فرنسا تحذر من عودة «داعش» إلى ليبيا

إعلان التأهب في بني وليد معقل الموالين للنظام السابق

لقاء بين السراج وصلاح الدين الجمالي مبعوث الجامعة العربية بطرابلس أمس (حكومة الوفاق الوطني)
لقاء بين السراج وصلاح الدين الجمالي مبعوث الجامعة العربية بطرابلس أمس (حكومة الوفاق الوطني)
TT

فرنسا تحذر من عودة «داعش» إلى ليبيا

لقاء بين السراج وصلاح الدين الجمالي مبعوث الجامعة العربية بطرابلس أمس (حكومة الوفاق الوطني)
لقاء بين السراج وصلاح الدين الجمالي مبعوث الجامعة العربية بطرابلس أمس (حكومة الوفاق الوطني)

حذر الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون قبل وصوله أمس إلى تونس من احتمال عودة تنظيم داعش والإرهاب مجددا إلى ليبيا، فيما أعلنت الغرفة المشتركة لمدينة بني وليد التي تبعد نحو 180 كيلومترا من الجنوب الشرقي للعاصمة طرابلس، حالة الاستنفار القصوى بعدما رصدت تحركات تنظيم داعش.
ومن المقرر أن يناقش ماكرون في زيارته التي تستغرق يومين إلى تونس، تطورات الأمن والوضع في ليبيا، كما سيكون الملف الليبي حاضرا لدى اجتماعه في السنغال غدا مع نظيره السنغالي ماكي صال، وفقا لما أعلنته الرئاسة الفرنسية في بيان لها، علما بأن باريس تسعى للعب دور وساطة لتقريب وجهات النظر بين مختلف الفرقاء في ليبيا.
واعتبر ماكرون في تصريحات لصحيفة الشروق التونسية أمس، أن «تحقيق الاستقرار في ليبيا هو أولوية بالنسبة لفرنسا وتونس، لأسباب سياسية وأمنية»، مشيرا إلى أن «فرنسا تدرك إدراكا تاما الأخطار التي يشكلها الوضع في ليبيا على الأمن والنمو الاقتصادي في تونس». ورأى أن «من شأن تحقيق استقرار دائم في هذا البلد المجاور أن يكون مصدر راحة لتونس وللمنطقة بأسرها»، موضحا أن فرنسا اتخذت مبادرات، بحيث جمعت في سال سان كلو في شهر يوليو (تموز) الماضي بين طرفين ليبيين حول إعلان مشترك. وأضاف: «أرحب بالمبادرات الدبلوماسية التي اتخذتها السلطات التونسية لصالح المصالحة بين الليبيين، إنني على اتصال وثيق بالرئيس (باجي قائد السبسي حول هذا الموضوع، وتعمل سفاراتنا الدبلوماسية معا في هذا المجال». وشدد على أن «الحل في ليبيا لا يمكن أن يكون إلا سياسيا. إنه طموح الوساطة التي يقودها تحت رعاية الأمم المتحدة غسان سلامة، الممثل الخاص للأمين العام، والتي نؤيدها تأييدا تاما». ولفت إلى أن الأولوية اليوم في ليبيا هي إعداد المؤتمر الوطني وانتخابات ذات مصداقية لليبيين لبناء دولة ديمقراطية. لكنه مع ذلك، حذر من أنه على الرغم من سحق تنظيم داعش، فإنه من المرجح أن يظهر الإرهاب من جديد.
يشار إلى أنه وبمبادرة من ماكرون، اجتمع رئيس حكومة الوفاق الوطني الليبية فائز السراج والمشير خليفة حفتر القائد العام للجيش الليبي منتصف العام الماضي في باريس في مبادرة للحصول على تعهد منهما بالتوصل إلى تسوية وإنهاء الفوضى. وأجرى أمس فائز السراج محادثات مغلقة في تونس مع غسان سلامة رئيس بعثة الأمم المتحدة لدى ليبيا، بالتزامن مع زيارة ماكرون.
إلى ذلك، اعتبر السفير صلاح الدين الجمالي، مبعوث الأمين العام للجامعة العربية المكلف الملف الليبي، أن دور الجامعة مكمل لدور الأمم المتحدة وليس منافسا لها. وقال بيان لمكتب السراج إن الجمالي أبلغه أن الأمين العام للجامعة العربية أحمد أبو الغيط وعد بزيارة ليبيا في وقت قريب.
وأكد الجمالي بحسب البيان دعم الجامعة العربية لمسار الوفاق وفق مبادرة المبعوث الأممي، مبدياً استعداد الجامعة لتقديم كل ما يطلب منها في هذا الإطار، وعرض المساهمة في متطلبات العملية الانتخابية. وأضاف البيان أن الجمالي وجه أيضا الدعوة للسراج لحضور اجتماعات القمة العربية المقرر انعقادها في شهر مارس (آذار) القادم في العاصمة السعودية الرياض.
في المقابل، تطرق السراج إلى تطورات الوضع السياسي والدور المنوط بمجلسي النواب والدولة في تحريك الجمود الحالي، داعيا إلى ضرورة اعتماد مجلس النواب قانون الاستفتاء على الدستور وقانون الانتخابات ليتسنى إجراء الانتخابات بطريقة سليمة.
من جهة أخرى، طالبت الغرفة المشتركة لمدينة بني وليد المشكّلة من الجيش والشرطة في بيان نشرته عبر صفحتها الرسمية عبر موقع التواصل الاجتماعي «فيسبوك»، الوحدات العسكرية والأمنية في المدينة، برفع درجة الاستنفار الأمني القصوى وزيادة الحراسة على المواقع، عقب رصد تحركات واجتماعات لتنظيم داعش وبعض المتعاونين معهم.
وكان موكب عثمان عبد الجليل، وزير التعليم بحكومة السراج، قد تعرض الأسبوع الماضي لإطلاق نار في مدينة بني وليد، فيما اعتبر الوزير أن الحدث عارض صدر عن مجموعة من الشباب، وقال إنه يتفهم جيدا دوافعهم، دون الكشف عن طبيعتها.
وتتحرك فلول تنظيم داعش في المناطق الصحراوية والأودية الممتدة من صحراء سرت وحتى بني وليد، وصولاً إلى مدن الجنوب الليبي. وتقوم فلول التنظيم بإنشاء نقاط التفتيش المفاجئة على الطرق الفرعية والرئيسية في هذه المناطق، ما يهدف إلى تمويل تحركاتهم من خلال الاستيلاء على سيارات نقل الوقود، والقبض على العسكريين وعناصر الشرطة الذين يتنقلون بين هذه المناطق.
وصمدت المدينة التي كانت المعقل السابق للعقيد الراحل معمر القذافي والواقعة على قمة تل جنوب شرقي طرابلس، أمام المعارضة التي أطاحت بالنظام السابق لمدة شهرين بعد العاصمة عام 2011. وما زال سكان بني وليد يعربون عن ولائهم للنظام القديم، حيث يرفرف العلم الأخضر لعهد القذافي في الميدان الرئيسي بالمدينة قرب صور «الشهداء» الذين لقوا حتفهم في أعمال العنف عام 2011 وما تلاه من قتال.
إلى ذلك، أعلن رئيس المؤسسة الوطنية للنفط أن قدرة ليبيا على إعادة بناء إنتاج الخام في البلد العضو بمنظمة أوبك ستعرقله قيود على ميزانية المؤسسة، مضيفا أنه يخشى من محاولات لاستخدام الميزانية للسيطرة على الشركة المملوكة للدولة. وأبلغ مصطفى صنع الله مؤتمرا في المعهد الملكي للشؤون الدولية «تشتهام هاوس» أن المؤسسة تلقت 50 في المائة فقط من موازنة إنفاقها الرأسمالي من الحكومة الليبية في 2017. وأضاف أنه «فيما يتعلق بالاستثمار، نتوقع أن اللاعبين السياسيين سيحاولون استخدام السيطرة على موازنة الدولة للتحكم في المؤسسة الوطنية للنفط كما كان الحال في عامي 2016 و2017». وقال صنع الله في المؤتمر: «إذا ضاعت المؤسسة الوطنية للنفط، فستحتاج ليبيا إلى وقت طويل لاستعادة تماسكها».



تنسيق مصري - أنغولي لدعم قضايا السلم والأمن في أفريقيا

محادثات في القاهرة بين الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي ونظيره الأنغولي (الرئاسة المصرية)
محادثات في القاهرة بين الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي ونظيره الأنغولي (الرئاسة المصرية)
TT

تنسيق مصري - أنغولي لدعم قضايا السلم والأمن في أفريقيا

محادثات في القاهرة بين الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي ونظيره الأنغولي (الرئاسة المصرية)
محادثات في القاهرة بين الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي ونظيره الأنغولي (الرئاسة المصرية)

توافقت مصر وأنغولا على تعزيز أوجه التعاون في مختلف المجالات، إلى جانب استمرار التنسيق والتشاور المشترك في مختلف المحافل الإقليمية والدولية، وذلك خلال لقاء الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي بنظيره الأنغولي جواو لورينسو، في القاهرة، الثلاثاء.

وناقش الرئيسان جهود حفظ السلم والأمن في القارة الأفريقية، إلى جانب عدد من القضايا الأفريقية، شملت الأوضاع في القرن الأفريقي والسودان والصومال وشرق الكونغو الديمقراطية.

ويرأس لورينسو الاتحاد الأفريقي، هذا العام.

وخلال اللقاء أكد السيسي «التزام بلاده بتعميق التعاون مع لواندا»، مشيراً إلى أن المحادثات «عكست تطابقاً في الرؤى، وإرادة سياسية للارتقاء بالعلاقات المشتركة»، وفق إفادة للرئاسة المصرية.

وأشار السيسي في مؤتمر صحافي مشترك مع لورينسو إلى أن المحادثات تناولت الأوضاع في القرن الأفريقي والسودان ومكافحة الإرهاب، وأشاد بدور الرئيس الأنغولي في الوساطة في أزمة شرق الكونغو الديمقراطية.

الرئيس المصري خلال مؤتمر صحافي مع نظيره الأنغولي (الرئاسة المصرية)

وركزت المحادثات على «قضايا السلم والأمن الملحة في أفريقيا»، وأشار البيان المشترك إلى إدانة السيسي ولورينسو «تصاعد الأنشطة الإرهابية في الصومال، وأكدا دعم وحدته واستقراره».

كما دعا الرئيسان إلى «وقف الأعمال العدائية في السودان، واستئناف حوار وطني شامل يخفف من معاناة السودانيين»، إلى جانب رفض «أي محاولات لتشكيل حكومة سودانية موازية».

وأكدت المحادثات ضرورة الحفاظ على المواقف الأفريقية الموحدة إزاء مختلف القضايا الدولية، وفق السيسي الذي أشار إلى «توافق البلدين بشأن قضايا التحديات الاقتصادية، وندرة المياه، وتغيُّر المناخ»، إلى جانب «استمرار التنسيق والتشاور المشترك، في مختلف المحافل الدولية والإقليمية».

كما تناولت المحادثات قضية الأمن المائي، والتعاون عبر الأنهار الدولية، حيث أكد الرئيسان «ضرورة إدارة الموارد المائية العابرة للحدود، وفقاً للقانون الدولي، بطريقة شاملة تحقق المنافع المشتركة، مع احترام مبدأ (عدم الإضرار)»، وشددا على «ضرورة الامتناع عن الإجراءات الأحادية التي تثير النزاعات بين الدول المشاطئة»، وفق البيان.

وتناولت المحادثات كذلك تطورات الأوضاع في غزة، وأكدت «ضرورة التوصل إلى وقف دائم لإطلاق النار، وضمان وصول المساعدات الإنسانية للشعب الفلسطيني، دون عوائق»، مع «دعم الخطة العربية الإسلامية للإعمار».

وعلى الصعيد الثنائي، أكد السيسي استعداد بلاده تقديم جميع أشكال الدعم والمساندة لأنغولا، في مجالات التنمية وبناء القدرات في قطاعات متعددة، منها الشرطة والدفاع والصحة والإعلام والسياحة والزراعة ومكافحة الفساد، والطاقة المتجددة والدبلوماسية.

وعقب المحادثات الثنائية، شهد الرئيسان التوقيع على عدد من مذكرات التفاهم في مجالات الاتصالات وتكنولوجيا المعلومات، والإسكان والبنية التحتية.

وارتفع حجم التبادل التجاري بين البلدين إلى 34.2 مليون دولار خلال العام الماضي، مقابل 21.3 مليون دولار عام 2023، وفق إفادة للجهاز المركزي للإحصاء بمصر، الثلاثاء.

«رسالة مهمة»

يشكل التوافق المصري - الأنغولي بشأن القضايا الأفريقية «رسالة مهمة» وفق مساعد وزير الخارجية المصري للشؤون الأفريقية الأسبق، السفير محمد حجازي، الذي أشار إلى أن المواقف الصادرة عن المحادثات «تعبِّر عن موقف أفريقي جامع تجاه التطورات في المنطقة».

وأضاف حجازي في حديثه لـ«الشرق الأوسط»: «المشاورات تناولت التحديات الاقتصادية بأفريقيا، المتعلقة بآثار فرض الإدارة الأميركية رسوماً جمركية على الواردات الأفريقية، بما يهدد تنفيذ الاتفاقيات التعاقدية بين واشنطن ودول أفريقيا».

وأشار إلى «أهمية طرح ملف الأمن المائي المصري خلال المحادثات، بسبب تأثيرات أزمة (سد النهضة) الإثيوبي على علاقات دول حوض نهر النيل الأزرق».

وهناك خلاف بين إثيوبيا، ودولتي المصب - مصر والسودان - حول مشروع «سد النهضة» الذي تقيمه أديس أبابا على رافد نهر النيل الرئيسي منذ عام 2011. وتطالب القاهرة والخرطوم باتفاق قانوني ملزم ينظم عملية تشغيل السد بما لا يضر بحصتيهما المائية.

وتُضاف زيارة الرئيس الأنغولي للقاهرة إلى «نشاط دبلوماسي مصري رفيع للانخراط في القضايا الأفريقية في الفترة الأخيرة»، وفق حجازي.