جولة جديدة من مفاوضات «بريكست» بين لندن وبروكسل تبدأ الثلاثاء المقبل، ولمدة ثلاثة أيام، تتناول ثلاث قضايا أساسية أثبتت صعوبتها خلال محادثات العام الماضي بين الطرفين، وهي الحدود اليابسة بين بريطانيا والاتحاد الأوروبي من خلال آيرلندا الشمالية (جزء من المملكة المتحدة) وجمهورية آيرلندا، والتزامات بريطانيا المالية (فاتورة الخروج)، والقضية الثالثة، أي حقوق مواطني الاتحاد الأوروبي في بريطانيا خلال الفترة الانتقالية التي ستمتد إلى سنتين، من تاريخ 31 مارس (آذار) 2019، أي تاريخ خروج بريطانيا الرسمي من التكتل. هذه القضية ظهرت على السطح من جديد خلال زيارة رئيسة وزراء بريطانيا تيريزا ماي الحالية إلى الصين.
وقبل الجولة الجديدة من المفاوضات يلتقي الوزير البريطاني المعني بشؤون الخروج من الاتحاد الأوروبي ديفيد ديفيز مع كبير مفاوضي الاتحاد الأوروبي ميشيل بارنييه، في لندن يوم الاثنين. وقال ديفيز على «تويتر»: «أتطلع للترحيب بميشيل بارنييه في لندن يوم الاثنين». وأضاف أن اللقاء سيكون «خطوة مهمة مقبلة في العمل لبناء شراكة جديدة» بين بريطانيا والاتحاد الأوروبي.
ووافق الوزراء من الدول الـ27 المتبقية بالاتحاد يوم الاثنين الماضي على مجموعة من التوجيهات للتفاوض على فترة انتقالية ستمتد حتى نهاية 2020، وحذروا بريطانيا من أن قواعد الاتحاد الأوروبي يجب أن تسري بالكامل خلال الفترة الانتقالية. ويدفع الاتحاد الأوروبي من أجل ضمان حرية انتقال مواطني الاتحاد الأوروبي في بريطانيا حتى نهاية الفترة الانتقالية، بدلا من موعد انسحاب بريطانيا من التكتل، وهو ما اتفق عليه مفاوضو الاتحاد وبريطانيا في ديسمبر (كانون الأول) الماضي.
وخلال اليوم الثاني من محادثاتها مع القيادة الصينية (الخميس) رفضت تيريزا ماي، الخميس، فكرة أنه ينبغي أن يحصل مواطنو الاتحاد الأوروبي الوافدون إلى بريطانيا خلال الفترة الانتقالية على حقوق الإقامة نفسها لهؤلاء الذين يعيشون بالفعل في البلاد. وقالت ماي للصحافيين إن القواعد التي تنطبق على مواطني الاتحاد الأوروبي الذين يصلون البلاد بعد مارس 2019 يجب أن تكون مختلفة؛ «لأنهم سيأتون إلى بريطانيا وهم يعرفون أنها ستكون خارج الاتحاد الأوروبي».
ورد الاتحاد الأوروبي بقوة على تصريحات ماي، التي أصبحت الشغل الشاغل لوسائل الإعلام البريطانية المرافقة لرئيسة وزراء بريطانيا في زيارتها لبكين. الحكومة البريطانية أرادت من الزيارة تعبيد طريق الاستثمارات البريطانية والتجارة المتبادلة بين بريطانيا وثاني أكبر اقتصاد في العالم، استعدادا لخروجها من الاتحاد الأوروبي وإيجاد أسواق جديدة لها تعوضها عن أي عقبات تجارية في علاقتها المقبلة مع دول التكتل الأوروبي.
وقالت ماي أمام منتدى أعمال في شنغهاي، أمس الجمعة، إن بريطانيا تنظر إلى الخروج من الاتحاد الأوروبي على أنه بمثابة فرصة لـ«تعميق علاقاتها التجارية مع الدول في جميع أنحاء العالم بما في ذلك الصين».
وحذرت بلغاريا التي تتولى الرئاسة الحالية للاتحاد الأوروبي رئيسة وزراء بريطانيا من اقتراح نظامي إقامة مختلفين للمواطنين الأوروبيين بعد «بريكست». وقالت وزيرة رئاسة الاتحاد الأوروبي البلغارية ليليانا بافلوفا، إنها قلقة من تصريحات ماي، وصرحت لوكالة الصحافة الفرنسية بأنها تأمل في أن تولي ماي اهتماماً أكبر بالمواطنين بدلا من «شعبيتها». ويعتقد مراقبون بأن ماي تريد إنجاح زيارتها للصين وتوقيع العقود التجارية، كرد على منتقديها من داخل حزبها وعلى صعيد بريطانيا كلها.
وقالت بافلوفا إن «القوانين الأوروبية يجب أن تطبق خلال الفترة الانتقالية كاملة». وقد اعتمد الاتحاد الأوروبي أساسا للمفاوضات مع لندن أن تستمر المملكة المتحدة في احترام أنظمة الاتحاد الأوروبي، بما فيها حقوق مواطنيه في العيش والعمل حيث يرغبون، مقابل الدخول إلى السوق المشتركة حتى نهاية 2020 عمليا. وقالت ماي إنه بعد 29 مارس 2019 سيحتفظ المواطنون بحقوقهم لفترة انتقالية لسنتين، بعدها، أي ابتداء من مارس 2021، سيعتمد نظام جديد يتضمن بعض القيود، وستتوقف المعاملة على تاريخ دخول المملكة المتحدة، قبل أو بعد «بريكست». وتحرص بلغاريا على حماية مصالح مواطنيها المقيمين في المملكة المتحدة، ولهذا قالت بافلوفا: «نحن قلقون بعض الشيء».
ويرغب الاتحاد الأوروبي في إنجاز المباحثات حول المرحلة الانتقالية بحلول مارس، ومن ثم مواصلة التفاوض حول مستقبل العلاقات.
وقالت بافلوفا إن المفاوضات حول «بريكست» تدخل المرحلة «الأصعب»، وإن «النجاح بالنسبة لنا هو في الحفاظ على وحدة الدول السبع والعشرين، والدفاع عن القوانين؛ لأن تيريزا ماي تلقت الدعم على سبيل المثال من رئيس الولايات المتحدة لإبرام اتفاق (بريكست) مُشدد».
واختتمت تيريزا ماي أمس زيارتها للصين، التي استمرت ثلاثة أيام، روجت خلالها لصفقات تجارية وقعتها مع زعماء بكين في قطاعات مثل الخدمات المالية والزراعة والتعليم. ووقعت حكومتها اتفاقات تتجاوز قيمتها تسعة مليارات جنيه إسترليني (12.83 مليار دولار) ومن شأنها أن توفر أكثر من 2500 وظيفة في أنحاء المملكة المتحدة.
وأعلنت الحكومة أن ماي ورئيس مجلس الدولة الصيني، لي كه تشيانغ، أبرما أيضا اتفاقات تتعلق بالخدمات المالية بقيمة مليار جنيه إسترليني. وقال وزير التجارة الدولية ليام فوكس المرافق لها في الزيارة، إضافة إلى عشرات من رؤساء الشركات البريطانية ورجال الأعمال، في بيان، كما نقلت عنه وكالات أنباء عالمية، إن «الاتفاقات التي وقعت هذا الأسبوع تظهر طلبا واضحا على السلع والخدمات البريطانية».
وكجزء من هذه الاتفاقيات، سوف تصدر شركة «أستون مارتن» سيارات قيمتها 600 مليون جنيه إسترليني، وستفتح مجموعة «بزي بيز» الدولية للمرحلة ما قبل المدرسة 230 مكانا في شنغهاي، وفقا لماي.
8:18 دقيقة
جولة جديدة من المفاوضات الصعبة بين لندن وبروكسل
https://aawsat.com/home/article/1163136/%D8%AC%D9%88%D9%84%D8%A9-%D8%AC%D8%AF%D9%8A%D8%AF%D8%A9-%D9%85%D9%86-%D8%A7%D9%84%D9%85%D9%81%D8%A7%D9%88%D8%B6%D8%A7%D8%AA-%D8%A7%D9%84%D8%B5%D8%B9%D8%A8%D8%A9-%D8%A8%D9%8A%D9%86-%D9%84%D9%86%D8%AF%D9%86-%D9%88%D8%A8%D8%B1%D9%88%D9%83%D8%B3%D9%84
جولة جديدة من المفاوضات الصعبة بين لندن وبروكسل
الاتحاد الأوروبي يرد بقوة على تيريزا ماي ويتهمها باهتمامها «بشعبيتها»
جولة جديدة من المفاوضات الصعبة بين لندن وبروكسل
مواضيع
لم تشترك بعد
انشئ حساباً خاصاً بك لتحصل على أخبار مخصصة لك ولتتمتع بخاصية حفظ المقالات وتتلقى نشراتنا البريدية المتنوعة