معركة انتخابية حامية في كسروان ـ جبيل وتحالفات متقلّبة

خلاف «أمل» و«الوطني الحر» يُعيد خلط الأوراق

TT

معركة انتخابية حامية في كسروان ـ جبيل وتحالفات متقلّبة

مع تضييق المُهل الزمنية والقانونية التي تفصل المرشحين للانتخابات البرلمانية في لبنان عن موعد فتح باب الترشيحات وموعد فتح صناديق الاقتراع، تضيق الخيارات أمام المتسابقين إلى ميدان الاستحقاق، خصوصا الأحزاب والقوى السياسية الكبرى التي لم تحسم بعد تحالفاتها في معظم الدوائر الانتخابية، ومنها دائرة كسروان - جبيل. وتنتظر الدائرة معركة قوية جدا بعد خلط الأوراق الذي تشهده نتيجة تطورات الأزمة المستفحلة بين حركة «أمل» بقيادة رئيس مجلس النواب نبيه بري، و«التيار الوطني الحرّ» بقيادة وزير الخارجية جبران باسيل.
ومع احتدام الصراع بين «التيار العوني» المكوّن المسيحي الأقوى في هذه الدائرة، وحركة «أمل» المتحالفة بشكل كامل مع «حزب الله» في جميع الدوائر، تبقى الأحزاب والشخصيات الموجودة سياسيا خارج هذا الاصطفاف، مما يجعلها المستفيد الأول من هذا الخلاف، وهي تراهن على تبدّل مزاج الناخب المسيحي في هذه المنطقة، وهو ما لمح إليه منسق الأمانة العامة لقوى 14 آذار النائب السابق فارس سعيد، الذي أكد لـ«الشرق الأوسط»، أنه سيخوض المعركة الانتخابية في كسروان جبيل، انطلاقا من موقعه المستقل، وسيكون في «مواجهة حتمية مع أي لائحة متحالفة مع (حزب الله) ولديها مرشّح للحزب باعتبار أن جبيل تحتوي على مقعد شيعي».
وتتريّث القوى والأحزاب في الإعلان عن لوائحها، إلى حين استكمال اتصالاتها ومشاوراتها ورصد نبض الشارع، بالاستناد إلى استطلاعات تجريها شركات متخصصة، وقد جزم فارس سعيد بأنه «سيتحالف في هذه الدائرة مع حزب (الكتائب اللبنانية) وشخصيات مستقلّة»، مستبعدا «أي تحالف مع حزب (القوات اللبنانية) الذي بات جزءا من التسوية السياسية (التي أوصلت العماد ميشال عون إلى رئاسة الجمهورية)، ولا مع أي من أطراف هذه التسوية».
وبات محسوما أن لائحة التيار الوطني الحرّ في كسروان - جبيل، ستكون برئاسة العميد المتقاعد شامل روكز (صهر الرئيس عون)، الذي امتنع عن إعطاء أي معلومات عن لائحته ومرشحيها، وقال لـ«الشرق الأوسط»: «من المبكر الحديث عن الوضع الانتخابي الآن، وليس لدينا ما نقوله قبل الأسبوع المقبل». لكن النائب السابق فارس سعيد، أشار إلى أن «روكز هو حليف (حزب الله) في كسروان، وبالتالي لا تحالف معه إطلاقاً». واستبعد أن «يترك خلاف (التيار الحرّ) و(أمل) أي تأثير على الواقع الانتخابي في كسروان - جبيل، لأن الحزب لن يفرّط بحليفه والعكس صحيح، وبالتالي الاصطفاف الشيعي في هذه الدائرة سيكون مع (حزب الله)».
وكما أن الأحزاب تتبع الحذر في تحالفاتها، ينسحب الأمر نفسه على المرشحين المستقلين، الذي يبحثون عن شخصيات تتمتّع بقاعدة شعبية، إذ رجّح الإعلامي نوفل ضوّ، المرشح على أحد المقاعد المارونية في كسروان، أن «يكون على لائحة حزب (الكتائب) والدكتور فارس سعيد، وإلا لن أكون مرشحاً». وأكد لـ«الشرق الأوسط»، أن «الضبابية تلفّ خيارات المرشحين معظم المستقلين من أصحاب التأثير في كسروان»، مشيرا إلى أن «بعضهم انتقل إلى التحالف مع (القوات اللبنانية) ثم ذهب باتجاه (التيار الوطني الحر) وانسحب من تفاهمه مع الأخير». وأضاف: «صورة التحالفات لم تتوضّح بعد، وهناك ترقّب لما ستؤول إليه تطورات الخلاف بين التيار الوطني الحر وحركة (أمل) وموقف (حزب الله) منه، وما إذا كان هذا الخلاف سينعكس على جوهر التحالفات».
ويضمّ قضاء كسروان خمسة مقاعد نيابية من الطائفة المارونية، أما قضاء جبيل فله ثلاثة نواب (مارونيان وشيعي واحد). وتوقّع ضوّ أن يترك خلاف «أمل» والتيار الحر تداعيات على هذه الدائرة، وقال: «هناك مرشحون وشخصيات وازنة في كسروان، لديها علاقات مميزة مع الرئيس نبيه بري، وإذا استمرّ الخلاف فلن يكون ذلك في مصلحة التيار الحر»، لافتا إلى أن «القراءة المنطقية، تفيد بأن الصوت الشيعي في جبيل ليس هو المرجّح، رغم وجود 10 آلاف ناخب، لأن الحاصل الانتخابي في كسروان جبيل 15 ألف صوت، وبالتالي الثنائي الشيعي ليس رافعة لدعم اللائحة، بل هو يحتاج إلى رافعة لإيصال مرشحه (الشيعي)، مع العلم أن الأصوات الشيعية ستسمّي مرشحا لحزب بالصوت التفضيلي».



إرغام تربويين في صنعاء على تلقي برامج تعبئة طائفية

مسؤولون تربويون في صنعاء يخضعون لتعبئة حوثية (إعلام حوثي)
مسؤولون تربويون في صنعاء يخضعون لتعبئة حوثية (إعلام حوثي)
TT

إرغام تربويين في صنعاء على تلقي برامج تعبئة طائفية

مسؤولون تربويون في صنعاء يخضعون لتعبئة حوثية (إعلام حوثي)
مسؤولون تربويون في صنعاء يخضعون لتعبئة حوثية (إعلام حوثي)

أوقفت الجماعة الحوثية عشرات القادة والمسؤولين التربويين في العاصمة المختطفة صنعاء عن العمل، وأحالتهم إلى المحاسبة تمهيداً لفصلهم من وظائفهم، بعد أن وجّهت إليهم تهماً برفض حضور ما تُسمى «برامج تدريبية» تُقيمها حالياً في صنعاء وتركّز على الاستماع إلى سلسلة محاضرات لزعيمها عبد الملك الحوثي.

وفي سياق سعي الجماعة لتعطيل ما تبقى من مؤسسات الدولة تحت سيطرتها، تحدّثت مصادر تربوية في صنعاء لـ«الشرق الأوسط»، عن إرغام الجماعة أكثر من 50 مسؤولاً وقيادياً تربوياً يشملون وكلاء قطاعات ومديري عموم في وزارة التعليم الحوثية على الخضوع لبرامج تعبوية تستمر 12 يوماً.

ملايين الأطفال في مناطق سيطرة الحوثيين عُرضة لغسل الأدمغة (رويترز)

وبموجب التعليمات، ألزمت الجماعة القادة التربويين بحضور البرنامج، في حين اتخذت إجراءات عقابية ضد المتغيبين، وكذا المنسحبون من البرنامج بعد انتهاء يومه الأول، لعدم قناعتهم بما يتمّ بثّه من برامج وأفكار طائفية.

وكشفت المصادر عن إحالة الجماعة 12 مديراً عاماً ووكيل قطاع تربوي في صنعاء ومدن أخرى إلى التحقيق، قبل أن تتخذ قراراً بإيقافهم عن العمل، بحجة تخلفهم عن المشاركة في برنامجها التعبوي.

وجاء هذا الاستهداف تنفيذاً لتعليمات صادرة من زعيم الجماعة وبناء على مخرجات اجتماع ترأسه حسن الصعدي المعيّن وزيراً للتربية والتعليم والبحث العلمي بحكومة الانقلاب، وخرج بتوصيات تحض على إخضاع التربويين لبرامج تحت اسم «تدريبية» على ثلاث مراحل، تبدأ بالتعبئة الفكرية وتنتهي بالالتحاق بدورات عسكرية.

توسيع التطييف

تبرّر الجماعة الحوثية إجراءاتها بأنها رد على عدم استجابة التربويين للتعليمات، ومخالفتهم الصريحة لما تُسمّى مدونة «السلوك الوظيفي» التي فرضتها سابقاً على جميع المؤسسات تحت سيطرتها، وأرغمت الموظفين تحت الضغط والتهديد على التوقيع عليها.

وأثار السلوك الحوثي موجة غضب في أوساط القادة والعاملين التربويين في صنعاء، ووصف عدد منهم في حديثهم لـ«الشرق الأوسط»، ذلك التوجه بأنه «يندرج في إطار توسيع الجماعة من نشاطاتها الطائفية بصورة غير مسبوقة، ضمن مساعيها الرامية إلى تطييف ما تبقى من فئات المجتمع بمن فيهم العاملون في قطاع التعليم».

عناصر حوثيون يرددون هتافات الجماعة خلال تجمع في صنعاء (إ.ب.أ)

واشتكى تربويون في صنعاء، شاركوا مكرهين في البرامج الحوثية، من إلزامهم يومياً منذ انطلاق البرنامج بمرحلته الأولى، بالحضور للاستماع إلى محاضرات مسجلة لزعيم الجماعة، وتلقي دروس طائفية تحت إشراف معممين جرى استقدام بعضهم من صعدة حيث المعقل الرئيس للجماعة.

ويأتي تحرك الجماعة الحوثية لتعبئة ما تبقى من منتسبي قطاع التعليم فكرياً وعسكرياً، في وقت يتواصل فيه منذ سنوات حرمان عشرات الآلاف من المعلمين من الحصول على مرتباتهم، بحجة عدم توفر الإيرادات.

ويتحدث ماجد -وهو اسم مستعار لمسؤول تعليمي في صنعاء- لـ«الشرق الأوسط»، عن تعرضه وزملائه لضغوط كبيرة من قبل مشرفين حوثيين لإجبارهم بالقوة على المشاركة ضمن ما يسمونه «برنامجاً تدريبياً لمحاضرات زعيم الجماعة من دروس عهد الإمام علي عليه السلام لمالك الأشتر».

وأوضح المسؤول أن مصير الرافضين الانخراط في ذلك البرنامج هو التوقيف عن العمل والإحالة إلى التحقيق وربما الفصل الوظيفي والإيداع في السجون.

يُشار إلى أن الجماعة الانقلابية تركز جُل اهتمامها على الجانب التعبوي، عوضاً الجانب التعليمي وسط ما يعانيه قطاع التعليم العمومي من حالة انهيار وتدهور غير مسبوقة.