روسيا ترسل أسلحة جديدة إلى سوريا وتتهم واشنطن بـ«تقويض» فرص الحل

TT

روسيا ترسل أسلحة جديدة إلى سوريا وتتهم واشنطن بـ«تقويض» فرص الحل

اتهمت موسكو واشنطن بالعمل على تقويض فرص إطلاق تسوية سياسية في سوريا عبر تجديد «المزاعم» عن تطوير النظام أسلحة كيماوية. وقال مصدر دبلوماسي روسي لـ«الشرق الأوسط» أمس، بأن موسكو لن تسمح باستخدام «الآليات السابقة» للتحقيق الدولي لمحاولة إدانة دمشق.
ونقلت وكالة أنباء «إنترفاكس» الروسية عن مصدر في الخارجية الروسية أن اتهامات واشنطن لدمشق بتطوير أنواع جديدة من الأسلحة الكيماوية «لا أساس لها» وتهدف إلى «شيطنة الرئيس السوري بشار الأسد وتقويض أي فرص لإطلاق عملية سياسية جادة». واعتبر المصدر أن واشنطن «تستخدم الملف الكيماوي لزرع لغم مدمر أمام جهود استئناف التسوية».
وكانت واشنطن أشارت إلى معطيات حول إخفاء أسلحة كيماوية سورية عن لجان التحقيق الدولية، وقالت إنها تشتبه بأن الحكومة السورية ما زالت تطور أنواعا جديدة من الأسلحة لتعزيز ترسانتها العسكرية بما يخالف الاتفاق حول تدمير الأسلحة الكيماوية السورية المبرم عام 2013.
وأكد دبلوماسي روسي لـ«الشرق الأوسط» أن المعطيات المتوافرة لدى الأجهزة الخاصة الروسية تنفي صحة الاتهامات الأميركية. وزاد أن موسكو أعلنت أكثر من مرة أنها لم تكن راضية عن سير التحقيق المشترك الذي أطلق برعاية أممية، وأنه «تم حرفه عن مساره المهني». وقال الدبلوماسي الروسي بأن موسكو طالبت بآلية جديدة للتحقيق، وأن الاتهامات الأميركية الحالية «خطرة لأنها جزء من توجهات واشنطن الجديدة في سوريا». وشدد المتحدث على أن موسكو لن تسمح بإدانة لدمشق «غير مبنية على أدلة ثابتة ومقنعة»، ملمحا إلى أن روسيا ستواجه الاتهامات الأميركية في مجلس الأمن.
في الأثناء، أعلنت وزارة الدفاع الروسية أن سفينة الإنزال «تسيزار كونيكوف» التابعة للقوات البحرية الروسية دخلت أمس، حوض البحر الأبيض المتوسط في طريقها إلى طرطوس. ونقلت وسائل إعلام روسية عن مصادر تركية أنه استنادا إلى مستوى العمق في غطس هيكل السفينة في مياه البحر يدفع إلى استنتاج بأنها مزودة بحمولة كبيرة.
وهذه هي الرحلة الأولى التي تنفذها هذه السفينة إلى سوريا في العام الجاري، علما بأنها قامت العام الماضي بـ9 رحلات إلى سواحل سوريا.
وسبق للمتحدث باسم أسطول البحر الأسود الروسي، العقيد فياتشيسلاف تروخاشيف، أن صرح بأنه من المخطط أن تنضم السفينة إلى مجموعة القوات الدائمة التابعة للأسطول البحري الحربي الروسي العامل في المنطقة والذي يضم حاليا 15 سفينة قتالية وسفينة إمداد من ضمنها فرقاطة «الأميرال غريغوروفيتش».
ولفت الإعلان عن رحلة السفينة الروسية الأنظار إلى أن موسكو التي أعلنت نهاية العام الماضي بدء تقليص وجودها العسكري في سوريا ما زالت ترسل تعزيزات واسعة النطاق عن طريقي السفن الحربية وطائرات الشحن التابعة لوزارة الدفاع. على صعيد آخر، أعلنت وزارة الطاقة الروسية أن شركة «تكنوبروم إكسبورت» الروسية تعكف على تحضير مشروع ضخم لإعادة بناء 4 محطات كهروحرارية في سوريا في إطار تنفيذ خريطة الطريق لإعادة إعمار منشآت الطاقة في البلاد.
وكانت وزارة الطاقة وقعت قبل يومين اتفاقا مع نظيرتها السورية تضمن «خريطة طريق» للتعاون بين البلدين في مجال إعادة إعمار وتحديث منشآت الطاقة في سوريا. وأوضحت الوزارة، في بيان نشرته على موقعها الرسمي، أن التوقيع على الوثيقة جرى من قبل وزير الطاقة الروسي، ألكسندر نوفاك، ووزير الطاقة والكهرباء السوري، زهير خربوطلي.
وينص الاتفاق الذي لم يحدد بسقف زمني، على الشروع بـ«التطبيق المرحلي للمشاريع ذات الأهمية الاستراتيجية حاليا الخاصة بإعادة إعمار وتحديث منشآت الطاقة على الأراضي السورية بالإضافة إلى الإعداد لبناء مواقع جديدة».
إلى ذلك، استبعد مصدر روسي وجود علاقة لقرار إقالة نائب وزير الخارجية غينادي غاتيلوف مع تطورات الوضع حول سوريا.
وقال المصدر لـ«الشرق الأوسط» بأن القرار الذي أصدره الرئيس فلاديمير بوتين قبل يومين، مرتبط بتغييرات داخل الوزارة ولا علاقة له بالسياسة الخارجية، مضيفا أن تعيين غاتيلوف مندوبا دائما لروسيا لدى مكتب الأمم المتحدة في جنيف خلفا للمندوب السابق اليكسي بورادافكين مؤشر في هذا الاتجاه. وكان غاتيلوف لعب أدوارا مهمة في مناقشة الملف السوري مع الأطراف الدولية وخصوصا الولايات المتحدة والبلدان الأوروبية. وأثارت إقالته المفاجئة تكهنات خصوصا لجهة أن يكون الكرملين غير راض عن أدائه.



الحوثيون يكثفون انتهاكاتهم بحق الأكاديميين في الجامعات

فعالية حوثية داخل جامعة صنعاء تضامناً مع «حزب الله» (إعلام حوثي)
فعالية حوثية داخل جامعة صنعاء تضامناً مع «حزب الله» (إعلام حوثي)
TT

الحوثيون يكثفون انتهاكاتهم بحق الأكاديميين في الجامعات

فعالية حوثية داخل جامعة صنعاء تضامناً مع «حزب الله» (إعلام حوثي)
فعالية حوثية داخل جامعة صنعاء تضامناً مع «حزب الله» (إعلام حوثي)

كثّفت الجماعة الحوثية استهدافها مدرسي الجامعات والأكاديميين المقيمين في مناطق سيطرتها بحملات جديدة، وألزمتهم بحضور دورات تعبوية وزيارات أضرحة القتلى من قادتها، والمشاركة في وقفات تنظمها ضد الغرب وإسرائيل، بالتزامن مع الكشف عن انتهاكات خطيرة طالتهم خلال فترة الانقلاب والحرب، ومساعٍ حثيثة لكثير منهم إلى الهجرة.

وذكرت مصادر أكاديمية في العاصمة اليمنية المختطفة صنعاء لـ«الشرق الأوسط» أن مدرسي الجامعات العامة والخاصة والموظفين في تلك الجامعات يخضعون خلال الأسابيع الماضية لممارسات متنوعة؛ يُجبرون خلالها على المشاركة في أنشطة خاصة بالجماعة على حساب مهامهم الأكاديمية والتدريس، وتحت مبرر مواجهة ما تسميه «العدوان الغربي والإسرائيلي»، ومناصرة فلسطينيي غزة.

وتُلوّح الجماعة بمعاقبة مَن يتهرّب أو يتخلّف من الأكاديميين في الجامعات العمومية، عن المشاركة في تلك الفعاليات بالفصل من وظائفهم، وإيقاف مستحقاتهم المالية، في حين يتم تهديد الجامعات الخاصة بإجراءات عقابية مختلفة، منها الغرامات والإغلاق، في حال عدم مشاركة مدرسيها وموظفيها في تلك الفعاليات.

أكاديميون في جامعة صنعاء يشاركون في تدريبات عسكرية أخضعهم لها الحوثيون (إعلام حوثي)

وتأتي هذه الإجراءات متزامنة مع إجراءات شبيهة يتعرّض لها الطلاب الذين يجبرون على حضور دورات تدريبية قتالية، والمشاركة في عروض عسكرية ضمن مساعي الجماعة لاستغلال الحرب الإسرائيلية على غزة لتجنيد مقاتلين تابعين لها.

انتهاكات مروّعة

وكان تقرير حقوقي قد كشف عن «انتهاكات خطيرة» طالت عشرات الأكاديميين والمعلمين اليمنيين خلال الأعوام العشرة الماضية.

وأوضح التقرير الذي أصدرته «بوابة التقاضي الاستراتيجي»، التابعة للمجلس العربي، بالتعاون مع الهيئة الوطنية للأسرى والمختطفين، قبل أسبوع تقريباً، وغطّي الفترة من مايو (أيار) 2015، وحتى أغسطس (آب) الماضي، أن 1304 وقائع انتهاك طالت الأكاديميين والمعلمين في مناطق سيطرة الجماعة الحوثية التي اتهمها باختطافهم وتعقبهم، ضمن ما سمّاها بـ«سياسة تستهدف القضاء على الفئات المؤثرة في المجتمع اليمني وتعطيل العملية التعليمية».

أنشطة الجماعة الحوثية في الجامعات طغت على الأنشطة الأكاديمية والعلمية (إكس)

ووثّق التقرير حالتي وفاة تحت التعذيب في سجون الجماعة، وأكثر من 20 حالة إخفاء قسري، منوهاً بأن من بين المستهدفين وزراء ومستشارين حكوميين ونقابيين ورؤساء جامعات، ومرجعيات علمية وثقافية ذات تأثير كبير في المجتمع اليمني.

وتضمن التقرير تحليلاً قانونياً لمجموعة من الوثائق، بما في ذلك تفاصيل جلسات التحقيق ووقائع التعذيب.

ووفق تصنيف التقرير للانتهاكات، فإن الجماعة الحوثية نفّذت 1046 حالة اختطاف بحق مؤثرين، وعرضت 124 منهم للتعذيب، وأخضعت اثنين من الأكاديميين و26 من المعلمين لمحاكمات سياسية.

وتشمل الانتهاكات التي رصدها التقرير، الاعتقال التعسفي والإخفاء القسري والتعذيب الجسدي والنفسي والمحاكمات الصورية وأحكام الإعدام.

عشرات الأكاديميين لجأوا إلى طلب الهجرة بسبب سياسات الإقصاء الحوثية وقطع الرواتب (إكس)

وسبق أن كشف تقرير تحليلي لأوضاع الأكاديميين اليمنيين عن زيادة في طلبات العلماء والباحثين الجامعيين للهجرة خارج البلاد، بعد تدهور الظروف المعيشية، واستمرار توقف رواتبهم، والانتهاكات التي تطال الحرية الأكاديمية.

وطبقاً للتقرير الصادر عن معهد التعليم الدولي، ارتفعت أعداد الطلبات المقدمة من باحثين وأكاديميين يمنيين لصندوق إنقاذ العلماء، في حين تجري محاولات لاستكشاف الطرق التي يمكن لقطاع التعليم الدولي من خلالها مساعدة وتغيير حياة من تبقى منهم في البلاد إلى الأفضل.

إقبال على الهجرة

يؤكد المعهد الدولي أن اليمن كان مصدر غالبية الطلبات التي تلقّاها صندوق إنقاذ العلماء في السنوات الخمس الماضية، وتم دعم أكثر من ثلثي العلماء اليمنيين داخل المنطقة العربية وفي الدول المجاورة، بمنحة قدرها 25 ألف دولار لتسهيل وظائف مؤقتة.

قادة حوثيون يتجولون في جامعة صنعاء (إعلام حوثي)

لكن تحديات التنقل المتعلقة بالتأشيرات وتكلفة المعيشة والاختلافات اللغوية الأكاديمية والثقافية تحد من منح الفرص للأكاديميين اليمنيين في أميركا الشمالية وأوروبا، مقابل توفر هذه الفرص في مصر والأردن وشمال العراق، وهو ما يفضله كثير منهم؛ لأن ذلك يسمح لهم بالبقاء قريباً من عائلاتهم وأقاربهم.

وخلص التقرير إلى أن العمل الأكاديمي والبحثي داخل البلاد «يواجه عراقيل سياسية وتقييداً للحريات ونقصاً في الوصول إلى الإنترنت، ما يجعلهم يعيشون فيما يُشبه العزلة».

وأبدى أكاديمي في جامعة صنعاء رغبته في البحث عن منافذ أخرى قائمة ومستمرة، خصوصاً مع انقطاع الرواتب وضآلة ما يتلقاه الأستاذ الجامعي من مبالغ، منها أجور ساعات تدريس محاضرات لا تفي بالاحتياجات الأساسية، فضلاً عن ارتفاع الإيجارات.

إجبار الأكاديميين اليمنيين على المشاركة في الأنشطة الحوثية تسبب في تراجع العملية التعليمية (إكس)

وقال الأكاديمي الذي طلب من «الشرق الأوسط» التحفظ على بياناته خوفاً على سلامته، إن الهجرة ليست غاية بقدر ما هي بحث عن وظيفة أكاديمية بديلة للوضع المأساوي المعاش.

ويقدر الأكاديمي أن تأثير هذه الأوضاع أدّى إلى تدهور العملية التعليمية في الجامعات اليمنية بنسبة تتجاوز نصف الأداء في بعض الأقسام العلمية، وثلثه في أقسام أخرى، ما أتاح المجال لإحلال كوادر غير مؤهلة تأهيلاً عالياً، وتتبع الجماعة الحوثية التي لم تتوقف مساعيها الحثيثة للهيمنة على الجامعات ومصادرة قرارها، وصياغة محتوى مناهجها وفقاً لرؤية أحادية، خصوصاً في العلوم الاجتماعية والإنسانية.

وفي حين فقدت جامعة صنعاء -على سبيل المثال- دورها التنويري في المجتمع، ومكانتها بصفتها مؤسسة تعليمية، تُشجع على النقد والتفكير العقلاني، تحسّر الأكاديمي اليمني لغياب مساعي المنظمات الدولية في تبني حلول لأعضاء هيئة التدريس، سواء في استيعابهم في مجالات أو مشروعات علمية، متمنياً ألا يكون تخصيص المساعدات لمواجهة المتطلبات الحياتية للأكاديميين غير مشروط أو مجاني، وبما لا يمس كرامتهم.