توقعات بارتفاع أسعار المساكن بنسب تتراوح ما بين 3 إلى 6 % في تونس

تعيش السوق العقارية في تونس على وقع التأثيرات السلبية المتوقعة للزيادة التي سيعرفها القطاع، إثر توظيف الحكومة التونسية لأول مرة نسبة أداء على القيمة المضافة، لا تقل عن 13 في المائة، ضمن قانون المالية لسنة 2018 في انتظار الترفيع فيها إلى حدود 19 في المائة، ابتداءً من الأول من يناير (كانون الثاني) سنة 2020، وهو ما سيؤثر على أسعار المساكن، ويقلل من نسب الطلب، خصوصاً على الشقق والمحلات السكنية المرتفعة الأسعار، كما أنه سينعكس على كلفة اقتناء العقارات بشكل عام وعلى أسعار الإيجار بشكل خاص.
وفي هذا الشأن، أكد فهمي شعبان رئيس الغرفة النقابية للباعثين العقاريين أن أسعار المساكن في تونس ستعرف ارتفاعاً بين 3 و6 في المائة، وأن ثمن المسكن المقدر سنة 2017 بنحو 200 ألف دينار تونسي (80 ألف دولار)، سيتم تسويقه خلال السنة الحالية بقرابة 226 ألف دينار تونسي (نحو 91 ألف دولار)، وهو ما سيخفض من نسب الطلب على العقارات، ويرهق المستثمرين في المجال العقاري الذين سيواجهون صعوبات إضافية، على حد تعبيره، نتيجة إثقال كاهلهم بمصاريف إضافية. وأشار إلى أنهم مطالبون بتسديد قروض سابقة لفائدة البنوك لا تقل قيمتها عن 4 مليارات دينار تونسي (نحو ألف و600 مليون دولار) وفق مستثمرين في المجالات العقارية، من المنتظر أن تؤدي الزيادة الموظفة على القيمة المضافة، والمقدرة بنحو 13 في المائة، إلى ارتفاع الأسعار بنحو 15 ألف دولار في سعر الشقة الواحدة في المتوسط.
واعتبر المصدر ذاته أن مستقبل قطاع البعث العقاري «غامض وصعب» على حد قوله. ويبلغ الرصيد العقاري غير المبيع، وفق تقديرات الغرفة الوطنية للباعثين العقاريين، نحو 300 ألف وحدة سكنية، بسبب الارتفاع غير المسبوق في أسعار العقارات خلال السنوات الأخيرة.
وقدمت الغرفة النقابية للباعثين العقاريين عدة مقترحات هدفها تحديد سقف الأداء على القيمة المضافة في حدود 9 في المائة قبل الشروع الفوري في تطبيق 13 في المائة، إلا أن هذا المقترح قُوبل بالرفض.
وأشار إلى أن مثل هذه الإجراءات المتخذة من جانب واحد، ستجبر الباعثين العقاريين على الترفيع في الأسعار بصفة آلية، رغم تأكدهم من عجز المقبل على العقارات على تحمل المزيد من المصاريف الإضافية الباهظة، على حد تعبيره.
ويؤكد خبراء تونسيون مختصون في المجالات العقارية على أن سوق العقارات في تونس دخلت منذ سنة 2014 في مرحلة ركود، تسببت في ارتفاع عدد الوحدات العقارية غير المسوقة، نتيجة الارتفاع الكبير في سعر المتر المربع الواحد، ما دفع حكومة الشاهد إلى البحث عن حلول لفك الحصار على هذا القطاع من خلال إطلاق برنامج «المسكن الأول».
وتتراوح أسعار العقارات في العاصمة التونسية بين 1200 و3000 دينار للمتر المربع بحسب الموقع (الدولار الأميركي يساوي نحو 2.5 دينار تونسي واليورو نحو 3 دنانير)، ويبدأ السعر المقترح للمتر المربع في منطقة المنزه من 1400 دينار تونسي، أما في شارع الحبيب بورقيبة وسط العاصمة أو في شارع محمد الخامس فيتراوح سعر المتر المربع بين 1400 و2500 دينار. أما في منطقة البحيرة سعر التفاوض على المتر المتربع الواحد ينحصر بين 1800 و2200 دينار تونسي.
أما بالنسبة للشقق ذات المساحة من 200 إلى 300 متر مربع فقد بلغ سعرها 2500 دينار للمتر المربع في عديد المناطق مثل المرسى وقمرت (الضاحية الشمالية للعاصمة)، وهو ما يعني أن سعر الشقة يتراوح بين 500 و750 ألف دينار تونسي، بينما في منطقة العوينة تراوح السعر بين 1150 و1350 ديناراً، وفي عين زغوان بين 1600 و1900 دينار للمتر المربع.
وواصلت أسعار العقارات في منطقة الوطني القبلي (شمال شرقي تونس)، الارتفاع، مع تزايد طلب الإيطاليين على المناطق السياحية، وكذلك التونسيين المقيمين بالخارج. في هذه المنطقة يلاحظ وجود 4 أقطاب، أولها الحمامات، حيث يتراوح سعر المتر المربع بين 1600 و2200 دينار تونسي، ويقدر في المرازقة بما بين 1350 إلى 1650 ديناراً، ويتراوح السعر في منطقتي نابل وقليبية بين 1300 و1600 دينار للمتر المربع.
وعلى وجه العموم لا يمكن أن يقل سعر المتر المربع الواحد في تلك المناطق المطلة عن البحر عن 1500 دينار تونسي. وفيما يتعلق بأسعار العقارات في منطقة الساحل الشرقي لتونس، فقد تراوحت في سوسة المدينة بين 1200 و1500 دينار للمتر المربع وفي الأحياء الراقية بين 1500 و1700 دينار، بينما يصل السعر إلى 2300 دينار للمتر المربع في منطقة القنطاوي السياحية. أما في منطقة هرقلة فتعتبر الأسعار أكثر قبولاً، حيث تتراوح بين 1100 و1400 دينار للمتر المربع. وفي المنستير تواصل كذلك ارتفاع الأسعار، حيث بلغ معدل سعر المتر المربع 1250 ديناراً، وفي المهدية تراوح بين 1200 و1350 ديناراً تونسياً.
وعبَّر المستثمرون في المجالات العقارية عن غضبهم تجاه الزيادة في الأداء على القيمة المضافة، التي شرعت الحومة في تطبيقها في الأول من يناير (كانون الثاني) الماضي، وفي هذا الشأن قال الشاذلي السلامي رئيس الجمعية التونسية للتطوير العقاري، أن الباعثين العقاريين كانوا ينجزون ما يقارب الـ18 ألف مسكن سنوياً، وتقلص هذا العدد خلال السنوات الأخيرة إلى نحو 8 آلاف مسكن، بسبب تزايد أعباء القطاع من حيث الغلاء المتزايد في المواد الأولية واليد العاملة، إلى جانب الزيادات غير المدروسة، فيما يتعلق بالأداء على القيمة المضافة والتسجيل وغيرها من الأداءات الموظفة على سوق العقارات لفائدة خزينة الدولة.
وأضاف السلامي قوله إن الزيادة على مستوى أسعار مكونات البناء أصبحت واقعاً مفروضاً على سوق العقارات، وعليها أن تتعامل معه يومياً، بسبب تقلبات سعر الصرف، والعجز الجماعي على تحديد الكلفة النهائية للمشاريع العقارية، نتيجة التغيرات المتواترة لأسعار مواد البناء.
وعلى المستوى الاجتماعي كثفت الحكومة التونسية من تدخلاتها، حيث شرعت في تنفيذ آلية جديدة تمثلت في إحداث صندوق ضمان القروض السكنية لفائدة الفئات ذات الدخل غير القارّ، وهو هدف لضمان القروض السكنية التي تسندها البنوك، وذلك بتخصيص اعتماد قدره 50 مليون دينار تونسي (نحو 20 مليون دولار) من موارد ميزانية الدولة لفائدة هذه الآلية. ويرمي هذا الإجراء إلى تمويل شريحة هامة من الفئات ذات الدخل غير القار ضمن «السكن الأول»، التي تجد صعوبة في النفاذ إلى التمويل البنكي، مما يساهم في دعم الاندماج المالي. وتقدم الحكومة عدة صيغ للحصول على مساكن اجتماعية مخفضة الأسعار على غرار صندوق النهوض بالمساكن الاجتماعية، والصندوق الوطني لتحسين المسكن، وادخار السكن في بنك الإسكان المملوك للحكومة إضافة إلى برنامج السّكن الأول.