الزيادات في أسعار مواد البناء في السودان تعرقل مشاريع الإسكان

تشهد أسواق البناء والمقاولات، ومشاريع إسكان محدودي الدخل في السودان، تحديات كبيرة في ظل ارتفاع أسعار مواد البناء والمقاولات بعد الزيادات التي طغت في أسعار السلع الأساسية والاستهلاكية ومواد البناء منذ بداية تطبيق الميزانية العامة 2018 في يناير (كانون الثاني) الحالي، التي تضمنت زيادات في أسعار الدولار الجمركي، وتخفيض قيمة الجنيه السوداني أمام الدولار بنسبة 300 في المائة.
وارتفعت أسعار مواد البناء، ومعظمها يستورد من الخارج بنسبة كبيرة، حيث قفز طن الإسمنت من 2200 جنيه سوداني (122 دولاراً) إلى 5200 جنيه (288 دولاراً)، وارتفع سعر طن السيخ إلى أرقام كبيرة، وسرى الأمر على أسعار البويات والسيراميك وغيرها من مواد البناء.
وفي إطار مشاريع الصندوق القومي للإسكان، الذي يعتزم إنشاء 4 مدن سكنية بسعة تفوق المليون وحدة، تفاجأ الذين تقدموا للسكن، أو بلغو مراحل استلام المباني الجاهزة، بزيادات في المقدم للحصول على السكن، كذلك ارتفاع قيمة القسط الشهري.
وقال المهندس السوداني عبد الوهاب يحي، المتخصص في البناء، في حديث لـ«الشرق الأوسط»، إنه لم يجد أي رد يقدمه لزبائنه لتوقفه عن العمل أسبوعاً كاملاً بعد قرار الزيادات، سوى عدم علمه بموقف الزيادات في أسعار مواد البناء، هل تستمر أم يحدث تراجع، حيث إنه في آخر مرة ارتفع سعر طن الإسمنت من ألفين إلى 5200 جنيه سوداني، ثم عاد إلى 3 آلاف جنيه، وغدا غير معلوم كم سيكون السعر.
وخاطب المهندس السوداني زبائنه الذين تم الاتفاق معهم مسبقاً على أعمال، ولم يحن وقت انتهائها بعد، وطلب منهم أن يعيدوا النظر في أسعار المقاولات الأولى، باعتبارها تمت وفق الشروط السابقة (قبل الزيادات).
من جهته، أوضح لـ«الشرق الأوسط» المهندس نهيزي الرفاعي، الأمين العام لاتحاد المقاولين السودانيين، أهمية تطبيق لائحة الشراء والتعاقد لجبر الضرر لقطاع المقاولين، الذين أبرموا تعاقدات قبل تطبيق زيادة أسعار مواد البناء وفقاً للميزانية الجديدة.
وقال عقب اجتماع موسع بمباني الاتحاد مع مقاولين بولايات السودان المختلفة إن هنالك مشكلات تواجه قطاع المقاولات عامة في الفترة الأخيرة عقب زيادة أسعار مواد البناء المستوردة لزيادة الدولار الجمركي، والزيادات كذلك في تعرفة كهربة القطاع الصناعي.
وأبان أن الاتحاد بصدد رفع مذكرة للصندوق القومي تفيد بتلقيه كثيراً من الشكاوى من المقاولين في ولايات السودان المختلفة من ارتفاع الأسعار، وأضاف أن المذكرة ستحوي إيجاد معالجات سريعة للمقاولين لتفادي الخسائر الكبيرة لإرضاء كل الأطراف، مشدداً على أهمية استمرار مشاريع التنمية في الولايات، خصوصاً دارفور (غرب البلاد) لاستقرار المواطنين النازحين.
من جهته، لم يعلق الدكتور غلام الدين عثمان آدم، الأمين العام للصندوق القومي للإسكان والتعمير، على الزيادات التي طرأت في أقساط بيع منازل الإسكان لمحدودي الدخل والفئات، ملمحاً بدور الأجهزة الإعلامية في النهوض بالواقع الاقتصادي بالبلاد، خصوصاً في مجال الإسكان، وذلك بالكشف عن الفرص المتاحة في الاستثمار والتطوير.
وبَيّن أن الصندوق يسعى بالتنسيق مع الولايات للتوسع في مشروعات الإسكان بالولايات، والترتيب لتنظيم مؤتمر للاستثمار والتطوير العقاري، بالتنسيق مع الاتحاد العربي للاستثمار والتطوير العقاري.
وشرع السودان منذ بداية العام الحالي في تنفيذ خطة متكاملة لتنفيذ 40 مدينة سكنية في جميع مدن البلاد الـ18 لصالح محدودي الدخل، تملك لهم عن طريق الأقساط الشهرية. ويتوقع أن يستفيد من المشروع في عامه الأول بداية 2018 أكثر من مليونين.
وأكمل الصندوق القومي للإسكان في السودان تحديد المواقع والدراسات، حيث ستشيد المنازل بأنماط مختلفة من السكن (الاقتصادي، والشعبي، والاستثماري، والريفي، والمنتج)، بتمويل من البنوك العاملة في البلاد. وفي العاصمة السودانية الخرطوم، أعلن الصندوق القومي للإسكان عن مساكن لمحدودي الدخل والفئويين والمهنيين، تقدر بأكثر من 10 آلاف وحدة سكنية في مدن العاصمة الثلاث.
وطرحت إدارة الصندوق عطاءات لتنفيذ مدن سكنية، كما دعت المستثمرين إلى الدخول في شراكات للاستثمار العقاري بالولايات لتوفير المأوى للشرائح المستهدفة.
كما سيتم الاستفادة من خبرات المجلس الهندسي في السودان في المشروع، والمحافل الدولية التي يشارك فيها الصندوق.
تجدر الإشارة إلى أن الصندوق القومي للإسكان والتعمير قد اتفق مع مقاولين على تنفيذ عدد من مشروعات الإسكان بالولاية بأنماط مختلفة، تتمثل في السكن الاقتصادي والشعبي والاستثماري والريفي والمنتج، بتمويل من البنوك العاملة في الولاية، بقيادة بنك التضامن الإسلامي رائد محفظة تمويل مشروعات الإسكان في الولاية.
ووفقاً للاتفاق، سيتم الشروع للترتيب للمرحلة الثالثة للإسكان الاقتصادي بالولاية الشمالية بالبلاد، التي تشمل 400 وحدة سكنية، منها 200 بالدبة و200 بحلفا و400 وحدة سكنية بعاصمة الولاية بدنقلا، والمرحلة الثانية بكريمة، بسعة 400 وحدة سكنية.
يذكر أن السودان، وفي إطار انفتاحه على سوق العقارات والمقاولات العالمية، اتفق الصندوق القومي للإسكان مع شركة «هيتكو» البريطانية للاستثمار لتنفيذ مشروع الإسكان الفئوي الرأسي، الذي يستهدف بناء 50 ألف وحدة سكنية بالعاصمة الخرطوم.
وينص الاتفاق على تنفيذ الشركة مشروعاً لبناء أكبر مسجد في السودان، بمساحة 5 كيلومترات، يتضمن بناء 3 آلاف شقة ومحلات تجارية. وفي إطار توسيع علاقات اتحاد المقاولين السوداني الخارجية للاستفادة من تجارب الدول في الإسكان، خصوصاً بعد الرفع الكلي للعقوبات الاقتصادية الأميركية في أكتوبر (تشرين الأول) الماضي، التي سمحت بالتحويلات المصرفية، فقد أجاز خطة إصلاح شاملة لتنظيم سوق العقار، وتحفيز البنوك التجارية لتمويل مشاريع الإسكان في البلاد، وفك التمويل العقاري المحظور منذ عام 2014.