تفاهم «حزب الله» و«التيار الحر» يصطدم بأزمة جديدة

بعد 12 عاماً على توقيعه في كنيسة «مار مخايل»

TT

تفاهم «حزب الله» و«التيار الحر» يصطدم بأزمة جديدة

في السادس من فبراير (شباط) الجاري يُستكمل التفاهم بين «حزب الله» و«التيار الوطني الحر» الذي يُعرف باسم «تفاهم مار مخايل»، كونه وُقِّع في كنيسة «مار مخايل» على تخوم الضاحية الجنوبية لبيروت، عامه الثاني عشر. إلا أن الظروف التي تحيط بالذكرى السنوية هذا العام تختلف تماماً عن الظروف التي رافقت إحياء المناسبة في السنوات الماضية، باعتبار أن اصطفاف الشارع الشيعي وراء رئيس المجلس النيابي نبيه بري في الأزمة الأخيرة التي نتجت عن الفيديو المسرّب لوزير الخارجية جبران باسيل، وتطوُّر الأمور في الشارع وبالتحديد في بلدة «الحدث» المتاخمة للضاحية، طرح أكثر من علامة استفهام حول ما إذا كان هذا التفاهم هو الذي منع تدهور الأوضاع أم أن «هشاشته» هي التي سمحت باتخاذ المواجهة بُعداً طائفياً.
وقد مرّ هذا التفاهم في السنوات الماضية بأكثر من تجربة تمكّن من تخطيها بنجاح، ولعل أبرزها «حرب تموز» بين إسرائيل و«حزب الله» في عام 2006، وأحداث مايو (أيار) عام 2008 عندما شن الحزب حملة عسكرية في بيروت والجبل ضد معارضيه، وقرار «حزب الله» المشاركة بالحرب السورية في عام 2012، لكن التجربة الأخيرة التي عاشتها البلاد الأسبوع الماضي، كانت الأصعب بإقرارٍ من طرفَي هذا التفاهم، ما بات يستدعي، حسب مصادر في «التيار الوطني الحر» تحدثت لـ«الشرق الأوسط»، «تحصينه، لا إعادة النظر به ومراجعة بنوده، من منطلق أن ما اتفقنا عليه ما زلنا متمسكين به، لكن الأمور لا شك تحتاج إلى جلسات حوار مع الحزب لتحديد نقاط الخلل التي أدّت إلى انفجار الأمور ولتفادي تكرار ما حصل».
ويَعتبر النائب في تكتل «التغيير والإصلاح» آلان عون، أن «حادثة الحدث كانت جرس إنذار بأن الأمور يمكن أن تخرج عن سيطرتنا وتطيح ليس فقط بالتفاهمات بل بالوحدة الوطنية، ولكننا تحمّلنا مسؤولياتنا لاستيعاب ما حصل على الأرض، ومن ثم في لقاء بلدية الحدث مع (حزب الله) و(حركة أمل)»، مشدداً على أن سرعة الاستيعاب هي أحد «مفاعيل تفاهم مار مخايل الذي سمح بقطع رأس الفتنة سريعاً وترميم أي تصدّع يمكن أن يكون حصل في المجتمع».
ويصف عون في حديث لـ«الشرق الأوسط»، العلاقة الحالية مع «حزب الله» بـ«الطبيعية»، لافتاً إلى أنها تتعرض لبعض الهزّات عندما يقع اشتباك سياسي مع (حركة أمل)».
ويضيف: «لكن عادةً ما تحصل المعالجات اللازمة على غرار ما قمنا به في ظلّ الأزمة الحالية».
وتماماً كما يقر «التيار الوطني الحر» بتعرض علاقته مع الحزب لـ«هزات» سببها تردي علاقة رئيس الجمهورية العماد ميشال عون، ورئيس المجلس النيابي نبيه بري، لا تتردد مصادر مقربة من «حزب الله» في الكشف عن أنّها «أبلغت (التيار الوطني الحر) بكل صراحة ووضوح ومنذ فترة بأن الحزب سيقف إلى جانب (حركة أمل) في أي مواجهة سياسية، نظراً إلى إعطائه الأولوية لوحدة الصف الشيعي»، لافتة في تصريح لـ«الشرق الأوسط»، إلى أن الحزب أبلغ «الوطني الحر» أيضاً بأن المشكلات مع الرئيس بري تُحلّ بالحوار، وأنّه جاهز دائماً للعب دور الوسيط في هذا المجال.
وتضيف المصادر: «لا شك أن الأزمة الأخيرة تركت جروحاً بليغة سنعمل على مداواتها ومعالجتها، وأن هناك أخطاء ارتُكبت يتوجب التفاهم على عدم تكرارها، إلا أن الراسخ الوحيد هو أننا متمسكون أكثر من أي وقت مضى بتفاهم مار مخايل لأننا نتأكد يوماً بعد يوم أنّه قوة إضافية للبنان يسعى كثيرون لاستهدافها في كل محطة».
وقد تضمنت ورقة التفاهم بين «حزب الله» و«التيار الوطني الحر» تفاهمات على 10 نقاط أساسية هي: الحوار، والديمقراطية التوافقية، وقانون الانتخاب، وبناء الدولة، والمفقودون خلال الحرب، واللبنانيون في إسرائيل، والمسألة الأمنية، والعلاقات اللبنانية السورية، كما العلاقات اللبنانية الفلسطينية، وحماية لبنان وصيانة استقلاله وسيادته.
ويرى الباحث السياسي ومدير مركز «أمم» للدراسات، لقمان سليم، أن الظروف التي رافقت توقيع ورقة التفاهم قبل 12 عاماً اختلفت تماماً عن الظروف الحالية، «فبعدما كان طرفا هذا التفاهم يبحثان عن دور لهما وبخاصة (حزب الله) الذي كان يبحث عن شرعية لبنانية بعد انسحاب الجيش السوري من لبنان، ونتيجة المتغيرات الكبيرة التي كانت تشهدها المنطقة، بات اليوم (حزب الله) والمحور الذي ينتمي إليه مستعلياً ومهيمناً ومسيطراً، أقلُّه ميدانياً، بينما الطرف الآخر للتفاهم يستفيد من هذا الموضوع داخلياً». ويَعتبر سليم في تصريح لـ«الشرق الأوسط»، أن ما حصل مؤخراً «لا يمكن حصره في إطار اشتباك مسيحي – شيعي، باعتبار أن (حركة أمل) حاولت في الأحداث الأخيرة توجيه رسالة إلى (حزب الله) كي لا يستخفّ بشعبية الحركة وبحضورها وقدرتها على إدارة مسرح العمليات»، مشيراً إلى أنها أثبتت قدرة تنظيمية كبيرة تماثل قدرة (حزب الله) باعتبار أنه لم يسقط أي قتيل أو جريج كما لم يحصل أي اشتباك مباشر طوال فترة وجود عناصرها في الشوارع». ويشدد سليم على «هشاشة الوضع اللبناني الداخلي»، لافتاً إلى «أننا نعيش في حرب أهلية باردة وفي استنفار مذهبي وطائفي دائم سواء سني – شيعي أو مسلم – مسيحي».



خطوات يمنية لمحاسبة مسؤولين متهمين بالفساد

الحكومة اليمنية تراهن على قطاعي النفط والاتصالات لتحسين الإيرادات (إعلام محلي)
الحكومة اليمنية تراهن على قطاعي النفط والاتصالات لتحسين الإيرادات (إعلام محلي)
TT

خطوات يمنية لمحاسبة مسؤولين متهمين بالفساد

الحكومة اليمنية تراهن على قطاعي النفط والاتصالات لتحسين الإيرادات (إعلام محلي)
الحكومة اليمنية تراهن على قطاعي النفط والاتصالات لتحسين الإيرادات (إعلام محلي)

في خطوة إضافية نحو مكافحة الفساد ومنع التجاوزات المالية، أحال رئيس الوزراء اليمني، الدكتور أحمد عوض بن مبارك، رئيس إحدى المؤسسات النفطية إلى النيابة للتحقيق معه، بعد أيام من إحالة مسؤولين في مصافي عدن إلى المحاكمة بتهمة الفساد.

تأتي الخطوة متزامنة مع توجيه وزارة المالية خطاباً إلى جميع الجهات الحكومية على المستوى المركزي والسلطات المحلية، أبلغتها فيه بالامتناع عن إجراء أي عقود للشراء أو التزامات مالية جديدة إلا بعد الحصول على موافقة مسبقة من الوزارة.

الخزينة اليمنية خسرت نحو 3 مليارات دولار نتيجة توقف تصدير النفط (إعلام محلي)

وقال بن مبارك في حسابه على «إكس» إنه أحال ملفاً جديداً في قضايا الفساد إلى النائب العام، ضمن إجراءات مستمرة، انطلاقاً من التزام الحكومة المطلق بنهج مكافحة الفساد وإعلاء الشفافية والمساءلة بوصفه موقفاً وليس مجرد شعار.

وأكد أن الحكومة والأجهزة القضائية والرقابية ماضون في هذا الاتجاه دون تهاون، مشدداً على أنه لا حماية لمن يثبت تورطه في نهب المال العام أو الفساد المالي والإداري، مهما كان موقعه الوظيفي.

في السياق نفسه، أوضح مصدر حكومي مسؤول أن مخالفات جديدة في قضايا فساد وجرائم تمس المال العام تمت إحالتها إلى النائب العام للتحقيق واتخاذ ما يلزم، من خلال خطاب وجّه إلى النيابة العامة، يتضمن المخالفات التي ارتكبها المدير التنفيذي لشركة الاستثمارات النفطية، وعدم التزامه بالحفاظ على الممتلكات العامة والتصرف بشكل فردي في مباحثات تتعلق بنقل وتشغيل أحد القطاعات النفطية.

وتضمن الخطاب -وفق المصدر- ملفاً متكاملاً بالمخالفات التي ارتكبها المسؤول النفطي، وهي الوقائع التي على ضوئها تمت إحالته للتحقيق. لكنه لم يذكر تفاصيل هذه المخالفات كما كانت عليه الحال في إحالة مسؤولين في مصافي عدن إلى المحاكمة بتهمة التسبب في إهدار 180 مليون دولار.

وجدّد المصدر التزام الحكومة المُطلق بالمحافظة على المال العام، ومحاربة جميع أنواع الفساد، باعتبار ذلك أولوية قصوى. وأشار إلى أن القضاء هو الحكم والفيصل في هذه القضايا، حتى لا يظن أحد أنه بمنأى عن المساءلة والمحاسبة، أو أنه فوق القانون.

تدابير مالية

في سياق متصل بمكافحة الفساد والتجاوزات والحد من الإنفاق، عمّمت وزارة المالية اليمنية على جميع الجهات الحكومية عدم الدخول في أي التزامات مالية جديدة إلا بعد موافقتها على المستويات المحلية والمركزية.

تعميم وزارة المالية اليمنية بشأن ترشيد الإنفاق (إعلام حكومي)

وذكر التعميم أنه، وارتباطاً بخصوصية الوضع الاقتصادي الراهن، واستناداً إلى قرار مجلس القيادة الرئاسي رقم 30 لعام 2022، بشأن وضع المعالجات لمواجهة التطورات في الوضع الاقتصادي والمالي والنقدي، وفي إطار دور وزارة المالية بالموازنة بين النفقات والإيرادات، فإنها تهيب بجميع الجهات المشمولة بالموازنة العامة للدولة والموازنات الملحقة والمستقلة الالتزام بالإجراءات القانونية وعدم الدخول في أي التزامات جديدة أو البدء في إجراءات عملية الشراء إلا بعد أخذ الموافقة المسبقة منها.

وأكد التعميم أن أي جهة تُخالف هذا الإجراء ستكون غير مسؤولة عن الالتزامات المالية المترتبة على ذلك. وقال: «في حال وجود توجيهات عليا بشأن أي التزامات مالية فإنه يجري عرضها على وزارة المالية قبل البدء في إجراءات الشراء أو التعاقد».

دعم صيني للإصلاحات

وناقش نائب محافظ البنك المركزي اليمني، محمد باناجة، مع القائم بالأعمال في سفارة الصين لدى اليمن، تشاو تشنغ، مستجدات الأوضاع المتعلقة بتفاقم الأزمات المالية التي يشهدها اليمن، والتقلبات الحادة في أسعار الصرف التي تُعد نتيجة حتمية للوضع الاقتصادي المتدهور في البلاد، والذي أثر بشكل مباشر على القطاع المصرفي والمالي.

وأعاد المسؤول اليمني أسباب هذا التدهور إلى اعتداء «ميليشيات الحوثي» على منشآت تصدير النفط، ما أدى إلى توقف التصدير، الذي يُعد أهم مصدر لتمويل خزينة الدولة بالنقد الأجنبي، والذي تسبب في مضاعفة العجز في الموازنة العامة وميزان المدفوعات.

نائب محافظ البنك المركزي اليمني خلال لقائه القائم بالأعمال الصيني (إعلام حكومي)

وخلال اللقاء الذي جرى بمقر البنك المركزي في عدن، أكد نائب المحافظ أن إدارة البنك تعمل جاهدة على تجاوز هذه التحديات، من خلال استخدام أدوات السياسة النقدية المُتاحة. وأشار إلى استجابة البنك بالكامل لكل البنود المتفق عليها مع المبعوث الأممي، بما في ذلك إلغاء جميع الإجراءات المتعلقة بسحب «نظام السويفت» عن البنوك التي لم تنقل مراكز عملياتها إلى عدن.

وأعاد المسؤول اليمني التذكير بأن الحوثيين لم يتخذوا أي خطوات ملموسة، ولم يصدروا بياناً يعبرون فيه عن حسن نياتهم، في حين أكد القائم بأعمال السفارة الصينية دعم الحكومة الصينية للحكومة اليمنية في كل المجالات، ومنها القطاع المصرفي، للإسهام في تنفيذ الإصلاحات.