«حسم» و«لواء الثورة»... أذرع «الإخوان» تتآكل

أميركا تلحق ببريطانيا وتدرجهما على قوائم الإرهاب

«حسم» و«لواء الثورة»... أذرع «الإخوان» تتآكل
TT

«حسم» و«لواء الثورة»... أذرع «الإخوان» تتآكل

«حسم» و«لواء الثورة»... أذرع «الإخوان» تتآكل

بإدراج الولايات المتحدة الأميركية حركتي «حسم» و«لواء الثورة» اللتين تنتميان إلى جماعة «الإخوان»، على قائمة المنظمات الإرهابية. دخلت أذرع «الإخوان» التي تعتبرها السلطات المصرية تنظيماً «إرهابياً» مرحلة التآكل... خاصة أن القرار الأميركي سبقه قرار بريطاني في ديسمبر (كانون الأول) الماضي، بإدراج الحركتين على قائمة الإرهاب، وهو القرار الذي أرجعته بريطانيا لثبوت إدانتهما بالاعتداء على أفراد الأمن المصريين والشخصيات العامة.
خبراء أمنيون وبرلمانيون ومختصون في الحركات المتطرفة بمصر أكدوا، أن «إدراج الحركتين سوف يعزز قدرة حكومتي أميركا وبريطانيا على تعطيل أنشطة هذه المنظمات الإرهابية... وأن ذلك القرار هو بداية التعامل مع (الإخوان) بسيناريو الحظر». الخبراء قالوا لـ«الشرق الأوسط» إن إدراج «حسم» و«لواء الثورة» ضمن قوائم الإرهاب مهم فيما يتعلق بتعامل واشنطن مع الأصوليين الذين يتجهون للإرهاب.
وأعلنت «لواء الثورة» عن ظهورها الأول بمصر في أغسطس (آب) عام 2016، عقب تبنيها الهجوم على كمين العجيزي في مدينة السادات بمحافظة المنوفية بدلتا مصر، كما أعلنت مسؤوليتها عن مقتل أحد عمداء الشرطة المصرية... أما حركة «سواعد مصر... حسم» فلديها ماضٍ عنيف، فتسببت حتى نهاية العام الماضي في مقتل 9 شرطيين وإصابة مثلهم، بينما فشلت في اغتيال مسؤولين قضائيين، هما النائب العام المساعد زكريا عبد العزيز، ورئيس محكمة جنايات القاهرة أحمد أبو الفتوح، إضافة إلى المفتي الأسبق علي جمعة... وبشعار على هيئة «كلاشنيكوف» متبوعاً بعبارة «بسواعدنا نحمي ثورتنا»، أعلنت الحركة عن نفسها في يناير (كانون الثاني) عام 2014. وعلى الرغم من أن «حسم» وصفت نفسها في البداية أنها «حركة ثورية» تهدف إلى استعادة روح ثورة «25 يناير» عام 2011؛ فإنها تحولت لحركة دموية، وعدلت عن رؤيتها وتبنت أعمالاً تخريبية وعمليات اغتيال.
من جانبه، قال العميد خالد عكاشة، الخبير الأمني، عضو المجلس الأعلى لمكافحة الإرهاب والتطرف التابع لمؤسسة الرئاسة في مصر، إن إدراج «حسم» و«لواء الثورة» خطوة مهمة لإدراج «الإخوان» على قوائم الإرهاب على المستوى الدولي في المستقبل. معتبراً تلك الخطوة بمثابة تطور إيجابي في إدراك شركاء مصر الدوليين، وفي مقدمتهم الولايات المتحدة الأميركية، لخطورة جماعة «الإخوان» والتنظيمات المنبثقة عنها على أمن واستقرار مصر. مؤكداً أن المنظمات التي أدرجت على قوائم الإرهاب مؤخراً قامت بافتعال الكثير من العمليات الإرهابية لزعزعة استقرار الدول العربية... و«بكل المقاييس القرار جيد وإيجابي، وإن كان متأخراً، حيث كان من المفترض أنه بمجرد تحويل مصر عناصر الحركتين إلى القضايا، وإدراجهما على قائمة الإرهاب أن تقوم دول العالم بوضعهم أيضاً».
وعن الآثار المترتبة على القرار الأميركي، رأى عكاشة، أن «الأمن المصري يتواصل مع أميركا، وإن كان هناك بعض الهاربين بواشنطن في قضايا أو بعض المطلوبين للتحقيق أمام النيابة، فالقرار الأميركي يسمح لمصر بطلب توقيفهم».
واعتبرت مصر أن «القرار الأميركي ترجمة عملية للتضامن مع القاهرة ضد الإرهاب، وتقديراً لما تواجهه من محاولات خسيسة تستهدف إعاقة مسارها التنموي وانطلاقها الاقتصادي... وهو الأمر الذي عبر عنه المسؤولون الأميركيون على أعلى المستويات خلال الفترة الأخيرة، ويمثل خطوة مهمة إلى الأمام على مسار تبنى المجتمع الدولي لاستراتيجية شاملة وفعالة في القضاء على الإرهاب واجتثاثه من جذوره».
من جانبه، قال الدكتور خالد الزعفراني، المتخصص في شؤون الحركات المتطرفة في مصر، إن قرار الإدراج سوف يحجم الحركتين ويمنع التمويل والأسلحة عنهما، وهو ما يساعد على تجفيف منافذ تمويلهما، لافتاً إلى أن إدراج «حسم ولواء الثورة» في قوائم التنظيمات الإرهابية رسالة موجهة لـ«الإخوان» بشكل أكبر مما هي موجهة لأي طرف آخر. في الوقت نفسه أوضح الزعفراني أن تصنيف الحركتين كمنظمات إرهابية، لن يكون له تأثير عملي حقيقي على أرض الواقع؛ لأن نشاطهما في مصر فقط، وليس لهما امتدادات خارجها، وليس من بين أعضائهما شخصيات أو رموز بارزة. إلا أنه قال إن إدراج «حسم» و«لواء الثورة» ضمن قوائم الإرهاب، مهم فيما يتعلق بتعامل واشنطن مع الأصوليين الذين يتجهون للإرهاب.
ويتفق خبراء الأمن، والمختصون في شؤون الحركات الإسلامية، أن «حسم» أحد إفرازات جماعة «الإخوان»، التي أزيحت عن السلطة عبر مظاهرات شعبية حاشدة في يونيو (حزيران) عام 2013. وأنه عقب وصول «الإخوان» للحكم وخروجها منه، كانت هناك أجنحة لم تقبل هذا الخروج، وبدأ ظهور مجموعة «العمليات النوعية» بقيادة القيادي الإخواني محمد كمال (مؤسس الجناح المسلح لـ«الإخوان» ولجانها النوعية)، وظهرت في ذلك الحين «حسم».
وسبق أن رفع شعار «حسم» مجموعات تابعة للجان نوعية تشكلت من شباب جماعة «الإخوان» بعد فض اعتصامين لأنصار الجماعة في ميداني «رابعة العدوية» بضاحية مدينة نصر شرق القاهرة، وميدان «النهضة» بالجيزة في أغسطس عام 2013.
ويشار إلى أن التحقيقات مع عناصر «حسم» أمام النيابة العامة في مصر، أشارت إلى اعترافهم بالاتفاق مع قيادات من «الإخوان» في الخارج «لإخضاعهم لتدريبات عسكرية متقدمة على استعمال الأسلحة النارية المتطورة وتصنيع العبوات المتفجرة شديدة الانفجار».
أما بداية فضح العلاقة بين «الإخوان» و«لواء الثورة» جاءت عن طريق بيان صادر عن وزارة الداخلية المصرية في مارس (آذار) عام 2016 أعلنت فيه مقتل أحد عناصر حركة «لواء الثورة» التابعة لـ«الإخوان» في الإسماعيلية عقب تبادل لإطلاق النيران معه... وسبق أن أعلن المتحدث باسم «لواء الثورة»، ويدعى صلاح الدين يوسف، انتساب الحركة لجماعة «الإخوان»، وأنهم يستقون فكرهم من سيد قطب (الأب الروحي لـ«الإخوان»)، وحسن البنا (مؤسس الجماعة)، وأبو مصعب السوري (أحد القادة المحسوبين على تنظيم القاعدة)... كما أشارت «لواء الثورة» في بيان آخر إلى ارتباطها بـ«حسم».
وعن الفرق بين الحركتين، قال عمرو عبد المنعم، المتخصص في شؤون الحركات المتشددة، إن هناك فرقاً بين «لواء الثورة» و«حسم»... فـ«لواء الثورة» تستهدف رجال السلطة القضائية كرد فعل على الأحكام التي تصدر بحق قيادات جماعة «الإخوان» خصوصا الهاربين في الخارج، فضلا عن قيامها بعمليات انتقامية من بعض أمناء الشرطة.
وقال مراقبون إن «الإخوان» اعتمدت منذ نشأتها على التنظيمات السرية للتخلص من خصومها... و«حسم» و«لواء الثورة» محاولة من «التنظيم الخاص» لـ«الإخوان» لمحاربة مؤسسات الدولة في مصر وضباط الشرطة والجيش.
وأوضح عبد المنعم، أن «الإخوان» تنفي دائماً وجود صلة لها بـ«لواء الثورة»، وتقول إن خطابها «ثوري ليبرالي»؛ لكن «لواء الثورة» تستخدم مصطلحات دينية مثل «رد العدوان»، وتصحب إصدارات الحركة على الإنترنت موسيقى كنوع من أنواع التمويه لعمل إرباك لأجهزة الأمن.
وعن عناصر «لواء الثورة»، قال عبد المنعم، درسوا كتاب «دليل المقاومة»، والحركة منذ ما يقرب من عامين استطاعت أن تصنع مجموعة من العمليات التي تعتمد على «البلاغات الكاذبة» مثل توعد بعض قيادات الداخلية أو القضاة أو الإعلاميين بالاستهداف، وأطلق على هذه الطريقة «الإرهاب... السلاح المعطل»، لعمل إرباك للسلطات ولإثارة الانفلات الأمني، موضحا أن الحركة تعتمد على النكاية، ثم الإنهاك، ثم إدارة الانفلات الأمني، وتحصل على الدعم عن طريق التبرعات من الداخل، فضلا عن أموال من قيادات «الإخوان» في الخارج.
وأكد عبد المنعم أن الإدراج على قوائم الإرهاب سوف يعزز قدرة حكومتي أميركا وبريطانيا على تعطيل أنشطة هذه الحركتين، وأن ذلك هو بداية التعامل مع «الإخوان» بالمثل.
أما عن «حسم»، فقال أحمد بان، الباحث المتخصص في شؤون جماعات الإسلام السياسي، إنه بالنظر إلى المفردات التي استخدمتها «حسم» في بدايتها، لم تخرج عن نطاق تعبيرات مثل «الثورة والثأر»، وكان يبدو أنها لا تنتمي للتنظيمات المتشددة الأخرى التي تنادي بتطبيق الشريعة كـ«أنصار بيت المقدس سابقاً» أو «ولاية سيناء» مثلاً، فخطابها يتطابق منذ البداية مع خطاب «الإخوان». مضيفاً: أن «حسم» حاولت أن تُقدم نفسها كحركة تحرر وطني في البداية، واختارت أهدافا رخوة مثل استهداف كمين أو مرتكز أمني، لكن أبرز عملياتها تمثلت في محاولتي اغتيال النائب العام المساعد ومفتي مصر السابق.
في السياق ذاته، أكد عصام أبو المجد، عضو لجنة الدفاع والأمن القومي بمجلس النواب (البرلمان)، أن «إدراج الحركتين على قائمة المنظمات الإرهابية، سيضع جماعة الإخوان على القائمة قريباً، ودليل على أن أذرع الجماعة تتهاوى»، فـ«حسم» و«لواء الثورة» يتبعان مباشرة لـ«الإخوان» وهما الجناحان العسكريان للجماعة وذراعاها المسلحان للانتقام من الدولة المصرية، وقرار الإدراج انعكاس لجهود بذلت بين الدول الغربية، وأثمرت توثيقا معلوماتيا تجاه تلك الحركات، وأسفرت عن القرار الأميركي وقبله البريطاني.



«المراجعات»... فكرة غائبة يراهن عليها شباب «الإخوان»

جانب من اعتصام «الإخوان» في ميدان «رابعة» بالقاهرة عام 2013 عقب عزل مرسي (الشرق الأوسط)
جانب من اعتصام «الإخوان» في ميدان «رابعة» بالقاهرة عام 2013 عقب عزل مرسي (الشرق الأوسط)
TT

«المراجعات»... فكرة غائبة يراهن عليها شباب «الإخوان»

جانب من اعتصام «الإخوان» في ميدان «رابعة» بالقاهرة عام 2013 عقب عزل مرسي (الشرق الأوسط)
جانب من اعتصام «الإخوان» في ميدان «رابعة» بالقاهرة عام 2013 عقب عزل مرسي (الشرق الأوسط)

بين الحين والآخر، تتجدد فكرة «مراجعات الإخوان»، الجماعة التي تصنفها السلطات المصرية «إرهابية»، فتثير ضجيجاً على الساحة السياسية في مصر؛ لكن دون أي أثر يُذكر على الأرض. وقال خبراء في الحركات الأصولية، عن إثارة فكرة «المراجعة»، خصوصاً من شباب الجماعة خلال الفترة الماضية، إنها «تعكس حالة الحيرة لدى شباب (الإخوان) وشعورهم بالإحباط، وهي (فكرة غائبة) عن قيادات الجماعة، ومُجرد محاولات فردية لم تسفر عن نتائج».
ففكرة «مراجعات إخوان مصر» تُثار حولها تساؤلات عديدة، تتعلق بتوقيتات خروجها للمشهد السياسي، وملامحها حال البدء فيها... وهل الجماعة تفكر بجدية في هذا الأمر؟ وما هو رد الشارع المصري حال طرحها؟
خبراء الحركات الأصولية أكدوا أن «الجماعة ليست لديها نية للمراجعات». وقال الخبراء لـ«الشرق الأوسط»: «لم تعرف (الإخوان) عبر تاريخها (مراجعات) يُمكن التعويل عليها، سواء على مستوى الأفكار، أو السلوك السياسي التنظيمي، أو على مستوى الأهداف»، لافتين إلى أن «الجماعة تتبنى دائماً فكرة وجود (محنة) للبقاء، وجميع قيادات الخارج مُستفيدين من الوضع الحالي للجماعة». في المقابل لا يزال شباب «الإخوان» يتوعدون بـ«مواصلة إطلاق الرسائل والمبادرات في محاولة لإنهاء مُعاناتهم».

مبادرات شبابية
مبادرات أو رسائل شباب «الإخوان»، مجرد محاولات فردية لـ«المراجعة أو المصالحة»، عبارة عن تسريبات، تتنوع بين مطالب الإفراج عنهم من السجون، ونقد تصرفات قيادات الخارج... المبادرات تعددت خلال الأشهر الماضية، وكان من بينها، مبادرة أو رسالة اعترف فيها الشباب «بشعورهم بالصدمة من تخلي قادة جماعتهم، وتركهم فريسة للمصاعب التي يواجهونها هم وأسرهم - على حد قولهم -، بسبب دفاعهم عن أفكار الجماعة، التي ثبت أنها بعيدة عن الواقع»... وقبلها رسالة أخرى من عناصر الجماعة، تردد أنها «خرجت من أحد السجون المصرية - بحسب من أطلقها -»، أُعلن فيها عن «رغبة هذه العناصر في مراجعة أفكارهم، التي اعتنقوها خلال انضمامهم للجماعة». وأعربوا عن «استعدادهم التام للتخلي عنها، وعن العنف، وعن الولاء للجماعة وقياداتها».
وعقب «تسريبات المراجعات»، كان رد الجماعة قاسياً ونهائياً على لسان بعض قيادات الخارج، من بينهم إبراهيم منير، نائب المرشد العام للجماعة، الذي قال إن «الجماعة لم تطلب من هؤلاء الشباب الانضمام لصفوفها، ولم تزج بهم في السجون، ومن أراد أن يتبرأ (أي عبر المراجعات) فليفعل».
يشار إلى أنه كانت هناك محاولات لـ«المراجعات» عام 2017 بواسطة 5 من شباب الجماعة المنشقين، وما زال بعضهم داخل السجون، بسبب اتهامات تتعلق بـ«تورطهم في عمليات عنف».
من جهته، أكد أحمد بان، الخبير في شؤون الحركات الأصولية بمصر، أن «(المراجعات) أو (فضيلة المراجعات) فكرة غائبة في تاريخ (الإخوان)، وربما لم تعرف الجماعة عبر تاريخها (مراجعات) يُمكن التعويل عليها، سواء على مستوى الأفكار، أو على مستوى السلوك السياسي التنظيمي، أو على مستوى أهداف الجماعة ومشروعها»، مضيفاً: «وحتى الآن ما خرج من (مراجعات) لم تتجاوز ربما محاكمة السلوك السياسي للجماعة، أو السلوك الإداري أو التنظيمي؛ لكن لم تطل (المراجعات) حتى الآن جملة الأفكار الرئيسية للجماعة، ومقولتها الرئيسية، وأهدافها، وأدبياتها الأساسية، وإن كانت هناك محاولات من بعض شباب الجماعة للحديث عن هذه المقولات الرئيسية».

محاولات فردية
وقال أحمد بان إن «الحديث عن (مراجعة) كما يبدو، لم تنخرط فيها القيادات الكبيرة، فالجماعة ليس بها مُفكرون، أو عناصر قادرة على أن تمارس هذا الشكل من أشكال (المراجعة)، كما أن الجماعة لم تتفاعل مع أي محاولات بحثية بهذا الصدد، وعلى كثرة ما أنفقته من أموال، لم تخصص أموالاً للبحث في جملة أفكارها أو مشروعها، أو الانخراط في حالة من حالات (المراجعة)... وبالتالي لا يمكننا الحديث عن تقييم لـ(مراجعة) على غرار ما جرى في تجربة (الجماعة الإسلامية)»، مضيفاً أن «(مراجعة) بها الحجم، وبهذا الشكل، مرهونة بأكثر من عامل؛ منها تبني الدولة المصرية لها، وتبني قيادات الجماعة لها أيضاً»، لافتاً إلى أنه «ما لم تتبنَ قيادات مُهمة في الجماعة هذه (المراجعات)، لن تنجح في تسويقها لدى القواعد في الجماعة، خصوصاً أن دور السلطة أو القيادة في جماعة (الإخوان) مهم جداً... وبالتالي الدولة المصرية لو كانت جادة في التعاطي مع فكرة (المراجعة) باعتبارها إحدى وسائل مناهضة مشروع الجماعة السياسي، أو مشروع جماعات الإسلام السياسي، عليها أن تشجع مثل هذه المحاولات، وأن تهيئ لها ربما عوامل النجاح، سواء عبر التبني، أو على مستوى تجهيز قيادات من الأزهر، للتعاطي مع هذه المحاولات وتعميقها».
وأكد أحمد زغلول، الباحث في شؤون الحركات الأصولية بمصر، أن «الجماعة لم تصل لأي شيء في موضوع (المراجعات)، ولا توجد أي نية من جانبها لعمل أي (مراجعات)»، مضيفاً: «هناك محاولات فردية لـ(المراجعات) من بعض شباب الجماعة الناقم على القيادات، تتسرب من وقت لآخر، آخرها تلك التي تردد أنها خرجت من داخل أحد السجون جنوب القاهرة - على حد قوله -، ومن أطلقها صادر بحقهم أحكام بالسجن من 10 إلى 15 سنة، ولهم مواقف مضادة من الجماعة، ويريدون إجراء (مراجعات)، ولهم تحفظات على أداء الجماعة، خصوصاً في السنوات التي أعقبت عزل محمد مرسي عن السلطة عام 2013... وتطرقوا في انتقاداتهم للجوانب الفكرية للجماعة، لكن هذه المحاولات لم تكن في ثقل (مراجعات الجماعة الإسلامية)... وعملياً، كانت عبارة عن قناعات فردية، وليس فيها أي توجه بمشروع جدي».
وأكد زغلول، أن «هؤلاء الشباب فكروا في (المراجعات أو المصالحات)، وذلك لطول فترة سجنهم، وتخلي الجماعة عنهم، وانخداعهم في أفكار الجماعة»، مضيفاً: «بشكل عام ليست هناك نية من الجماعة لـ(المراجعات)، بسبب (من وجهة نظر القيادات) (عدم وجود بوادر من الدولة المصرية نحو ذلك، خصوصاً أن السلطات في مصر لا ترحب بفكرة المراجعات)، بالإضافة إلى أن الشعب المصري لن يوافق على أي (مراجعات)، خصوصاً بعد (مظاهرات سبتمبر/ أيلول الماضي) المحدودة؛ حيث شعرت قيادات الجماعة في الخارج، بثقل مواصلة المشوار، وعدم المصالحة».
وفي يناير (كانون الثاني) عام 2015، شدد الرئيس عبد الفتاح السيسي، على أن «المصالحة مع من مارسوا العنف (في إشارة ضمنية لجماعة الإخوان)، قرار الشعب المصري، وليس قراره شخصياً».
وأوضح زغلول في هذا الصدد، أن «الجماعة تتبنى دائماً فكرة وجود (أزمة أو محنة) لبقائها، وجميع القيادات مستفيدة من الوضع الحالي للجماعة، وتعيش في (رغد) بالخارج، وتتمتع بالدعم المالي على حساب أسر السجناء في مصر، وهو ما كشفت عنه تسريبات أخيرة، طالت قيادات هاربة بالخارج، متهمة بالتورط في فساد مالي».

جس نبض
وعن ظهور فكرة «المراجعات» على السطح من وقت لآخر من شباب الجماعة. أكد الخبير الأصولي أحمد بان، أن «إثارة فكرة (المراجعة) من آن لآخر، تعكس حالة الحيرة لدى الشباب، وشعورهم بالإحباط من هذا (المسار المغلق وفشل الجماعة)، وإحساسهم بالألم، نتيجة أعمارهم التي قدموها للجماعة، التي لم تصل بهم؛ إلا إلى مزيد من المعاناة»، موضحاً أن «(المراجعة أو المصالحة) فكرة طبيعية وإنسانية، وفكرة يقبلها العقل والنقل؛ لكن تخشاها قيادات (الإخوان)، لأنها سوف تفضح ضحالة عقولهم وقدراتهم ومستواهم، وستكشف الفكرة أمام قطاعات أوسع».
برلمانياً، قال النائب أحمد سعد، عضو مجلس النواب المصري (البرلمان)، إن «الحديث عن تصالح مع (الإخوان) يُطلق من حين لآخر؛ لكن دون أثر على الأرض، لأنه لا تصالح مع كل من خرج عن القانون، وتورط في أعمال إرهابية - على حد قوله -».
وحال وجود «مراجعات» فما هي بنودها؟ أكد زغلول: «ستكون عبارة عن (مراجعات) سياسية، و(مراجعة) للأفكار، ففي (المراجعات) السياسية أول خطوة هي الاعتراف بالنظام المصري الحالي، والاعتراف بالخلط بين الدعوة والسياسة، والاعتراف بعمل أزمات خلال فترة حكم محمد مرسي... أما الجانب الفكري، فيكون بالاعتراف بأن الجماعة لديها أفكار عنف وتكفير، وأنه من خلال هذه الأفكار، تم اختراق التنظيم... وعلى الجماعة أن تعلن أنها سوف تبتعد عن هذه الأفكار».
وعن فكرة قبول «المراجعات» من قبل المصريين، قال أحمد بان: «أعتقد أنه يجب أن نفصل بين من تورط في ارتكاب جريمة من الجماعة، ومن لم يتورط في جريمة، وكان ربما جزءاً فقط من الجماعة أو مؤمناً فكرياً بها، فيجب الفصل بين مستويات العضوية، ومستويات الانخراط في العنف».
بينما أوضح زغلول: «قد يقبل الشعب المصري حال تهيئة الرأي العام لذلك، وأمامنا تجربة (الجماعة الإسلامية)، التي استمرت في عنفها ما يقرب من 20 عاماً، وتسببت في قتل الرئيس الأسبق أنور السادات، وتم عمل (مراجعات) لها، وبالمقارنة مع (الإخوان)، فعنفها لم يتعدَ 6 سنوات منذ عام 2013. لكن (المراجعات) مشروطة بتهيئة الرأي العام المصري لذلك، وحينها سيكون قبولها أيسر».
يُشار إلى أنه في نهاية السبعينات، وحتى منتصف تسعينات القرن الماضي، اُتهمت «الجماعة الإسلامية» بالتورط في عمليات إرهابية، واستهدفت بشكل أساسي قوات الشرطة والأقباط والأجانب. وقال مراقبون إن «(مجلس شورى الجماعة) أعلن منتصف يوليو (تموز) عام 1997 إطلاق ما سمى بمبادرة (وقف العنف أو مراجعات تصحيح المفاهيم)، التي أسفرت بالتنسيق مع الأجهزة الأمنية وقتها، على إعلان الجماعة (نبذ العنف)... في المقابل تم الإفراج عن معظم المسجونين من كوادر وأعضاء (الجماعة الإسلامية)».
وذكر زغلول، أنه «من خلال التسريبات خلال الفترة الماضية، ألمحت بعض قيادات بـ(الإخوان) أنه ليس هناك مانع من قبل النظام المصري - على حد قولهم، في عمل (مراجعات)، بشرط اعتراف (الإخوان) بالنظام المصري الحالي، وحل الجماعة نهائياً».
لكن النائب سعد قال: «لا مجال لأي مصالحة مع (مرتكبي جرائم عنف ضد الدولة المصرية ومؤسساتها) - على حد قوله -، ولن يرضى الشعب بمصالحة مع الجماعة».