توتر قرب حلب بعد استهداف رتل عسكري تركي

توتر قرب حلب بعد استهداف رتل عسكري تركي
TT

توتر قرب حلب بعد استهداف رتل عسكري تركي

توتر قرب حلب بعد استهداف رتل عسكري تركي

استهدفت قوات النظام السوري وحلفاؤها ليل الاثنين - الثلاثاء رتلا عسكريا تركيا ضخما دخل إلى ريف حلب متجها إلى منطقة تل عيس لتثبيت نقطة مراقبة رابعة تنفيذا لما اتفق عليه في اجتماعات آستانة، ما اضطر الرتل الذي رد على مصادر النيران إلى الانسحاب قبل أن يستكمل طريقه بعد ظهر أمس، وفق ما أفاد المرصد السوري لحقوق الإنسان، «وسط توتر يسود المنطقة وترقب لتطورات الأوضاع وفيما إذا كانت قوات النظام وحلفاؤها ستعمد إلى استهداف مسار الرتل مجدداً».
وفيما نقلت وكالة «روسيا اليوم» عن حساب «القيادة العامة للجيش والقوات المسلحة السورية» على موقع «فيسبوك» أن «مدفعية الجيش استهدفت رتلا تركيا ضخما دخل ريف حلب الجنوبي عند تلة العيس، ما اضطره للانسحاب بعد تعرضه للقصف»، قال مصدر قيادي في «الجيش السوري الحر» موجود في محافظة إدلب لـ«الشرق الأوسط» إن «رتلا عسكريا تركيا مؤلفا من 130 آلية دخل مساء الاثنين من معبر باب الهوى متوجها إلى ريف حلب الجنوبي وبالتحديد إلى منطقة تل العيس وذلك بعد أسبوع من استطلاع وفد تركي المنطقة كما منطقة جسر أبو الضهور وسراقب، وهي مناطق تم تحديدها في اجتماعات آستانة 6 لإقامة نقاط مراقبة تركية فيها بإطار اتفاق خفض التصعيد».
وأشار المصدر إلى أنه «عندما وصل الرتل إلى طريق برقوم تعرض لنيران مدفعية من منطقة الحاضر بريف حلب الجنوبي التي تسيطر عليها ميليشيات عراقية تابعة لإيران».
وأضاف: «ولكن ورغم تعميم النظام على مواقع التواصل وترددات اللاسلكي على الطيران والمدفعية بعدم استهداف الرتل، فإن الميليشيات التابعة لإيران لم تلتزم بالتعليمات، ما اضطر الرتل للرد عليها قبل الانسحاب إلى منطقة القناطر في ريف حلب الغربي الجنوبي وإلى الفوج 46»، معتبرا أن «لا مصلحة لإيران بقيام نقاط مراقبة تركية لأنها تأمل في أن تفتح طريق من تل العيس إلى بلدتي الفوعة وكفريا المحاصرتين».
ونقل المرصد السوري بعد ظهر أمس عن مصادر أن الرتل العسكري التركي «تحرك من منطقة توقفه بين التوامة وكفركرمين وبالقرب من منطقة كفر حلب في الريف الغربي لحلب، متجهاً نحو منطقة العيس الواقعة على تماس مع مناطق وجود قوات النظام والمسلحين الموالين لها في القطاع الجنوبي من ريف حلب، حيث تعتزم القوات التركية إنشاء منطقة وجود لها في جنوب حلب، على غرار النقاط والقواعد التي أنشأتها في ريف حلب الشمالي الشرقي وريف حلب الغربي وتخوم عفرين». وتحدثت شبكة «شام» عن «سلسلة اتصالات بين الجانبين التركي والروسي لضمان وصوله دون تعرضه لأي قصف».
وتقع منطقة تل العيس عند خطوط التماس بين القوات السورية والفصائل المسلحة على بعد 29 كلم شمال مطار أبو الضهور في ريف إدلب الجنوبي. وكان موقع «روسيا اليوم» نقل عن مصادر عسكرية، لم يحدد جنسيتها، أن «الرتل استهدف قرب بلدة العيس، وانسحب إلى غرب بلدة القناطر بعد إطلاق أكثر من 30 قذيفة عليه»، لافتا إلى أن «مقاتلتين تركيتين من نوع (إف – 16) دخلتا الأجواء السورية باتجاه المنطقة التي تعرض فيها الرتل للقصف».
وأشارت مواقع تابعة للمعارضة السورية إلى أن الرتل المؤلف من 20 دبابة و30 مدرعة و70 عربة حربية، دخل من قرية كفرلوسين وتوجه برفقة عناصر من «هيئة تحرير الشام» إلى ريف حلب الجنوبي بتغطية جوية من «طائرات F16»، قبل أن يتوقف في منطقة كفر حلب جراء القصف الذي استهدفه. وقالت وكالة «إباء» التابعة لـ«تحرير الشام» إن «رتلًا للجيش التركي مؤلفا من عدة آليات وعربات تمركز في النقطة الرابعة في ريف حلب الجنوبي خلف تلة العيس المطلة على نقاط قوات الأسد في منطقة الحاضر».
في غضون ذلك، ذكرت مصادر إعلامية تركية غير رسمية أن الرتل لم يتعرض للقصف، بل قصفت المدفعية السورية المنطقة التي كان يتوجه إليها، مما أجبره على التوقف وطلب الحماية من المقاتلات التركية، مضيفة أن الرتل يسعى إلى إنشاء قاعدة عسكرية لمراقبة نظام وقف إطلاق النار في المنطقة، وقد تشمل مهمتها أيضا قرية تل السلطان وطويل الحليب بريف إدلب الشرقي. وحتى الآن انتشرت تركيا في إطار اتفاق مناطق «خفض التصعيد» في ثلاث نقاط في ريف حلب الغربي، تقع بالتحديد في قلعة جبل سمعان بحلب وقرية صلوة بإدلب.
وبالتزامن مع المستجدات في ريف حلب، أفيد أمس بمواصلة الطائرات الحربية والمروحية الروسية والتابعة للنظام، استهداف مناطق في محافظة إدلب.
وقال المرصد إن الطائرات «استهدفت بضربات متتالية مناطق في مدينة أريحا، ما تسبب بوقوع مجزرة راح ضحيتها 8 شهداء، كما أصيب آخرون بجراح متفاوتة الخطورة، ولا تزال أعداد الشهداء قابلة للازدياد لوجود جرحى بحالات خطرة ووجود مفقودين». كذلك طالت الغارات مناطق في مدينة خان شيخون وقرية حران بريف إدلب الشرقي ومناطق أخرى في قرية الشيخ إدريس، كما محيط وأطراف بلدة سراقب ومدينة معرة النعمان ومنطقة الأوتوستراد الدولي.



الاقتصاد اليمني في مواجهة انهيارات كارثية وشيكة

طفل يمني يعاني من سوء التغذية وتتوقع وكالة أممية تفاقم الوضع الإنساني خلال الأشهر المقبلة (الأمم المتحدة)
طفل يمني يعاني من سوء التغذية وتتوقع وكالة أممية تفاقم الوضع الإنساني خلال الأشهر المقبلة (الأمم المتحدة)
TT

الاقتصاد اليمني في مواجهة انهيارات كارثية وشيكة

طفل يمني يعاني من سوء التغذية وتتوقع وكالة أممية تفاقم الوضع الإنساني خلال الأشهر المقبلة (الأمم المتحدة)
طفل يمني يعاني من سوء التغذية وتتوقع وكالة أممية تفاقم الوضع الإنساني خلال الأشهر المقبلة (الأمم المتحدة)

يتضاعف خطر انعدام الأمن الغذائي في اليمن بعد تفاقم الأزمة الاقتصادية، وانهيار سعر العملة المحلية أمام العملات الأجنبية، بفعل الحرب الحوثية على الموارد الرئيسية للبلاد، وتوسيع دائرة الصراع إلى خارج الحدود، في حين تتزايد الدعوات إلى اللجوء للتنمية المستدامة، والبحث عن حلول من الداخل.

وبينما تتوالي التحذيرات من تعاظم احتياجات السكان إلى المساعدات الإنسانية خلال الأشهر المقبلة، تواجه الحكومة اليمنية تحديات صعبة في إدارة الأمن الغذائي، وتوفير الخدمات للسكان في مناطق سيطرتها، خصوصاً بعد تراجع المساعدات الإغاثية الدولية والأممية خلال الأشهر الماضية، ما زاد من التعقيدات التي تعاني منها بفعل توقف عدد من الموارد التي كانت تعتمد عليها في سد الكثير من الفجوات الغذائية والخدمية.

ورجحت شبكة الإنذار المبكر بالمجاعة حدوث ارتفاع في عدد المحتاجين إلى المساعدات الإنسانية في اليمن في ظل استمرار التدهور الاقتصادي في البلاد، حيث لا تزال العائلات تعاني من التأثيرات طويلة الأجل للصراع المطول، بما في ذلك الظروف الاقتصادية الكلية السيئة للغاية، بينما تستمر بيئة الأعمال في التآكل بسبب نقص العملة في مناطق سيطرة الجماعة الحوثية، وانخفاض قيمة العملة والتضخم في المناطق الخاضعة لسيطرة الحكومة.

وبحسب توقعات الأمن الغذائي خلال الستة أشهر المقبلة، فإنه وبفعل الظروف الاقتصادية السيئة، وانخفاض فرص كسب الدخل المحدودة، ستواجه ملايين العائلات، فجوات مستمرة في استهلاك الغذاء وحالة انعدام الأمن الغذائي الحاد واسعة النطاق على مستوى الأزمة (المرحلة الثالثة من التصنيف المرحلي) أو حالة الطوارئ (المرحلة الرابعة) في مناطق نفوذ الحكومة الشرعية.

انهيار العملة المحلية أسهم مع تراجع المساعدات الإغاثية في تراجع الأمن الغذائي باليمن (البنك الدولي)

يشدد الأكاديمي محمد قحطان، أستاذ الاقتصاد في جامعة تعز، على ضرورة وجود إرادة سياسية حازمة لمواجهة أسباب الانهيار الاقتصادي وتهاوي العملة المحلية أمام العملات الأجنبية، منوهاً إلى أن عائدات صادرات النفط والغاز كانت تغطي 70 في المائة من الإنفاق العام في الموازنة العامة، وهو ما يؤكد أهميتها في تشغيل مؤسسات الدولة.

ويضيف قحطان في حديث خص به «الشرق الأوسط» أن وقف هذه الصادرات يضع الحكومة في حالة عجز عن الوفاء بالتزاماتها، بالتضافر مع أسباب أخرى منها الفساد والتسيب الوظيفي في أهم المؤسسات الحكومية، وعدم وصول إيرادات مؤسسات الدولة إلى البنك المركزي، والمضاربة بالعملات الأجنبية وتسريبها إلى الخارج، واستيراد مشتقات الوقود بدلاً من تكرير النفط داخلياً.

أدوات الإصلاح

طبقاً لخبراء اقتصاديين، تنذر الإخفاقات في إدارة الموارد السيادية ورفد خزينة الدولة بها، والفشل في إدارة أسعار صرف العملات الأجنبية، بآثار كارثية على سعر العملة المحلية، والتوجه إلى تمويل النفقات الحكومية من مصادر تضخمية مثل الإصدار النقدي.

توقف تصدير النفط يتسبب في عجز الحكومة اليمنية عن تلبية احتياجات السكان (البنك الدولي)

ويلفت الأكاديمي قحطان إلى أن استيراد مشتقات الوقود من الخارج لتغطية حاجة السوق اليمنية من دون مادة الأسفلت يكلف الدولة أكثر من 3.5 مليار دولار في السنة، بينما في حالة تكرير النفط المنتج محلياً سيتم توفير هذا المبلغ لدعم ميزان المدفوعات، وتوفير احتياجات البلاد من الأسفلت لتعبيد الطرقات عوض استيرادها، وأيضاً تحصيل إيرادات مقابل بيع الوقود داخلياً.

وسيتبع ذلك إمكانية إدارة البنك المركزي لتلك المبالغ لدعم العرض النقدي من العملات الأجنبية، ومواجهة الطلب بأريحية تامة دون ضغوط للطلب عليها، ولن يكون بحاجة إلى بيع دولارات لتغطية الرواتب، كما يحدث حالياً، وسيتمكن من سحب فائض السيولة النقدية، ما سيعيد للاقتصاد توازنه، وتتعافى العملة الوطنية مقابل العملات الأجنبية، وهو ما سيسهم في استعادة جزء من القدرة الشرائية المفقودة للسكان.

ودعا الحكومة إلى خفض نفقاتها الداخلية والخارجية ومواجهة الفساد في الأوعية الإيرادية لإحداث تحول سريع من حالة الركود التضخمي إلى حالة الانتعاش الاقتصادي، ومواجهة البيئة الطاردة للاستثمارات ورجال الأعمال اليمنيين، مع الأهمية القصوى لعودة كل منتسبي الدولة للاستقرار داخل البلاد، وأداء مهاهم من مواقعهم.

الحكومة اليمنية تطالب المجتمع الدولي بالضغط على الحوثيين لوقف حصار تصدير النفط (سبأ)

ويؤكد مصدر حكومي يمني لـ«الشرق الأوسط» أن الحكومة باتت تدرك الأخطاء التي تراكمت خلال السنوات الماضية، مثل تسرب الكثير من أموال المساعدات الدولية والودائع السعودية في البنك المركزي إلى قنوات لإنتاج حلول مؤقتة، بدلاً من استثمارها في مشاريع للتنمية المستدامة، إلا أن معالجة تلك الأخطاء لم تعد سهلة حالياً.

الحل بالتنمية المستدامة

وفقاً للمصدر الذي فضل التحفظ على بياناته، لعدم امتلاكه صلاحية الحديث لوسائل الإعلام، فإن النقاشات الحكومية الحالية تبحث في كيفية الحصول على مساعدات خارجية جديدة لتحقيق تنمية مستدامة، بالشراكة وتحت إشراف الجهات الممولة، لضمان نجاح تلك المشروعات.

إلا أنه اعترف بصعوبة حدوث ذلك، وهو ما يدفع الحكومة إلى المطالبة بإلحاح للضغط من أجل تمكينها من الموارد الرئيسية، ومنها تصدير النفط.

واعترف المصدر أيضاً بصعوبة موافقة المجتمع الدولي على الضغط على الجماعة الحوثية لوقف حصارها المفروض على تصدير النفط، نظراً لتعنتها وشروطها صعبة التنفيذ من جهة، وإمكانية تصعيدها العسكري لفرض تلك الشروط في وقت يتوقع فيه حدوث تقدم في مشاورات السلام، من جهة ثانية.

تحذيرات من مآلات قاتمة لتداعيات الصراع الذي افتعلته الجماعة الحوثية في المياه المحيطة باليمن على الاقتصاد (أ.ف.ب)

وقدمت الحكومة اليمنية، أواخر الشهر الماضي، رؤية شاملة إلى البنك الدولي لإعادة هيكلة المشروعات القائمة لتتوافق مع الاحتياجات الراهنة، مطالبةً في الوقت ذاته بزيادة المخصصات المالية المخصصة للبلاد في الدورة الجديدة.

وكان البنك الدولي توقع في تقرير له هذا الشهر، انكماش إجمالي الناتج المحلي بنسبة واحد في المائة هذا العام، بعد انخفاضه بنسبة 2 في المائة العام الماضي، بما يؤدي إلى المزيد من التدهور في نصيب الفرد من إجمالي الناتج الحقيقي.

ويعاني أكثر من 60 في المائة من السكان من ضعف قدرتهم على الحصول على الغذاء الكافي، وفقاً للبنك الدولي، بسبب استمرار الحصار الذي فرضته الجماعة الحوثية على صادرات النفط، ما أدى إلى انخفاض الإيرادات المالية للحكومة بنسبة 42 في المائة خلال النصف الأول من العام الحالي، وترتب على ذلك عجزها عن تقديم الخدمات الأساسية للسكان.

وأبدى البنك قلقه من مآلات قاتمة لتداعيات الصراع الذي افتعلته الجماعة الحوثية في المياه المحيطة باليمن على الاقتصاد، وتفاقم الأزمات الاجتماعية والإنسانية.