الخبير في معهد «أميركان إنتربرايز» بواشنطن: روسيا دولة معادية وخطرة لكن ربما ليست مارقة

مايكل روبين دعا في حوار مع («الشرق الأوسط») إلى استقالة سمانثا باور لأنها انتقدت الصمت الأميركي حول رواندا وتغاضت عما يجري في سوريا

مايكل روبين
مايكل روبين
TT

الخبير في معهد «أميركان إنتربرايز» بواشنطن: روسيا دولة معادية وخطرة لكن ربما ليست مارقة

مايكل روبين
مايكل روبين

في حوار حول السياسة الأميركية في الشرق الأوسط، خاصة سوريا، وإيران، والدول المارقة، وأيضا روسيا وأوكرانيا، انتقد خبير أميركي كبير سياسة الرئيس باراك أوباما نحو سوريا، وحمله جزءا من مسؤولية ما يحدث الآن. بيد أنه قال إن المسؤولية الكبرى يتحملها الرئيس السوري بشار الأسد.
ودعا الدكتور مايكل روبين، الخبير بمعهد «أميركان إنتربرايز» في واشنطن، إلى استقالة سمانثا باور السفيرة الأميركية لدى الأمم المتحدة، واتهمها بالنفاق لأنها انتقدت الصمت الأميركي حول مذبحة رواندا، ولم تفعل ذلك بشأن ما يجري في سوريا. وانتقد أيضا سياسة أوباما نحو روسيا وأوكرانيا. وقال إن روسيا ليست «دولة مارقة»، لكنها «شبه مارقة». ونفى أن تكون قائمة «الدول المارقة» تركز فقط على الدول الإسلامية. وقال إنه يعارض شعار «صراع الحضارات»، الذي كان رفعه، قبل عشرين سنة تقريبا، صمويل هنتنغتون، الأستاذ السابق في جامعة هارفارد. وقال روبين إنه من المفارقات أن الإسلاميين صاروا يرفعون هذا الشعار.
وعن التدخلات العسكرية الغربية في دول إسلامية، قال إن قادة مسلمين في دول مارقة ارتكبوا أعمال عنف ضد إخوانهم المسلمين أكثر مما فعلت الدول غير الإسلامية في تلك الدول.
يذكر أن روبين نال دكتوراه في التاريخ من جامعة ييل (ولاية كونتيكيت)، وعمل مستشارا لوزير الدفاع لشؤون إيران والعراق، وحاضر في جامعات أميركية كثيرة وفي مجلس العلاقات الدولية، وفي الجامعة العبرية بالقدس، وجامعة السليمانية في شمال العراق، قبل أن ينتقل باحثا مقيما في معهد «أميركان إنتربرايز» بواشنطن. وعمل بعد غزو العراق مستشارا لسلطة التحالف المؤقتة. وعاش في إيران، واليمن، وفي العراق، قبل الحرب وبعدها، وقضى فترة مع طالبان في أفغانستان قبل هجمات عام 2001. ألف مجموعة من الكتب؛ منها «رقص مع الشيطان: مخاطر التعامل مع الأنظمة المارقة».
وفيما يلي نص الحوار الذي أجرته معه «الشرق الأوسط».

* ما تعريفك للدولة «المارقة»؟
- في القانون الدولي، لا يوجد تعريف موحد لهذه الكلمة. لكن، لا يوجد، أيضا، تعريف عالمي لكلمة «إرهاب» في كل حال. في سبعينات القرن الماضي، صار دبلوماسيون وخبراء علوم سياسية وعلاقات دولية يناقشون معنى «دولة مارقة»، وفي التسعينات، أعلنت إدارة الرئيس كلينتون تطبيق التعريف على كل حكومة تفعل الآتي:
أولا: لا تلتزم قواعد الدبلوماسية. مثلا، تستولي على سفارات أجنبية، وتعتقل رهائن أجانب. ثانيا: لا تلتزم قواعد الديمقراطية. ثالثا: تشترك في نشاطات إرهابية. رابعا: تشترك في نشر الأسلحة النووية.
واعتمادا على هذا التعريف، أقول إن دولا مثل إيران وكوريا الشمالية دول «مارقة».
* بعد ما فعلت روسيا في أوكرانيا ما فعلت، هل تعدها «دولة مارقة»؟
- أعتقد أن روسيا دولة «معادية» و«خطرة». لكن، ربما ليست دولة «مارقة». التعريف الذي أؤمن به عندما أقول دولة «مارقة» هو أن هذه الدولة ليست فقط «معارضة»، أو «منافسة»، أو «معادية». أعتقد أنه سيكون خطأ كبيرا من جانبي، وجانب غيري، أن نلصق وصف «مارقة» بأي دولة نختلف معها.
* ما رأيك في ردود فعل الرئيس أوباما إزاء ما فعلت روسيا في أوكرانيا؟
- رغم الإجراءات المتواصلة التي اتخذها، لم يصدر تقييما للأخطاء التي ارتكبناها، خلال عشرين سنة تقريبا، في سياساتنا الخارجية. أقول ذلك لأن تفادي هذه الأخطاء كان يمكن أن يمنع ما فعلت روسيا مؤخرا في أوكرانيا.
لا تنس أن الرئيس السابق بوش الابن قال إنه نظر إلى بوتين في عينيه، ورأى روحه (النقية). ولا تنس أن الرئيس أوباما، بعد أن غزت روسيا جورجيا، سارع وأعلن سياسة «ريسيت باتون» (إعادة تحسين العلاقات). ولا تنس تسريب ما قاله أوباما للرئيس الروسي السابق ديمتري ميدفيديف، ولم يكونا يعرفان أن الميكروفون أمامهما كان مفتوحا. إذ قال لميدفيديف، قبيل انتخابات الرئاسة عام 2012: «انتظر حتى تنتهي الانتخابات، وسنكون أكثر مرونة».
* اتهمت السياسة الخارجية الأميركية بأنها تسترضي الدول المارقة. هل يمكنك أن تقدم بعض الأمثلة؟
- بدلا عن كلمة «ابيزمنت» (استرضاء)، أفضل كلمة «انسينتفيزيشن» (تحفيز)، وأقصد تحفيز الدول المارقة. مثلا، ظللنا نقدم مليارات الدولارات إلى كوريا الشمالية حتى لا ترفض المفاوضات معنا. لكن، لم ينجح هذا التحفيز في الماضي، وأعتقد أنه لن ينجح في المستقبل. وصار واضحا أن الكوريين الشماليين يواصلون إنتاج أسلحة نووية.
حتى الرئيس السابق بوش الابن، حذف كوريا الشمالية من قائمة الإرهاب، رغم أنها كانت تقدم مساعدات إلى ثوار «نمر التاميل» في سريلانكا، وإلى حزب الله في لبنان.
وحتى الرئيس الأسبق رونالد ريغان، تورط في إرسال الأسلحة إلى إيران. وهي دولة كانت في ذلك الوقت، ولا تزال، مارقة.
* هل استرضى أوباما أو حفز روسيا وهي تؤيد وتدعم النظام الحاكم في سوريا، وهو نظام مارق؟
- طبعا، سوريا دولة «مارقة». ويمكن أن تكون روسيا دولة «مارقة»، أو «غير مارقة»، فقط «معادية» و«خطرة».
وفي كل الأحوال.. أولا، أثبت الرئيس الروسي بوتين أنه ليس صادقا. لم يكن صادقا مع الرئيس الأسبق بوش، رغم أن هذا الأخير تحدث عن «روح بوتين». الآن، ليس بوتين صادقا مع أوباما. ثانيا، يؤمن الروس بأن القوة هي: أما النصر وإما الهزيمة. لكن، نحن نؤمن بأن القوة تكمن في دبلوماسية الحل الوسط. لهذا، يؤمن الروس بأننا يجب أن ننهزم لينتصروا هم. ثالثا، نحن، حتى عندما نختلف اختلافا كبيرا مع دولة، نترك الباب شبه مغلق، حتى لا تتطور الخلافات إذا أغلقنا الباب.
لهذا، لم يصعد أوباما الاختلاف مع روسيا حول سوريا، لأنه كان يتعاون مع بوتين حول أفغانستان، وترتيبات ما بعد انسحابنا من هناك. ولهذا، لم يصعد أوباما الاختلاف مع إيران حول سوريا، لأنه لا يريد إغلاق الباب أمام الرئيس الجديد روحاني.
* في بداية الثورة السورية، رفع أوباما شعار «الأسد يجب أن يرحل». لماذا غير رأيه؟
- بصراحة، أعتقد أن أوباما لم يرد، أبدا، أن يؤيد المعارضة السورية تأييدا فعليا. لم يرد تورطا جديدا في الشرق الأوسط، خاصة بعد عشر سنوات من الحرب في أفغانستان والعراق. وأقول للذين ينتقدوننا لأننا تدخلنا هناك، ها نحن قررنا ألا نتدخل في سوريا.
*هل يتحمل أوباما جزءا من فشل الثورة السورية؟
- نعم. لكن، لا تنس أن بشار الأسد يتحمل المسؤولية الكبيرة.
* لماذا طلبت، مع آخرين، من سمانثا باور، السفيرة الأميركية لدى الأمم المتحدة، أن تستقيل؟
- اشتهرت سمانثا باور عندما كانت صحافية، وكتبت عن الإبادة في رواندا. ونالت جائزة «بوليتزر» بعد أن انتقدت تقصير الحكومة الأميركية هناك. وكتبت كتابا بعنوان «مشكلة من الجحيم». وترأست مجلس منع الإبادة العالمي. لكن، الحكومة التي تعمل معها باور منذ خمس سنوات، لم تتدخل عندما تحول نزاع مدني في سوريا إلى واحد من أفظع صراعات هذا القرن.
للأسف، ها هي باور لا تطبق ما تقول. تبدو سعيدة وهي تنصح. لكنها لا تريد أن تضحي بطموحاتها. تريد أن تكون وزيرة للخارجية في المستقبل. لهذا، لا تريد أن تسبب مشاكل. في رأيها، لا بأس «إذا صارت في سوريا إبادة، هذا ثمن قليل لوزارة الخارجية».
* يقول خبراء أميركيون في واشنطن، يمكن وصفهم بأنهم «واقعيون»، بأن العالم مليء بالدول المارقة. ولا بد أن يتعايش الأميركيون معها؟
- ليست المشكلة تماما هي أن الدول المارقة ظاهرة واقعية، رغم أنها يمكن أن تكون، حقيقة، مشكلة. لكن، المشكلة هي ما إذا كانت الدبلوماسية وحدها تقدر على التصدي للدول المارقة. توجد كثير من الدول التي لا يحب بعضها بعضا. وأرى أنه أمر جدير بالإعجاب أنها مستعدة للتفاوض الدبلوماسي بعضها مع بعض.
لكن، توجد دول مارقة لا تلتزم بقواعد الدبلوماسية. كيف نتفاوض، ونتفق، مع حكومة نعرف أنها لن تلتزم بما سنتفق عليه؟
* يقول خبراء آخرون، يمكن وصفهم بأنهم «مثاليون»، بأن الأميركيين يقدرون على تغيير الدول المارقة بالتفاوض معها، وكسب صداقتها، وتقديم مساعدات لها؟
- ربما نقدر على أن نصادق الذين نختلف معهم اختلافات عادية. لكن، ليس هذا سهلا مع الدول المارقة التي يبدو واضحا أنها لن تغير العقيدة التي تؤمن بها. وليس هذا رأينا نحن فقط. وسأقدم لك أمثلة عربية وأوروبية.
أولا، خلال عشرين سنة، حاول الرئيسان المصريان، جمال عبد الناصر وأنور السادات، كسب الرئيس الليبي معمر القذافي دبلوماسيا. وهو، كما يعرف كل العالم، كان غريبا جدا. لكنهما فشلا.
ثانيا: في تسعينات القرن الماضي، حاول كلاوس كنكيل، وزير خارجية ألمانيا، كسب صداقة النظام الحاكم في إيران. لكن، فشل لسبب بسيط، هو أنه تجاهل قوة المرشد الأعلى في إيران، آية الله علي خامنئي. ثم، خلال السنوات 2000 - 2005، ضاعف الاتحاد الأوروبي تجارته مع إيران. رغم أن سعر النفط تضاعف أربع مرات. لكن، الذي حدث هو أن إيران استعملت 70 في المائة من عملتها الصعبة في برامج أسلحة نووية وصواريخ بعيدة المدى. يعني هذا أن بعض الدول المارقة لا تهتم بالصداقة مع الدول التي تختلف معها مثلما تهتم بالعملة الصعبة منها.
* عملت مساعدا لوزير الدفاع، فهل هذا سبب انتقادك للحلول الدبلوماسية، وتفضيلك للحلول العسكرية؟
- في الواقع، أنا لا أؤمن بذلك. ومنذ فترة طويلة، ظللت أعارض ضربات عسكرية ضد إيران. أنا لا أرى أن الخيار هو: أما حلول عسكرية وإما حلول دبلوماسية. لكن عندما يتعلق الموضوع بالاستراتيجية الشاملة للدولة، يبدو أن الكل أكبر من مجموع الأجزاء. أقصد أن الجمع بين الدبلوماسية، والضغوط الاقتصادية، والضغوط العسكرية أفضل من الدبلوماسية وحدها. مثلا في عام 2003، عقدنا اتفاقية مع القذافي حول أسلحته النووية وبرنامج صواريخه، وكان ذلك دليلا على أن الدبلوماسية ممكنة.
* تقول بعض الدول المارقة إن شعار «الصفاء الأخلاقي» الذي يرفعه أميركيون، وأنت واحد منهم، شعار لا يخلو من تناقض، إن لم يكن من نفاق. ويقولون إن الأميركيين هم آخر من يتحدث عن «الصفاء الأخلاقي»، بعد أن غزوا ودمروا العراق الذي لم يعتد عليهم أبدا؟
- نقدر على الجدل في حرب العراق. لكن، توجد نقطتان مختلفان. أولا، لا يقدر أي شخص على أن يجادل بأن أي حرب هي مأساة إنسانية.
ثانيا، توجد تكلفة أخلاقية عندما نستعمل الدبلوماسية البطيئة مع الدول المارقة.
في إيران، مثلا، أثناء حكم الرئيس محمد خاتمي، والآن مع الرئيس حسن روحاني، ارتفعت نسبة عمليات الإعدام داخل إيران. في الوقت نفسه، لا الرئيس أوباما، ولا وزير الخارجية جون كيري، يتحدثان عن محنة الأقليات الدينية في إيران. ويعود هذا إلى أنهما يحاولان عقد صفقة مع إيران.
وأيضا صفقة مع الإخوان المسلمين في مصر. وأيضا، صفقة مع النظام المارق في كوريا الشمالية. وأيضا، صفقة مع طالبان، مع الرغبة في تجاهل محنة النساء بأفغانستان.
لهذا، أقول إن المشكلة ليست هي أننا نرفع شعار «الصفاء الأخلاقي»، أو لا نرفعه. المشكلة هي أن الدبلوماسية مع الدول والمجموعات المارقة تكلف كثيرا بالنسبة لحقوق الإنسان في تلك الدول، ومع تلك الأنظمة. هل الدبلوماسية، رغم ذلك، هي الأفضل؟ هذا موضوع آخر.
* يكرر كثير من المارقين، دولا ومنظمات، اتهامات تاريخية ضد الدول الغربية. ضد الاستعمار الغربي، وضد الإمبريالية الغربية؟
- أقول لهؤلاء إنهم ليسوا وحدهم ضحايا قرون الاستعمار الغربي والإمبريالية الغربية. مثلا، لا توجد أي دولة مارقة في دول مجلس التعاون الخليجي. وليست مصر، أو تونس، أو الجزائر، أو المغرب، دولا مارقة. وكلها استعمرتها بريطانيا وفرنسا.
واسأل هؤلاء المارقين: ماذا عن الظلم في العراق على يدي الأتراك؟ وماذا عن ظلم الصفويين في إيران؟ لا هذا، ولا ذاك، له صلة بالدول الغربية.
وتوجد نقطة أخرى، هي أنه، في كثير من الأحيان، يستعمل المارقون الظلم التاريخي، الذي يقولون إنه وقع عليهم فقط كعذر لسياساتهم المارقة. مثلا: يتهمنا الإيرانيون بأننا، في عام 1953، وبواسطة وكالة الاستخبارات المركزية (سي آي إيه) عزلنا محمد مصدق، رئيس الوزراء. لكن تحالف المحافظين الإيرانيين معنا، ومع شاه إيران، ضد مصدق. وقالوا إنه يساري ويميل نحو الروس (والشيوعية). لهذا، اعتذارنا عن انقلاب عام 1953 سيكون فيه خطأ تاريخي. سيكون مثل أن يعتذر متآمر لمتآمر آخر، وليس للضحية نفسها.
* وماذا عن قول بعض الناس بأن «إرهابي» أمس يمكن أن يكون «بطل» اليوم؟ ماذا عن نيلسون مانديلا الذي صار رئيسا لجنوب أفريقيا؟ وبن جوريون الذي صار رئيسا لوزراء إسرائيل؟
- طبعا، هذه حجة صحيحة. والسبب هو أنه لا يوجد تعريف عالمي لكلمة «إرهاب». لكن، في كل الأحوال، ينقسم الإرهابيون إلى نوعين؛ أولا: الذين يفعلون ذلك بسبب الظلم، مثل احتلال أجنبي. ثانيا: الذين يفعلون ذلك بسبب عقيدة، مثل تنظيم القاعدة، ومثل الإخوان المسلمين. وحتى، مثل عصابة «بادر ماينهوف» في ألمانيا.
لهذا، أقول إن النوع الثاني هو الذي يميل نحو الوقوع في قائمة «المارقين». وذلك لسببين بسيطي؛ أولا: ليسوا مستعدين لتقديم تنازلات آيديولوجية. ثاني: لا يعترفون بأن الدبلوماسية الغربية فيها أي فائدة.
* يكرر هؤلاء أن ما سماها الرئيس السابق جورج بوش الابن «الحرب ضد الإرهاب» ليس إلا حربا ضد المسلمين، إن لم تكن ضد الإسلام؟ وأيضا، قائمة «الدول المارقة»، وأنت واحد من أصحابها؟
- أبدا، لم أقتنع بما يسمى «صراع الحضارات». ومن المفارقات أن الذين يؤيدون هذه النظرية صاروا المارقين أنفسهم. صار «صراع الحضارات» أكثر شعبية وسط الإيرانيين والإخوان المسلمين، عنه في الولايات المتحدة، أو في السعودية.
بالنسبة لقائمة «الدول المارقة»، نعم، أكثر الأنظمة المارقة تاريخيا توجد في العالم الإسلامي. لكن، ليست القائمة فقط عن الدين (الإسلام). ليست كوريا الشمالية بلدا مسلما.
وتوجد نقطة أخرى مهمة: نحن، معشر الأميركيين، ننسى أن الدول المارقة في الشرق الأوسط فيها ظلم المسلمين بعضهم بعضا أكثر من ظلم غير المسلمين للمسلمين. وأقدم الأمثلة التالية.
أولا: قتل الرئيس العراقي الأسبق صدام حسين عددا كبيرا من الأكراد المسلمين، والشيعة العرب. ثانيا: استهدفت الحكومة الإيرانية الأقلية السنية دون هوادة. ثالثا، نسمع في الولايات المتحدة عن عنف «الأخضر على الأزرق» في أفغانستان. وذلك عندما يقتل جنود أفغان جنودا غربيين. لكننا لا نعرف أن ثلاثة أضعاف هذا العدد يقتلون بسبب عنف «الأخضر على الأخضر»، أي قتل أفغان مسلمين لأفغان مسلمين.
وأخيرا، يمكن أن نتفق، أو نختلف، حول السياسة الأميركية في الشرق الأوسط. لكن، ستظل مشكلة الدول المارقة مستمرة بغض النظر عن هذه السياسة الأميركية.



مصر وسلطنة عمان تبحثان سلامة الملاحة في البحر الأحمر

نائب رئيس الوزراء لشؤون مجلس الوزراء بسلطنة عُمان يستقبل وزير الخارجية المصري (الخارجية المصرية)
نائب رئيس الوزراء لشؤون مجلس الوزراء بسلطنة عُمان يستقبل وزير الخارجية المصري (الخارجية المصرية)
TT

مصر وسلطنة عمان تبحثان سلامة الملاحة في البحر الأحمر

نائب رئيس الوزراء لشؤون مجلس الوزراء بسلطنة عُمان يستقبل وزير الخارجية المصري (الخارجية المصرية)
نائب رئيس الوزراء لشؤون مجلس الوزراء بسلطنة عُمان يستقبل وزير الخارجية المصري (الخارجية المصرية)

بحث وزير الخارجية المصري بدر عبد العاطي، في سلطنة عمان، الاثنين، ملفَ التوترات الأمنية في البحر الأحمر، مؤكداً أهمية سلامة الملاحة البحرية وحرية التجارة الدولية، وارتباط ذلك بشكل مباشر بأمن الدول المشاطئة للبحر الأحمر.

وحسب بيان صادر عن وزارة الخارجية المصرية، أشار عبد العاطي إلى «تأثير تصاعد حدة التوترات في البحر الأحمر على مصر، بشكل خاص، في ضوء تراجع إيرادات قناة السويس».

وأدى تصعيد جماعة «الحوثيين» في اليمن لهجماتها على السفن المارة في مضيق باب المندب والبحر الأحمر، منذ نهاية نوفمبر (تشرين الثاني) 2023، بداعي التضامن مع الفلسطينيين في غزة، إلى تغيير شركات الشحن العالمية الكبرى مسارها من البحر الأحمر، واضطرت إلى تحويل مسار السفن إلى طرق بديلة منها مجرى رأس الرجاء الصالح.

وتراجعت إيرادات قناة السويس من 9.4 مليار دولار (الدولار الأميركي يساوي 50.7 جنيه في البنوك المصرية) خلال العام المالي (2022 - 2023)، إلى 7.2 مليار دولار خلال العام المالي (2023 - 2024)، حسب ما أعلنته هيئة قناة السويس في أكتوبر (تشرين الأول) الماضي.

وخلال لقاء الوزير عبد العاطي مع فهد بن محمود آل سعيد نائب رئيس الوزراء لشؤون مجلس الوزراء، أشار إلى تقدير مصر الكبير للقيادة الحكيمة للسلطان هيثم بن طارق، وللدور الإيجابي الذي تضطلع به سلطنة عمان على المستويين الإقليمي والدولي.

وأكد عبد العاطي أهمية التعاون المشترك لتعزيز الأمن العربي، وحرص مصر على التنسيق والتشاور مع السلطنة لتثبيت دعائم الأمن والاستقرار في المنطقة، لا سيما في ظل الاضطرابات غير المسبوقة التي تشهدها منطقة الشرق الأوسط على عدة جبهات.

وطبقاً للبيان، تناول اللقاء مناقشة عدد من القضايا الإقليمية ذات الاهتمام المشترك، على رأسها القضية الفلسطينية واستمرار العدوان الإسرائيلي على قطاع غزة، والجهود المصرية لاحتواء التصعيد في المنطقة، والتوصل لاتفاق لوقف إطلاق النار وإطلاق سراح الرهائن، كما تم تبادل الرؤى حول الأوضاع في سوريا واليمن والسودان وليبيا.

وخلال لقائه مع بدر البوسعيدي، وزير خارجية سلطنة عُمان، في إطار زيارته الرسمية إلى مسقط، ناقش عبد العاطي مجمل العلاقات الثنائية والتنسيق المشترك حيال القضايا الإقليمية محل الاهتمام المشترك.

مباحثات سياسية بين وزير الخارجية المصري ونظيره العماني (الخارجية المصرية)

تناول الوزيران، حسب البيان المصري، أطر التعاون الثنائي القائمة، وسبل تعزيز مسار العلاقات بين مصر وسلطنة عُمان، والارتقاء بها إلى آفاق أوسع تنفيذاً لتوجيهات قيادتي البلدين.

وزار الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي، مسقط، في يونيو (حزيران) 2022، بينما زار السلطان هيثم بن طارق القاهرة في مايو (أيار) 2023.

وأكد الوزيران على أهمية التحضير لعقد الدورة السادسة عشرة للجنة المشتركة بين البلدين خلال الربع الأول من عام 2025، لتعزيز التعاون الثنائي بين البلدين في مختلف المجالات.

وشدد عبد العاطي على الأهمية التي توليها مصر لتطوير وتعزيز علاقاتها مع سلطنة عُمان، مشيداً بالعلاقات الوطيدة والتاريخية التي تجمع بين البلدين. وأشار إلى الاهتمام الخاص الذي توليه مصر للتعاون مع أشقائها في الدول العربية في مجال جذب الاستثمارات والتعاون الاقتصادي والتبادل التجاري، مستعرضاً برنامج الإصلاح الاقتصادي والاجتماعي الجاري تطبيقه في مصر، والخطوات التي تم اتخاذها لتهيئة المناخ الاستثماري وتوفير الحوافز لجذب الاستثمارات الأجنبية.

كما أشار إلى أهمية العمل على تعزيز التعاون بين المنطقة الاقتصادية لقناة السويس وهيئة المنطقة الاقتصادية الخاصة بـالدقم، وكذلك الربط البحري بين ميناءي «الدقم» و«صلالة»، والموانئ المصرية مثل ميناء الإسكندرية وميناء العين السخنة وغيرهما، بما يعزز التبادل التجاري بين البلدين، ويساهم في تعميق التعاون بينهما في مجالات النقل الملاحي والتخزين اللوجستي، في ضوء ما تتمتع به مصر وعُمان من موقع جغرافي متميز يشرف على ممرات ملاحية ومضايق بحرية استراتيجية.

وفيما يتعلق بالأوضاع الإقليمية في ظل التحديات المتواترة التي تشهدها المنطقة، ناقش الوزيران، وفق البيان المصري، التطورات في سوريا، والحرب في غزة، وكذلك الأوضاع في ليبيا ولبنان، وتطورات الأزمة اليمنية وجهود التوصل لحل سياسي شامل، وحالة التوتر والتصعيد في البحر الأحمر التي تؤثر بشكل مباشر على أمن الدول المشاطئة له، كما تطرق النقاش إلى الأوضاع في منطقة القرن الأفريقي والتطورات في السودان والصومال.

وأكد البيان أن اللقاء عكس رؤيةً مشتركةً بين الوزيرين للعديد من التحديات التي تواجه المنطقة، وكيفية مواجهتها، وأكدا على أهمية تعزيز التعاون بين البلدين والحرص على تكثيف التشاور والتنسيق بشأن مختلف القضايا، كما اتفق الوزيران على تبادل تأييد الترشيحات في المحافل الإقليمية والدولية.