«حسم» و«لواء الثورة»... أذرع «الإخوان» تتآكل

أميركا تلحق ببريطانيا وتدرجهما على قوائم الإرهاب

«حسم» و«لواء الثورة»... أذرع «الإخوان» تتآكل
TT

«حسم» و«لواء الثورة»... أذرع «الإخوان» تتآكل

«حسم» و«لواء الثورة»... أذرع «الإخوان» تتآكل

بإدراج الولايات المتحدة الأميركية حركتي «حسم» و«لواء الثورة» اللتين تنتميان إلى جماعة «الإخوان»، على قائمة المنظمات الإرهابية. دخلت أذرع «الإخوان» التي تعتبرها السلطات المصرية تنظيماً «إرهابياً» مرحلة التآكل... خاصة أن القرار الأميركي سبقه قرار بريطاني في ديسمبر (كانون الأول) الماضي، بإدراج الحركتين على قائمة الإرهاب، وهو القرار الذي أرجعته بريطانيا لثبوت إدانتهما بالاعتداء على أفراد الأمن المصريين والشخصيات العامة.
خبراء أمنيون وبرلمانيون ومختصون في الحركات المتطرفة بمصر أكدوا، أن «إدراج الحركتين سوف يعزز قدرة حكومتي أميركا وبريطانيا على تعطيل أنشطة هذه المنظمات الإرهابية... وأن ذلك القرار هو بداية التعامل مع (الإخوان) بسيناريو الحظر». الخبراء قالوا لـ«الشرق الأوسط» إن إدراج «حسم» و«لواء الثورة» ضمن قوائم الإرهاب مهم فيما يتعلق بتعامل واشنطن مع الأصوليين الذين يتجهون للإرهاب.
وأعلنت «لواء الثورة» عن ظهورها الأول بمصر في أغسطس (آب) عام 2016، عقب تبنيها الهجوم على كمين العجيزي في مدينة السادات بمحافظة المنوفية بدلتا مصر، كما أعلنت مسؤوليتها عن مقتل أحد عمداء الشرطة المصرية... أما حركة «سواعد مصر... حسم» فلديها ماضٍ عنيف، فتسببت حتى نهاية العام الماضي في مقتل 9 شرطيين وإصابة مثلهم، بينما فشلت في اغتيال مسؤولين قضائيين، هما النائب العام المساعد زكريا عبد العزيز، ورئيس محكمة جنايات القاهرة أحمد أبو الفتوح، إضافة إلى المفتي الأسبق علي جمعة... وبشعار على هيئة «كلاشنيكوف» متبوعاً بعبارة «بسواعدنا نحمي ثورتنا»، أعلنت الحركة عن نفسها في يناير (كانون الثاني) عام 2014. وعلى الرغم من أن «حسم» وصفت نفسها في البداية أنها «حركة ثورية» تهدف إلى استعادة روح ثورة «25 يناير» عام 2011؛ فإنها تحولت لحركة دموية، وعدلت عن رؤيتها وتبنت أعمالاً تخريبية وعمليات اغتيال.
من جانبه، قال العميد خالد عكاشة، الخبير الأمني، عضو المجلس الأعلى لمكافحة الإرهاب والتطرف التابع لمؤسسة الرئاسة في مصر، إن إدراج «حسم» و«لواء الثورة» خطوة مهمة لإدراج «الإخوان» على قوائم الإرهاب على المستوى الدولي في المستقبل. معتبراً تلك الخطوة بمثابة تطور إيجابي في إدراك شركاء مصر الدوليين، وفي مقدمتهم الولايات المتحدة الأميركية، لخطورة جماعة «الإخوان» والتنظيمات المنبثقة عنها على أمن واستقرار مصر. مؤكداً أن المنظمات التي أدرجت على قوائم الإرهاب مؤخراً قامت بافتعال الكثير من العمليات الإرهابية لزعزعة استقرار الدول العربية... و«بكل المقاييس القرار جيد وإيجابي، وإن كان متأخراً، حيث كان من المفترض أنه بمجرد تحويل مصر عناصر الحركتين إلى القضايا، وإدراجهما على قائمة الإرهاب أن تقوم دول العالم بوضعهم أيضاً».
وعن الآثار المترتبة على القرار الأميركي، رأى عكاشة، أن «الأمن المصري يتواصل مع أميركا، وإن كان هناك بعض الهاربين بواشنطن في قضايا أو بعض المطلوبين للتحقيق أمام النيابة، فالقرار الأميركي يسمح لمصر بطلب توقيفهم».
واعتبرت مصر أن «القرار الأميركي ترجمة عملية للتضامن مع القاهرة ضد الإرهاب، وتقديراً لما تواجهه من محاولات خسيسة تستهدف إعاقة مسارها التنموي وانطلاقها الاقتصادي... وهو الأمر الذي عبر عنه المسؤولون الأميركيون على أعلى المستويات خلال الفترة الأخيرة، ويمثل خطوة مهمة إلى الأمام على مسار تبنى المجتمع الدولي لاستراتيجية شاملة وفعالة في القضاء على الإرهاب واجتثاثه من جذوره».
من جانبه، قال الدكتور خالد الزعفراني، المتخصص في شؤون الحركات المتطرفة في مصر، إن قرار الإدراج سوف يحجم الحركتين ويمنع التمويل والأسلحة عنهما، وهو ما يساعد على تجفيف منافذ تمويلهما، لافتاً إلى أن إدراج «حسم ولواء الثورة» في قوائم التنظيمات الإرهابية رسالة موجهة لـ«الإخوان» بشكل أكبر مما هي موجهة لأي طرف آخر. في الوقت نفسه أوضح الزعفراني أن تصنيف الحركتين كمنظمات إرهابية، لن يكون له تأثير عملي حقيقي على أرض الواقع؛ لأن نشاطهما في مصر فقط، وليس لهما امتدادات خارجها، وليس من بين أعضائهما شخصيات أو رموز بارزة. إلا أنه قال إن إدراج «حسم» و«لواء الثورة» ضمن قوائم الإرهاب، مهم فيما يتعلق بتعامل واشنطن مع الأصوليين الذين يتجهون للإرهاب.
ويتفق خبراء الأمن، والمختصون في شؤون الحركات الإسلامية، أن «حسم» أحد إفرازات جماعة «الإخوان»، التي أزيحت عن السلطة عبر مظاهرات شعبية حاشدة في يونيو (حزيران) عام 2013. وأنه عقب وصول «الإخوان» للحكم وخروجها منه، كانت هناك أجنحة لم تقبل هذا الخروج، وبدأ ظهور مجموعة «العمليات النوعية» بقيادة القيادي الإخواني محمد كمال (مؤسس الجناح المسلح لـ«الإخوان» ولجانها النوعية)، وظهرت في ذلك الحين «حسم».
وسبق أن رفع شعار «حسم» مجموعات تابعة للجان نوعية تشكلت من شباب جماعة «الإخوان» بعد فض اعتصامين لأنصار الجماعة في ميداني «رابعة العدوية» بضاحية مدينة نصر شرق القاهرة، وميدان «النهضة» بالجيزة في أغسطس عام 2013.
ويشار إلى أن التحقيقات مع عناصر «حسم» أمام النيابة العامة في مصر، أشارت إلى اعترافهم بالاتفاق مع قيادات من «الإخوان» في الخارج «لإخضاعهم لتدريبات عسكرية متقدمة على استعمال الأسلحة النارية المتطورة وتصنيع العبوات المتفجرة شديدة الانفجار».
أما بداية فضح العلاقة بين «الإخوان» و«لواء الثورة» جاءت عن طريق بيان صادر عن وزارة الداخلية المصرية في مارس (آذار) عام 2016 أعلنت فيه مقتل أحد عناصر حركة «لواء الثورة» التابعة لـ«الإخوان» في الإسماعيلية عقب تبادل لإطلاق النيران معه... وسبق أن أعلن المتحدث باسم «لواء الثورة»، ويدعى صلاح الدين يوسف، انتساب الحركة لجماعة «الإخوان»، وأنهم يستقون فكرهم من سيد قطب (الأب الروحي لـ«الإخوان»)، وحسن البنا (مؤسس الجماعة)، وأبو مصعب السوري (أحد القادة المحسوبين على تنظيم القاعدة)... كما أشارت «لواء الثورة» في بيان آخر إلى ارتباطها بـ«حسم».
وعن الفرق بين الحركتين، قال عمرو عبد المنعم، المتخصص في شؤون الحركات المتشددة، إن هناك فرقاً بين «لواء الثورة» و«حسم»... فـ«لواء الثورة» تستهدف رجال السلطة القضائية كرد فعل على الأحكام التي تصدر بحق قيادات جماعة «الإخوان» خصوصا الهاربين في الخارج، فضلا عن قيامها بعمليات انتقامية من بعض أمناء الشرطة.
وقال مراقبون إن «الإخوان» اعتمدت منذ نشأتها على التنظيمات السرية للتخلص من خصومها... و«حسم» و«لواء الثورة» محاولة من «التنظيم الخاص» لـ«الإخوان» لمحاربة مؤسسات الدولة في مصر وضباط الشرطة والجيش.
وأوضح عبد المنعم، أن «الإخوان» تنفي دائماً وجود صلة لها بـ«لواء الثورة»، وتقول إن خطابها «ثوري ليبرالي»؛ لكن «لواء الثورة» تستخدم مصطلحات دينية مثل «رد العدوان»، وتصحب إصدارات الحركة على الإنترنت موسيقى كنوع من أنواع التمويه لعمل إرباك لأجهزة الأمن.
وعن عناصر «لواء الثورة»، قال عبد المنعم، درسوا كتاب «دليل المقاومة»، والحركة منذ ما يقرب من عامين استطاعت أن تصنع مجموعة من العمليات التي تعتمد على «البلاغات الكاذبة» مثل توعد بعض قيادات الداخلية أو القضاة أو الإعلاميين بالاستهداف، وأطلق على هذه الطريقة «الإرهاب... السلاح المعطل»، لعمل إرباك للسلطات ولإثارة الانفلات الأمني، موضحا أن الحركة تعتمد على النكاية، ثم الإنهاك، ثم إدارة الانفلات الأمني، وتحصل على الدعم عن طريق التبرعات من الداخل، فضلا عن أموال من قيادات «الإخوان» في الخارج.
وأكد عبد المنعم أن الإدراج على قوائم الإرهاب سوف يعزز قدرة حكومتي أميركا وبريطانيا على تعطيل أنشطة هذه الحركتين، وأن ذلك هو بداية التعامل مع «الإخوان» بالمثل.
أما عن «حسم»، فقال أحمد بان، الباحث المتخصص في شؤون جماعات الإسلام السياسي، إنه بالنظر إلى المفردات التي استخدمتها «حسم» في بدايتها، لم تخرج عن نطاق تعبيرات مثل «الثورة والثأر»، وكان يبدو أنها لا تنتمي للتنظيمات المتشددة الأخرى التي تنادي بتطبيق الشريعة كـ«أنصار بيت المقدس سابقاً» أو «ولاية سيناء» مثلاً، فخطابها يتطابق منذ البداية مع خطاب «الإخوان». مضيفاً: أن «حسم» حاولت أن تُقدم نفسها كحركة تحرر وطني في البداية، واختارت أهدافا رخوة مثل استهداف كمين أو مرتكز أمني، لكن أبرز عملياتها تمثلت في محاولتي اغتيال النائب العام المساعد ومفتي مصر السابق.
في السياق ذاته، أكد عصام أبو المجد، عضو لجنة الدفاع والأمن القومي بمجلس النواب (البرلمان)، أن «إدراج الحركتين على قائمة المنظمات الإرهابية، سيضع جماعة الإخوان على القائمة قريباً، ودليل على أن أذرع الجماعة تتهاوى»، فـ«حسم» و«لواء الثورة» يتبعان مباشرة لـ«الإخوان» وهما الجناحان العسكريان للجماعة وذراعاها المسلحان للانتقام من الدولة المصرية، وقرار الإدراج انعكاس لجهود بذلت بين الدول الغربية، وأثمرت توثيقا معلوماتيا تجاه تلك الحركات، وأسفرت عن القرار الأميركي وقبله البريطاني.



«داعش» يسعى بقوة إلى {إثبات وجوده} في 2020

تدريبات للقوات النيجيرية تحت إشراف القوات الخاصة البريطانية خلال مناورة مكافحة الإرهاب السنوية في السنغال فبراير الماضي (أ.ب)
تدريبات للقوات النيجيرية تحت إشراف القوات الخاصة البريطانية خلال مناورة مكافحة الإرهاب السنوية في السنغال فبراير الماضي (أ.ب)
TT

«داعش» يسعى بقوة إلى {إثبات وجوده} في 2020

تدريبات للقوات النيجيرية تحت إشراف القوات الخاصة البريطانية خلال مناورة مكافحة الإرهاب السنوية في السنغال فبراير الماضي (أ.ب)
تدريبات للقوات النيجيرية تحت إشراف القوات الخاصة البريطانية خلال مناورة مكافحة الإرهاب السنوية في السنغال فبراير الماضي (أ.ب)

ارت طموحات تنظيم «داعش» الإرهابي للتمدد مجدداً تساؤلات كثيرة تتعلق بطبيعة «مساعيه» في الدول خلال العام الجاري. واعتبر مراقبون أن «(أزمة كورونا) جددت طموحات التنظيم للقيام بعمليات إرهابية، واستقطاب (إرهابيين) عقب هزائم السنوات الماضية ومقتل زعيمه السابق أبو بكر البغدادي». ووفق خبراء ومتخصصين في الشأن الأصولي بمصر، فإن «التنظيم يبحث عن أي فرصة لإثبات الوجود»، مشيرين إلى «مساعي التنظيم في أفريقيا عبر (الذئاب المنفردة)، ومحاولاته لعودة نشاطه السابق في العراق وسوريا عبر تبني عمليات القتل»، موضحين أن «المخاوف من العناصر (الانفرادية) التي تنتشر في أوروبا وأميركا تتزايد، خاصة وأنها تتحرك بانسيابية شديدة داخل محيطهم الجغرافي».
وقال أحمد بان، الخبير في شؤون الحركات الأصولية، إن «(داعش) مثل تنظيمات الإرهاب تبحث عن فرصة مُناسبة للوجود، ومن الفُرص المُناسبة، وجود أي شكل من أشكال الفوضى أو الارتباك، وعندما تكون جهود الدول موجهة لمحاربة (كورونا المستجد)، فيبقى من الطبيعي أن يسعى التنظيم للحركة من جديد، وانتظار فرصة مناسبة لتنفيذ أهدافه، خاصة أن (داعش) في تعامله مع الفيروس روج لفكرة (أن كورونا عقاب إلهي لأعدائه، على حد زعم التنظيم)، خصوصاً أن (كورونا) كبد أوروبا خسائر كبيرة، وأوروبا في الدعايا الداعشية (هذا الغرب الذي يحارب الإسلام، على حد تصور الداعشيين)، لذا فـ(داعش) يستغل هذا، في مواجهة بعض الارتكازات الأمنية، أو الأكمنة، أو الاستهدافات بالشوارع، لإثارة فازعات، ومن الوارد تنفيذ بعض العمليات الإرهابية».
وأكد عمرو عبد المنعم، الباحث في شؤون الحركات الأصولية، أن «(داعش) استغل (أزمة الفيروس) بالادعاء في بيان له مارس (آذار) الماضي، بأن الفيروس (عذاب مؤلم من الله للغرب، خاصة للدول المشاركة في العمليات العسكرية ضده، على حد زعمه)، ويحاول التنظيم نشر الخوف من الوباء، والبحث عن إيجاد مصارف لتمويل العمليات الإرهابية».
ووفق تقرير سابق لمجموعة «الأزمات الدولية» في نهاية مارس الماضي، أشار إلى أن «التنظيم أبدى مع ظهور الفيروس (نبرة شماتة)، وأخبر عناصره عبر افتتاحية جريدة (النبأ) التابعة له في نهاية مارس الماضي، بضرورة استمرار حربهم عبر أرجاء العالم حتى مع تفشي الوباء... وادعى أن الأنظمة الأمنية والدولية التي تسهم في كبح جماح التنظيم على وشك الغرق، على حد قول التنظيم».
ويشير عبد المنعم في هذا الصدد، إلى أنه «بالعودة لزاوية (حصاد الأجناد) في عدد (النبأ) الأخير، زعم التنظيم أنه شن 86 هجمة إرهابية في شهر واحد، هو مارس الماضي، وهو أعلى رقم منذ نهاية نوفمبر (تشرين ثاني) الماضي، الذي سجل 109 هجمات، فيما عُرف بـ(غزوة الثأر) للبغدادي وأبو الحسن المهاجر اللذين قُتلا في أكتوبر (تشرين أول) الماضي في غارة جوية».
ووفق تقارير إخبارية محلية ودولية فإن «(داعش) يسعى لاستعادة سيطرته على عدد من المناطق في سوريا والعراق من جديد، وأنه يحتفظ بنحو من 20 إلى 30 ألف عضو نشط، ولا ينقصه سوى توفر المال والسلاح». وأشارت التقارير ذاتها إلى أن «التنظيم يحاول استغلال انشغال سوريا والعراق بمكافحة الفيروس، لاستعادة سيطرته على مناطق من الصحراء السورية في الغرب، إلى وادي نهر الفرات شرقاً، مروراً بمحافظة دير الزور والمناطق ذات الأغلبية السنية في العراق، والتي لا يزال يوجد فيها بعض عناصره».
ويشار أنه في أبريل (نيسان) الماضي، هاجم التنظيم بلدة السخنة في صحراء حمص، وأسفر عن مقتل 18. وفي دير الزور أعلن التنظيم مقتل اثنين... وفي العراق، قتل ضابط شرطة عند نقطة تفتيش في الحويجة غرب كركوك على يد التنظيم، كما قتل اثنان من مقاتلي البيشمركة الكردية في هجوم للتنظيم أبريل الماضي، كما أسفر هجوم للتنظيم على مطار الصادق العسكري عن مقتل اثنين.
وفي هذا الصدد، قال عمرو عبد المنعم، إن «أكثر هجمات (داعش) كانت في العراق أخيراً، وشهد التنظيم نشاطاً مكثفاً هناك»، مضيفاً: «في نفس السياق دعت فتوى نشرها التنظيم على (تلغرام) للهروب من السجون السورية، وهذا ما حدث، فقد هرب 4 نهاية مارس الماضي، من سجن تديره قوات سوريا الديمقراطية، وفقاً لتقارير إخبارية».
وسبق أن طالب أبو حمزة القرشي، متحدث «داعش» في سبتمبر (أيلول) الماضي، «بتحرير أنصار التنظيم من السجون ...»، وسبقه البغدادي «وقد حرض بشكل مُباشر على مهاجمة السجون في سوريا والعراق».
وبحسب المراقبين «حاول (داعش) أخيراً زيادة حضوره الإعلامي على منصات التواصل الاجتماعي مجدداً، بعد انهيار إعلامه العام الماضي». ورصدت دراسة أخيرة لمرصد الأزهر لمكافحة التطرف في القاهرة «تداول التنظيم تعليمات لعناصره عبر شبكات التواصل الاجتماعي، بالادعاء بأن الفيروس يمثل (عقاباً من الله، ويحتم اتخاذ خطوات لتكفير الذنوب)، وجعل التنظيم الإرهابي - على حد زعمه - السبيل الوحيد للخلاص من الفيروس، والقضاء عليه، هو (تنفيذ العمليات الإرهابية)، ولو بأبسط الوسائل المتاحة». اتسق الكلام السابق مع تقارير محلية ودولية أكدت «تنامي أعداد حسابات أعضاء التنظيم وأنصاره على مواقع التواصل خصوصاً (فيسبوك)، حيث تمكن التنظيم مجدداً من تصوير وإخراج مقاطع فيديو صغيرة الحجم حتى يسهل تحميلها، كما كثف من نشر أخباره الخاصة باستهداف المناطق التي طرد منها في العراق وسوريا، وتضمين رسائل بأبعاد عالمية، بما يتوافق مع أهداف وأفكار التنظيم».
ووفق عبد المنعم فإن «(داعش) يستغل التطبيقات الإلكترونية التي تم تطويرها في الفترة الأخيرة في المجتمع الأوروبي، والتي قدمتها شركات التكنولوجيا والذكاء الصناعي في أوروبا مثل تطبيق Corona-tracker لجمع البيانات عن المصابين، وتوجيه بعض الأسئلة لتحديد نسبة الخطورة، وفرض التنظيم على الأطباء والممرضين في الرقة الحضور اليومي الإجباري، ومن خالف تعرض لعقوبات شديدة».
وعن الواجهة التي يسعى «داعش» التمدد فيها خلال الفترة المقبلة. أكد الخبير أحمد بان، أن «أفريقيا هي الواجهة المفضلة لتنظيمي (داعش) و(القاعدة)، والفترة الأخيرة شهدت تصاعدا لعمليات في الغرب الأفريقي وداخل الساحل، وعمليات داخل موزمبيق، فـ(داعش) في حالة سباق لتصدر المشهد هناك، مع توفر آليات تساعده على ذلك من بينها، تهريب السلاح، وحركة العصابات». فيما أبدى عمرو عبد المنعم، تصوراً يتعلق بـ«زيادة العمليات الإرهابية في نيجيريا، وأنه طبقاً لبيانات صدرت أخيراً عما يُعرف باسم (ولاية غرب أفريقيا) أفادت بوجود أكثر من مائة مقاتل هاجروا لنيجيريا من سوريا والعراق».
وتجدد الحديث في فبراير (شباط) الماضي، عن مساعي «داعش» للوجود في شرق أفريقيا أيضاً، بعدما أظهرت صوراً نشرها التنظيم عبر إحدى منصاته تتعلق بتدريبات على أسلحة تلقاها عناصره في مرتفعات «غل غلا» الوعرة بولاية بونتلاند الواقعة شمال شرقي الصومال.
تعليقاً، على ذلك أكد أحمد زغلول، الباحث في شؤون الحركات الأصولية، أن «(داعش) يهدف إلى السعي لمناطق بالقارة السمراء، بعيداً عن سوريا والعراق، لـ(تفريغ قدرات عناصره القتالية)، فضلاً عن تأكيد عبارة (أنه ما زال باقياً)».
تقديرات سابقة لمراكز بحثية غربية أشارت أيضاً إلى أن «عدد الذين انضموا لـ(داعش) من أفريقيا منذ عام 2014 في سوريا والعراق يزيد على 6 آلاف مقاتل». وقال المراقبون إن «عودة هؤلاء أو ما تبقى منهم إلى أفريقيا، ما زالت إشكالية كبيرة على أمن القارة، خصوصاً أن كثيراً منهم شباب صغير السن، وأغلبهم تم استقطابه عبر مواقع التواصل الاجتماعي».
فيما قال خالد الزعفراني، الباحث في شؤون الحركات الأصولية، إن «مساعي التنظيم للتمدد داخل أفريقيا سوف تتواصل عبر (الذئاب المنفردة)»، مضيفاً أن «ما يقوم به التنظيم في أفريقيا، والعراق وسوريا أخيراً، لإثبات أن لديه قدرة على تحقيق إنجازات، وأنه (عابر للحدود)، وأنه غير مُتأثر بهزائم سوريا والعراق».
وكان أبو محمد العدناني، الناطق الأسبق باسم «داعش» قد دعا في تسجيل صوتي عام 2014 المتعاطفين مع التنظيم، إلى القتل باستخدام أي سلاح متاح، حتى سكين المطبخ من دون العودة إلى قيادة «داعش»... ومن بعده دعا البغدادي إلى «استهداف المواطنين». وتوعد التنظيم عبر مؤسسة الإعلامية «دابق» بحرب تحت عنوان «الذئاب المنفردة».
في ذات السياق، لفت أحمد بان، إلى أن «التنظيم يسعى لاكتشاف أي ثغرة لإثبات الوجود أو تجنيد عناصر جُدد، خاصة وأن هناك عناصر (متشوقة للإرهاب)، وعندما يُنفذ (داعش) أي عمليات إرهابية، تبحث هذه العناصر عن التنظيم، نتيجة الانبهار».
من جانبه، قال الخبير الأمني اللواء فاروق المقرحي، مساعد وزير الداخلية المصري الأسبق، إن «تنظيمات الإرهاب خاصة (داعش) و(القاعدة) لن تتوانى عن سياسة التجنيد، ومن هنا تنبع فكرة الاعتماد على (الذئاب المنفردة) أو (العائدين) بشكل كبير».
وبينما رجح زغلول «حدوث بعض التغيرات داخل (داعش) عام 2020». قال اللواء المقرحي: «لا أظن عودة (داعش) بفائق قوته في 2020 والتي كان عليها خلال عامي 2014 و2015 نتيجة للحصار المتناهي؛ لكن الخوف من (حرب العصابات) التي قد يشنها التنظيم، لاستنزاف القوى الكبرى»، لافتاً إلى أن «كثيرا من العناصر (الانفرادية) تتحرك في أوروبا وأميركا بانسيابية داخل الدول، وهذا هو الخطر».