أبو مازن إلى نيويورك لمخاطبة مجلس الأمن في 20 فبراير

{الشرق الأوسط} تكشف استعدادات فلسطينية للرد على قرارات ترمب... وغوتيريش ينظم مؤتمراً رفيعاً في جنيف لتمويل «الأونروا»

أبو مازن إلى نيويورك لمخاطبة مجلس الأمن في 20 فبراير
TT

أبو مازن إلى نيويورك لمخاطبة مجلس الأمن في 20 فبراير

أبو مازن إلى نيويورك لمخاطبة مجلس الأمن في 20 فبراير

كشف المراقب الفلسطيني الدائم لدولة فلسطين لدى الأمم المتحدة رياض منصور لـ«الشرق الأوسط» أن الرئيس محمود عباس أبو مازن يعتزم زيارة نيويورك، خلال الشهر الحالي، لعرض مستجدات القضية الفلسطينية مع أعضاء مجلس الأمن وغيرهم من المسؤولين في الأمانة العامة للمنظمة الدولية وممثلي الدول الأعضاء، رافضاً ما سماه «افتراءات» المندوبة الأميركية نيكي هايلي خلال الشهر الماضي ضد عباس.
وأكد منصور معلومات حصلت عليها «الشرق الأوسط» أيضاً عن أن الأمين العام للأمم المتحدة أنطونيو غوتيريش سيدعو إلى عقد اجتماع رفيع المستوى في 26 فبراير (شباط) الحالي بجنيف، من أجل «البحث في إيجاد مصادر تمويل جديدة لوكالة غوث اللاجئين الفلسطينيين وتشغيلهم في الشرق الأدنى (الأونروا)، بعدما قررت إدارة الرئيس الأميركي دونالد ترمب تعليق جزء من التمويل الذي تقدمه لهذه الوكالة الدولية».
وقال السفير منصور إنه مع تولي الكويت رئاسة مجلس الأمن لشهر فبراير الحالي، يجري الجانب الفلسطيني «مشاورات متواصلة مع الأشقاء الكويتيين بشأن مجيء الرئيس محمود عباس إلى مجلس الأمن ومخاطبة أعضائه حول الوضع العام الذي تمر به القضية الفلسطينية، وأن يتحمل مجلس الأمن مسؤولياته في هذه المسألة». وأشار إلى أن مجلس الأمن سيعقد في 20 فبراير الحالي اجتماعه الشهري حول بند «الحال في الشرق الأوسط، بما في ذلك المسألة الفلسطينية». وجرت العادة أن يكون هذا الاجتماع مفتوحاً مرة كل ثلاثة أشهر، وشِبه مغلق في كل شهر، للاستماع إلى إحاطة من المنسق الخاص لعملية السلام في الشرق الأوسط نيكولاي ملادينوف. وأكد منصور أن «المشاورات جارية حالياً مع رئاسة مجلس الأمن لكي يتحدث الرئيس عباس في هذه الجلسة»، مضيفاً أنه «بوسع الرئيس أن يتكلم أيضاً في 21 فبراير (شباط) الحالي لأن الكويت تخطط لعقد جلسة يومذاك برئاسة نائب رئيس مجلس الوزراء وزير الخارجية الشيخ صباح الخالد الحمد الصباح حول مقاصد ومبادئ ميثاق الأمم المتحدة». ولفت إلى أن «هذا الاجتماع له طبيعة عامة، علماً بأن للميثاق صلةً بالقضية الفلسطينية من جوانب عدة، وبخاصة في مسألة حق تقرير المصير».
ولم يستبعد منصور أن يتحدث الرئيس عباس في 22 فبراير خلال اجتماع غير رسمي بصيغة «آريا» خارج القاعة الرسمية لمجلس الأمن تحت عنوان «بعد 50 عاماً على الاحتلال»، علماً بأن بين المشاركين شخصيات مثل المفوضة السامية السابقة لوكالة الأمم المتحدة لغوث اللاجئين الفلسطينيين وتشغيلهم في الشرق الأدنى (الأونروا) كارين أبو زيد والدبلوماسي النرويجي يان إيغلاند، مع احتمال أن يشارك أيضاً الرئيس الأميركي السابق جيمي كارتر. ولكنه أبدى انفتاحاً على أفكار أخرى يمكن أن تُقتَرَح من أجل تخصيص يوم كي يخاطب الرئيس عباس مجلس الأمن، مع تفضيله الخيار الأول ليتكلم الرئيس في جلسة 20 فبراير. وأفاد بأنه «يتواصل مع العديد من الدول الأعضاء في مجلس الأمن، لا سيما الكويت، وفي الأمم المتحدة عموماً». وقال: «لا توجد أي اتصالات أو أي نقاش مع الجانب الأميركي. فهذه مسألة سيتولاها بطبيعة الحال رئيس مجلس الأمن المندوب الكويتي الدائم لدى الأمم المتحدة السفير منصور العتيبي»، مضيفاً: «لا أعتقد أن هناك أي مشكلة في أن يأتي رئيس دولة لمخاطبة مجلس الأمن في أمور ذات علاقة بالأمن والسلم الدوليين وقضايا في غاية السخونة متعلقة بتلك الدولة».
وعما إذا كان الجانب الفلسطيني يبتغي إصدار قرار أو بيان من مجلس الأمن في شأن الوضع الفلسطيني، ولا سيما بخصوص القدس، أجاب منصور: «نريد من مجلس الأمن أن يتحمل مسؤوليته في شأن المسألة الفلسطينية، وأن يرتقي إلى مستوى تنفيذ قراراته».
وردّاً على الحملة التي شنتها المندوبة الأميركية الدائمة نيكي هيلي على شخص الرئيس عباس واتهامه بأنه ليس من الزعماء الشجعان لتحقيق السلام بين الفلسطينيين والإسرائيليين، علق منصور: «نحن رفضنا ونرفض جملة وتفصيلاً مثل هذه الافتراءات». وشكر ما سماها «الغالبية الساحقة من الدول التي تكلمت»، ملاحظاً أن «أحداً لم يقف مع مندوبة الولايات المتحدة في مثل هذا التشخيص. وبقيت هي وحدها تغرد خارج السرب في مثل هذا التوصيف، لأن ممثلي دول العالم الأخرى والذين تكلموا باسم الكتل، سواء المجموعة العربية أو منظمة التعاون الإسلامي أو حركة عدم الانحياز، أو حتى الاتحاد الأوروبي، جميعهم يكنون كل التقدير ويعتبرون الرئيس محمود عباس رجل سلام».
ورأى منصور أنه «بتحليل المواقف التي أُعلِنَت خلال الأسبوع الماضي، هناك محور دولي أول يرفض بصورة قاطعة القرار الأميركي المتعلِّق بالقدس، والمحور الدولي الثاني يتمثل بالموقف غير المسؤول وغير الإنساني المتعلِّق بحجب الأموال عن (الأونروا). هذا أسلوب مرفوض دولياً». وعبر عن الشكر للأمين العام للأمم المتحدة أنطونيو غوتيريش، والمفوض العام لـ«الأونروا» بيار كرينبول، اللذين دعوَا إلى عقد مؤتمر دولي خاص على مستوى وزاري في 26 فبراير الحالي بجنيف «من أجل التعامل مع تداعيات استعمال الولايات المتحدة الأموال كجزء من السلاح السياسي ضد منظمات إنسانية كـ(الأونروا)، لمحاولة تطويع إرادة الشعب الفلسطيني وقيادته وتطويع دول أخرى نزولاً عند رغبات الإدارة الأميركية. وهذا أمر مرفوض من الجميع».



الحوثيون يواجهون مخاوفهم من مصير الأسد بالقمع والتحشيد

طلاب في جامعة البيضاء أجبرتهم الجماعة الحوثية على المشاركة في فعاليات تعبوية (إعلام حوثي)
طلاب في جامعة البيضاء أجبرتهم الجماعة الحوثية على المشاركة في فعاليات تعبوية (إعلام حوثي)
TT

الحوثيون يواجهون مخاوفهم من مصير الأسد بالقمع والتحشيد

طلاب في جامعة البيضاء أجبرتهم الجماعة الحوثية على المشاركة في فعاليات تعبوية (إعلام حوثي)
طلاب في جامعة البيضاء أجبرتهم الجماعة الحوثية على المشاركة في فعاليات تعبوية (إعلام حوثي)

ضمن مخاوف الجماعة الحوثية من ارتدادات تطورات الأوضاع في سوريا على قوتها وتراجع نفوذ محور إيران في منطقة الشرق الأوسط؛ صعّدت الجماعة من ممارساتها بغرض تطييف المجتمع واستقطاب أتباع جدد ومنع اليمنيين من الاحتفال بسقوط نظام بشار الأسد.

واستهدفت الجماعة، حديثاً، موظفي مؤسسات عمومية وأخرى خاصة وأولياء أمور الطلاب بالأنشطة والفعاليات ضمن حملات التعبئة التي تنفذها لاستقطاب أتباع جدد، واختبار ولاء منتسبي مختلف القطاعات الخاضعة لها، كما أجبرت أعياناً قبليين على الالتزام برفد جبهاتها بالمقاتلين، ولجأت إلى تصعيد عسكري في محافظة تعز.

وكانت قوات الحكومة اليمنية أكدت، الخميس، إحباطها ثلاث محاولات تسلل لمقاتلي الجماعة الحوثية في جبهات محافظة تعز (جنوب غربي)، قتل خلالها اثنان من مسلحي الجماعة، وتزامنت مع قصف مواقع للجيش ومناطق سكنية بالطيران المسير، ورد الجيش على تلك الهجمات باستهداف مواقع مدفعية الجماعة في مختلف الجبهات، وفق ما نقله الإعلام الرسمي.

الجيش اليمني في تعز يتصدى لأعمال تصعيد حوثية متكررة خلال الأسابيع الماضية (الجيش اليمني)

وخلال الأيام الماضية اختطفت الجماعة الحوثية في عدد من المحافظات الخاضعة لسيطرتها ناشطين وشباناً على خلفية احتفالهم بسقوط نظام الأسد في سوريا، وبلغ عدد المختطفين في صنعاء 17 شخصاً، قالت شبكة حقوقية يمنية إنهم اقتيدوا إلى سجون سرية، في حين تم اختطاف آخرين في محافظتي إب وتعز للأسباب نفسها.

وأدانت الشبكة اليمنية للحقوق والحريات حملة الاختطافات التي رصدتها في العاصمة المختطفة صنعاء، مشيرة إلى أنها تعكس قلق الجماعة الحوثية من انعكاسات الوضع في سوريا على سيطرتها في صنعاء، وخوفها من اندلاع انتفاضة شعبية مماثلة تنهي وجودها، ما اضطرها إلى تكثيف انتشار عناصرها الأمنية والعسكرية في شوارع وأحياء المدينة خلال الأيام الماضية.

وطالبت الشبكة في بيان لها المجتمع الدولي والأمم المتحدة والمنظمات الحقوقية بإدانة هذه الممارسات بشكل واضح، بوصفها خطوة أساسية نحو محاسبة مرتكبيها، والضغط على الجماعة الحوثية للإفراج عن جميع المختطفين والمخفيين قسراً في معتقلاتها، والتحرك الفوري لتصنيفها منظمة إرهابية بسبب تهديدها للأمن والسلم الإقليميين والدوليين.

تطييف القطاع الطبي

في محافظة تعز، كشفت مصادر محلية لـ«الشرق الأوسط» عن أن الجماعة الحوثية اختطفت عدداً من الشبان في منطقة الحوبان على خلفية إبداء آرائهم بسقوط نظام الأسد، ولم يعرف عدد من جرى اختطافهم.

تكدس في نقطة تفتيش حوثية في تعز حيث اختطفت الجماعة ناشطين بتهمة الاحتفال بسقوط الأسد (إكس)

وأوقفت الجماعة، بحسب المصادر، عدداً كبيراً من الشبان والناشطين القادمين من مناطق سيطرة الحكومة اليمنية، وأخضعتهم للاستجواب وتفتيش متعلقاتهم الشخصية وجوالاتهم بحثاً عمّا يدل على احتفالهم بتطورات الأحداث في سوريا، أو ربط ما يجري هناك بالوضع في اليمن.

وشهدت محافظة إب (193 كيلومتراً جنوب صنعاء) اختطاف عدد من السكان للأسباب نفسها في عدد من المديريات، مترافقاً مع إجراءات أمنية مشددة في مركز المحافظة ومدنها الأخرى، وتكثيف أعمال التحري في الطرقات ونقاط التفتيش.

إلى ذلك، أجبرت الجماعة عاملين في القطاع الطبي، بشقيه العام والخاص، على حضور فعاليات تعبوية تتضمن محاضرات واستماع لخطابات زعيمها عبد الملك الحوثي، وشروحات لملازم المؤسس حسين الحوثي، وأتبعت ذلك بإجبارهم على المشاركة في تدريبات عسكرية على استخدام مختلف الأسلحة الخفيفة والمتوسطة والقنابل اليدوية وزراعة الألغام والتعامل مع المتفجرات.

وذكرت مصادر طبية في صنعاء أن هذه الإجراءات استهدفت العاملين في المستشفيات الخاصعة لسيطرة الجماعة بشكل مباشر، سواء العمومية منها، أو المستشفيات الخاصة التي استولت عليها الجماعة بواسطة ما يعرف بالحارس القضائي المكلف بالاستحواذ على أموال وممتلكات معارضيها ومناهضي نفوذها من الأحزاب والأفراد.

زيارات إجبارية للموظفين العموميين إلى معارض صور قتلى الجماعة الحوثية ومقابرهم (إعلام حوثي)

وتتزامن هذه الأنشطة مع أنشطة أخرى شبيهة تستهدف منتسبي الجامعات الخاصة من المدرسين والأكاديميين والموظفين، يضاف إليها إجبارهم على زيارة مقابر قتلى الجماعة في الحرب، وأضرحة عدد من قادتها، بما فيها ضريح حسين الحوثي في محافظة صعدة (233 كيلومتراً شمال صنعاء)، وفق ما كانت أوردته «الشرق الأوسط» في وقت سابق.

وكانت الجماعة أخضعت أكثر من 250 من العاملين في الهيئة العليا للأدوية خلال سبتمبر (أيلول) الماضي، وأخضعت قبلهم مدرسي وأكاديميي جامعة صنعاء (أغلبهم تجاوزوا الستين من العمر) في مايو (أيار) الماضي، لتدريبات عسكرية مكثفة، ضمن ما تعلن الجماعة أنه استعداد لمواجهة الغرب وإسرائيل.

استهداف أولياء الأمور

في ضوء المخاوف الحوثية، ألزمت الجماعة المدعومة من إيران أعياناً قبليين في محافظة الضالع (243 كيلومتراً جنوب صنعاء) بتوقيع اتفاقية لجمع الأموال وحشد المقاتلين إلى الجبهات.

موظفون في القطاع الطبي يخضعون لدورات قتالية إجبارية في صنعاء (إعلام حوثي)

وبينما أعلنت الجماعة ما وصفته بالنفير العام في المناطق الخاضعة لسيطرتها من المحافظة، برعاية أسماء «السلطة المحلية» و«جهاز التعبئة العامة» و«مكتب هيئة شؤون القبائل» التابعة لها، أبدت أوساط اجتماعية استياءها من إجبار الأعيان والمشايخ في تلك المناطق على التوقيع على وثيقة لإلزام السكان بدفع إتاوات مالية لصالح المجهود الحربي وتجنيد أبنائهم للقتال خلال الأشهر المقبلة.

في السياق نفسه، أقدمت الجماعة الانقلابية على خصم 10 درجات من طلاب المرحلة الأساسية في عدد من مدارس صنعاء، بحة عدم حضور أولياء الأمور محاضرات زعيمها المسجلة داخل المدارس.

ونقلت المصادر عن عدد من الطلاب وأولياء أمورهم أن المشرفين الحوثيين على تلك المدارس هددوا الطلاب بعواقب مضاعفة في حال استمرار تغيب آبائهم عن حضور تلك المحاضرات، ومن ذلك طردهم من المدارس أو إسقاطهم في عدد من المواد الدراسية.

وأوضح مصدر تربوي في صنعاء لـ«الشرق الأوسط» أن تعميماً صدر من قيادات عليا في الجماعة إلى القادة الحوثيين المشرفين على قطاع التربية والتعليم باتباع جميع الوسائل للتعبئة العامة في أوساط أولياء الأمور.

مقاتلون حوثيون جدد جرى تدريبهم وإعدادهم أخيراً بمزاعم مناصرة قطاع غزة (إعلام حوثي)

ونبه المصدر إلى أن طلب أولياء الأمور للحضور إلى المدارس بشكل أسبوعي للاستماع إلى محاضرات مسجلة لزعيم الجماعة هو أول إجراء لتنفيذ هذه التعبئة، متوقعاً إجراءات أخرى قد تصل إلى إلزامهم بحضور فعاليات تعبوية أخرى تستمر لأيام، وزيارة المقابر والأضرحة والمشاركة في تدريبات قتالية.

وبحسب المصدر؛ فإن الجماعة لا تقبل أي أعذار لتغيب أولياء الأمور، كالسفر أو الانشغال بالعمل، بل إنها تأمر كل طالب يتحجج بعدم قدرة والده على حضور المحاضرات بإقناع أي فرد آخر في العائلة بالحضور نيابة عن ولي الأمر المتغيب.