فرنسا تحذر تركيا من «احتلال» أراضٍ سورية

فرنسا تحذر تركيا من «احتلال» أراضٍ سورية
TT

فرنسا تحذر تركيا من «احتلال» أراضٍ سورية

فرنسا تحذر تركيا من «احتلال» أراضٍ سورية

سبقت باريس شركاءها الغربيين إزاء الحملة العسكرية التركية في عفرين. وبحسب مصادر رسمية فرنسية، فإن استمرار العملية التركية وتهديد الرئيس رجب طيب إردوغان باستهداف منبج وصولا إلى الحدود العراقية: «ضاعف» المخاوف الفرنسية، ودفع باريس لـ«التشكيك» بالأهداف الحقيقية التي تسعى أنقرة لتحقيقها.
ونقلت صحيفة «لو فيغاور» عن الرئيس إيمانويل ماكرون تحذيره من أن تكون تركيا تضمر غير ما تعلن، إذ اعتبر أنه «إذا اتضح أن هذه العملية تتخذ منحى غير محاربة خطر الإرهاب المحتمل على الحدود التركية وتتحول إلى عملية غزو، فسيمثل هذا مشكلة حقيقية بالنسبة لنا». وذكر ماكرون أنه منذ بداية العملية، دعا إلى «الحذر وضبط النفس ونبه إلى القلق» الذي ينتاب فرنسا. وكشف أنه سيتواصل مجددا مع إردوغان، وحض أنقرة على التشاور مع الأوروبيين والحلفاء بشكل عام.
وكانت باريس السباقة في دعوة مجلس الأمن للانعقاد للنظر في هذه المسألة، كما أن وزيرة الدفاع فلورنس بارلي طالبت بوقف الهجوم التركي، بينما كانت الأطراف الغربية الأخرى تطالب بالتزام «ضبط النفس» والتعبير عن «القلق» إزاء الضحايا المدنيين.
وكان وزير الخارجية التركي جاويش أوغلو، قد حضر بداية الأسبوع الماضي الاجتماع الذي دعت إليه باريس وواشنطن حول استخدام السلاح الكيماوي، وخصوصا في سوريا؛ لكنه لم يُدع إلى الاجتماع الخماسي الذي خصص لمستقبل الوضع السياسي لسوريا. وكشفت مصادر واسعة الاطلاع في باريس أن لقاء تيلرسون وجاويش أوغلو في باريس كان «عاصفا» بسبب الاتهامات التركية لواشنطن بأنها تدعم «الإرهابيين»، أي «وحدات الشعب الكردي» والحزب الديمقراطي الكردستاني السوري، وبسبب التحفظات الأميركية على العملية التركية التي تستهدف «حلفاء» واشنطن كما حلفاء باريس.
ما قاله الرئيس ماكرون سبقه إليه بساعات قليلة وزير خارجيته جان إيف لودريان. ففي جلسة استجواب في البرلمان الفرنسي أول من أمس، قرع لودريان ناقوس الخطر، وكرر موقف باريس التقليدي من أنها «تتفهم» عزم تركيا على تأمين حدودها، ومحاربة المجموعات الإرهابية الموجودة فيها؛ لكنه من جهة أخرى نبه إلى أنه «إذا كانت تركيا تقوم بعمليات (عسكرية) لغرض احتلال أراضٍ أو للغزو، فإنها عند ذلك ستكون مدانة تماما». وأردف لودريان بأن هاتين النقطتين شرحتا تماما للجانب التركي، وأن ماكرون أفهمهما لنظيره إردوغان.
وكانت أنقرة قد انتقدت المواقف الفرنسية، وذهبت إلى اعتبار أنه يتعين على الأوروبيين والأطلسيين أن «يقفوا إلى جانب» تركيا، واتهام من لا يفعل بأنه «يدعم الإرهابيين»، فيما قالت باريس إنها لا تعتبر «وحدات حماية الشعب» ولا الحزب الديمقراطي الكردستاني تنظيما إرهابيا، وأنها سمحت بأن يكون لأكراد سوريا مكتب تمثيلي في العاصمة الفرنسية.
وتبين هذه المعطيات أن «الملفات الخلافية» بين الجانبين كثيرة؛ إلا أن «المصالح المشتركة» وحاجة باريس لمساعدة أنقرة في ملف المهاجرين غير الشرعيين، وخصوصا في ملف «الجهاديين الفرنسيين» أو الذين كانوا يقيمون على الأراضي الفرنسية، تجعل الجانب الفرنسي «يكبح» اندفاعاته، علما بأن ماكرون وإردوغان «اتفقا على التنسيق» بينهما في الملف السوري، وقررا معا عقد اجتماع لوزراء خارجية الدول الداعمة للمعارضة في تركيا الشهر الجاري؛ لكن التطورات الميدانية من جهة و«البرودة» الدبلوماسية بينهما يرجح لها أن تقضي على مشروع كهذا، بعد أن افترق الطرفان بشأن «مؤتمر الحوار الوطني السوري» في سوتشي، الذي دعمته تركيا ونددت به باريس ورفضت حضوره، كما حثت المعارضة ممثلة بـ«هيئة التفاوض العليا» على مقاطعته.
ثم إن للعملية التركية تبعات إنسانية، وهو ما شدد عليه الوزير الفرنسي الذي قال إن بلاده «لا يمكن أن توافق على أن تتم (العمليات العسكرية) على حساب المدنيين، وأن يكون هؤلاء في غالبيتهم وهم بمئات الآلاف من المهجرين والنازحين». وكان أحد النواب الشيوعيين واسمه جان بول لوكوك، قد اتهم لودريان بـ«التغطية على جرائم حرب» وعمليان «تطهير عرقي» ترتكبها تركيا في عفرين ضد الأكراد.
وقال ماكرون إنه لا يمكن لتركيا أن تدعي الحفاظ على أمنها إذا «لم تحترم السيادة السورية»، واقترح العمل على «حل شامل وجامع» في سوريا «ليس على طريقة سوتشي» تسعى إليه مجموعة دول، ذكر منها الولايات المتحدة والسعودية والأردن ومصر وروسيا وتركيا؛ لكنه لم يأت على ذكر إيران. وبنظره، فإن هذه الأطراف إذا عملت معا فيمكن أن تضغط على النظام والمعارضة للتفاوض والتوصل إلى حل.



تقارير حقوقية توثّق انتهاكات الحوثيين في 3 محافظات يمنية

تجمع لمسلحين حوثيين في صنعاء (إ.ب.أ)
تجمع لمسلحين حوثيين في صنعاء (إ.ب.أ)
TT

تقارير حقوقية توثّق انتهاكات الحوثيين في 3 محافظات يمنية

تجمع لمسلحين حوثيين في صنعاء (إ.ب.أ)
تجمع لمسلحين حوثيين في صنعاء (إ.ب.أ)

سلطت أحدث التقارير الحقوقية في اليمن الضوءَ على آلاف الانتهاكات التي ارتكبتها الجماعة الحوثية ضد المدنيين في 3 محافظات، هي العاصمة المختطفة صنعاء، والجوف، والحديدة، بما شملته تلك الانتهاكات من أعمال القمع والقتل والخطف والتجنيد والإخضاع القسري للتعبئة.

وفي هذا السياق، رصد مكتب حقوق الإنسان في صنعاء (حكومي) ارتكاب جماعة الحوثيين نحو 2500 انتهاك ضد المدنيين في صنعاء، خلال عامين.

بقايا منازل فجرها الحوثيون في اليمن انتقاماً من ملاكها (إكس)

وتنوّعت الانتهاكات التي طالت المدنيين في صنعاء بين القتل والاعتداء الجسدي والاختطافات والإخفاء القسري والتعذيب ونهب الممتلكات العامة والخاصة وتجنيد الأطفال والانتهاكات ضد المرأة والتهجير القسري وممارسات التطييف والتعسف الوظيفي والاعتداء على المؤسسات القضائية وانتهاك الحريات العامة والخاصة ونهب الرواتب والتضييق على الناس في سُبل العيش.

وناشد التقرير كل الهيئات والمنظمات الفاعلة المعنية بحقوق الإنسان باتخاذ مواقف حازمة، والضغط على الجماعة الحوثية لإيقاف انتهاكاتها ضد اليمنيين في صنعاء وكل المناطق تحت سيطرتها، والإفراج الفوري عن المخفيين قسراً.

11500 انتهاك

على صعيد الانتهاكات الحوثية المتكررة ضد السكان في محافظة الجوف اليمنية، وثق مكتب حقوق الإنسان في المحافظة (حكومي) ارتكاب الجماعة 11500 حالة انتهاك سُجلت خلال عام ضد سكان المحافظة، شمل بعضها 16 حالة قتل، و12 إصابة.

ورصد التقرير 7 حالات نهب حوثي لممتلكات خاصة وتجارية، و17 حالة اعتقال، و20 حالة اعتداء على أراضٍ ومنازل، و80 حالة تجنيد للقاصرين، أعمار بعضهم أقل من 15 عاماً.

عناصر حوثيون يستقلون سيارة عسكرية في صنعاء (أ.ف.ب)

وتطرق المكتب الحقوقي إلى وجود انتهاكات حوثية أخرى، تشمل حرمان الطلبة من التعليم، وتعطيل المراكز الصحية وحرمان الموظفين من حقوقهم وسرقة المساعدات الإغاثية والتلاعب بالاحتياجات الأساسية للمواطنين، وحالات تهجير ونزوح قسري، إلى جانب ارتكاب الجماعة اعتداءات متكررة ضد المناوئين لها، وأبناء القبائل بمناطق عدة في الجوف.

ودعا التقرير جميع الهيئات والمنظمات المحلية والدولية المعنية بحقوق الإنسان إلى إدانة هذه الممارسات بحق المدنيين.

وطالب المكتب الحقوقي في تقريره بضرورة تحمُّل تلك الجهات مسؤولياتها في مناصرة مثل هذه القضايا لدى المحافل الدولية، مثل مجلس حقوق الإنسان العالمي، وهيئات حقوق الإنسان المختلفة، وحشد الجهود الكفيلة باتخاذ موقف حاسم تجاه جماعة الحوثي التي تواصل انتهاكاتها بمختلف المناطق الخاضعة لسيطرتها.

انتهاكات في الحديدة

ولم يكن المدنيون في مديرية الدريهمي بمحافظة الحديدة الساحلية بمنأى عن الاستهداف الحوثي، فقد كشف مكتب حقوق الإنسان التابع للحكومة الشرعية عن تكثيف الجماعة ارتكاب مئات الانتهاكات ضد المدنيين، شمل بعضها التجنيد القسري وزراعة الألغام، والتعبئة الطائفية، والخطف، والتعذيب.

ووثق المكتب الحقوقي 609 حالات تجنيد لمراهقين دون سن 18 عاماً في الدريهمي خلال عام، مضافاً إليها عملية تجنيد آخرين من مختلف الأعمار، قبل أن تقوم الجماعة بإخضاعهم على دفعات لدورات عسكرية وتعبئة طائفية، بغية زرع أفكار تخدم أجنداتها، مستغلة بذلك ظروفهم المادية والمعيشية المتدهورة.

الجماعة الحوثية تتعمد إرهاب السكان لإخضاعهم بالقوة (إ.ب.أ)

وأشار المكتب الحكومي إلى قيام الجماعة بزراعة ألغام فردية وبحرية وعبوات خداعية على امتداد الشريط الساحلي بالمديرية، وفي مزارع المواطنين، ومراعي الأغنام، وحتى داخل البحر. لافتاً إلى تسبب الألغام العشوائية في إنهاء حياة كثير من المدنيين وممتلكاتهم، مع تداعيات طويلة الأمد ستظل تؤثر على اليمن لعقود.

وكشف التقرير عن خطف الجماعة الحوثية عدداً من السكان، وانتزاعها اعترافات منهم تحت التعذيب، بهدف نشر الخوف والرعب في أوساطهم.

ودعا مكتب حقوق الإنسان في مديرية الدريهمي المجتمع الدولي إلى التدخل العاجل لإيقاف الانتهاكات التي أنهكت المديرية وسكانها، مؤكداً استمراره في متابعة وتوثيق جميع الجرائم التي تواصل ارتكابها الجماعة.