غموض يلف مصير مؤتمر الطاقة الاغترابية اللبنانية في أفريقيا

«الخارجية» ماضية في استعداداتها... ومخاوف من إضراب الطيران

TT

غموض يلف مصير مؤتمر الطاقة الاغترابية اللبنانية في أفريقيا

قبل ساعات من موعد انعقاد مؤتمر الطاقة الاغترابية الذي تنظمه وزارة الخارجية والمغتربين اللبنانية في ساحل العاج في القارة الأفريقية، بدا الغموض سيد الموقف في ظل ورود معلومات عن إمكانية صدور قرار في اللحظات الأخيرة، بتأجيل المؤتمر الذي يقاطعه عدد كبير من أبناء الجالية اللبنانية نتيجة الصراع السياسي المحتدم بين وزير الخارجية جبران باسيل ورئيس المجلس النيابي نبيه بري. وكان رئيس الجالية اللبنانية في أبيدجان نجيب زهر كما فعاليات المدينة وغرفة التجارة والصناعة الشريكة في تنظيم المؤتمر أعلنوا مقاطعتهم إياه نهاية الأسبوع الماضي على خلفية الخلاف بين «التيار الوطني الحر» والرئيس بري على «مرسوم الأقدمية» المرتبط بضباط دورة العام 1994. وجاء تسريب فيديو الوزير باسيل الذي يصف فيه بري بـ«البلطجي» ليزيد نقمة مناصري «أمل» في أفريقيا، علما بأنه وبحسب الإحصاءات فإن أكثر من 70 في المائة من أبناء الجالية اللبنانية في «القارة السوداء» هم من الشيعة ومعظمهم يؤيد الثنائي الشيعي المتمثل بـ«حزب الله» وحركة «أمل».
ورغم كل التحديات المحيطة بالمؤتمر، يصر الوزير باسيل حتى الساعة على عقده على أن تنطلق أعماله يوم الجمعة وتستمر يومين. إذ أكدت مصادر في وزارة الخارجية لـ«الشرق الأوسط» أنها ماضية بالاستعداد للمؤتمر، رافضة إعطاء أي تفاصيل بخصوص احتمال تأجيله في الربع ساعة الأخيرة. وكما الوزارة في لبنان، فإن السفارة اللبنانية في ساحل العاج تضع اللمسات الأخيرة لانطلاق المؤتمر، بحسب القائم بالأعمال اللبناني السفير خليل محمد الذي قال لـ«الشرق الأوسط»: «حتى اللحظة نحن ماضون بالاستعداد والتنظيم والإشراف على وضع اللمسات الأخيرة، حتى إشعار آخر». وأضاف: «نحن لا نخفي سرا إذا قلنا أن هناك جوا من المقاطعة في صفوف أبناء الجالية خاصة بعد بيانات صدرت في هذا المجال عن رئيس الجالية وفاعلياتها وانسحاب غرفة التجارة والصناعة والتي كانت شريكة بالتحضير للمؤتمر».
وأكّد محمد، أنّه كرئيس للبعثة اللبنانية في ساحل العاج، فهو يلتزم بتعليمات وزارة الخارجية اللبنانية: «وبالتالي نمضي قدما باستعداداتنا»، معتبرا أن «القرار المناسب يتخذه الوزير باسيل ونحن نسير على أساسه». وعمّا إذا كان مناصرو بري يعدون لاعتصامات بالتزامن مع انعقاد المؤتمر، قال محمد: «قام عدد من الشبان قبل أيام بإعلان ذلك صراحة وأبلغونا من خلال وفد زار السفارة بأنّهم بصدد القيام بتحركات ضد الزيارة».
ويبدو جليا أن كل أبناء الطائفة الشيعية في الجالية اللبنانية في أفريقيا سيقاطعون المؤتمر، ولن تقتصر المقاطعة على حركة «أمل» بل ستشمل مناصري «حزب الله»، كما أكدت مصادر في قوى 8 آذار. وأضافت المصادر لـ«الشرق الأوسط»: «لم يصدر قرار أو تعميم في هذا المجال لكن هناك توجه واضح وصريح للمقاطعة».
من جهتها، كشفت مصادر متابعة للملف مقربة من رئيس المجلس النيابي نبيه بري، أن وزير الخارجية جبران باسيل «طلب من السلطات العاجية تأمين حمايته، وقد أبلغت السلطات الأفريقية بدورها البعثة اللبنانية أنها اطّلعت على تقارير عن الوضع في لبنان، وأنها تخشى من انعكاسه على وضع الجالية إذا ما كان هناك إصرار على عقد المؤتمر». وقالت المصادر لـ«الشرق الأوسط»: «كما تم إبلاغ البعثة اللبنانية أن مشاركة المسؤولين الأفريقيين في المؤتمر ستكون خجولة إذا بقيت الأحوال على ما هي عليه». ونفت المصادر أن تكون حركة «أمل» قد أصدرت تعميما أو قرارا بإفشال الزيارة ومقاطعتها، مؤكدة أن «ما يحصل ردة فعل طبيعية من قبل أبناء الجالية، تماما كما هي التحركات في الشارع في الداخل اللبناني».
واستغرب مصدر في الجالية اللبنانية في ساحل العاج طلب الوزير باسيل الحماية من السلطات الأفريقية، وتساءل عبر «الشرق الأوسط»: «أليست زيارة الوزير مخصصة للقاء جاليته؟ وإذا كان يعلم أنه غير مرحب فيه فلماذا الإصرار على المجيء؟»
وفي تطور لافت، نفذ يوم أمس وفد من «اتحاد النقل الجوي» في لبنان وقفة تضامنية مع الرئيس بري أمام مبنى الجمارك قرب مطار «رفيق الحريري الدولي»، ثم اعتصم أمام قاعة الوصول. وتوعد متحدث باسم الوفد «إذا تطورت الأمور»، بـ«اتخاذ موقف حازم وحاسم بإعلان العصيان بالمطار حتى رحيل الوزير السفيه الساعي للفتنة وزعزعة استقرار النسيج الوطني اللبناني». ورجح مقربون من باسيل أن تحرك اتحاد النقل الجوي «يهدف إلى عرقلة انتقال عدد كبير من رجال الأعمال اللبنانيين كان مقررا يوم أمس من بيروت إلى أبيدجان».



ضربات في صعدة... والحوثيون يطلقون صاروخاً اعترضته إسرائيل

عناصر حوثيون يحملون صاروخاً وهمياً خلال مظاهرة في صنعاء ضد الولايات المتحدة وإسرائيل (أ.ب)
عناصر حوثيون يحملون صاروخاً وهمياً خلال مظاهرة في صنعاء ضد الولايات المتحدة وإسرائيل (أ.ب)
TT

ضربات في صعدة... والحوثيون يطلقون صاروخاً اعترضته إسرائيل

عناصر حوثيون يحملون صاروخاً وهمياً خلال مظاهرة في صنعاء ضد الولايات المتحدة وإسرائيل (أ.ب)
عناصر حوثيون يحملون صاروخاً وهمياً خلال مظاهرة في صنعاء ضد الولايات المتحدة وإسرائيل (أ.ب)

تبنّت الجماعة الحوثية إطلاق صاروخ باليستي فرط صوتي، زعمت أنها استهدفت به محطة كهرباء إسرائيلية، الأحد، وذلك بعد ساعات من اعترافها بتلقي ثلاث غارات وصفتها بالأميركية والبريطانية على موقع شرق مدينة صعدة؛ حيث معقلها الرئيسي شمال اليمن.

وفي حين أعلن الجيش الإسرائيلي اعتراض الصاروخ الحوثي، يُعد الهجوم هو الثاني في السنة الجديدة، حيث تُواصل الجماعة، المدعومة من إيران، عملياتها التصعيدية منذ نحو 14 شهراً تحت مزاعم نصرة الفلسطينيين في غزة.

وادعى يحيى سريع، المتحدث العسكري باسم الجماعة الحوثية، في بيان مُتَلفز، أن جماعته استهدفت بصاروخ فرط صوتي من نوع «فلسطين 2» محطة كهرباء «أوروت رابين» جنوب تل أبيب، مع زعمه أن العملية حققت هدفها.

من جهته، أعلن الجيش الإسرائيلي، في بيان، أنه «بعد انطلاق صفارات الإنذار في تلمي اليعازر، جرى اعتراض صاروخ أُطلق من اليمن قبل عبوره إلى المناطق الإسرائيلية».

ويوم الجمعة الماضي، كان الجيش الإسرائيلي قد أفاد، في بيان، بأنه اعترض صاروخاً حوثياً وطائرة مُسيّرة أطلقتها الجماعة دون تسجيل أي أضرار، باستثناء ما أعلنت خدمة الإسعاف الإسرائيلية من تقديم المساعدة لبعض الأشخاص الذين أصيبوا بشكل طفيف خلال هروعهم نحو الملاجئ المحصَّنة.

وجاءت عملية تبنِّي إطلاق الصاروخ وإعلان اعتراضه، عقب اعتراف الجماعة الحوثية باستقبال ثلاث غارات وصفتها بـ«الأميركية البريطانية»، قالت إنها استهدفت موقعاً شرق مدينة صعدة، دون إيراد أي تفاصيل بخصوص نوعية المكان المستهدَف أو الأضرار الناجمة عن الضربات.

مقاتلة أميركية على متن حاملة طائرات في البحر الأحمر (أ.ب)

وإذ لم يُعلق الجيش الأميركي على الفور، بخصوص هذه الضربات، التي تُعد الأولى في السنة الجديدة، كان قد ختتم السنة المنصرمة في 31 ديسمبر (كانون الأول) الماضي، باستهداف منشآت عسكرية خاضعة للحوثيين في صنعاء بـ12 ضربة.

وذكرت وسائل الإعلام الحوثية حينها أن الضربات استهدفت «مجمع العرضي»؛ حيث مباني وزارة الدفاع اليمنية الخاضعة للجماعة في صنعاء، و«مجمع 22 مايو» العسكري؛ والمعروف شعبياً بـ«معسكر الصيانة».

106 قتلى

مع ادعاء الجماعة الحوثية أنها تشن هجماتها ضد السفن في البحر الأحمر وخليج عدن وباتجاه إسرائيل، ابتداء من 19 نوفمبر (تشرين الثاني) 2023، في سياق مناصرتها للفلسطينيين في غزة، كان زعيمها عبد الملك الحوثي قد اعترف، في آخِر خُطبه الأسبوعية، الخميس الماضي، باستقبال 931 غارة جوية وقصفاً بحرياً، خلال عام من التدخل الأميركي، وأن ذلك أدى إلى مقتل 106 أشخاص، وإصابة 314 آخرين.

وكانت الولايات المتحدة قد أنشأت، في ديسمبر 2023، تحالفاً سمّته «حارس الازدهار»؛ ردّاً على هجمات الحوثيين ضد السفن في البحر الأحمر وخليج عدن، قبل أن تشنّ ضرباتها الجوية ابتداء من 12 يناير (كانون الثاني) 2024، بمشاركة بريطانيا في بعض المرات؛ أملاً في إضعاف قدرات الجماعة الهجومية.

دخان يتصاعد من موقع عسكري في صنعاء خاضع للحوثيين على أثر ضربة أميركية (أ.ف.ب)

واستهدفت الضربات مواقع في صنعاء وصعدة وإب وتعز وذمار، في حين استأثرت الحديدة الساحلية بأغلبية الضربات، كما لجأت واشنطن إلى استخدام القاذفات الشبحية، لأول مرة، لاستهداف المواقع الحوثية المحصَّنة، غير أن كل ذلك لم يمنع تصاعد عمليات الجماعة التي تبنّت مهاجمة أكثر من 211 سفينة منذ نوفمبر 2023.

وأدّت هجمات الحوثيين إلى إصابة عشرات السفن بأضرار، وغرق سفينتين، وقرصنة ثالثة، ومقتل 3 بحارة، فضلاً عن تقديرات بتراجع مرور السفن التجارية عبر باب المندب، بنسبة أعلى من 50 في المائة.

4 ضربات إسرائيلية

رداً على تصعيد الحوثيين، الذين شنوا مئات الهجمات بالصواريخ والطائرات المُسيرة باتجاه إسرائيل، ردّت الأخيرة بأربع موجات من الضربات الانتقامية حتى الآن، وهدد قادتها السياسيون والعسكريون الجماعة الحوثية بمصير مُشابه لحركة «حماس» و«حزب الله» اللبناني، مع الوعيد باستهداف البنية التحتية في مناطق سيطرة الجماعة.

ومع توقع أن تُواصل الجماعة الحوثية هجماتها، لا يستبعد المراقبون أن تُوسِّع إسرائيل ردها الانتقامي، على الرغم من أن الهجمات ضدها لم يكن لها أي تأثير هجومي ملموس، باستثناء مُسيَّرة قتلت شخصاً بعد انفجارها بشقة في تل أبيب يوم 19 يوليو (تموز) الماضي.

كذلك تضررت مدرسة إسرائيلية بشكل كبير، جراء انفجار رأس صاروخ، في 19 ديسمبر الماضي، وإصابة نحو 23 شخصاً جراء صاروخ آخر انفجر في 21 من الشهر نفسه.

زجاج متناثر في مطار صنعاء الدولي بعد الغارات الجوية الإسرائيلية (أ.ب)

واستدعت هذه الهجمات الحوثية من إسرائيل الرد، في 20 يوليو الماضي، مستهدفة مستودعات للوقود في ميناء الحديدة، ما أدى إلى مقتل 6 أشخاص، وإصابة نحو 80 آخرين.

وفي 29 سبتمبر (أيلول) الماضي، قصفت إسرائيل مستودعات للوقود في كل من الحديدة وميناء رأس عيسى، كما استهدفت محطتيْ توليد كهرباء في الحديدة، إضافة إلى مطار المدينة الخارج عن الخدمة منذ سنوات، وأسفرت هذه الغارات عن مقتل 4 أشخاص، وإصابة نحو 30 شخصاً.

وتكررت الضربات، في 19 ديسمبر الماضي؛ إذ شنّ الطيران الإسرائيلي نحو 14 غارة على مواني الحديدة الثلاثة، الخاضعة للحوثيين غرب اليمن، وعلى محطتين لتوليد الكهرباء في صنعاء؛ ما أدى إلى مقتل 9 أشخاص، وإصابة 3 آخرين.

وفي المرة الرابعة من الضربات الانتقامية في 26 ديسمبر الماضي، استهدفت تل أبيب، لأول مرة، مطار صنعاء، وضربت في المدينة محطة كهرباء للمرة الثانية، كما استهدفت محطة كهرباء في الحديدة وميناء رأس عيسى النفطي، وهي الضربات التي أدت إلى مقتل 6 أشخاص، وإصابة أكثر من 40، وفق ما اعترفت به السلطات الصحية الخاضعة للجماعة.