المالكي يفتح باب الجدل مبكراً حول منصب رئيس وزراء العراق

مقرب منه لـ«الشرق الأوسط»: لا فرصة لكل الأسماء المتداولة

عراقي يمر عبر خراب ودمار في مدينة الموصل أمس (إ.ب.أ)
عراقي يمر عبر خراب ودمار في مدينة الموصل أمس (إ.ب.أ)
TT

المالكي يفتح باب الجدل مبكراً حول منصب رئيس وزراء العراق

عراقي يمر عبر خراب ودمار في مدينة الموصل أمس (إ.ب.أ)
عراقي يمر عبر خراب ودمار في مدينة الموصل أمس (إ.ب.أ)

رغم تأكيداته السابقة عدم نيته الترشح مجدداً لمنصب رئيس الوزراء في العراق، فتح زعيم ائتلاف دولة القانون نوري المالكي، مبكراً، باب الجدل بشأن هذا المنصب. المالكي وفي كلمة له أمام تجمع عشائري في مسقط رأسه كربلاء، أكد أن مسألة رئاسة الوزراء «متروكة إلى الانتخابات وما سيحصل قبل وبعد الانتخابات من تحالفات، وعلى الكتلة الأكبر التي ستكون متشكلة في الجلسة الأولى للبرلمان، ليكون منها رئيس الوزراء».
وأضاف المالكي أنه «إذا صارت رئاسة الوزراء من حصة الكتلة الأكبر، سيبدأ حينها الحديث من داخلها، ويكون اختياره على أساس انتخابات أو توافقات أو على أساس شراكة السياسيين»، مبيناً أنه «من السابق لأوانه القول مَن هو رئيس الوزراء المقبل».
وبشأن ما إذا كان يطمح هو في شغل هذا المنصب لولاية ثالثة بعد أن فقدها عام 2014 لصالح رئيس الوزراء الحالي حيدر العبادي، قال المالكي: «أتمنى أن يكون المرشح غيري ولديّ أسبابي».
لكن السياسي العراقي المستقل وعضو البرلمان العراقي السابق عزت الشابندر، المقرب من المالكي، أكد في حديث لـ«الشرق الأوسط»، أنه «لم يعد ممكناً بعد اليوم تداول نفس القصة القديمة بشأن مَن هو المرشح لمنصب رئيس الوزراء المقبل في العراق بعد إجراء الانتخابات المقررة في الشهر الخامس من هذا العام والتي كانت فحواها: إنه ما لم يكن المالكي فمَن هو؟»، موضحاً أن «هذا الخطأ الشائع في حصر المنصب في شخص أو شخصين معينين انتهى ولم يعد له وجود في ظل اتفاق على مواصفات لرئيس الوزراء المقبل لا علاقة لها بهذا الاسم أو ذاك، وبالتالي لا فرصة لكل الأسماء المتداولة خارج سياق ما يتم الاتفاق عليه من مواصفات».
وأضاف الشابندر أن «الأمر يتعلق اليوم بمعايير جديدة لاختيار من يمكنه تحمل هذه المسؤولية تبدأ من المواصفات الشخصية له إلى الوطنية فالعربية والإقليمية والدولية، إلى الحد الذي يمكن أن أقول معه إن تداول أسماء معينة من الكتلة الأكبر صار من الماضي، ذلك أن ما هو متداول وطبقاً لمناقشات معينة مع العديد من الأطراف ليس تداول أسماء بل مواصفات، وهناك فرق شاسع بين الأمرين، حيث كان الأمر في السابق وخلال كل الدورات الماضية هو حصر الترشح في مجموعة من الأسماء استناداً إلى معايير الكتلة الأكبر».
ورداً على سؤال بشأن ترك المالكي في التجمع العشائري بكربلاء البابَ موارباً بشأن إمكانية أن يكون المرشح، قال الشابندر إن «المالكي لن يترشح للمنصب ثانيةً، وقد كرر هذا الكلام عدة مرات، لكنّ أطرافاً معينة نصحته بألا يكرر دائماً هذه القصة، وهذه النصيحة جعلته ينفي ذلك هذه المرة بتواضع».
وأوضح الشابندر أن «المالكي زعيم كتلة ويهمه أن تحصل كتلته على أكبر عدد من المقاعد في البرلمان المقبل، حيث إن الأطراف التي عبّرت عن رغبتها بالتحالف معه (دولة القانون) أو هو يرغب في الانضمام إليها، تعمل على تشكيل الكتلة الأكبر داخل البرلمان بحيث تتشكل لديها رؤية حول من يكون رئيس الوزراء المقبل، لكن طبقاً للمواصفات الجديدة لا وفق مبدأ التوافق والصفقات، وما يمكن أن يترتب عليها من نتائج سلبية يحصدها العراق في كل مرة».
ودعا الشابندر المحيط العربي والإقليمي والدولي «ألا يحكمهم مبدأ التنافس الخاطئ في اختيار رئيس الوزراء المقبل، ومن ثم الإصرار عليه من منطلق أنه من سيحقق مصلحته على حساب الطرف الآخر، وبالتالي بدلاً من أن تتحقق مصلحة العراق أولاً ومصالح كل الأطراف الأخرى المشروعة يصبح الأمر عبارة عن صراعات داخلية وخارجية بحيث تكون النتيجة خسارة للجميع». وقال الشابندر إنه يتمنى على إيران «ألا تبحث عن شخص ينسجم مع حساباتها في المنطقة، والأمر نفسه بالنسبة إلى الدول العربية».
في السياق ذاته أكد السياسي العراقي والقيادي في التيار الصدري أمير الكناني، لـ«الشرق الأوسط»، أن «المالكي بات يرفع سقف مطالبه لكي يحصل على أكبر ما يمكن الحصول عليه من مكاسب ولا يريد أن يعيد سيناريو 2014 عندما خسر كثيراً»، مضيفاً أن المالكي «يعرف أن الكرة لن تعود إليه لكنه يريد أن يبقى لاعباً قوياً على صعيد دعم مرشح آخر لأسباب كثيرة أهمها أن السُّنة ليسوا داعمين له كما أن الكرد منقسمون حياله والشيعة كذلك لديهم مشكلاتهم التي لا تصبّ في مصلحته وبالتالي لم يعد لديه سوى أن يصعّد سقف مطالبه لأن القوى التي تريد التحالف معه تريد منه تحقيق مصالحها وبالتالي لماذا تنتخبه ما دام يعلن أنه غير راغب بالترشح؟».



الحوثيون يواجهون مخاوفهم من مصير الأسد بالقمع والتحشيد

طلاب في جامعة البيضاء أجبرتهم الجماعة الحوثية على المشاركة في فعاليات تعبوية (إعلام حوثي)
طلاب في جامعة البيضاء أجبرتهم الجماعة الحوثية على المشاركة في فعاليات تعبوية (إعلام حوثي)
TT

الحوثيون يواجهون مخاوفهم من مصير الأسد بالقمع والتحشيد

طلاب في جامعة البيضاء أجبرتهم الجماعة الحوثية على المشاركة في فعاليات تعبوية (إعلام حوثي)
طلاب في جامعة البيضاء أجبرتهم الجماعة الحوثية على المشاركة في فعاليات تعبوية (إعلام حوثي)

ضمن مخاوف الجماعة الحوثية من ارتدادات تطورات الأوضاع في سوريا على قوتها وتراجع نفوذ محور إيران في منطقة الشرق الأوسط؛ صعّدت الجماعة من ممارساتها بغرض تطييف المجتمع واستقطاب أتباع جدد ومنع اليمنيين من الاحتفال بسقوط نظام بشار الأسد.

واستهدفت الجماعة، حديثاً، موظفي مؤسسات عمومية وأخرى خاصة وأولياء أمور الطلاب بالأنشطة والفعاليات ضمن حملات التعبئة التي تنفذها لاستقطاب أتباع جدد، واختبار ولاء منتسبي مختلف القطاعات الخاضعة لها، كما أجبرت أعياناً قبليين على الالتزام برفد جبهاتها بالمقاتلين، ولجأت إلى تصعيد عسكري في محافظة تعز.

وكانت قوات الحكومة اليمنية أكدت، الخميس، إحباطها ثلاث محاولات تسلل لمقاتلي الجماعة الحوثية في جبهات محافظة تعز (جنوب غربي)، قتل خلالها اثنان من مسلحي الجماعة، وتزامنت مع قصف مواقع للجيش ومناطق سكنية بالطيران المسير، ورد الجيش على تلك الهجمات باستهداف مواقع مدفعية الجماعة في مختلف الجبهات، وفق ما نقله الإعلام الرسمي.

الجيش اليمني في تعز يتصدى لأعمال تصعيد حوثية متكررة خلال الأسابيع الماضية (الجيش اليمني)

وخلال الأيام الماضية اختطفت الجماعة الحوثية في عدد من المحافظات الخاضعة لسيطرتها ناشطين وشباناً على خلفية احتفالهم بسقوط نظام الأسد في سوريا، وبلغ عدد المختطفين في صنعاء 17 شخصاً، قالت شبكة حقوقية يمنية إنهم اقتيدوا إلى سجون سرية، في حين تم اختطاف آخرين في محافظتي إب وتعز للأسباب نفسها.

وأدانت الشبكة اليمنية للحقوق والحريات حملة الاختطافات التي رصدتها في العاصمة المختطفة صنعاء، مشيرة إلى أنها تعكس قلق الجماعة الحوثية من انعكاسات الوضع في سوريا على سيطرتها في صنعاء، وخوفها من اندلاع انتفاضة شعبية مماثلة تنهي وجودها، ما اضطرها إلى تكثيف انتشار عناصرها الأمنية والعسكرية في شوارع وأحياء المدينة خلال الأيام الماضية.

وطالبت الشبكة في بيان لها المجتمع الدولي والأمم المتحدة والمنظمات الحقوقية بإدانة هذه الممارسات بشكل واضح، بوصفها خطوة أساسية نحو محاسبة مرتكبيها، والضغط على الجماعة الحوثية للإفراج عن جميع المختطفين والمخفيين قسراً في معتقلاتها، والتحرك الفوري لتصنيفها منظمة إرهابية بسبب تهديدها للأمن والسلم الإقليميين والدوليين.

تطييف القطاع الطبي

في محافظة تعز، كشفت مصادر محلية لـ«الشرق الأوسط» عن أن الجماعة الحوثية اختطفت عدداً من الشبان في منطقة الحوبان على خلفية إبداء آرائهم بسقوط نظام الأسد، ولم يعرف عدد من جرى اختطافهم.

تكدس في نقطة تفتيش حوثية في تعز حيث اختطفت الجماعة ناشطين بتهمة الاحتفال بسقوط الأسد (إكس)

وأوقفت الجماعة، بحسب المصادر، عدداً كبيراً من الشبان والناشطين القادمين من مناطق سيطرة الحكومة اليمنية، وأخضعتهم للاستجواب وتفتيش متعلقاتهم الشخصية وجوالاتهم بحثاً عمّا يدل على احتفالهم بتطورات الأحداث في سوريا، أو ربط ما يجري هناك بالوضع في اليمن.

وشهدت محافظة إب (193 كيلومتراً جنوب صنعاء) اختطاف عدد من السكان للأسباب نفسها في عدد من المديريات، مترافقاً مع إجراءات أمنية مشددة في مركز المحافظة ومدنها الأخرى، وتكثيف أعمال التحري في الطرقات ونقاط التفتيش.

إلى ذلك، أجبرت الجماعة عاملين في القطاع الطبي، بشقيه العام والخاص، على حضور فعاليات تعبوية تتضمن محاضرات واستماع لخطابات زعيمها عبد الملك الحوثي، وشروحات لملازم المؤسس حسين الحوثي، وأتبعت ذلك بإجبارهم على المشاركة في تدريبات عسكرية على استخدام مختلف الأسلحة الخفيفة والمتوسطة والقنابل اليدوية وزراعة الألغام والتعامل مع المتفجرات.

وذكرت مصادر طبية في صنعاء أن هذه الإجراءات استهدفت العاملين في المستشفيات الخاصعة لسيطرة الجماعة بشكل مباشر، سواء العمومية منها، أو المستشفيات الخاصة التي استولت عليها الجماعة بواسطة ما يعرف بالحارس القضائي المكلف بالاستحواذ على أموال وممتلكات معارضيها ومناهضي نفوذها من الأحزاب والأفراد.

زيارات إجبارية للموظفين العموميين إلى معارض صور قتلى الجماعة الحوثية ومقابرهم (إعلام حوثي)

وتتزامن هذه الأنشطة مع أنشطة أخرى شبيهة تستهدف منتسبي الجامعات الخاصة من المدرسين والأكاديميين والموظفين، يضاف إليها إجبارهم على زيارة مقابر قتلى الجماعة في الحرب، وأضرحة عدد من قادتها، بما فيها ضريح حسين الحوثي في محافظة صعدة (233 كيلومتراً شمال صنعاء)، وفق ما كانت أوردته «الشرق الأوسط» في وقت سابق.

وكانت الجماعة أخضعت أكثر من 250 من العاملين في الهيئة العليا للأدوية خلال سبتمبر (أيلول) الماضي، وأخضعت قبلهم مدرسي وأكاديميي جامعة صنعاء (أغلبهم تجاوزوا الستين من العمر) في مايو (أيار) الماضي، لتدريبات عسكرية مكثفة، ضمن ما تعلن الجماعة أنه استعداد لمواجهة الغرب وإسرائيل.

استهداف أولياء الأمور

في ضوء المخاوف الحوثية، ألزمت الجماعة المدعومة من إيران أعياناً قبليين في محافظة الضالع (243 كيلومتراً جنوب صنعاء) بتوقيع اتفاقية لجمع الأموال وحشد المقاتلين إلى الجبهات.

موظفون في القطاع الطبي يخضعون لدورات قتالية إجبارية في صنعاء (إعلام حوثي)

وبينما أعلنت الجماعة ما وصفته بالنفير العام في المناطق الخاضعة لسيطرتها من المحافظة، برعاية أسماء «السلطة المحلية» و«جهاز التعبئة العامة» و«مكتب هيئة شؤون القبائل» التابعة لها، أبدت أوساط اجتماعية استياءها من إجبار الأعيان والمشايخ في تلك المناطق على التوقيع على وثيقة لإلزام السكان بدفع إتاوات مالية لصالح المجهود الحربي وتجنيد أبنائهم للقتال خلال الأشهر المقبلة.

في السياق نفسه، أقدمت الجماعة الانقلابية على خصم 10 درجات من طلاب المرحلة الأساسية في عدد من مدارس صنعاء، بحة عدم حضور أولياء الأمور محاضرات زعيمها المسجلة داخل المدارس.

ونقلت المصادر عن عدد من الطلاب وأولياء أمورهم أن المشرفين الحوثيين على تلك المدارس هددوا الطلاب بعواقب مضاعفة في حال استمرار تغيب آبائهم عن حضور تلك المحاضرات، ومن ذلك طردهم من المدارس أو إسقاطهم في عدد من المواد الدراسية.

وأوضح مصدر تربوي في صنعاء لـ«الشرق الأوسط» أن تعميماً صدر من قيادات عليا في الجماعة إلى القادة الحوثيين المشرفين على قطاع التربية والتعليم باتباع جميع الوسائل للتعبئة العامة في أوساط أولياء الأمور.

مقاتلون حوثيون جدد جرى تدريبهم وإعدادهم أخيراً بمزاعم مناصرة قطاع غزة (إعلام حوثي)

ونبه المصدر إلى أن طلب أولياء الأمور للحضور إلى المدارس بشكل أسبوعي للاستماع إلى محاضرات مسجلة لزعيم الجماعة هو أول إجراء لتنفيذ هذه التعبئة، متوقعاً إجراءات أخرى قد تصل إلى إلزامهم بحضور فعاليات تعبوية أخرى تستمر لأيام، وزيارة المقابر والأضرحة والمشاركة في تدريبات قتالية.

وبحسب المصدر؛ فإن الجماعة لا تقبل أي أعذار لتغيب أولياء الأمور، كالسفر أو الانشغال بالعمل، بل إنها تأمر كل طالب يتحجج بعدم قدرة والده على حضور المحاضرات بإقناع أي فرد آخر في العائلة بالحضور نيابة عن ولي الأمر المتغيب.