تنظيم القاعدة يعلن مقتل قيادي شرق الجزائر

حديث عن «ربع الساعة الأخير من عمر الإرهاب»

TT

تنظيم القاعدة يعلن مقتل قيادي شرق الجزائر

أكد «تنظيم القاعدة ببلاد المغرب الإسلامي»، أمس، خبر مقتل قيادي بارز لديه، كان قد أعلنه الجيش الجزائري الخميس الماضي ونشره الإعلام المحلي على نطاق واسع. وقتل «هشام أبو رواحة» واسمه الحقيقي عادل صغيري، ينحدر من شرق الجزائر.
وذكرت «مؤسسة الأندلس»، الذراع الإعلامية للتنظيم المتطرف في بيان نشرته بالإنترنت، بأن زعيم شبكة «القاعدة» المصري أيمن الظواهري، ومسؤول فرعها بالمغرب العربي الجزائري عبد المالك دروكدال، المعروف بـ«أبي مصعب عبد الودود»، يعلنان مقتل صغيري، وذلك في كمين للجيش ببلدة محسن بولاية جيجل (300 كلم شرق العاصمة).
وقال التنظيم الإرهابي إن «أبو رواحة»، التحق بالجماعات المسلحة عام 1994. وأشار إلى إصابته بجروح بليغة في مواجهة مع الجيش عام 1996، وإنه تولى الدعاية في التنظيم عام 2013. وكان «المسؤول الإعلامي» في «القاعدة»، المتطرف المعروف لدى الأجهزة الأمنية (صلاح أبو محمد)، الذي اعتقلته المخابرات في 2012، ويوجد حالياً في السجن ينتظر المحاكمة. وقتل «أبو رواحة» (45 سنة) الثلاثاء الماضي، وبعد يومين أذاعت السلطات العسكرية الخبر، لما تأكدت من هويته.
وقال قوي بوحنية خبير في الشؤون الأمنية، لـ«الشرق الأوسط»، إن الجماعات المسلحة بالجزائر «تلقت ضربة قاصمة بمقتل واحد من أخطر قيادييها». وتحدث الخبير عن «ربع الساعة الأخير من عمر التنظيمات الإرهابية، التي تتعرض منذ مدة طويلة لمحاصرة شديدة من طرف الجيش، خصوصاً بالحدود مع مالي والنيجر».
في السياق نفسه، ذكرت وزارة الدفاع في بيان أن إرهابياً يُسمّى حاج قويدر، ويُكنى «الشعانبي»، سلَّم نفسه أمس للسلطات العسكرية بمنطقة تمنراست بأقصى جنوب البلاد.
وقد كان بحوزته، حسب البيان، مسدس رشاش كلاشنيكوف وأربعة مخازن ذخيرة مملوءة، مشيراً إلى أنه انضم إلى المتطرفين عام 2011، وأضاف البيان بأن توقف «الشعانبي» عن الإرهاب «تم بفضل جهود قوات الجيش الوطني الشعبي».
وصرَّح رئيس أركان الجيش ونائب وزير الدفاع، الفريق أحمد قايد صالح، أمس، بتمنراست، حيث تفقد جاهزية الوحدات العسكرية، بأن «رؤيتنا في الجيش الوطني الشعبي ليست محدودة الأفق والطموح، بل محددة الأهداف والمرامي والغايات، رؤية لا يجد المستحيل إليها سبيلاً، وهذا بشهادة الميدان وليس بقول اللسان، لأن منطلقها الجزائر، بكل ما تحمل من قيم خالدة وتاريخ وطني زاخر وعريق، ومنتهاها الجزائر، بكل ما يستحقه مستقبلها من رفعة المقام ومجده، فلأجل ذلك حشدت الطاقات وتم تفعيل كافة القدرات المتاحة، وتم توفير كل الوسائل والإمكانيات الممكنة، وتم بالتالي تجميع كل عناصر القوة التي جعلت من كل يوم يمر بنا، إلا وهو يحمل معه مكاسب جديدة».
وشدد صالح، وهو يتحدث عن محاربة الإرهاب، على «مستوى الجدية في صفوف قواتنا المسلحة، ويشهد على ذلك الحرص الذي توليه القيادة العليا للجيش الوطني الشعبي، من أجل بلوغ المرجو من الأهداف المسطرة بفضل العناية المتواصلة والتوجيهات الرشيدة، التي ما انفكت تلقاها قواتنا المسلحة، من قبل السيد رئيس الجمهورية القائد الأعلى للقوات المسلحة، وزير الدفاع الوطني، وهو ما جعل من كافة مكونات جيشنا شبيهة بخلية نحل حقيقية، في مجال الكد والجد، والعمل الواعي والمثابر والإصرار على تحقيق النجاح». وهاجم صالح جهات لم يذكرها بالاسم، قال عنها إنها «تسعى إلى بلوغ مبتغاها، الرامي إلى الإساءة إلى وطن اسمه الجزائر، التي تبقى دوما، رغما عنهم، تسمو بها همتها إلى مواجهة وكسب كافة التحديات وتحقيق المزيد من الأمن والاستقرار، الذي يكفل لها مواصلة مشوارها التنموي الطموح».



الحوثيون يواجهون مخاوفهم من مصير الأسد بالقمع والتحشيد

طلاب في جامعة البيضاء أجبرتهم الجماعة الحوثية على المشاركة في فعاليات تعبوية (إعلام حوثي)
طلاب في جامعة البيضاء أجبرتهم الجماعة الحوثية على المشاركة في فعاليات تعبوية (إعلام حوثي)
TT

الحوثيون يواجهون مخاوفهم من مصير الأسد بالقمع والتحشيد

طلاب في جامعة البيضاء أجبرتهم الجماعة الحوثية على المشاركة في فعاليات تعبوية (إعلام حوثي)
طلاب في جامعة البيضاء أجبرتهم الجماعة الحوثية على المشاركة في فعاليات تعبوية (إعلام حوثي)

ضمن مخاوف الجماعة الحوثية من ارتدادات تطورات الأوضاع في سوريا على قوتها وتراجع نفوذ محور إيران في منطقة الشرق الأوسط؛ صعّدت الجماعة من ممارساتها بغرض تطييف المجتمع واستقطاب أتباع جدد ومنع اليمنيين من الاحتفال بسقوط نظام بشار الأسد.

واستهدفت الجماعة، حديثاً، موظفي مؤسسات عمومية وأخرى خاصة وأولياء أمور الطلاب بالأنشطة والفعاليات ضمن حملات التعبئة التي تنفذها لاستقطاب أتباع جدد، واختبار ولاء منتسبي مختلف القطاعات الخاضعة لها، كما أجبرت أعياناً قبليين على الالتزام برفد جبهاتها بالمقاتلين، ولجأت إلى تصعيد عسكري في محافظة تعز.

وكانت قوات الحكومة اليمنية أكدت، الخميس، إحباطها ثلاث محاولات تسلل لمقاتلي الجماعة الحوثية في جبهات محافظة تعز (جنوب غربي)، قتل خلالها اثنان من مسلحي الجماعة، وتزامنت مع قصف مواقع للجيش ومناطق سكنية بالطيران المسير، ورد الجيش على تلك الهجمات باستهداف مواقع مدفعية الجماعة في مختلف الجبهات، وفق ما نقله الإعلام الرسمي.

الجيش اليمني في تعز يتصدى لأعمال تصعيد حوثية متكررة خلال الأسابيع الماضية (الجيش اليمني)

وخلال الأيام الماضية اختطفت الجماعة الحوثية في عدد من المحافظات الخاضعة لسيطرتها ناشطين وشباناً على خلفية احتفالهم بسقوط نظام الأسد في سوريا، وبلغ عدد المختطفين في صنعاء 17 شخصاً، قالت شبكة حقوقية يمنية إنهم اقتيدوا إلى سجون سرية، في حين تم اختطاف آخرين في محافظتي إب وتعز للأسباب نفسها.

وأدانت الشبكة اليمنية للحقوق والحريات حملة الاختطافات التي رصدتها في العاصمة المختطفة صنعاء، مشيرة إلى أنها تعكس قلق الجماعة الحوثية من انعكاسات الوضع في سوريا على سيطرتها في صنعاء، وخوفها من اندلاع انتفاضة شعبية مماثلة تنهي وجودها، ما اضطرها إلى تكثيف انتشار عناصرها الأمنية والعسكرية في شوارع وأحياء المدينة خلال الأيام الماضية.

وطالبت الشبكة في بيان لها المجتمع الدولي والأمم المتحدة والمنظمات الحقوقية بإدانة هذه الممارسات بشكل واضح، بوصفها خطوة أساسية نحو محاسبة مرتكبيها، والضغط على الجماعة الحوثية للإفراج عن جميع المختطفين والمخفيين قسراً في معتقلاتها، والتحرك الفوري لتصنيفها منظمة إرهابية بسبب تهديدها للأمن والسلم الإقليميين والدوليين.

تطييف القطاع الطبي

في محافظة تعز، كشفت مصادر محلية لـ«الشرق الأوسط» عن أن الجماعة الحوثية اختطفت عدداً من الشبان في منطقة الحوبان على خلفية إبداء آرائهم بسقوط نظام الأسد، ولم يعرف عدد من جرى اختطافهم.

تكدس في نقطة تفتيش حوثية في تعز حيث اختطفت الجماعة ناشطين بتهمة الاحتفال بسقوط الأسد (إكس)

وأوقفت الجماعة، بحسب المصادر، عدداً كبيراً من الشبان والناشطين القادمين من مناطق سيطرة الحكومة اليمنية، وأخضعتهم للاستجواب وتفتيش متعلقاتهم الشخصية وجوالاتهم بحثاً عمّا يدل على احتفالهم بتطورات الأحداث في سوريا، أو ربط ما يجري هناك بالوضع في اليمن.

وشهدت محافظة إب (193 كيلومتراً جنوب صنعاء) اختطاف عدد من السكان للأسباب نفسها في عدد من المديريات، مترافقاً مع إجراءات أمنية مشددة في مركز المحافظة ومدنها الأخرى، وتكثيف أعمال التحري في الطرقات ونقاط التفتيش.

إلى ذلك، أجبرت الجماعة عاملين في القطاع الطبي، بشقيه العام والخاص، على حضور فعاليات تعبوية تتضمن محاضرات واستماع لخطابات زعيمها عبد الملك الحوثي، وشروحات لملازم المؤسس حسين الحوثي، وأتبعت ذلك بإجبارهم على المشاركة في تدريبات عسكرية على استخدام مختلف الأسلحة الخفيفة والمتوسطة والقنابل اليدوية وزراعة الألغام والتعامل مع المتفجرات.

وذكرت مصادر طبية في صنعاء أن هذه الإجراءات استهدفت العاملين في المستشفيات الخاصعة لسيطرة الجماعة بشكل مباشر، سواء العمومية منها، أو المستشفيات الخاصة التي استولت عليها الجماعة بواسطة ما يعرف بالحارس القضائي المكلف بالاستحواذ على أموال وممتلكات معارضيها ومناهضي نفوذها من الأحزاب والأفراد.

زيارات إجبارية للموظفين العموميين إلى معارض صور قتلى الجماعة الحوثية ومقابرهم (إعلام حوثي)

وتتزامن هذه الأنشطة مع أنشطة أخرى شبيهة تستهدف منتسبي الجامعات الخاصة من المدرسين والأكاديميين والموظفين، يضاف إليها إجبارهم على زيارة مقابر قتلى الجماعة في الحرب، وأضرحة عدد من قادتها، بما فيها ضريح حسين الحوثي في محافظة صعدة (233 كيلومتراً شمال صنعاء)، وفق ما كانت أوردته «الشرق الأوسط» في وقت سابق.

وكانت الجماعة أخضعت أكثر من 250 من العاملين في الهيئة العليا للأدوية خلال سبتمبر (أيلول) الماضي، وأخضعت قبلهم مدرسي وأكاديميي جامعة صنعاء (أغلبهم تجاوزوا الستين من العمر) في مايو (أيار) الماضي، لتدريبات عسكرية مكثفة، ضمن ما تعلن الجماعة أنه استعداد لمواجهة الغرب وإسرائيل.

استهداف أولياء الأمور

في ضوء المخاوف الحوثية، ألزمت الجماعة المدعومة من إيران أعياناً قبليين في محافظة الضالع (243 كيلومتراً جنوب صنعاء) بتوقيع اتفاقية لجمع الأموال وحشد المقاتلين إلى الجبهات.

موظفون في القطاع الطبي يخضعون لدورات قتالية إجبارية في صنعاء (إعلام حوثي)

وبينما أعلنت الجماعة ما وصفته بالنفير العام في المناطق الخاضعة لسيطرتها من المحافظة، برعاية أسماء «السلطة المحلية» و«جهاز التعبئة العامة» و«مكتب هيئة شؤون القبائل» التابعة لها، أبدت أوساط اجتماعية استياءها من إجبار الأعيان والمشايخ في تلك المناطق على التوقيع على وثيقة لإلزام السكان بدفع إتاوات مالية لصالح المجهود الحربي وتجنيد أبنائهم للقتال خلال الأشهر المقبلة.

في السياق نفسه، أقدمت الجماعة الانقلابية على خصم 10 درجات من طلاب المرحلة الأساسية في عدد من مدارس صنعاء، بحة عدم حضور أولياء الأمور محاضرات زعيمها المسجلة داخل المدارس.

ونقلت المصادر عن عدد من الطلاب وأولياء أمورهم أن المشرفين الحوثيين على تلك المدارس هددوا الطلاب بعواقب مضاعفة في حال استمرار تغيب آبائهم عن حضور تلك المحاضرات، ومن ذلك طردهم من المدارس أو إسقاطهم في عدد من المواد الدراسية.

وأوضح مصدر تربوي في صنعاء لـ«الشرق الأوسط» أن تعميماً صدر من قيادات عليا في الجماعة إلى القادة الحوثيين المشرفين على قطاع التربية والتعليم باتباع جميع الوسائل للتعبئة العامة في أوساط أولياء الأمور.

مقاتلون حوثيون جدد جرى تدريبهم وإعدادهم أخيراً بمزاعم مناصرة قطاع غزة (إعلام حوثي)

ونبه المصدر إلى أن طلب أولياء الأمور للحضور إلى المدارس بشكل أسبوعي للاستماع إلى محاضرات مسجلة لزعيم الجماعة هو أول إجراء لتنفيذ هذه التعبئة، متوقعاً إجراءات أخرى قد تصل إلى إلزامهم بحضور فعاليات تعبوية أخرى تستمر لأيام، وزيارة المقابر والأضرحة والمشاركة في تدريبات قتالية.

وبحسب المصدر؛ فإن الجماعة لا تقبل أي أعذار لتغيب أولياء الأمور، كالسفر أو الانشغال بالعمل، بل إنها تأمر كل طالب يتحجج بعدم قدرة والده على حضور المحاضرات بإقناع أي فرد آخر في العائلة بالحضور نيابة عن ولي الأمر المتغيب.