بؤرة خطر لتهديد الجوار والإقليم والمصالح الدولية».


مقالات ذات صلة

الحوثيون يواجهون مخاوفهم من مصير الأسد بالقمع والتحشيد

العالم العربي مقاتلون حوثيون جدد جرى تدريبهم وإعدادهم أخيراً بمزاعم مناصرة قطاع غزة (إعلام حوثي)

الحوثيون يواجهون مخاوفهم من مصير الأسد بالقمع والتحشيد

لجأت الجماعة الحوثية إلى مواجهة مخاوفها من مصير نظام الأسد في سوريا بأعمال اختطاف وتصعيد لعمليات استقطاب وتطييف واسعة وحشد مقاتلين

وضاح الجليل (عدن)
المشرق العربي عضو مجلس القيادة الرئاسي اليمني طارق صالح خلال الاجتماع (سبأ)

طارق صالح يدعو إلى تجاوز الخلافات والاستعداد ليوم الخلاص الوطني

دعا عضو مجلس القيادة الرئاسي اليمني طارق صالح إلى ما أسماه «وحدة المعركة»، والجاهزية الكاملة والاستعداد لتحرير العاصمة اليمنية صنعاء من قبضة الميليشيات الحوثية.

عبد الهادي حبتور (الرياض)
المشرق العربي جانب من اجتماع سابق في عمّان بين ممثلي الحكومة اليمنية والحوثيين خاص بملف الأسرى والمحتجزين (مكتب المبعوث الأممي)

واشنطن تفرض عقوبات على عبد القادر المرتضى واللجنة الحوثية لشؤون السجناء

تعهَّدت واشنطن بمواصلة تعزيز جهود مساءلة مرتكبي الانتهاكات الجسيمة لحقوق الإنسان في اليمن، بمَن فيهم «مسؤولو الحوثيين».

عبد الهادي حبتور (الرياض)
العالم العربي من عرض عسكري ألزم الحوثيون طلبة جامعيين على المشاركة فيه (إعلام حوثي)

حملة حوثية لتطييف التعليم في الجامعات الخاصة

بدأت الجماعة الحوثية فرض نفوذها العقائدي على التعليم الجامعي الخاص بإلزامه بمقررات طائفية، وإجبار أكاديمييه على المشاركة في فعاليات مذهبية، وتجنيد طلابه للتجسس.

وضاح الجليل (عدن)
المشرق العربي وزير الإعلام والثقافة والسياحة اليمني معمر الإرياني (سبأ)

​وزير الإعلام اليمني: الأيام المقبلة مليئة بالمفاجآت

عقب التطورات السورية يرى وزير الإعلام والثقافة والسياحة اليمني معمر الإرياني أن المنطقة مقبلة على مرحلة جديدة تحمل الأمل والحرية

عبد الهادي حبتور (الرياض)

اللاجئون الفلسطينيون يعودون إلى مخيم «اليرموك» في سوريا

اللاجئ الفلسطيني خالد خليفة يدعو لابنه المدفون في مقبرة مخيم اليرموك المدمرة (أ.ف.ب)
اللاجئ الفلسطيني خالد خليفة يدعو لابنه المدفون في مقبرة مخيم اليرموك المدمرة (أ.ف.ب)
TT

اللاجئون الفلسطينيون يعودون إلى مخيم «اليرموك» في سوريا

اللاجئ الفلسطيني خالد خليفة يدعو لابنه المدفون في مقبرة مخيم اليرموك المدمرة (أ.ف.ب)
اللاجئ الفلسطيني خالد خليفة يدعو لابنه المدفون في مقبرة مخيم اليرموك المدمرة (أ.ف.ب)

كان مخيم اليرموك للاجئين في سوريا، الذي يقع خارج دمشق، يُعدّ عاصمة الشتات الفلسطيني قبل أن تؤدي الحرب إلى تقليصه لمجموعة من المباني المدمرة.

سيطر على المخيم، وفقاً لوكالة «أسوشييتد برس»، مجموعة من الجماعات المسلحة ثم تعرض للقصف من الجو، وأصبح خالياً تقريباً منذ عام 2018، والمباني التي لم تدمرها القنابل هدمت أو نهبها اللصوص.

رويداً رويداً، بدأ سكان المخيم في العودة إليه، وبعد سقوط الرئيس السوري السابق بشار الأسد في 8 ديسمبر (كانون الأول)، يأمل الكثيرون في أن يتمكنوا من العودة.

في الوقت نفسه، لا يزال اللاجئون الفلسطينيون في سوريا، الذين يبلغ عددهم نحو 450 ألف شخص، غير متأكدين من وضعهم في النظام الجديد.

أطفال يلعبون أمام منازل مدمرة بمخيم اليرموك للاجئين في سوريا (أ.ف.ب)

وتساءل السفير الفلسطيني لدى سوريا، سمير الرفاعي: «كيف ستتعامل القيادة السورية الجديدة مع القضية الفلسطينية؟»، وتابع: «ليس لدينا أي فكرة لأننا لم نتواصل مع بعضنا بعضاً حتى الآن».

بعد أيام من انهيار حكومة الأسد، مشت النساء في مجموعات عبر شوارع اليرموك، بينما كان الأطفال يلعبون بين الأنقاض. مرت الدراجات النارية والدراجات الهوائية والسيارات أحياناً بين المباني المدمرة. في إحدى المناطق الأقل تضرراً، كان سوق الفواكه والخضراوات يعمل بكثافة.

عاد بعض الأشخاص لأول مرة منذ سنوات للتحقق من منازلهم. آخرون كانوا قد عادوا سابقاً ولكنهم يفكرون الآن فقط في إعادة البناء والعودة بشكل دائم.

غادر أحمد الحسين المخيم في عام 2011، بعد فترة وجيزة من بداية الانتفاضة ضد الحكومة التي تحولت إلى حرب أهلية، وقبل بضعة أشهر، عاد للإقامة مع أقاربه في جزء غير مدمر من المخيم بسبب ارتفاع الإيجارات في أماكن أخرى، والآن يأمل في إعادة بناء منزله.

هيكل إحدى ألعاب الملاهي في مخيم اليرموك بسوريا (أ.ف.ب)

قال الحسين: «تحت حكم الأسد، لم يكن من السهل الحصول على إذن من الأجهزة الأمنية لدخول المخيم. كان عليك الجلوس على طاولة والإجابة عن أسئلة مثل: مَن هي والدتك؟ مَن هو والدك؟ مَن في عائلتك تم اعتقاله؟ عشرون ألف سؤال للحصول على الموافقة».

وأشار إلى إن الناس الذين كانوا مترددين يرغبون في العودة الآن، ومن بينهم ابنه الذي هرب إلى ألمانيا.

جاءت تغريد حلاوي مع امرأتين أخريين، يوم الخميس، للتحقق من منازلهن. وتحدثن بحسرة عن الأيام التي كانت فيها شوارع المخيم تعج بالحياة حتى الساعة الثالثة أو الرابعة صباحاً.

قالت تغريد: «أشعر بأن فلسطين هنا، حتى لو كنت بعيدة عنها»، مضيفة: «حتى مع كل هذا الدمار، أشعر وكأنها الجنة. آمل أن يعود الجميع، جميع الذين غادروا البلاد أو يعيشون في مناطق أخرى».

بني مخيم اليرموك في عام 1957 للاجئين الفلسطينيين، لكنه تطور ليصبح ضاحية نابضة بالحياة حيث استقر العديد من السوريين من الطبقة العاملة به. قبل الحرب، كان يعيش فيه نحو 1.2 مليون شخص، بما في ذلك 160 ألف فلسطيني، وفقاً لوكالة الأمم المتحدة للاجئين الفلسطينيين (الأونروا). اليوم، يضم المخيم نحو 8 آلاف لاجئ فلسطيني ممن بقوا أو عادوا.

لا يحصل اللاجئون الفلسطينيون في سوريا على الجنسية، للحفاظ على حقهم في العودة إلى مدنهم وقراهم التي أُجبروا على مغادرتها في فلسطين عام 1948.

لكن، على عكس لبنان المجاورة، حيث يُمنع الفلسطينيون من التملك أو العمل في العديد من المهن، كان للفلسطينيين في سوريا تاريخياً جميع حقوق المواطنين باستثناء حق التصويت والترشح للمناصب.

في الوقت نفسه، كانت للفصائل الفلسطينية علاقة معقدة مع السلطات السورية. كان الرئيس السوري الأسبق حافظ الأسد وزعيم «منظمة التحرير الفلسطينية»، ياسر عرفات، خصمين. وسُجن العديد من الفلسطينيين بسبب انتمائهم لحركة «فتح» التابعة لعرفات.

قال محمود دخنوس، معلم متقاعد عاد إلى «اليرموك» للتحقق من منزله، إنه كان يُستدعى كثيراً للاستجواب من قبل أجهزة الاستخبارات السورية.

وأضاف متحدثاً عن عائلة الأسد: «على الرغم من ادعاءاتهم بأنهم مع (المقاومة) الفلسطينية، في الإعلام كانوا كذلك، لكن على الأرض كانت الحقيقة شيئاً آخر».

وبالنسبة لحكام البلاد الجدد، قال: «نحتاج إلى مزيد من الوقت للحكم على موقفهم تجاه الفلسطينيين في سوريا. لكن العلامات حتى الآن خلال هذا الأسبوع، المواقف والمقترحات التي يتم طرحها من قبل الحكومة الجديدة جيدة للشعب والمواطنين».

حاولت الفصائل الفلسطينية في اليرموك البقاء محايدة عندما اندلع الصراع في سوريا، ولكن بحلول أواخر 2012، انجر المخيم إلى الصراع ووقفت فصائل مختلفة على جوانب متعارضة.

عرفات في حديث مع حافظ الأسد خلال احتفالات ذكرى الثورة الليبية في طرابلس عام 1989 (أ.ف.ب)

منذ سقوط الأسد، كانت الفصائل تسعى لتوطيد علاقتها مع الحكومة الجديدة. قالت مجموعة من الفصائل الفلسطينية، في بيان يوم الأربعاء، إنها شكلت هيئة برئاسة السفير الفلسطيني لإدارة العلاقات مع السلطات الجديدة في سوريا.

ولم تعلق القيادة الجديدة، التي ترأسها «هيئة تحرير الشام»، رسمياً على وضع اللاجئين الفلسطينيين.

قدمت الحكومة السورية المؤقتة، الجمعة، شكوى إلى مجلس الأمن التابع للأمم المتحدة تدين دخول القوات الإسرائيلية للأراضي السورية في مرتفعات الجولان وقصفها لعدة مناطق في سوريا.

لكن زعيم «هيئة تحرير الشام»، أحمد الشرع، المعروف سابقاً باسم «أبو محمد الجولاني»، قال إن الإدارة الجديدة لا تسعى إلى صراع مع إسرائيل.

وقال الرفاعي إن قوات الأمن الحكومية الجديدة دخلت مكاتب ثلاث فصائل فلسطينية وأزالت الأسلحة الموجودة هناك، لكن لم يتضح ما إذا كان هناك قرار رسمي لنزع سلاح الجماعات الفلسطينية.