الرؤساء الثلاثة في بعبدا اليوم بجدول أعمال مفتوح

النقاش سيرتكز على التهديدات الإسرائيلية ويتخلله «غسل قلوب»

TT

الرؤساء الثلاثة في بعبدا اليوم بجدول أعمال مفتوح

تتجه الأنظار اليوم الثلاثاء إلى القصر الجمهوري في بعبدا الذي يستضيف لقاء ثلاثيا يضم إلى رئيس الجمهورية العماد ميشال عون، رئيس المجلس النيابي نبيه بري ورئيس الحكومة سعد الحريري. ويكتسب هذا اللقاء أهمية استثنائية نظرا إلى أنّه من المرجح أن يحتوي الأزمة التي نشأت منذ أكثر من شهر على خلفية مرسوم أقدمية ضباط دورة 1994 وتفاقمت بعد تسريب الفيديو الأخير لوزير الخارجية جبران باسيل والذي ظهر فيه وهو يصف بري بـ«البلطجي»، مما دفع مناصري الأخير إلى الشوارع الأسبوع الماضي.
وينعقد هذا اللقاء تحت عنوان البحث بالأخطار والتهديدات الإسرائيلية سواء تلك المتعلقة بمواصلة إسرائيل بناء الجدار الإسمنتي على طول الحدود اللبنانية الجنوبية وعلى نقاط يتحفظ عليها لبنان، أو تلك المرتبطة بادعاء وزير الدفاع الإسرائيلي أفيغدور ليبرمان بأن البلوك رقم 9 للغاز في البحر المتوسط، عائد لإسرائيل. ومن المرتقب اتفاق الرؤساء الثلاثة خلال اللقاء على «خطة عمل دبلوماسية» لمواجهة التهديدات الإسرائيلية، على أن يتوسع بعدها النقاش ليشمل الملفات الخلافية التي أدّت لتدهور الأوضاع في الأيام الماضية إلى حد انفجارها في الشارع بين جمهوري «التيار الوطني الحر» وحركة «أمل».
وأكد مصدر رسمي أن الاجتماع المرتقب اليوم في بعبدا لا يخضع لجدول أعمال أو أجندة محددة، لافتا في تصريح لـ«الشرق الأوسط» إلى أن «جدول الأعمال مفتوح»، مرجحا أن «ينطلق النقاش من بوابة التهديدات الإسرائيلية، وهو نقاش لن يطول باعتبار أن هناك تفاهما حوله، على أن ينتقل الرؤساء الـ3 بعدها لعملية أشبه بغسل القلوب محاولين التفاهم على الخطوط العريضة للمرحلة المقبلة لتمرير الفترة الزمنية التي تسبق موعد الانتخابات النيابية بأقل الأضرار الممكنة». وأوضح المصدر أن اللقاء سيبدأ ثنائيا بين الرئيسين عون وبري على أن ينضم إليه الرئيس الحريري ليتحول ثلاثيا.
ولا يقتصر الخلاف السياسي حاليا على حركة «أمل» و«التيار الوطني الحر» بل يشمل أيضا تيار «المستقبل» بعد تدهور علاقة بري - الحريري على خلفية ما يعتبره رئيس المجلس النيابي اصطفافا من قبل رئيس الحكومة إلى جانب رئيس الجمهورية في ملف «المرسوم الأزمة» بعدما قام بتوقيعه.
وعلى الرغم من التهدئة التي سادت نهاية الأسبوع الماضي على جبهة بعبدا - عين التينة (مقر بري) وانحسار السجال الإعلامي بين الطرفين، بدا واضحا أن الأزمة لا تزال مستمرة وإن كان بعيدا عن الأضواء، في ظل إصرار فريق الرئيس بري على وجوب قيام الوزير باسيل بتقديم اعتذار للبنانيين مما صدر عنه. وفي هذا المجال، اعتبر النائب ميشال موسى العضو في كتلة «التنمية والتحرير» التي يرأسها بري، أن «الاعتذار الذي طلب من الوزير جبران باسيل ليس لشخص الرئيس نبيه بري إنما للبنانيين لأن المركز الذي تناوله هو مركز وطني عام»، مشددا في حديث إذاعي على «أهمية الاجتماع المنتظر عقده اليوم في بعبدا لحلحلة بعض الأمور وإن كانت بعض الخلافات السياسية ستبقى قائمة وتؤثر تلقائيا على التحالفات الانتخابية».
من جهته، توقع وزير البيئة طارق الخطيب أن يخرج الاجتماع الذي سيعقد بين الرئيسين ميشال عون ونبيه بري بـ«موقف لبناني واحد بمواجهة التحديات الإسرائيلية حول الغاز في البحر الذي تدعي إسرائيل امتلاكها له»، معربا عن أمله أن «يسود الاجتماع جو من الارتياح ينعكس على الساحة اللبنانية وأن تزول غيمة الصيف التي مرت ونعود لاستئناف الحياة الدستورية». وعن إمكانية عقد جلسة لمجلس الوزراء هذا الأسبوع، أوضح الخطيب في حديث إذاعي أنه حتى الساعة لم يبلغ الوزراء بأي موعد، إلا أنه أعطى فرصة حتى مساء اليوم الثلاثاء لتوزيع جدول الأعمال في حال كان هناك قرار بعقد جلسة.



«الجبهة الوطنية»... حزب مصري جديد يثير تساؤلات وانتقادات

مصريون بمحافظة القاهرة يشاركون في حملة جمع توكيلات لحزب «الجبهة الوطنية» الجديد (صفحة الحزب - فيسبوك)
مصريون بمحافظة القاهرة يشاركون في حملة جمع توكيلات لحزب «الجبهة الوطنية» الجديد (صفحة الحزب - فيسبوك)
TT

«الجبهة الوطنية»... حزب مصري جديد يثير تساؤلات وانتقادات

مصريون بمحافظة القاهرة يشاركون في حملة جمع توكيلات لحزب «الجبهة الوطنية» الجديد (صفحة الحزب - فيسبوك)
مصريون بمحافظة القاهرة يشاركون في حملة جمع توكيلات لحزب «الجبهة الوطنية» الجديد (صفحة الحزب - فيسبوك)

ما زال حزب «الجبهة الوطنية» المصري الجديد يثير انتقادات وتساؤلات بشأن برنامجه وأهدافه وطبيعة دوره السياسي في المرحلة المقبلة، خاصة مع تأكيد مؤسسيه أنهم «لن يكونوا في معسكر الموالاة أو في جانب المعارضة».

وكان حزب «الجبهة الوطنية» مثار جدل وتساؤلات في مصر، منذ الكشف عن اجتماعات تحضيرية بشأنه منتصف الشهر الماضي، انتهت بإعلان تدشينه في 30 ديسمبر (كانون الأول) الماضي.

وتمحورت التساؤلات حول أسباب ظهوره في هذه المرحلة، وهل سيكون بديلاً لحزب الأغلبية في البرلمان المصري (مستقبل وطن)، لا سيما أن مصر مقبلة على انتخابات برلمانية نهاية العام الجاري.

هذه التساؤلات حاول اثنان من مؤسسي الحزب الإجابة عنها في أول ظهور إعلامي مساء السبت، ضمن برنامج «الحكاية» المذاع على قناة «إم بي سي»، وقال وكيل مؤسسي حزب «الجبهة الوطنية» ووزير الإسكان المصري السابق عاصم الجزار، إن «الحزب هو بيت خبرة هدفه إثراء الفكر وإعادة بناء الوعي المصري المعاصر»، مؤكداً أن الحزب «لا يسعى للأغلبية أو المغالبة، بل يستهدف التأثير النوعي وليس الكمي».

وأضاف: «هدفنا تشكيل تحالف من الأحزاب الوطنية القائمة، إذ لن نعمل وحدنا»، معلناً استعداد الحزب الجديد، الذي لا يزال يستكمل إجراءات تأسيسه رسمياً، للتحالف مع «أحزاب الأغلبية مستقبل وطن وحماة وطن والمعارضة والمستقلين أيضاً بهدف خدمة المصلحة الوطنية»، مستطرداً: «لن نكون أداة لتمرير قرارات، بل أداة للإقناع بها».

وشدد الجزار على أن «الحزب لا ينتمي لمعسكر الموالاة أو للمعارضة»، وإنما «نعمل لمصلحة الوطن».

وهو ما أكده رئيس «الهيئة العامة للاستعلامات» بمصر وعضو الهيئة التأسيسية لحزب «الجبهة الوطنية»، ضياء رشوان، الذي قال: «سنشكر الحكومة عندما تصيب ونعارضها عندما تخطئ»، مشيراً إلى أن «مصر ليس لها حزب حاكم حتى يكون هناك حديث عن موالاة ومعارضة».

الانتقادات الموجهة للحزب ارتبطت بتساؤلات حول دوره في ظل وجود نحو 87 حزباً سياسياً، وفق «الهيئة العامة للاستعلامات»، منها 14 حزباً ممثلاً في البرلمان الحالي، يتصدرها حزب «مستقبل وطن» بأغلبية 320 مقعداً، يليه حزب «الشعب الجمهور» بـ50 مقعداً، ثم حزب «الوفد» بـ39 مقعداً، وحزب «حماة الوطن» بـ27 مقعداً، وحزب «النور» الإسلامي بـ11 مقعداً، وحزب «المؤتمر» بـ8 مقاعد.

ورداً على سؤال للإعلامي عمرو أديب، خلال برنامج «الحكاية»، بشأن ما إذا كان الحزب «طامحاً للحكم ويأتي بوصفه بديلاً لحزب الأغلبية»، قال رشوان: «أي حزب سياسي يسعى للحكم، لكن من السذاجة أن نقول إن حزباً يعمل على إجراءات تأسيسه اليوم سيحصد الأغلبية بعد 8 أو 10 أشهر»، مشيراً إلى أن «الحزب لن يعيد تجارب (الهابطين من السماء)». واستطرد: «لن نسعى للأغلبية غداً، لكن قد يكون بعد غد».

وأضاف رشوان أن «الحزب يستهدف في الأساس إعادة بناء الحياة السياسية في مصر بعد فشل تجربة نظام الحزب الواحد في مصر منذ عام 1952»، مشيراً إلى أن «الحزب يستهدف إحياء تحالف 30 يونيو (حزيران)»، لافتاً إلى أن «التفكير فيه هو ثمرة للحوار الوطني الذي أثار زخماً سياسياً».

طوال ما يزيد على ساعة ونصف الساعة حاول الجزار ورشوان الإجابة عن التساؤلات المختلفة التي أثارها إعلان تدشين الحزب، والتأكيد على أنه «ليس سُلمة للوصول إلى البرلمان أو الوزارة»، وليس «بوابة للصعود»، كما شددا على أن «حزب الجبهة يضم أطيافاً متعددة وليس مقصوراً على لون سياسي واحد، وأنه يضم بين جنباته المعارضة».

وعقد حزب «الجبهة الوطنية» نحو 8 اجتماعات تحضيرية على مدار الأسابيع الماضي، وتعمل هيئته التأسيسية، التي تضم وزراء ونواباً ومسؤولين سابقين، حالياً على جمع التوكيلات الشعبية اللازمة لإطلاقه رسمياً.

ويستهدف الحزب، بحسب إفادة رسمية «تدشين أكبر تحالف سياسي لخوض الانتخابات البرلمانية المقبلة، عبر صياغة تفاهمات سياسية واسعة مع الأحزاب الموجودة»، إضافة إلى «لمّ الشمل السياسي في فترة لا تحتمل التشتت».

ومنذ إطلاق الحزب تم ربطه بـ«اتحاد القبائل والعائلات المصرية» ورئيسه رجل الأعمال إبراهيم العرجاني، حتى إن البعض قال إن «الحزب هو الأداة السياسية لاتحاد القبائل». وعزز هذه الأحاديث إعلان الهيئة التأسيسية التي ضمت رجل الأعمال عصام إبراهيم العرجاني.

وأرجع الجزار الربط بين الحزب والعرجاني إلى أن «الاجتماعات التحضيرية الأولى للحزب كانت تجري في مكتبه بمقر اتحاد القبائل؛ كونه أميناً عاماً للاتحاد»، مؤكداً أن «الحزب لا علاقة له باتحاد القبائل». وقال: «العرجاني واحد من عشرة رجال أعمال ساهموا في تمويل اللقاءات التحضيرية للحزب». وأضاف: «الحزب لا ينتمي لشخص أو لجهة بل لفكرة».

وحول انضمام عصام العرجاني للهيئة التأسيسية، قال رشوان إنه «موجود بصفته ممثلاً لسيناء، ووجوده جاء بترشيح من أهل سيناء أنفسهم».

وأكد رشوان أن «البعض قد يرى في الحزب اختراعاً لكتالوج جديد في الحياة السياسية، وهو كذلك»، مشيراً إلى أن «الحزب يستهدف إعادة بناء الحياة السياسية في مصر التي يقول الجميع إنها ليست على المستوى المأمول».

بينما قال الجزار: «نحن بيت خبرة يسعى لتقديم أفكار وحلول وكوادر للدولة، ونحتاج لكل من لديه القدرة على طرح حلول ولو جزئية لمشاكل المجتمع».

وأثارت تصريحات الجزار ورشوان ردود فعل متباينة، وسط تساؤلات مستمرة عن رؤية الحزب السياسية، التي أشار البعض إلى أنها «غير واضحة»، وهي تساؤلات يرى مراقبون أن حسمها مرتبط بالانتخابات البرلمانية المقبلة.

كما رأى آخرون أن الحزب لم يكن مستعداً بعد للظهور الإعلامي.

بينما أشار البعض إلى أن «الحزب ولد بمشاكل تتعلق بشعبية داعميه»، وأنه «لم يفلح في إقناع الناس بأنه ليس حزب موالاة».

وقال مستشار مركز الأهرام للدراسات السياسية والاستراتيجية الدكتور عمرو الشوبكي لـ«الشرق الأوسط» إن «الحزب قدم حتى الآن كلاماً عاماً دون تصور أو رؤية واضحة للإصلاح التدريجي»، موضحاً أنه «من حيث المبدأ من حق أي جماعة تأسيس حزب جديد».

وبينما أكد الشوبكي أن ما عرضه المسؤولون عن الحزب الجديد بشأن «عدم طموحه للحكم لا يختلف عن واقع الحياة السياسية في مصر الذي يترك للدولة تشكيل الحكومة»، مطالباً «بتفعيل دور الأحزاب في الحياة السياسية»، فالمشكلة على حد تعبيره «ليست في إنشاء حزب جديد، بل في المساحة المتاحة للأحزاب».