ترمب يدعو إلى الوحدة الوطنية وتعزيز القدرات الدفاعية والأمنية

بكين انتقدت «عقلية الحرب الباردة» في خطاب حالة الاتحاد

ترمب لدى إلقائه خطاب حالة الاتحاد أول من أمس ويبدو نائبه مايك بنس وبول راين زعيم الأغلبية الجمهورية في مجلس النواب (أ.ف.ب)
ترمب لدى إلقائه خطاب حالة الاتحاد أول من أمس ويبدو نائبه مايك بنس وبول راين زعيم الأغلبية الجمهورية في مجلس النواب (أ.ف.ب)
TT

ترمب يدعو إلى الوحدة الوطنية وتعزيز القدرات الدفاعية والأمنية

ترمب لدى إلقائه خطاب حالة الاتحاد أول من أمس ويبدو نائبه مايك بنس وبول راين زعيم الأغلبية الجمهورية في مجلس النواب (أ.ف.ب)
ترمب لدى إلقائه خطاب حالة الاتحاد أول من أمس ويبدو نائبه مايك بنس وبول راين زعيم الأغلبية الجمهورية في مجلس النواب (أ.ف.ب)

ألقى الرئيس الأميركي دونالد ترمب، مساء أول من أمس، خطاباً دعا فيه الحزبين الجمهوري والديمقراطي إلى «وضع خلافاتهم جانباً؛ بحثاً عن أرضية للتفاهم». وشدّد ترمب الذي يحاول الحصول على دعم من الحزبين لزيادة حصيلة عمله التشريعي، في خطابه الأول عن حالة الاتحاد بـ«الوحدة التي نحتاج إليها للتوصل إلى نتائج».
وركز الرئيس الأميركي على التحديات الأمنية الأبرز التي تواجه إدارته، وفي مقدمتها كوريا الشمالية، كما استعرض نتائج عامه الأول الاقتصادية، وانتقد أنظمة الهجرة الحالية.
في هذا الإطار، حذر الرئيس الأميركي من إبداء أي ضعف إزاء خصوم واشنطن ومن أسماها «الأنظمة المارقة»، وعلى رأسها كوريا الشمالية التي قال: إنها قد تتمكن «قريباً جداً» من تهديد الأراضي الأميركية بصواريخها الباليستية النووية. وقال: «نواجه حول العالم أنظمة مارقة ومجموعات إرهابية، وخصوماً مثل الصين وروسيا تهدد مصالحنا واقتصادنا وقيمنا».
وطلب من الكونغرس إقرار الميزانية العسكرية المطلوبة «لتحديث وإعادة بناء ترسانتنا النووية (....) ومدها بالقوة والقدرة على ردع أي هجوم»، بعد أن وضع التصدي لطموحات كوريا الشمالية النووية على رأس التحديات التي تواجهها إدارته.

كما أعلن ترمب إبقاءه معتقل غوانتانامو مفتوحاً، وقال: «لقد وقّعت للتو مرسوماً يأمر وزير الدفاع جيم ماتيس بإعادة النظر في سياستنا الخاصة بالسجون العسكرية، والإبقاء على مرافق معتقل غوانتانامو مفتوحة». وتمثل رغبة ترمب في إبقاء هذا المعتقل مفتوحاً انقطاعاً واضحاً مع المحاولات المتكررة والفاشلة التي قام بها سلفه باراك أوباما لإغلاق هذا الموقع المثير للجدل.
من جانبها، انتقدت بكين، أمس، ما وصفته بعقلية الحرب الباردة التي «عفا عليها الزمن» بعد أن عدّ الرئيس الأميركي الصين ضمن البلدان التي تهدد القيم الأميركية في خطابه حول حالة الاتحاد. وفي تصريحها اليومي، قالت المتحدثة باسم الخارجية الصينية هوا تشونيينغ «نأمل أن يتمكن الجانب الأميركي من التخلي عن ذهنية الحرب الباردة التي عفا عليها الزمن للعمل في إطار من الاحترام المتبادل من أجل الهدف المشترك مع الصين لإدارة خلافاتنا بصورة ملائمة والحفاظ على النمو المطرد للعلاقات الصينية - الأميركية».
وكرر المسؤولون الأميركيون خلال الأسابيع الماضية التصريحات التي تصور عالماً تتنافس فيه الولايات المتحدة مع القوى الكبرى مثل الصين وروسيا. ورداً على خطاب ترمب، قال رئيس وزراء الصين لي كه تشيانغ أمس: إن المصالح المشتركة للولايات المتحدة والصين «أكثر أهمية بكثير من خلافاتنا واختلافاتنا». وأضاف بعد لقائه رئيسة وزراء بريطانيا تيريزا ماي: إن إقامة علاقات مستقرة مع الولايات المتحدة هو «كذلك من مصلحة العالم بأسره (...) والصين تأمل أن تعمل الولايات المتحدة معنا، وتواصل النظر إلى هذه العلاقة من منظور إيجابي شامل».
وعن إيران، ذكّر ترمب بموقفه السابق بالقول إن «أميركا تقف إلى جانب الشعب الإيراني في كفاحه الشجاع من أجل الحرية». وقال: «عندما انتفض الإيرانيون ضد جرائم ديكتاتوريتهم الفاسدة، لم أبق صامتاً»، داعياً «الكونغرس إلى حل المشكلات الأساسية للاتفاق النووي الإيراني الكارثي» الذي لا يتوقف عن انتقاده باستمرار.
وتابع متحدثاً عن التحديات إنه «لا يزال هناك عمل كثير» ضد تنظيم داعش في العراق وسوريا، توقف ترمب طويلاً عند الأزمة الكورية الشمالية. كما سلط ترمب الضوء على التهديد الذي تشكله بيونغ يانغ، وقال: إن «ما من نظام قمع شعبه بوحشية مماثلة لوحشية ديكتاتورية كوريا الشمالية»، مشدداً على أن «سعي كوريا الشمالية الخطر لحيازة صواريخ نووية يمكن أن يشكل قريباً جداً تهديداً لأراضينا. نحن نخوض حملة ضغط قصوى لتفادي حصول هذا الأمر». وأضاف: «يكفي لنا أن نرى الطابع الأثيم للنظام الكوري الشمالي، لكي ندرك» طبيعة التهديد. وقال ترمب إن «الضعف هو السبيل الأكيد نحو الحرب»، محذراً من «التهاون والتنازلات»، ومتعهداً عدم تكرار «أخطاء الإدارات السابقة» التي يتهمها باستمرار بغض الطرف وبالسماح لبيونغ يانغ بحث الخطى باتجاه حيازة السلاح الذري.
ولم يسهب ترمب في الحديث عن استراتيجيته بعد الحرب الكلامية الخطرة التي خاضها مع الزعيم الكوري الشمالي كيم جونغ - أون واستخدامه العصا أحياناً والجزرة في أحيان أخرى، عبر تهديد كوريا الشمالية «بدمار شامل» في حال شن هجوم، ومن ثم الإعلان عن استعداده للحوار، كما أوردت وكالة الصحافة الفرنسية.
وفي إطار الإنجازات الاقتصادية، قال ترمب الذي شدد على منافع إصلاحه الضريبي: «لقد حققت البورصة أرقاماً قياسية واحداً تلو الآخر». وأضاف الرئيس الذي تباهى بقوة اقتصاد بلاده «كنا على مدى سنوات نخسر مؤسسات ووظائف، لكنها تعود اليوم». وتابع: «سنشيّد طرقاً جديدة والجسور والطرق السريعة، والسكك الحديدية، وممرات مائية في جميع أنحاء البلاد»، في إشارة إلى وعد أطلقه خلال حملته الانتخابية بتحديث البنى التحتية. وطلب من الكونغرس دعم خطة استثمار «لا تقل عن 1.5 تريليون دولار» من أجل تطوير هذه الشبكات المتقادمة.
إلى ذلك، أكد ترمب في سياق حديثه عن الهجرة أن «الحدود المفتوحة سمحت طوال عقود بتدفق المخدرات والعصابات على مجتمعاتنا الأكثر هشاشة، كما سمح ذلك لملايين العمال ذوي الأجور المتدنية بمنافسة الأميركيين الأكثر فقراً على الوظائف والأجور. والأمر الأكثر مأسوية، هو أنها أدت إلى خسارة الكثير من الأرواح البريئة».
وأشار إلى حالة «الحالمين»، الذين دخلوا الولايات المتحدة بشكل غير قانوني عندما كانوا قاصرين، مؤكدا اقتراحه تجنيس 1.8 مليون مهاجر من دون أوراق في مقابل تمويل تشييد جدار على الحدود المكسيكية. وقال في هذا السياق «يجب أن يدعم الطرفان ذلك كتسوية عادلة بحيث لا أحد يحصل على كل ما يريده، لكن بلدنا سيحصل على الإصلاح الضروري الذي يحتاج إليه».
وعودة إلى الأزمة مع كوريا الشمالية، قالت صحيفة «واشنطن بوست» إن البيت الأبيض لن يعيّن الأستاذ الجامعي والدبلوماسي فيكتور تشا سفيراً للولايات المتحدة في كوريا الجنوبية، بعد أشهر من التكهنات، والسبب وفق مصادر مقربة من الملف، هو انتقاده استراتيجية ترمب إزاء كوريا الشمالية، ولا سيما التفكير في توجيه ضربة وقائية ضدها توخيا لتفادي نزاع أوسع.
وكتب فيكتور تشا، مستشار مركز الدراسات الاستراتيجية والدولية، في مقال نشرته «واشنطن بوست»: إن التهديدات الكورية الشمالية «حقيقية وغير مسبوقة، لكن الرد ليس ما يقترحه بعض مسؤولي إدارة ترمب بتوجيه ضربة عسكرية وقائية». وأضاف محذراً: إن «الضربة (حتى وإن كانت ساحقة)، لن تسهم سوى في تأخير البرنامج الصاروخي والنووي في كوريا الشمالية».
بناءً عليه، خلص الكثير من المراقبين إلى أن هذا الخيار العسكري مطروح بجدية في واشنطن، وحذروا عبر «تويتر» من مخاطر مثل هذه الاستراتيجية التي يمكن أن تتطور وفقهم إلى حرب نووية. ولدعم وجهة نظره حيال بيونغ يانغ، دعا ترمب إلى الكونغرس أهل أوتو وارمبيير، الطالب الأميركي الذي احتجز في بيونغ يانغ وتوفي في يونيو (حزيران) بعد إعادته، وهو في حالة غيبوبة سريرية. وخاطب ترمب فرد وسندي وارمبيير قائلاً: «أنتما شاهدان على التهديد الذي يحدق بعالمنا، وقوتكما مصدر إلهام لنا». ومن بين الحاضرين، أشار ترمب إلى الكوري الجنوبي جي سيونغ – هو، الهارب من الشمال ويعيش اليوم «في سيول ويقوم بمساعدة فارين آخرين».



«كايسيد»: نستثمر في مستقبل أكثر سلاماً

الدكتور زهير الحارثي أمين عام المركز خلال الحفل (كايسيد)
الدكتور زهير الحارثي أمين عام المركز خلال الحفل (كايسيد)
TT

«كايسيد»: نستثمر في مستقبل أكثر سلاماً

الدكتور زهير الحارثي أمين عام المركز خلال الحفل (كايسيد)
الدكتور زهير الحارثي أمين عام المركز خلال الحفل (كايسيد)

أكد الدكتور زهير الحارثي، أمين عام مركز الملك عبد الله العالمي للحوار «كايسيد»، أن برامجهم النوعية تستثمر في مستقبل أكثر سلاماً بجمعها شخصيات دينية وثقافية لتعزيز الحوار والتفاهم وسط عالم يعاني من الانقسامات.

واحتفى المركز بتخريج دفعة جديدة من برنامج «الزمالة» من مختلف المجموعات الدولية والعربية والأفريقية في مدينة لشبونة البرتغالية، بحضور جمع من السفراء والممثلين الدبلوماسيين المعتمدين لدى جمهورية البرتغال.

وعدّ الحارثي، البرنامج، «منصة فريدة تجمع قادة من خلفيات دينية وثقافية متنوعة لتعزيز الحوار والتفاهم، وهو ليس مجرد رحلة تدريبية، بل هو استثمار في مستقبل أكثر سلاماً»، مبيناً أن منسوبيه «يمثلون الأمل في عالم يعاني من الانقسامات، ويثبتون أن الحوار يمكن أن يكون الوسيلة الأقوى لتجاوز التحديات، وتعزيز التفاهم بين المجتمعات».

جانب من حفل تخريج دفعة 2024 من برنامج «الزمالة الدولية» في لشبونة (كايسيد)

وجدَّد التزام «كايسيد» بدعم خريجيه لضمان استدامة تأثيرهم الإيجابي، مشيراً إلى أن «البرنامج يُزوّد القادة الشباب من مختلف دول العالم بالمعارف والمهارات التي يحتاجونها لبناء مجتمعات أكثر شموليةً وتسامحاً».

وأضاف الحارثي: «تخريج دفعة 2024 ليس نهاية الرحلة، بل بداية جديدة لخريجين عازمين على إحداث تغيير ملموس في مجتمعاتهم والعالم»، منوهاً بأن «الحوار ليس مجرد وسيلة للتواصل، بل هو أساس لبناء مستقبل أكثر وحدة وسلاماً، وخريجونا هم سفراء التغيير، وسنواصل دعمهم لتحقيق رؤيتهم».

بدورها، قالت ويندي فيليبس، إحدى خريجات البرنامج من كندا، «(كايسيد) لم يمنحني فقط منصة للتعلم، بل فتح أمامي آفاقاً جديدة للعمل من أجل بناء عالم أكثر عدلاً وسلاماً»، مضيفة: «لقد أصبحت مستعدة لمواجهة التحديات بدعم من شبكة متميزة من القادة».

الدكتور زهير الحارثي يتوسط خريجي «برنامج الزمالة الدولية» (كايسيد)

وحظي البرنامج، الذي يُمثل رؤية «كايسيد» لبناء جسور الحوار بين أتباع الأديان والثقافات، وتعزيز التفاهم بين الشعوب؛ إشادة من الحضور الدولي للحفل، الذين أكدوا أن الحوار هو الوسيلة المُثلى لتحقيق مستقبل أفضل للمجتمعات وأكثر شمولية.

يشار إلى أن تدريب خريجي «برنامج الزمالة الدولية» امتد عاماً كاملاً على ثلاث مراحل، شملت سان خوسيه الكوستاريكية، التي ركزت على تعزيز مبادئ الحوار عبر زيارات ميدانية لأماكن دينية متعددة، ثم ساو باولو البرازيلية وبانكوك التايلاندية، إذ تدربوا على «كيفية تصميم برامج حوار مستدامة وتطبيقها»، فيما اختُتمت بلشبونة، إذ طوّروا فيها استراتيجيات لضمان استدامة مشاريعهم وتأثيرها الإيجابي.