الحكومة الإسرائيلية تحول بؤرة استيطان قرب نابلس إلى مستوطنة انتقاماً لمقتل مستوطن

جيش الاحتلال يفشل في إلقاء القبض على منفذ العملية ويقتل شخصاً آخر

تلاميذ من قرية أبو نوار في الضفة الغربية يتلقون دروسهم على أنقاض أحد مبنيين دراسيين هدمتهما قوات الاحتلال (أ.ب)
تلاميذ من قرية أبو نوار في الضفة الغربية يتلقون دروسهم على أنقاض أحد مبنيين دراسيين هدمتهما قوات الاحتلال (أ.ب)
TT

الحكومة الإسرائيلية تحول بؤرة استيطان قرب نابلس إلى مستوطنة انتقاماً لمقتل مستوطن

تلاميذ من قرية أبو نوار في الضفة الغربية يتلقون دروسهم على أنقاض أحد مبنيين دراسيين هدمتهما قوات الاحتلال (أ.ب)
تلاميذ من قرية أبو نوار في الضفة الغربية يتلقون دروسهم على أنقاض أحد مبنيين دراسيين هدمتهما قوات الاحتلال (أ.ب)

صادقت الحكومة الإسرائيلية في جلستها الأسبوعية، أمس، على تحويل البؤرة الاستيطانية «حفات غلعاد»، القائمة على أراضٍ خاصة يملكها فلسطينيون من منطقة نابلس، إلى مستوطنة رسمية، وذلك انتقاماً لمقتل المستوطن، رازيئيل شيفاح، برصاص فلسطيني في التاسع من الشهر الماضي.
وقد اتصل رئيس الوزراء، بنيامين نتنياهو، مع أرملة الحاخام رازيئيل شيفاح، وبشرها بهذا الثأر قائلا: «الشعب بأسره وجميع الوزراء يعانقونك ويعانقون أطفالك الستة في فترة حزنكن الذي هو حزننا». وقال نتنياهو لوزرائه: «قلت لها إن سياستنا تلخص بمسارين: الأول، محاسبة الإرهابيين، حيث عملت أمس قواتنا مرة أخرى في محاولة لإلقاء القبض على من تبقى من القتلة والمعاونين الذين ساعدوا في قتل الحاخام شيفاح. لن يهدأ لنا بال حتى نقدمهم إلى العدالة، وسنقدمهم جميعاً. والمسار الثاني، الذي يرشد سياستنا، هو تعزيز الاستيطان. ومن اعتقد أنه يستطيع أن يكسر روحنا ويجعلنا يائسين من خلال قتل مروع لوالد لستة أطفال سكن في مزرعة غلعاد، فقد ارتكب خطأ فادحا».
ثم اقترح نتنياهو المصادقة على تحويل البؤرة الاستيطانية إلى مستوطنة معترف بها (حسب القانون الإسرائيلي). وأعلن بعد المصادقة، عن منح التراخيص للبؤرة الاستيطانية.
المعروف أن هذه البؤرة مقامة بغالبيتها على أراضٍ خاصة للمواطنين الفلسطينيين من سكان قريتي جيت وفرعتا في قضاء نابلس. وكانت قد أقيمت في عام 2002 بعد مقتل أحد قادة المستوطنين هناك وسميت على اسمه. وقد حاولت الحكومة منحها صفة «شرعية رسمية» في الأسبوع الماضي، لكن الأجهزة الأمنية الإسرائيلية، التي تعتقد أن تسوية البؤرة الاستيطانية غير ممكن قانونيا، اعترضت لكون معظم مباني البؤرة الاستيطانية بنيت على أراض فلسطينية خاصة. وخلال الأسبوع، وجد المستشار القضائي للحكومة وسائل للالتفاف على القانون ومنح المستوطنة «شرعية». وتوصل إلى قرار بهدم البؤرة الاستيطانية الحالية وإقامة مستوطنة بالقرب منها.
وقد أثار هذا القرار تفاؤلا لدى المستوطنين بالاعتراف ببقية البؤر الاستيطانية، علما بأنه توجد في الضفة الغربية المحتلة، حاليا، أكثر من 200 بؤرة استيطانية، إضافة إلى 150 مستوطنة رسمية.
وكانت قوات الاحتلال الإسرائيلي قد فشلت مرة أخرى، خلال اليومين الأخيرين، في إلقاء القبض على أحمد نصر جرار، الذي تتهمه بقتل المستوطن شيفاح، وقتلت شخصا آخر بدلا منه. فقد داهمت قوات كبيرة من الجيش، ليلة الجمعة - السبت، قرية برقين، في منطقة جنين، ونفذت عمليات تفتيش شرسة، فأخرجت المواطنين من بيوتهم ليلا وأحدثت خرابا فيها. وعندما جوبهت بالاحتجاج، أطلقت عليهم زخات من الرصاص المطاطي والحي. وقتلت شابا فلسطينيا آخر، اعتقدت أنه أحمد جرار المشتبه بأنه من أطلق النار على المستوطن. والشاب الضحية هو سمير أبو عبيد، الذي أصيب بعيار ناري في الرأس، كما أصابت خمسة آخرين بجراح، واعتقلت ستة أشخاص بشبهة مساعدة جرار على الاختباء. ووفقا للفلسطينيين، فقد طوق الجيش بيتين في القرية في محاولة لتحديد مكان الخلية التي قتلت شيفاح. ووفقا لشهود العيان، فقد وقعت اشتباكات مع عشرات السكان. وقالوا إن الجيش اقتحم القرية مرتين. وإن الجيش دخل مع جرافات وقناصة وقوات خاصة إلى القرية واعتقل مواطنين عدة. وذكر مصدر، قبل ذلك، أن الجيش حاصر أحد بيوت قرية الكفير، قرب جنين، واعتقل شخصين هناك. وقبل أسبوعين قتل الجيش الإسرائيلي أحد أفراد الخلية في مخيم جنين للاجئين، وألقى القبض على آخرين، لكنه أعلن بعد العملية، أن مشبوهاً ثالثا تمكن من الفرار. وخلال الغارة، أصيب جنديان بجراح خطيرة. وذكرت مصادر فلسطينية أن القوات الإسرائيلية انسحبت من جنين بعد اعتقال عدد من الشبان وإصابة تسعة بالرصاص المطاطي، وبعد أن أخفقت في اعتقال أحمد جرار المطلوب منذ فترة طويلة.
وعادت القوات الإسرائيلية، خلال ساعات فجر أمس إلى قرية برقين، واعتقلت مشبوها آخر بمساعدة الخلية المسؤولة عن تنفيذ الهجمة ضد بؤرة الاستيطان حفات غلعاد. وقامت قوات الجيش وحرس الحدود بمحاصرة منازل في القرية ومطالبة أحمد جرار بتسليم نفسه.



«هدنة غزة» تقترب وسط جولات مكوكية وحديث عن «تنازلات»

دخان القصف الإسرائيلي فوق بيت ياحون بقطاع غزة الخميس (رويترز)
دخان القصف الإسرائيلي فوق بيت ياحون بقطاع غزة الخميس (رويترز)
TT

«هدنة غزة» تقترب وسط جولات مكوكية وحديث عن «تنازلات»

دخان القصف الإسرائيلي فوق بيت ياحون بقطاع غزة الخميس (رويترز)
دخان القصف الإسرائيلي فوق بيت ياحون بقطاع غزة الخميس (رويترز)

وسط حديث عن «تنازلات» وجولات مكوكية للمسؤولين، يبدو أن إسرائيل وحركة «حماس» قد اقتربتا من إنجاز «هدنة مؤقتة» في قطاع غزة، يتم بموجبها إطلاق سراح عدد من المحتجزين في الجانبين، لا سيما مع تداول إعلام أميركي أنباء عن مواقفة حركة «حماس» على بقاء إسرائيل في غزة «بصورة مؤقتة»، في المراحل الأولى من تنفيذ الاتفاق.

وتباينت آراء خبراء تحدثت إليهم «الشرق الأوسط»، بين من أبدى «تفاؤلاً بإمكانية إنجاز الاتفاق في وقت قريب»، ومن رأى أن هناك عقبات قد تعيد المفاوضات إلى المربع صفر.

ونقلت صحيفة «وول ستريت جورنال» الأميركية، عن وسطاء عرب، قولهم إن «حركة (حماس) رضخت لشرط رئيسي لإسرائيل، وأبلغت الوسطاء لأول مرة أنها ستوافق على اتفاق يسمح للقوات الإسرائيلية بالبقاء في غزة مؤقتاً عندما يتوقف القتال».

وسلمت «حماس» أخيراً قائمة بأسماء المحتجزين، ومن بينهم مواطنون أميركيون، الذين ستفرج عنهم بموجب الصفقة.

وتأتي هذه الأنباء في وقت يجري فيه جيك سوليفان، مستشار الأمن القومي للرئيس الأميركي، محادثات في تل أبيب مع رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو، الخميس، قبل أن يتوجه إلى مصر وقطر.

ونقلت «رويترز» عن دبلوماسي غربي قوله إن «الاتفاق يتشكل، لكنه على الأرجح سيكون محدود النطاق، ويشمل إطلاق سراح عدد قليل من الرهائن ووقف قصير للأعمال القتالية».

فلسطينيون بين أنقاض المباني المنهارة في مدينة غزة (أ.ف.ب)

في حين أشار القيادي في «حماس» باسم نعيم إلى أن «أي حراك لأي مسؤول أميركي يجب أن يكون هدفه وقف العدوان والوصول إلى صفقة لوقف دائم لإطلاق النار، وهذا يفترض ممارسة ضغط حقيقي على نتنياهو وحكومته للموافقة على ما تم الاتفاق عليه برعاية الوسطاء وبوساطة أميركية».

ومساء الأربعاء، التقى رئيس جهاز المخابرات الإسرائيلي، ديفيد برنياع، مع رئيس الوزراء القطري، الشيخ محمد بن عبد الرحمن آل ثاني، في الدوحة؛ لبحث الاتفاق. بينما قال مكتب وزير الدفاع الإسرائيلي، يسرائيل كاتس، في بيان، إنه «أبلغ وزير الدفاع الأميركي لويد أوستن في اتصال هاتفي، الأربعاء، بأن هناك فرصة للتوصل إلى اتفاق جديد يسمح بعودة جميع الرهائن، بمن فيهم المواطنون الأميركيون».

وحال تم إنجاز الاتفاق ستكون هذه هي المرة الثانية التي تتم فيها هدنة في قطاع غزة منذ بداية الحرب في 7 أكتوبر (تشرين الأول) 2023. وتلعب مصر وقطر والولايات المتحدة دور الوساطة في مفاوضات ماراثونية مستمرة منذ نحو العام، لم تسفر عن اتفاق حتى الآن.

وأبدى خبير الشؤون الإسرائيلية بـ«مركز الأهرام للدراسات السياسية والاستراتيجية» الدكتور سعيد عكاشة «تفاؤلاً حذراً» بشأن الأنباء المتداولة عن قرب عقد الاتفاق. وقال لـ«الشرق الأوسط» إن «التقارير تشير إلى تنازلات قدمتها حركة (حماس) بشأن الاتفاق، لكنها لا توضح نطاق وجود إسرائيل في غزة خلال المراحل الأولى من تنفيذه، حال إقراره».

وأضاف: «هناك الكثير من العقبات التي قد تعترض أي اتفاق، وتعيد المفاوضات إلى المربع صفر».

على الجانب الآخر، بدا أستاذ العلوم السياسية بجامعة القدس السياسي الفلسطيني، الدكتور أيمن الرقب، «متفائلاً بقرب إنجاز الاتفاق». وقال لـ«الشرق الأوسط» إن «هناك حراكاً أميركياً لإتمام الصفقة، كما أن التقارير الإسرائيلية تتحدث عن أن الاتفاق ينتظر الضوء الأخضر من جانب تل أبيب و(حماس) لتنفيذه».

وأضاف: «تم إنضاج الاتفاق، ومن المتوقع إقرار هدنة لمدة 60 يوماً يتم خلالها الإفراج عن 30 محتجزاً لدى (حماس)»، مشيراً إلى أنه «رغم ذلك لا تزال هناك نقطة خلاف رئيسية بشأن إصرار إسرائيل على البقاء في محور فيلادلفيا، الأمر الذي ترفضه مصر».

وأشار الرقب إلى أن «النسخة التي يجري التفاوض بشأنها حالياً تعتمد على المقترح المصري، حيث لعبت القاهرة دوراً كبيراً في صياغة مقترح يبدو أنه لاقى قبولاً لدى (حماس) وإسرائيل»، وقال: «عملت مصر على مدار شهور لصياغة رؤية بشأن وقف إطلاق النار مؤقتاً في غزة، والمصالحة الفلسطينية وسيناريوهات اليوم التالي».

ويدفع الرئيس الأميركي جو بايدن والرئيس الأميركي المنتخب دونالد ترمب، من أجل «هدنة في غزة»، وكان ترمب طالب حركة «حماس»، في وقت سابق، بإطلاق سراح المحتجزين في غزة قبل توليه منصبه خلفاً لبايدن في 20 يناير (كانون الثاني) المقبل، وإلا فـ«الثمن سيكون باهظاً».