حماس تتخوّف من اغتيالات إسرائيلية أو «داعشية» لعناصرها

لا تسعى إلى الحرب مع إسرائيل وتعد خطط طوارئ وأخرى دفاعية

مظاهرة احتجاج تطالب بإنقاذ قطاع غزة من المجاعة والانهيار (أ.ف.ب)
مظاهرة احتجاج تطالب بإنقاذ قطاع غزة من المجاعة والانهيار (أ.ف.ب)
TT

حماس تتخوّف من اغتيالات إسرائيلية أو «داعشية» لعناصرها

مظاهرة احتجاج تطالب بإنقاذ قطاع غزة من المجاعة والانهيار (أ.ف.ب)
مظاهرة احتجاج تطالب بإنقاذ قطاع غزة من المجاعة والانهيار (أ.ف.ب)

استنفرت حركة حماس وأجهزتها الأمنية وجناحها العسكري، كتائب القسام، صفوف عناصرها خشيةً من إقدام إسرائيل على توجيه ضربة عسكرية أو أمنية مفاجئة، في الوقت الذي بدأ فيه الجيش الإسرائيلي مناورات عسكرية واسعة، على حدود غزة وغلاف المستوطنات المحاذية للقطاع.
وقالت مصادر فلسطينية مطلعة لـ«الشرق الأوسط»، إنه منذ زيادة المناورات الإسرائيلية في الفترة الأخيرة، رفعت الحركة من حالة التأهُّب في صفوف عناصرها وقواتها الأمنية والعسكرية، ووضعت خطط طوارئ عاجلة، وأخرى دفاعية تشمل سيناريوهات عدة، لمواجهة أي محاولة إسرائيلية للانقضاض على الحركة، كما جرى في الحروب الثلاثة التي شنتها إسرائيل على غزة في السنوات الأخيرة.
وبحسب المصادر، فإن الخطط وزعت على عناصر الأذرع الأمنية والعسكرية، داخل حماس وكتائب القسام، إلى جانب الأجهزة الأمنية والعسكرية التابعة للحكومة، التي لا تزال تبسط سيطرتها على القطاع، في ظل تباطؤ حكومة الوفاق في تسلمها.
وأشارت المصادر إلى أن اجتماعات عقدت داخل أطر الحركة والأجهزة المختلفة لتنفيذ هذه الخطط والسيناريوهات، ومنها خطة للتواصل الميداني بين الجنود والقيادات وغيرهم من القطاعات الأخرى، سواء على المستوى العسكري والأمني أو المستوى السياسي، وحتى كيفية التعامل مع المواطنين خلال أي مواجهة عسكرية شاملة مع الاحتلال.
وقالت مصادر أخرى لـ«الشرق الأوسط»، إن الحركة وضعت حواجز في مختلف مناطق قطاع غزة، وشددت من رقابتها للحدود البرية والبحرية، مشيرةً إلى أن عناصر أجهزة الأمن في حالة تأهّب مستمر ورفع تقارير ميدانية عن صورة الأحداث والأوضاع.
وقد وزعت حماس تعليمات على عناصرها تخص هذه التطورات والاستنفار الذي يعكس، أيضاً، مخاوف من قيام عناصر تابعة لتنظيم داعش في سيناء بمحاولة تنفيذ عمليات اغتيال ضد قيادات من الحركة أو المسؤولين الأمنيين والعسكريين.
ويبدو أن حماس تخشى من تكرار سيناريوهات إسرائيلية، منها تنفيذ عملية اغتيال مفاجئة لقيادي بارز في كتائب القسام أو الحركة، على غرار ما جرى عام 2012 ضد أحمد الجعبري قائد القسام في غزة، ما تسبب في نشوب الحرب الثانية على القطاع، أو سيناريو مشابه لاغتيال عملاء يتبعون لجهاز الشين بيت «الشاباك» الإسرائيلي في شهر مايو (أيار) من العام الماضي، الأسير المحرر في صفقة تحرير الأسرى عام 2011، مازن فقهاء.
ومن بين السيناريوهات المتوقعة كذلك، تنفيذ إسرائيل عملية اغتيال تطال إسماعيل هنية رئيس المكتب السياسي للحركة، بعد أن أدرجته الولايات المتحدة على لائحة «الإرهاب»، واعتبرت حماس ذلك، مقدمة لمحاولة تصفيته جسديّاً.
ويتحرك قادة حماس في غزة هذه الأيام، في ظروف أمنية مشددة، خصوصاً أن طائرات الاستطلاع الإسرائيلية لا تكاد تفارق أجواء القطاع.
وعلى الرغم من هذه الإجراءات، التي رُفِعَت مخاوف الغزيين من اندلاع مواجهة جديدة، أكد مسؤولون في الحركة، فإنها لن تبادر إلى هذه المواجهة، وقال آخرون إنهم لا يتوقعون أن تندلع في هذا الوقت.
وقال مسؤول لـ«الشرق الأوسط»، إنه يستبعد أن تُقدِم إسرائيل على ذلك، في الوقت الحالي على الأقل، وإن هذه المواجهة قد تتأجل لفترة جديدة.
وكان رئيس الوزراء الإسرائيلي، بنيامين نتنياهو، قال خلال الجلسة الأسبوعية لحكومته أمس: «لن نخوض أي حرب ولا نسعى إليها، ولكننا سنفعل كل شيء للدفاع عن أنفسنا»، مشيداً بقدرات الجيش في مواجهة ما قال عنه: «الإسلام المتطرف في الشرق الأوسط الذي يهدد العالم بأسره».
وقال محللون عسكريون إسرائيليون، إن الجيش غير معنيّ حالياً بأي حرب في غزة. إلا أن ذلك قد يحصل بسبب حماس التي تتخوف من القضاء على مشروعها الاستراتيجي، المتمثل في «الأنفاق»، بعدما كشف كثيراً منها أخيراً على الحدود، شيرين إلى أن الجيش يهدف أولاً إلى إنهاء بناء الجدار الذي من المتوقَّع أن ينتهي نهاية العام الحالي، وبإمكانه أن يكون حاجز صد أول ضد الأنفاق الهجومية للحركة.
وقالت مصادر إعلامية إسرائيلية، إن الجيش قدم لنتنياهو تقييماً أمنياً خطيراً للوضع الحالي في قطاع غزة، وإنه حذَّر من تدهور الأزمات، وإن غزة وصلت إلى تدهور خطير وغير مسبوق، في ظل انهيار الوضع الاقتصادي والإنساني، وإن على إسرائيل أن تنظر بجدية، هذه المرة، في إمكانية إيصال الأغذية والأدوية مباشرة إلى غزة من أجل منع مواجهة عسكرية.
وقالت مصادر أمنية إسرائيلية إن الوضع في غزة يزداد سوءاً ويزيد كثيرا من فرص المواجهة العسكرية، على الرغم من أنه لا مصلحة حقيقية لحماس في جولة جديدة من الحرب، إلا أن الوضع اليائس الذي تعيشه الحركة قد يدفعها إلى جولة جديدة في المستقبل. الأمر الذي تنفيه قيادات من الحركة.



الحوثيون ينشئون آلية للجبايات تحت مزاعم دعم القضاء

الجماعة الحوثية تعتزم فرض ضرائب دخل على مشاهير مواقع التواصل الاجتماعي (فيسبوك)
الجماعة الحوثية تعتزم فرض ضرائب دخل على مشاهير مواقع التواصل الاجتماعي (فيسبوك)
TT

الحوثيون ينشئون آلية للجبايات تحت مزاعم دعم القضاء

الجماعة الحوثية تعتزم فرض ضرائب دخل على مشاهير مواقع التواصل الاجتماعي (فيسبوك)
الجماعة الحوثية تعتزم فرض ضرائب دخل على مشاهير مواقع التواصل الاجتماعي (فيسبوك)

تتجه الجماعة الحوثية في اليمن إلى توسيع دائرة مواردها من خلال ابتكار آليات ووسائل جديدة للجبايات بالتزامن مع مساعيها إلى إعادة هيكلة المؤسسات الحكومية في مناطق سيطرتها، وأنشأت أخيراً آلية جديدة تحت اسم «موارد دعم القضاء»، إلى جانب توجهها لفرض جبايات على صناعة المحتوى الإلكتروني، وعلى عدد من الخدمات العمومية.

وكشفت وثيقة جرى تسريبها عن قرار أصدره القيادي الحوثي مهدي المشاط رئيس ما يسمى المجلس السياسي الأعلى (مجلس الحكم الانقلابي) بدمج عدد من المؤسسات في السلطة القضائية بوزارة العدل وحقوق الإنسان في حكومة الجماعة التي لا يعترف بها أحد، وإعادة تنظيم مهام وأهداف الكيان الجديد، بما في ذلك تولي تحصيل موارد ما سماه «صندوق دعم القضاء».

قرار حوثي بإعادة هيكلة مؤسسات حكومية تضمن الإشارة إلى صندوق موارد لصالح القضاء (إكس)

وبينما لم تعلن الجماعة الحوثية إنشاء هذا الصندوق أو مهامه رسمياً، ترجح مصادر قانونية مطلعة في العاصمة المختطفة صنعاء صدور قرار بإنشاء الصندوق دون الإعلان عنه، خصوصاً أن الجماعة تتحفظ على الإعلان عن قراراتها الأخيرة بشأن دمج وإعادة هيكلة مؤسسات الدولة المختطفة، ومنها هذا القرار الذي جرى تسريب بعض مواده.

وتوقعت المصادر أن يكون قرار إنشاء صندوق بهذا الاسم بوابة لتحصيل جبايات مختلفة من مصادر متعددة، سواء من المؤسسات أو القطاعات الإيرادية، بهدف السيطرة على إيراداتها وضمان دخولها في أرصدة تابعة للجماعة في البنوك، أو من الشركات التجارية والتجار ورجال الأعمال، وحتى من صغار الباعة ومختلف المهن والأعمال.

وذهبت المصادر في توقعاتها إلى أن مثل هذا الصندوق قد يستخدم في ابتزاز التجار ورجال الأعمال والشركات والبيوت التجارية، من قبيل أن عدم مساهمتهم في رفد موارد القضاء قد يتسبب في تعطيل مصالحهم أو معاملاتهم القانونية، وإجراءات التقاضي الخاصة بهم.

وبدأت الجماعة الحوثية منذ أسابيع تقليص الهيكل الإداري للدولة ومؤسساتها في مناطق سيطرتها من خلال عمليات دمج وإلحاق وإلغاء، بهدف مزيد من السيطرة عليها وإزاحة الموظفين فيها من غير الموالين للمشروع الحوثي.

ملاحقة صناعة المحتوى

وذكرت مصادر يمنية مطلعة في صنعاء لـ«الشرق الأوسط» أن الجماعة الحوثية تدرس منذ عدة أسابيع إنشاء آلية لفرض رسوم على صناعة المحتوى الإلكتروني من خلال فرض جبايات على المواقع الإلكترونية، وعلى صناع المحتوى والمشاهير على مواقع التواصل الاجتماعي.

ووفقاً للمصادر فمن المتوقع أن يجري فرض الجبايات تحت اسم ضريبة الدخل، ويجري تحصيلها مقابل ما يتحصل عليه صناع المحتوى ومالكو المواقع الإلكترونية من مبالغ، سواء كانت عائدات من نشاطهم، أو من الإعلانات التي يقدمونها.

مبنى مجلس القضاء الأعلى في صنعاء الذي تسيطر عليه الجماعة الحوثية وتفرض جبايات باسمه (فيسبوك)

وبينت المصادر أن الجماعة تدرس آليات ووسائل فرض هذه الرسوم من خلال تتبع أنشطة صناع المحتوى، ومراقبة المواقع الإلكترونية وما تعرضه من إعلانات على صفحاتها، وتسعى إلى الاستفادة من تجارب عدد من الدول في هذا الشأن.

إلا أن الجماعة تواجه تحدياً كبيراً في تنفيذ نياتها، ويتمثل ذلك في قلة صناع المحتوى اليمنيين، ووجود كثير منهم خارج البلاد، حيث لا تساعد سرعات وأسعار الإنترنت في مناطق سيطرة الجماعة على إتاحة الفرصة لصناعة محتوى يدر مداخيل كبيرة.

كما أن غالبية مشاهير مواقع التواصل الاجتماعي في اليمن لا يحصلون على إيرادات كبيرة، ويكتفي أغلبهم بالحصول على هدايا من الجهات التي يقدمون لها خدمات إعلانية.

ومنذ قرابة شهر ونصف الشهر أخطرت وزارة إعلام الجماعة الحوثية ملاك المواقع الإخبارية ومحركات البحث، بتقديم تخفيضات بنسبة 70 في المائة على رسوم الحصول على تراخيص مزاولة النشاط، ولمدة لا تتجاوز الشهرين، مهددة بإجراءات عقابية على من يتخلف عن السداد والحصول على التراخيص.

جبايات جديدة فرضتها الجماعة الحوثية على نتائج اختبارات النصف الأول من العام الحالي (إعلام حوثي)

ومن المتوقع أن تبدأ الجماعة فرض إجراءات عقابية بحق المواقع الإلكترونية، مثل الحجب، واقتحام المكاتب، ومصادرة الأجهزة والمعدات، ضد كل من تخلف عن الحصول على تلك التراخيص.

وأخيراً فرضت الجماعة الانقلابية رسوماً على نتائج اختبارات طلبة المدارس للنصف الأول من العام الدراسي الحالي في مناطق سيطرتها.

وذكر أولياء أمور الطلاب على مواقع التواصل الاجتماعي أن الرسوم التي فرضتها الجماعة الحوثية مقابل الحصول على النتائج تراوحت بين أقل من نصف دولار إلى أكثر من دولار (بين 300 و600 ريال، حيث تفرض الجماعة سعراً ثابتاً للدولار بـ534 ريالاً)، وجرى تحصيلها من دون سندات.

واستنكر أولياء الأمور هذه الجبايات الجديدة، التي تضاف إلى ما يجري فرضه عليهم وعلى أبنائهم من رسوم منذ بداية العام الدراسي، والتي ضاعفت من الأعباء المفروضة عليهم، خصوصاً مع توقف الرواتب، وغلاء الأسعار، وتردي أحوالهم المعيشية.