ستوريدج لم يكن أبداً الخيار المثالي لكلوب

لاعب أصبح وجوده على مقعد بدلاء ليفربول أمراً مألوفا...ً فكان انفصاله عن مدربه حتمياً

TT

ستوريدج لم يكن أبداً الخيار المثالي لكلوب

عندما ننظر إلى الوراء، نجد أنه ربما كان الأمر واضحا من الوهلة الأولى أن العلاقة لم تكن لتنجح قط بين اللاعب دانييل ستوريدج ومدربه يورغين كلوب في «ليفربول». ورغم أن الإرادة كانت متوافرة لدى الاثنين لإنجاح التعاون بينهما، فإنه في بعض الأحيان يتضح أنه ليس مقدرا استمرار شخصين معاً وفي نهاية الأمر يجد أحدهما مضطراً إلى الرحيل والمضي في طريقه - وفي هذه الحالة، كان هذا الشخص، بطبيعة الحال، ستوريدج.
وبالفعل، ودع ستوريدج «ليفربول» وحزم أمتعته في طريقه إلى «ويست بروميتش ألبيون» بناءً على اتفاق إعارة يحمل في طياته مؤشرات على نهاية فترة وجوده في شمال إنجلترا، تاركاً خلفه الكثير من المعنيين يتحسرون على ما كان يمكن أن يكون! اللافت أنه منذ أقل عن أربع سنوات ماضية، كان ستوريدج بمثابة الضوء الساطع داخل أنفيلد وقت أن كان ليفربول يقدم عروضا قوية في بطولة الدوري الممتاز. وفي الوقت الذي هيمن فيه المهاجم الأوروغواياني لويز سواريز على معظم العناوين الرئيسة لوسائل الإعلام، فإن إسهام ستوريدج جاء لافتاً... 21 هدفاً، معظمها تميز بالأهمية وبعبقرية التنفيذ.
ومن أبرز الأهداف التي سجلها ستوريدج هدف في مرمى «ستوك سيتي» في يناير (كانون الثاني) 2014، وآخر سجله من كرة صوبها فوق تيم هوارد في مرمى «إيفرتون» خلال المواجهة التي انتهت بالفوز 4 - 0 في وقت لاحق من الشهر ذاته، وكذلك الهدف الرائع الذي سجله بمرمى «ويست بروميتش ألبيون» أكتوبر (تشرين الأول) الماضي. في ذلك الوقت، صرح مدرب «ليفربول» آنذاك بريندان رودجرز بأن ستوريدج يملك «جميع الأدوات والمهارات» التي تؤهله لأن يكون مهاجما عالمي الطراز. في الحقيقة، كان من الصعب دحض رأيه في هذا الشأن.
ومع ذلك، ها نحن اليوم نشهد انتقال ستوريدج للعب لخامس نادي خلال مسيرته الكروية بعدما وافق «ويست بروميتش ألبيون» على دفع 1.5 مليون جنيه إسترليني لاستعارة خدماته، في وقت تبدي أندية أخرى اهتمامها باللاعب، مثل «نيوكاسل يونايتد. وتكمن وراء محنة ستوريدج في «ليفربول» مجموعة من الظروف والحظ السيئ، فقد وجد اللاعب نفسه داخل الجسد الخطأ في الوقت الخطأ - جسد بدأ في التداعي في ذات اللحظة التي قدم فيها مدرب جديد إلى النادي وطالب لاعبيه بتقديم أداء قوي على نحو مستمر.
ومنذ توليه تدريب الفريق خلفاً لرودجرز في أكتوبر 2015، رفع كلوب شعار: اضغط، اضغط، اضغط. في المقابل، بدا ستوريدج عاجزاً عن الاضطلاع بتعليمات المدرب بسبب تعرضه لعدد من الإصابات في الفخذ والعرقوب والركبة. وتكالبت هذه الإصابات عليه على نحو أدى لتقليص وقت مشاركته في الملعب مع الفريق، بجانب تقويض مهاراته. ومع أن ستوريدج أنهى الموسم على نحو جيد، لكنه ظل بعيداً عن الصورة المتألقة التي ألفها الآخرون - ذلك أنه فقد سرعته ونشاطه وهدوءه تحت الضغط وجرأته أمام المرمى.
تحت قيادة كلوب، شارك ستوريدج في 63 مباراة، لكن لم يشارك في التشكيل الأساسي سوى خلال 32 فقط منها، ويعكس ذلك أنه كلما زاد تأثير المدرب الألماني على الفريق، تضاءل دور ستوريدج في إطاره. في موسم 2015-2016، جاءت 72.7 في المائة من مشاركات ستوريدج من خلال التشكيل الأساسي. أما في موسم 2016-2017، فقد تراجع هذا الرقم إلى 40.7 في المائة، وبلغ هذا الموسم 35.7 في المائة.
وفي محله، نجح روبرتو فيرمينو في التأكيد على مكانته باعتباره المهاجم الرئيس في «ليفربول». وبينما قد يفتقر اللاعب البرازيلي إلى دقة تصويبات ستوريدج أمام المرمى، فإن معدل تسجيله للأهداف يبدو جيداً وينبئ عن قدرة على الضغط على مدافعي الخصم، الأمر الذي أكسبه أهمية محورية في خطط كلوب.
أما ستوريدج، فأصبح وجوده على مقعد البدلاء أمراً مألوفاً، بينما أصبح ذكر اسمه في تشكيل فريق «ليفربول» من الأمور التي تستدعي الدهشة. وكانت آخر مشاركة له في ديسمبر (كانون الأول)، في مباراة أمام «سبارتاك موسكو» وانتهت بفوز «ليفربول» بنتيجة 7 – 0، بعد ذلك، غاب ستوريدج لأسابيع، وقبل هزيمة «ليفربول» أمام «ويست بروميتش ألبيون» في إطار بطولة كأس الاتحاد الإنجليزي أوضح كلوب أنه يتعين على اللاعب أن يثبت نفسه إذا ما رغب في المشاركة في الفريق الأول.
الملاحظ أن الإصابات التي ألمت بستوريدج ألحقت أضراراً ليس بجسده فحسب، وإنما كذلك بسمعته، ذلك أنه أصبح الكثيرون ينظرون إليه باعتباره لاعب يفتقر إلى الالتزام ويتسم أداؤه بالوهن والكسل - كانت تلك الاتهامات التي ألقيت في طريقه. وزاد الطين بلة عندما ادّعى ستيفين غيرارد في سيرته الذاتية التي نشرها عام 2015 أنه اضطر إلى مناشدة ستوريدج كي يلعب وخو مصاب خلال موسم 2013-2014، وتفاقم الأمر عندما صرح كلوب في نوفمبر (تشرين الثاني) 2015، بأنه يتعين على ستوريدج تعلم كيفية التمييز ما بين «الألم المبرح وما هو مؤلم فحسب» كي يتمكن من التغلب على انتكاساته بسبب الإصابات.
بيد أن اتهام ستوريدج بالكسل ينطوي في حد ذاته على كسل وإجحاف، ذلك أن اللاعب خاض جراحة في الفخذ في مايو (أيار) 2015 وسافر إلى بوسطن لخوض عملية إعادة تأهيل قبل «الكريسماس»، لكنه مني بعد ذلك بانتكاسات أخرى ولم يتمكن نهاية الأمر من سهام النقد التي صوبت باتجاهه. بصورة إجمالية، سجل ستوريدج 63 هدفاً خلال 133 مباراة لحساب «ليفربول» بعد انضمامه إليه قادماً من «تشيلسي» في يناير 2013، ويعتبر هذا إنجازاً يليق بواحد من اللاعبين الصفوة ويكشف الكثير عن مهارات ستوريدج. وحتى في خضم متاعبه الصحية وسعيه لاستعادة لياقته وتألقه، ظل ستوريدج داخل الملعب قوة لا يستهان بها.
يذكر أنه في موسم 2015-2016، كان ستوريدج الهداف الأول في صفوف «ليفربول» بإجمالي 13 هدفاً خلال 25 مباراة، كان آخرها هدفا رائعا في نهائي بطولة الدوري الأوروبي الذي انتهى بهزيمة «ليفربول» أمام «إشبيلية». من ناحية أخرى، ثمة قلق في صفوف جماهير «ليفربول» إزاء تبعات قرار كلوب بالسماح بانتقال ستوريدج إلى «ويست بروميتش ألبيون» لأن هذا سيترك خيارات الهجوم داخل الفريق محصورة في داني إينغز ودومينيك سولانكي قبيل مرحلة حرجة من الموسم. ومع هذا، تبدو وجهتي نظر المدرب واللاعب منطقية - ذلك أن كلوب عاجز عن استيعاب ستوريدج داخل الفريق في الوقت الذي يحتاج ستوريدج إلى اللعب، خاصة إذا كان يرغب في استدعائه لصفوف المنتخب الإنجليزي قبيل انطلاق بطولة كأس العالم. وأحرز ستوريدج ثلاثة أهداف في 14 مباراة مع ليفربول هذا الموسم وسيعزز الخيارات الهجومية لوست بروميتش الذي يدربه الآن باردو حيث يكافح الفريق للنجاة من الهبوط. ويحتل وست بروميتش المركز قبل الأخير برصيد 20 نقطة من 24 مباراة مبتعدا بثلاث نقاط عن منطقة الأمان.
في النهاية يبدو أنه من المؤسف ألا تسير الأمور على ما يرام بالنسبة لستوريدج داخل «ليفربول»، خاصة أن ثمة تناغما ممتازا كان باديا في العلاقة بينهما، لكن من الواضح أنه كان من المستحيل تجنب هذا الطلاق الحتمي.


مقالات ذات صلة

ثنائية نونيز تمنح ليفربول فوزاً مثيراً على برنتفورد في الدوري الإنجليزي

رياضة عالمية نونيز يسدد ويهز شباك برنتفورد بهدفه الأول (أ.ف.ب)

ثنائية نونيز تمنح ليفربول فوزاً مثيراً على برنتفورد في الدوري الإنجليزي

أصبح فريق نيوكاسل مهدداً بفقدان المركز الرابع بجدول الترتيب إثر تلقيه أول خسارة بعد 6 انتصارات متتالية سجل داروين نونيز مهاجم ليفربول هدفين في توقيت قاتل،

«الشرق الأوسط» ( لندن)
رياضة عالمية أرتيتا (رويترز)

أرتيتا «قلق للغاية» لإصابة ساليبا بعد التعادل مع فيلا

تفاقمت مشكلة إهدار أرسنال لنقطتين في الدوري الإنجليزي الممتاز لكرة القدم بعد تعادله 2-2 مع أستون فيلا اليوم السبت بسبب إصابة وليام ساليبا.

«الشرق الأوسط» (لندن)
رياضة سعودية ريتشارليسون (رويترز)

ريتشارليسون يخطط للرحيل عن توتنهام إلى الدوري السعودي

كشف موقع «فوتبول إنسايدر» عن أن مهاجم توتنهام، ريتشارليسون، أبلغ أصدقاءه برغبته في مغادرة النادي اللندني، حيث يخطط للانتقال إلى الدوري السعودي للمحترفين.

فاتن أبي فرج (بيروت)
رياضة عالمية أرنه سلوت (أ.ف.ب)

سلوت: راودتني الشكوك قبل الفوز على برنتفورد

اعترف أرنه سلوت بأنه شعر بخوف أن يعيد التاريخ نفسه، إذ عانى ليفربول ضد برنتفورد اليوم السبت، قبل أن يسجل البديل داروين نونيز هدفين.

«الشرق الأوسط» (ليفربول)
رياضة عالمية واتكينز يحتفل (إ.ب.أ)

البريميرليغ: واتكينز يقود فيلا لانتزاع التعادل من آرسنال

واصل أولي واتكينز، مهاجم أستون فيلا، تألقه أمام آرسنال بعدما سجل هدفاً ليقود فريقه لانتزاع التعادل 2-2 في الدوري الإنجليزي.

«الشرق الأوسط» (لندن)

مصر: قرارات «ضبط أداء الإعلام الرياضي» تثير تبايناً «سوشيالياً»

أحد تدريبات منتخب مصر لكرة القدم (الصفحة الرسمية للاتحاد المصري لكرة القدم)
أحد تدريبات منتخب مصر لكرة القدم (الصفحة الرسمية للاتحاد المصري لكرة القدم)
TT

مصر: قرارات «ضبط أداء الإعلام الرياضي» تثير تبايناً «سوشيالياً»

أحد تدريبات منتخب مصر لكرة القدم (الصفحة الرسمية للاتحاد المصري لكرة القدم)
أحد تدريبات منتخب مصر لكرة القدم (الصفحة الرسمية للاتحاد المصري لكرة القدم)

أثارت قرارات المجلس الأعلى لتنظيم الإعلام في مصر لـ«ضبط أداء الإعلام الرياضي» تبايناً على «السوشيال ميديا»، الجمعة.

واعتمد «الأعلى لتنظيم الإعلام»، برئاسة خالد عبد العزيز، الخميس، توصيات «لجنة ضبط أداء الإعلام الرياضي»، التي تضمّنت «تحديد مدة البرنامج الرياضي الحواري بما لا يزيد على 90 دقيقة، وقصر مدة الاستوديو التحليلي للمباريات، محلية أو دولية، بما لا يزيد على ساعة، تتوزع قبل وبعد المباراة».

كما أوصت «اللجنة» بإلغاء فقرة تحليل الأداء التحكيمي بجميع أسمائها، سواء داخل البرامج الحوارية أو التحليلية أو أي برامج أخرى، التي تُعرض على جميع الوسائل الإعلامية المرئية والمسموعة والمواقع الإلكترونية والتطبيقات والمنصات الإلكترونية. فضلاً عن «عدم جواز البث المباشر للبرامج الرياضية بعد الساعة الثانية عشرة ليلًا (منتصف الليل) وحتى السادسة من صباح اليوم التالي، ولا يُبث بعد هذا التوقيت إلا البرامج المعادة». (ويستثنى من ذلك المباريات الخارجية مع مراعاة فروق التوقيت).

وهي القرارات التي تفاعل معها جمهور الكرة بشكل خاص، وروّاد «السوشيال ميديا» بشكل عام، وتبعاً لها تصدرت «هاشتاغات» عدة قائمة «التريند» خلال الساعات الماضية، الجمعة، أبرزها «#البرامج_الرياضية»، «#المجلس_الأعلى»، «#إلغاء_الفقرة_التحكيمية»، «#لتنظيم_الإعلام».

مدرجات استاد القاهرة الدولي (الصفحة الرسمية للاتحاد المصري لكرة القدم)

وتنوعت التفاعلات على تلك «الهاشتاغات» ما بين مؤيد ومعارض للقرارات، وعكست عشرات التغريدات المتفاعلة هذا التباين. وبينما أيّد مغرّدون القرارات كونها «تضبط الخطاب الإعلامي الرياضي، وتضمن الالتزام بالمعايير المهنية»، قال البعض إن القرارات «كانت أُمنية لهم بسبب إثارة بعض البرامج للتعصب».

عبّر روّاد آخرون عن عدم ترحيبهم بما صدر عن «الأعلى لتنظيم الإعلام»، واصفين القرارات بـ«الخاطئة»، لافتين إلى أنها «حجر على الإعلام». كما انتقد البعض اهتمام القرارات بالمسألة الشكلية والزمنية للبرامج، ولم يتطرق إلى المحتوى الذي تقدمه.

وعن حالة التباين على مواقع التواصل الاجتماعي، قال الناقد الرياضي المصري محمد البرمي، لـ«الشرق الأوسط»، إنها «تعكس الاختلاف حول جدوى القرارات المتخذة في (ضبط المحتوى) للبرامج الرياضية، فالفريق المؤيد للقرارات يأتي موقفه رد فعل لما يلقونه من تجاوزات لبعض هذه البرامج، التي تكون أحياناً مفتعلة، بحثاً عن (التريند)، ولما يترتب عليها من إذكاء حالة التعصب الكروي بين الأندية».

وأضاف البرمي أن الفريق الآخر المعارض ينظر للقرارات نظرة إعلامية؛ حيث يرى أن تنظيم الإعلام الرياضي في مصر «يتطلب رؤية شاملة تتجاوز مجرد تحديد الشكل والقوالب»، ويرى أن «(الضبط) يكمن في التمييز بين المحتوى الجيد والسيئ».

مباراة مصر وبوتسوانا في تصفيات كأس الأمم الأفريقية 2025 (الصفحة الرسمية للاتحاد المصري لكرة القدم)

وكان «الأعلى لتنظيم الإعلام» قد أشار، في بيانه أيضاً، إلى أن هذه القرارات جاءت عقب اجتماع «المجلس» لتنظيم الشأن الإعلامي في ضوء الظروف الحالية، وما يجب أن يكون عليه الخطاب الإعلامي، الذي يتعين أن يُظهر المبادئ والقيم الوطنية والأخلاقية، وترسيخ وحدة النسيج الوطني، وإعلاء شأن المواطنة مع ضمان حرية الرأي والتعبير، بما يتوافق مع المبادئ الوطنية والاجتماعية، والتذكير بحرص المجلس على متابعة الشأن الإعلامي، مع رصد ما قد يجري من تجاوزات بشكل يومي.

بعيداً عن الترحيب والرفض، لفت طرف ثالث من المغردين نظر المجلس الأعلى لتنظيم الإعلام إلى بعض الأمور، منها أن «مواقع الإنترنت وقنوات (اليوتيوب) و(التيك توك) مؤثرة بشكل أكبر الآن».

وحسب رأي البرمي، فإن «الأداء الإعلامي لا ينضبط بمجرد تحديد مدة وموعد وشكل الظهور»، لافتاً إلى أن «ضبط المحتوى الإعلامي يكمن في اختيار الضيوف والمتحدثين بعناية، وضمان كفاءتهم وموضوعيتهم، ووضع كود مهني واضح يمكن من خلاله محاسبة الإعلاميين على ما يقدمونه، بما يمنع التعصب».