ابن كيران يدشّن عودته للمشهد السياسي بخطاب هاجم فيه خصوم الحزب وحلفاءه

انتقد أخنوش ولشكر في حضور رئيس الحكومة المغربية

ابن كيران يخاطب المؤتمر الوطني السادس لشبيبة حزب العدالة والتنمية المغربي («الشرق الأوسط»)
ابن كيران يخاطب المؤتمر الوطني السادس لشبيبة حزب العدالة والتنمية المغربي («الشرق الأوسط»)
TT

ابن كيران يدشّن عودته للمشهد السياسي بخطاب هاجم فيه خصوم الحزب وحلفاءه

ابن كيران يخاطب المؤتمر الوطني السادس لشبيبة حزب العدالة والتنمية المغربي («الشرق الأوسط»)
ابن كيران يخاطب المؤتمر الوطني السادس لشبيبة حزب العدالة والتنمية المغربي («الشرق الأوسط»)

انتخب المؤتمر الوطني السادس لشبيبة حزب العدالة والتنمية المغربي، الذي اختتم أشغاله أمس (الأحد)، المحامي الشاب محمد أمكراز، كاتباً (أميناً) وطنياً للذراع الشبابية للحزب، خلفاً للنائب البرلماني خالد البوقرعي، معلناً بذلك استمرار التيار المؤيد لعبد الإله ابن كيران، في قيادة الشبيبة خلال المرحلة المقبلة.
وحصل أمكراز، المعروف بمواقفه المؤيدة للتمديد لابن كيران لولاية ثالثة قبل المؤتمر الوطني الثامن للحزب، على غالبية أصوات مؤتمري شبيبة الحزب، متفوقاً على منافسه المباشر، محمد الطويل، عضو الأمانة العامة للحزب، الذي يحظى بثقة الأمين العام سعد الدين العثماني ومعه «تيار الوزراء».
وعلمت «الشرق الأوسط» من مصادر مطلعة، أن الكاتب الوطني الجديد لشبيبة حزب العدالة والتنمية، الذي حصل على 474 صوتاً من أصل 579 مؤتمراً، مقابل 71 صوتاً لمنافسه محمد الطويل، و55 للمرشح الثالث سعد حازم، كانت الأمانة العامة للحزب لا تنوي ترشيحه ضمن الأسماء الثلاثة التي اختارتها من بين الأسماء الستة التي اقترحتها الشبيبة على الأمانة العامة، وفق ما ينص عليه النظام الداخلي للمنظمة.
وأفادت المصادر ذاتها بأن النقاش كان ساخناً بين أعضاء الأمانة العامة للحزب حول ترشيح أمكراز، بعدما أعلن بعض أعضائها صراحة موقفهم الرافض لتوليه قيادة شبيبة الحزب، رغم أنه احتل المرتبة الأولى في اللائحة التي قدمتها الشبيبة للأمانة العامة، بعد حصوله على 80 من أصوات لجنة الترشيح، وهو ما كاد يؤدي إلى انفجار الاجتماع، قبل أن يتم اللجوء إلى التصويت الذي حل فيه أمكراز ثالثاً، وأسهم في تجاوز الخلاف، الذي أجل انطلاق الجلسة العامة للمؤتمر، مساء أول من أمس (السبت)، لأكثر من ساعتين.
وخصت شبيبة حزب العدالة والتنمية استقبالاً حاراً لرئيس الحكومة السابق، عبد الإله ابن كيران، حيث هتف الشباب باسمه لدى دخوله القاعة، مرددين شعارات وصفها مراقبون بـ«القوية»، جاء فيها «التحكم يا جبان بن كيران لا يهان»، و«الشعب يريد بن كيران من جديد»، وذلك في محاولة منهم لرد الاعتبار لزعيمهم الذي أبعد من تشكيل الحكومة بعد شهور من المشاورات التي تعذر عليه فيها جمع الغالبية المطلوبة.
ورد ابن كيران على حفاوة استقبال شباب الحزب له، قائلاً: «إذا كان الشعب بالفعل يريد ابن كيران من جديد، فسيرجع إن شاء الله ولو كان في قبره». وزاد قائلاً: «إرادة الشعوب لا تقهر». وأضاف ابن كيران مخاطباً شباب الحزب: «أريد أن أطمئنكم أنني بخير وعلى خير، ولا ينقصني أي شيء إلا النظر في وجهكم العزيز»، الأمر الذي يمثل إعلاناً رسمياً لعودته إلى الساحة السياسية.
وتخلى ابن كيران عن التحفظ الذي ميز خطاباته بعد الإعفاء ومغادرته أمانة الحزب، حيث وجه انتقادات قاسية لخصومه وجهات عدة بالبلاد، لم تسلم منها حتى أحزاب الغالبية الحكومية التي يقودها خلفه، سعد الدين العثماني، وهو ما ستكون له تداعيات على التحالف الحكومي.
وخص ابن كيران، الوزير ورجل الأعمال ورئيس حزب التجمع الوطني للأحرار، الذي أسهم بشكل رئيسي في إفشال مساعيه لتشكيل الحكومة، بجزء وافر من الانتقادات التي أطلقها على خصوم الحزب ومناوئيه، وقال: «على عزيز أخنوش أن يقول لنا من هي العرافة التي قالت له من الآن إنه سيفوز بانتخابات 2021؟ ومن أعطاه الضمانة؟»، وأضاف: «لا أعرف إن كان يريد أن يكرر التجربة الفاشلة والبائسة للحزب المعلوم (الأصالة والمعاصرة) أم لا؟ اشتغل، ولا ترهبنا من الآن لأننا لا نخاف».
وصعّد ابن كيران انتقاداته لأخنوش، حيث اعتبر أن «زواج المال والسلطة خطر على الدولة وسبق للعلماء أن حذروا منه»، وذلك في هجوم غير مسبوق منه على وزير الفلاحة والصيد البحري في حكومته السابقة، واستدرك قائلاً: «لن يمنعكم أحد من أن تمارسوا السياسية، ولكن الشعب المغربي ما زال يحن إلى سياسييه الصالحين، وإلى أحزابه الأصيلة، وهي موجودة».
وزاد الأمين العام السابق لحزب العدالة والتنمية، مهاجماً رئيس «التجمع الوطني للأحرار»: «نحن لا نحسد الأغنياء، لديك الغاز، الله يزيدك. ولكننا أصبحنا نشاهد نوعاً من الأغنياء لم نكن نعرفهم قبل 10 سنوات، أصبحوا اليوم من كبار أغنياء العالم... مبارك عليكم، ولكن لا تجمعوا السلطة السياسية مع السلطة المالية».
وأضاف ابن كيران: «رجال المال يسيرون أفضل من رجال السياسية، لكن عندما يسيرون الشركات والأعمال والبورصة. أمّا التعامل مع المواطنين لا يحسنه إلا السياسيون»، واسترسل موجهاً حديثه لأخنوش: «أريد أن أنصحك بمتابعة برنامج وثائقي أميركي حول إنقاذ الرأسمالية، ونحن نريد منكم إنقاذ الرأسمالية»، مشدداً على أن الأميركيين «يشتكون اليوم من تحالف السلطة والمال ويعتبرونها خطراً على المجتمع، وبما أن الأميركيين يعجبونكم فاتبعوهم في هذا الأمر»، على حد قوله. وبعد تقريعه لأخنوش، انتقل ابن كيران إلى خصمه الآخر إدريس لشكر، الأمين العام لحزب الاتحاد الاشتراكي، الذي اتهمه بممارسة «البلطجة» داخل الغالبية الحكومية، حيث قال: «أسمع عن بعض الجهات في الأغلبية تحتج بطريقة أقرب إلى البلطجة»، وأضاف: «لا يمكن داخل غالبيتنا أن يكون لدينا 125 نائباً، ويأتي حزب لم يكمل فريقه النيابي إلا بصعوبة، ويفرض علينا إرادته، هذا لا يمكن»، وذلك في رد مباشر على لشكر وحزب الاتحاد الاشتراكي الذي يمارس ضغوطاً على العثماني من أجل توفير الدعم الحكومي لصندوق تقاعد البرلمانيين المفلس.
وزاد ابن كيران في نبرة لا تخلو من التحدي، موجهاً كلامه للاتحاد وأمينه العام: «أنا أريد أن أقول لهم إنكم لا ترهبوننا، وإذا كانت هذه الحكومة ستبقى فلأنها لا تخاف من التشتت بأي ثمن، وإذا كان يجب أن تغادر، فنحن مستعدون للمغادرة»، معرباً عن دعمه ومساندته للعثماني، في موقفه الرافض لتقديم أي دعم لصندوق تقاعد البرلمانيين، ومعلناً أنه «من المستحيل سياسياً أن نتراجع عن هذا المبدأ».
وفي رسالة دعم واضحة لخلفه، قال ابن كيران: «الدكتور العثماني ليس وحده»، وأضاف: «نحن نراعي، وتجرعنا عدداً من المصائب، وصبرنا ودخلنا الاتحاد رغماً عنا، ولكن لا تبالغوا لأن (العدالة والتنمية)، لن يتغير وسيبقى هو (العدالة والتنمية) ولن يغير جلده»، وذلك في رسالة مشفرة منه إلى الجهات التي تدعم لشكر وحزبه من دون أن يسميها. وأضاف: «عندما تكون عندنا ظروف كبرى يتدخل جلالة الملك مباشرة، يتكلم معنا ونجد حلاً، هذا شيء، وهذه الدولة. وجلالة الملك يعرفنا جيداً، ويعرف حزبنا».
وجدد ابن كيران التأكيد على موقف حزبه الثابت من الملكية، الذي لن يتغير مهما حصل، مشدداً على أنه موقف راسخ «وسنظل أوفياء للملكية باعتبارها من ثوابت الأمة الأساسية».
وقال: «حزب العدالة والتنمية لا يبتز ولا يبيع ولا يشتري بموقفه من الملكية».
ولم يفوت رئيس الحكومة السابق فرصة الحديث عن الوضع الذي يعيشه حزبه، مبرزاً أن كلامه صعب في هذه المرحلة. وقال: «أحاول ما استطعت أن أترك التجربة تكتمل في ارتياح، لأننا لسنا حزبين... نحن كنا وسنبقى ويجب أن نبقى جسداً واحداً»، معتبراً أن «العدالة والتنمية» خرج من المؤتمر منتصراً على «الذين كانوا يريدون تشتيت الحزب»، دون أن يقول بالتعافي التام للحزب من الخلافات التي عاشها.
وجدد ابن كيران دعوته لتجاوز ما حدث والنظر إلى المستقبل، مشدداً على ضرورة بذل جهود شخصية وجماعية لـ«التئام القلوب والعواطف بين أعضاء الحزب».
وبدا أن رئيس الحكومة السابق غير قادر على نسيان واقعة إعفائه من تشكيل الحكومة، التي اعتبرها «ضربة قاسية وزلزالاً أصاب حزب العدالة والتنمية».
وقال: «استطعنا أن نخرج من المرحلة ولم نتجاوزها بشكل تام»، قبل أن يضيف: «ليس من حقنا أن نتخلى عن المواطنين وثقتهم، ونتراجع بعد حادثة سير مؤلمة. فعندما تنجح لا بد أن تؤدي الثمن».
وعبر ابن كيران، في الكلمة ذاتها، عن دعم حزبه للمطالب الاجتماعية التي تشهدها عدة مناطق بالبلاد، متمنياً للحكومة النجاح في تحسين أوضاع المواطنين وتلبية مطالبهم، موجهاً نداء في الآن ذاته إلى المواطنين الذين طالبهم بـ«منح الحكومة فرصة لإصلاح الأوضاع».
وعرج ابن كيران على ملف معتقلي حراك الريف، الذين ما زالت محاكمتهم مستمرة في الدار البيضاء، وقال: «نتمنى بعد انتهاء المسار القانوني لملف حراك الريف أن يمتع جلالة الملك المعتقلين بالعفو».
وأردف قائلاً: «من حقنا أن نتمنى على سيدنا لأنه ملكنا»، وذلك في مناشدة صريحة منه للعاهل المغربي من أجل التدخل لحل الملف.
ولدى مغادرته مكان المؤتمر، وجهت «الشرق الأوسط» سؤالاً لرئيس الحكومة السابق حول ما إذا كان هذا الخطاب بمثابة مرحلة جديدة تمهد لعودته للواجهة السياسية أم لا. ورد قائلاً: «اعتبروها بداية عودة أو ما شئتم»، قبل أن يطلق ضحكته الشهيرة ويغادر.



مصر تؤكد تمسكها باحترام سيادة الصومال ووحدة وسلامة أراضيه

الرئيس التركي رجب طيب إردوغان متوسطاً الرئيس الصومالي حسن شيخ محمود ورئيس الوزراء الإثيوبي آبي أحمد في أنقرة بعيد انتهاء المحادثات (رويترز)
الرئيس التركي رجب طيب إردوغان متوسطاً الرئيس الصومالي حسن شيخ محمود ورئيس الوزراء الإثيوبي آبي أحمد في أنقرة بعيد انتهاء المحادثات (رويترز)
TT

مصر تؤكد تمسكها باحترام سيادة الصومال ووحدة وسلامة أراضيه

الرئيس التركي رجب طيب إردوغان متوسطاً الرئيس الصومالي حسن شيخ محمود ورئيس الوزراء الإثيوبي آبي أحمد في أنقرة بعيد انتهاء المحادثات (رويترز)
الرئيس التركي رجب طيب إردوغان متوسطاً الرئيس الصومالي حسن شيخ محمود ورئيس الوزراء الإثيوبي آبي أحمد في أنقرة بعيد انتهاء المحادثات (رويترز)

قالت وزارة الخارجية المصرية، في بيان اليوم (الأحد)، إن الوزير بدر عبد العاطي تلقّى اتصالاً هاتفياً من نظيره الصومالي أحمد معلم فقي؛ لإطلاعه على نتائج القمة الثلاثية التي عُقدت مؤخراً في العاصمة التركية، أنقرة، بين الصومال وإثيوبيا وتركيا؛ لحل نزاع بين مقديشو وأديس أبابا.

ووفقاً لـ«رويترز»، جاء الاتصال، الذي جرى مساء أمس (السبت)، بعد أيام من إعلان مقديشو وإثيوبيا أنهما ستعملان معاً لحل نزاع حول خطة أديس أبابا لبناء ميناء في منطقة أرض الصومال الانفصالية، التي استقطبت قوى إقليمية وهدَّدت بزيادة زعزعة استقرار منطقة القرن الأفريقي.

وجاء في بيان وزارة الخارجية المصرية: «أكد السيد وزير خارجية الصومال على تمسُّك بلاده باحترام السيادة الصومالية ووحدة وسلامة أراضيها، وهو ما أمَّن عليه الوزير عبد العاطي مؤكداً على دعم مصر الكامل للحكومة الفيدرالية (الاتحادية) في الصومال الشقيق، وفي مكافحة الإرهاب وتحقيق الأمن والاستقرار».

وقال زعيما الصومال وإثيوبيا إنهما اتفقا على إيجاد ترتيبات تجارية للسماح لإثيوبيا، التي لا تطل على أي مسطح مائي، «بالوصول الموثوق والآمن والمستدام من وإلى البحر» بعد محادثات عُقدت يوم الأربعاء، بوساطة الرئيس التركي رجب طيب إردوغان.

وهذا الاجتماع هو الأول منذ يناير (كانون الثاني) عندما قالت إثيوبيا إنها ستؤجر ميناء في منطقة أرض الصومال الانفصالية بشمال الصومال مقابل الاعتراف باستقلال المنطقة.

ورفضت مقديشو الاتفاق، وهدَّدت بطرد القوات الإثيوبية المتمركزة في الصومال لمحاربة المتشددين الإسلاميين.

ويعارض الصومال الاعتراف الدولي بأرض الصومال ذاتية الحكم، والتي تتمتع بسلام واستقرار نسبيَّين منذ إعلانها الاستقلال في عام 1991.

وأدى الخلاف إلى تقارب بين الصومال ومصر، التي يوجد خلافٌ بينها وبين إثيوبيا منذ سنوات حول بناء أديس أبابا سداً مائيّاً ضخماً على نهر النيل، وإريتريا، وهي دولة أخرى من خصوم إثيوبيا القدامى.

وتتمتع تركيا بعلاقات وثيقة مع كل من إثيوبيا والصومال، حيث تُدرِّب قوات الأمن الصومالية، وتُقدِّم مساعدةً إنمائيةً مقابل موطئ قدم على طريق شحن عالمي رئيسي.

وأعلنت مصر وإريتريا والصومال، في بيان مشترك، في أكتوبر (تشرين الأول) أن رؤساء البلاد الثلاثة اتفقوا على تعزيز التعاون من أجل «تمكين الجيش الفيدرالي الصومالي الوطني من التصدي للإرهاب بصوره كافة، وحماية حدوده البرية والبحرية»، وذلك في خطوة من شأنها فيما يبدو زيادة عزلة إثيوبيا في المنطقة.

وذكر بيان وزارة الخارجية المصرية، اليوم (الأحد)، أن الاتصال بين الوزيرين تطرَّق أيضاً إلى متابعة نتائج القمة الثلاثية التي عُقدت في أسمرة في العاشر من أكتوبر.

وأضاف: «اتفق الوزيران على مواصلة التنسيق المشترك، والتحضير لعقد الاجتماع الوزاري الثلاثي بين وزراء خارجية مصر والصومال وإريتريا؛ تنفيذاً لتوجيهات القيادات السياسية في الدول الثلاث؛ لدعم التنسيق والتشاور بشأن القضايا الإقليمية ذات الاهتمام المشترك».

وفي سبتمبر (أيلول)، قال مسؤولون عسكريون واثنان من عمال المواني في الصومال إن سفينةً حربيةً مصريةً سلَّمت شحنةً كبيرةً ثانيةً من الأسلحة إلى مقديشو، تضمَّنت مدافع مضادة للطائرات، وأسلحة مدفعية، في خطوة من المرجح أن تفاقم التوتر بين البلدين من جانب، وإثيوبيا من جانب آخر.

وأرسلت القاهرة طائرات عدة محملة بالأسلحة إلى مقديشو بعد أن وقَّع البلدان اتفاقيةً أمنيةً مشتركةً في أغسطس (آب).

وقد يمثل الاتفاق الأمني مصدر إزعاج لأديس أبابا التي لديها آلاف الجنود في الصومال، يشاركون في مواجهة متشددين على صلة بتنظيم «القاعدة».