واشنطن تبدأ بسحب تدريجي لقواتها من العراق

خبير استراتيجي: بعضها إلى سوريا وأفغانستان

TT

واشنطن تبدأ بسحب تدريجي لقواتها من العراق

في الوقت الذي أكدت فيه الحكومة العراقية الأنباء التي تحدثت عن بدء الولايات المتحدة الأميركية البدء بتخفيض قواتها العاملة في العراق فإن خبيرا استراتيجيا أكد أن ما يحصل هو عملية إعادة تموضع أكثر منه سحبا حقيقيا.
وكان المتحدث سعد الحديثي باسم مكتب رئيس الوزراء العراقي حيدر العبادي أكد أمس صحة الأنباء التي تناقلتها مصادر مختلفة بشأن بدء انسحاب القوات الأميركية من العراق. وقال الحديثي في تصريح إن «سحب القوات الأميركية من العراق بدأ بعد إعلان بغداد انتصارها على تنظيم داعش»، مبينا أن «المعركة ضد (داعش) انتهت وأن مستوى الوجود الأميركي سيخفض». وأضاف أن «الانسحاب لا يزال في مراحله المبكرة ولا يشكل في الوقت الحاضر بداية الانسحاب الكامل للقوات الأميركية».
وكان متعهدون غربيون في قاعدة للتحالف بقيادة الولايات المتحدة في العراق كشفوا أن واشنطن بدأت خفض قواتها في البلاد عقب هزيمة «داعش». وأضافوا أن جنودا وأسلحة ومعدات أميركية يجري نقلها من العراق إلى أفغانستان. وأفاد المتعهدون بأن عشرات الجنود الأميركيين غادروا في رحلات يومية خلال الأسبوع الماضي.
ورفض متحدث باسم التحالف تأكيد أو نفي البدء في تخفيض أعداد القوات. وقال المتحدث الكولونيل ريان ديلون لوكالة رويترز: «ننوي إصدار بيان عندما تبدأ القوات في الانسحاب». وأضاف أن «استمرار وجود التحالف سيتحدد وفقا للظروف وبما يتناسب مع الحاجة وبالتنسيق مع الحكومة العراقية».
من جهته، قال الخبير الاستراتيجي هشام الهاشمي في تصريح لـ«الشرق الأوسط» إن «ما يجري في الواقع هو نوع من إعادة الانتشار أكثر مما هو انسحاب، حيث هناك إعادة تموضع وانتشار في سوريا لحرص الولايات المتحدة الأميركية على عدم تسلل أي عناصر من العراق إلى سوريا وبالعكس، سواء كان تعلق بمقاتلي تنظيم داعش أو أي جهات أو فصائل مسلحة أخرى». وأضاف الهاشمي أن «هناك قسما من هذه القوات سيذهب إلى أفغانستان». وبين أن «العدد الكلي للقوات الأميركية في العراق حاليا 8400 مقاتل، غالبيتهم مستشارون وحماياتهم»، مضيفا أن واشنطن «تريد الإبقاء على نحو 4000 مقاتل أميركي في العراق لمدة غير محددة وطبقا للظروف التي تحددها الاستراتيجية الأميركية». وردا على سؤال عما إذا كانت لدى هذه القوات أسلحة ثقيلة، قال الهاشمي: «لا توجد لديها حاليا أسلحة ثقيلة وهي تقيم في 9 معسكرات مشتركة مع الجانب العراقي». ولفت الهاشمي إلى «وجود قوة العمليات الخاصة الإحادية، وعددها 200 شخص، ومهمة هؤلاء هي تتبع قيادات (داعش)، ولا صلة لها بأي جهات عراقية علما بأن عمليات هؤلاء مطلقة، حيث لا يسألون أحدا أو يأخذون رأي أي جهة، بما فيها الحكومة العراقية».
إلى ذلك أكد الخبير الأمني فاضل أبو رغيف في تصريح لـ«الشرق الأوسط» أنه «في الوقت الذي بدأت الولايات المتحدة خفض تواجدها في العراق فإنها بدأت تكثف وجودها في أفغانستان». وأضاف أن «القوات الأميركية بدأت تخفض عدد طائراتها مع الإبقاء على طائرات الأباتشي، وهو ما يعني أن الأميركيين عازمون على الإبقاء على وجود رمزي في العراق إلى حد كبير».
من جهته، أكد نعيم العبودي المتحدث الرسمي باسم عصائب أهل الحق التي طالما عدت الوجود الأميركي في العراق غير شرعي في تصريح لـ«الشرق الأوسط» أن «موقف العصائب من الوجود الأميركي على أرض العراق واضح وهو الرفض سواء للوجود الأميركي أو أي قوات أجنبية» مشيرا إلى أن «وجود قواعد عسكرية أجنبية يحتاج إلى موافقة البرلمان العراقي، حيث لدينا قوات تكفي سواء على مستوى القوات البرية أو الجوية وبدأت تستعيد عافيتها فضلا عن الصنوف الأخرى مثل طيران الجيش أو جهاز مكافحة الإرهاب والشرطة الاتحادية وقوة جديدة هي قوات الحشد الشعبي». ومضى العبودي بالقول إن «الوجود العسكري الأميركي في العراق يعني أن العراق أصبح في محور ضد محور آخر، وهو لا يتناسب مع مبدأ اتخاذ موقف التوازن».
من ناحية ثانية، قال مسؤولان أمس إن القوات العراقية تستعد لشن عملية من أجل تعزيز السيطرة على منطقة قريبة من الحدود مع إيران حتى يمكن استخدامها لنقل النفط العراقي إلى إيران، مما يسلط الضوء على القلق بشأن تلك المنطقة الجبلية التي تنشط فيها جماعتان مسلحتان. وأبلغ المسؤولان وكالة رويترز أن عملية تأمين سلسلة جبال حمرين قد تبدأ هذا الأسبوع. وتقع المنطقة بين حقول نفط كركوك وخانقين على الحدود مع إيران. وأعلن مسؤولون عراقيون في قطاع النفط في ديسمبر (كانون الأول) عن خطط لنقل الخام من كركوك بالشاحنات إلى مصفاة كرمانشاه في إيران.
وكان من المفترض أن يبدأ نقل النفط بالشاحنات الأسبوع الماضي. وأحجم مسؤولون بقطاع النفط عن إبداء أسباب لتأجيله سوى المسائل التقنية. ولم يتحدث المسؤولان تفصيلا عن التهديدات المحتملة لسلسلة جبال حمرين، ولكن من المعروف أن جماعتين متمردتين تنشطان هناك، تتألف إحداهما من فلول تنظيم داعش والأخرى تحمل اسم «الرايات البيضاء» وهي حديثة النشأة وغير معروفة إلى حد بعيد.
وقال هشام الهاشمي إنه من المعتقد أن مقاتلي الجماعة هم «مجموعة من الكرد من عداد الذين نزحوا من مناطق كركوك وطوزخورماتو» في أكتوبر (تشرين الأول) عندما سيطرت القوات العراقية وقوات شبه عسكرية مدعومة من إيران على المنطقة. وأضاف الهاشمي: «ليس للمجموعة المسماة الرايات البيضاء أي علاقة بـ(داعش) أو بحكومة إقليم كردستان».
وأقر مسؤولون في الجيش العراقي بوجود جماعة الرايات البيضاء، لكنهم رفضوا التعليق بشأن العناصر التي تتألف منها أو ما يتعلق بقادتها. وقال مسؤول كردي: «قطعا ليس لحكومة كردستان أي علاقة بهذه المجموعة».



وفد إسرائيلي بالقاهرة... توقعات بـ«اتفاق وشيك» للتهدئة في غزة

طفل يحمل أشياء تم انتشالها من مكب النفايات في خان يونس جنوب قطاع غزة (أ.ف.ب)
طفل يحمل أشياء تم انتشالها من مكب النفايات في خان يونس جنوب قطاع غزة (أ.ف.ب)
TT

وفد إسرائيلي بالقاهرة... توقعات بـ«اتفاق وشيك» للتهدئة في غزة

طفل يحمل أشياء تم انتشالها من مكب النفايات في خان يونس جنوب قطاع غزة (أ.ف.ب)
طفل يحمل أشياء تم انتشالها من مكب النفايات في خان يونس جنوب قطاع غزة (أ.ف.ب)

زار وفد إسرائيلي رفيع المستوى القاهرة، الثلاثاء، لبحث التوصل لتهدئة في قطاع غزة، وسط حراك يتواصل منذ فوز الرئيس الأميركي دونالد ترمب لإنجاز صفقة لإطلاق سراح الرهائن ووقف إطلاق النار بالقطاع المستمر منذ أكثر من عام.

وأفاد مصدر مصري مسؤول لـ«الشرق الأوسط» بأن «وفداً إسرائيلياً رفيع المستوى زار القاهرة في إطار سعي مصر للوصول إلى تهدئة في قطاع غزة، ودعم دخول المساعدات، ومتابعة تدهور الأوضاع في المنطقة».

وأكد مصدر فلسطيني مطلع، تحدث لـ«الشرق الأوسط»، أن لقاء الوفد الإسرائيلي «دام لعدة ساعات» بالقاهرة، وشمل تسلم قائمة بأسماء الرهائن الأحياء تضم 30 حالة، لافتاً إلى أن «هذه الزيارة تعني أننا اقتربنا أكثر من إبرام هدنة قريبة»، وقد نسمع عن قبول المقترح المصري، نهاية الأسبوع الحالي، أو بحد أقصى منتصف الشهر الحالي.

ووفق المصدر، فإن هناك حديثاً عن هدنة تصل إلى 60 يوماً، بمعدل يومين لكل أسير إسرائيلي، فيما ستبقي «حماس» على الضباط والأسرى الأكثر أهمية لجولات أخرى.

ويأتي وصول الوفد الإسرائيلي غداة حديث رئيس الوزراء بنيامين نتنياهو في كلمة، الاثنين، عن وجود «تقدم (بمفاوضات غزة) فيها لكنها لم تنضج بعد».

وكشفت وسائل إعلام إسرائيلية، الثلاثاء، عن عودة وفد إسرائيل ضم رئيس أركان الجيش الإسرائيلي هرتسي هاليفي، ورئيس جهاز الأمن العام «الشاباك» رونين بار، من القاهرة.

وأفادت هيئة البث الإسرائيلية بأنه عادت طائرة من القاهرة، الثلاثاء، تقلّ رئيس الأركان هرتسي هاليفي، ورئيس الشاباك رونين بار، لافتة إلى أن ذلك على «خلفية تقارير عن تقدم في المحادثات حول اتفاق لإطلاق سراح الرهائن في غزة».

وكشف موقع «واللا» الإخباري الإسرائيلي عن أن هاليفي وبار التقيا رئيس المخابرات المصرية اللواء حسن رشاد، وكبار المسؤولين العسكريين المصريين.

وبحسب المصدر ذاته، فإن «إسرائيل متفائلة بحذر بشأن قدرتها على المضي قدماً في صفقة جزئية للإفراج عن الرهائن، النساء والرجال فوق سن الخمسين، والرهائن الذين يعانون من حالة طبية خطيرة».

كما أفادت القناة الـ12 الإسرائيلية بأنه جرت مناقشات حول أسماء الأسرى التي يتوقع إدراجها في المرحلة الأولى من الاتفاقية والبنود المدرجة على جدول الأعمال، بما في ذلك المرور عبر معبر رفح خلال فترة الاتفاق والترتيبات الأمنية على الحدود بين مصر وقطاع غزة.

والأسبوع الماضي، قال ترمب على وسائل التواصل الاجتماعي، إن الشرق الأوسط سيواجه «مشكلة خطيرة» إذا لم يتم إطلاق سراح الرهائن قبل تنصيبه في 20 يناير (كانون الثاني) المقبل، وأكد مبعوثه إلى الشرق الأوسط، ستيف ويتكوف، الاثنين، أنه «لن يكون من الجيد عدم إطلاق سراح» الرهائن المحتجزين في غزة قبل المهلة التي كررها، آملاً في التوصل إلى اتفاق قبل ذلك الموعد، وفق «رويترز».

ويتوقع أن تستضيف القاهرة، الأسبوع المقبل، جولة جديدة من المفاوضات سعياً للتوصل إلى هدنة بين إسرائيل و«حماس» في قطاع غزة، حسبما نقلت «وكالة الصحافة الفرنسية» عن مصدر مقرّب من الحركة، السبت.

وقال المصدر: «بناء على الاتصالات مع الوسطاء، نتوقع بدء جولة من المفاوضات على الأغلب خلال الأسبوع... للبحث في أفكار واقتراحات بشأن وقف إطلاق النار وتبادل الأسرى». وأضاف أنّ «الوسطاء المصريين والقطريين والأتراك وأطرافاً أخرى يبذلون جهوداً مثمّنة من أجل وقف الحرب».

وخلال الأشهر الماضية، قادت قطر ومصر والولايات المتحدة مفاوضات لم تكلّل بالنجاح للتوصل إلى هدنة وإطلاق سراح الرهائن في الحرب المتواصلة منذ 14 شهراً.

وقال رئيس الوزراء القطري الشيخ محمد بن عبد الرحمن بن جاسم آل ثاني، السبت، إن الزخم عاد إلى هذه المحادثات بعد فوز دونالد ترمب بالانتخابات الرئاسية الأميركية، الشهر الماضي. وأوضح أنّه في حين كانت هناك «بعض الاختلافات» في النهج المتبع في التعامل مع الاتفاق بين الإدارتين الأميركية المنتهية ولايتها والمقبلة، «لم نر أو ندرك أي خلاف حول الهدف ذاته لإنهاء الحرب».

وثمنت حركة «فتح» الفلسطينية، في بيان صحافي، الاثنين، بـ«الحوار الإيجابي والمثمر الجاري مع الأشقاء في مصر حول حشد الجهود الإقليمية والدولية لوقف إطلاق النار في قطاع غزة، والإسراع بإدخال الإغاثة الإنسانية إلى القطاع».

وأشار المصدر الفلسطيني إلى زيارة مرتقبة لحركة «فتح» إلى القاهرة ستكون معنية بمناقشات حول «لجنة الإسناد المجتمعي» لإدارة قطاع غزة التي أعلنت «حماس» موافقتها عليها.