خبراء يتوقعون عودة الاحتجاجات في إيران لعدم تحقيق المطالب

خبراء يتوقعون عودة الاحتجاجات في إيران لعدم تحقيق المطالب
TT

خبراء يتوقعون عودة الاحتجاجات في إيران لعدم تحقيق المطالب

خبراء يتوقعون عودة الاحتجاجات في إيران لعدم تحقيق المطالب

أجمع خبراء سياسيون واقتصاديون على أن نجاح النظام الإيراني في قمع المظاهرات وإخماد جذوتها، ما هو إلا تأجيل للمشكلة التي تواجه طهران في الوقت الحالي، مشيرين إلى أن النظام في حال لم يستطع معالجة المظالم ولم يستجب لمطالب المتظاهرين، فستبقى احتمالات تجدد الاحتجاجات قائمة، وستتعمق وضعية الأزمة في إيران، وسيزداد تآكل شرعية النظام.
وأكد الخبراء أن الاحتجاجات الأخيرة وتلك التي سبقتها في العقود الثلاثة الأخيرة تعبّر عن أزمة بنيوية في النظام الإيراني، حيث يواجه 3 أزمات مركبة ومتداخلة، تتمثل في أزمات الهوية، ونموذج بناء الأمة – الدولة، ونموذج بناء القوة، مشيرين إلى أنه لا يمكن التوصل إلى فهم دقيق لإيران دون تفكيك هذه الأزمات البنيوية التي تحكم نظرة النظام إلى نفسه وإلى العالم.
وذهب الخبراء المشاركون في جلسة نقاشية عقدها «مركز الإمارات للدراسات السياسة» في العاصمة الإماراتية أبوظبي بعنوان: «إيران المأزومة... الأسباب والسياقات والمآلات»، إلى أن من تجليات الأزمة في إيران، حالة التصارع بين مراكز القوى في النظام، ومن ذلك التناقض بين توجهات حكومة الرئيس حسن روحاني التكنوقراطية الحداثية، وتوجهات «الحرس الثوري»، حيث سعى الأخير إلى إفشال سياسات الحكومة الرامية إلى إعادة انخراط إيران في العالم، وتطبيع علاقاتها مع دول الإقليم.
وتطرقت النقاشات إلى قضية التناقضات والتعقيدات في السياسة الخارجية الإيرانية نتيجة لتراجع دور وزارة الخارجية في صنع هذه السياسة، ودخول «الحرس الثوري» طرفا فاعلا فيها وتسلمه ملفات إقليمية، فضلاً عن تأثير تدخل مكتب القائد الأعلى في السياسة الخارجية، وهي التدخلات الممثلة بجهود مستشار القائد الأعلى للشؤون الدولية، علي ولايتي.
وفي هذا الشأن، تمت الإشارة إلى تداعيات الازدواجية في مراكز اتخاذ القرار بين التيارين الثوري والحكومي، التي من أهمها غياب الثقة في الحوار وإبرام الاتفاقات مع الحكومة الإيرانية.
وقالت الدكتورة ابتسام الكتبي، رئيسة «مركز الإمارات للسياسات» إن الاحتجاجات الأخيرة «انطلقت من هموم ومطالب اقتصادية ومعيشية، إلا أن المتظاهرين سرعان ما وجّهوا انتقادهم إلى النظام الحاكم وسياساته التي أدت إلى إفقار الشعب وتبديد ثروته على التدخلات الخارجية».
وأضافت: «الاحتجاجات الأخيرة، وتلك التي سبقتْها، لا تُنبئ فقط عن تآكل شرعية النظام، وتفاقم الأزمات الهيكلية الداخلية؛ السياسية والأمنية والاقتصادية والاجتماعية، بل الأهم أنها تدلل على إخفاق (النموذج الإيراني)، وهو الإخفاق الذي يُظهره سعي كثيرٍ من الإيرانيين إلى الهجرة للخارج».
من جهته، قال حسن العمري، الخبير في الشأن الإيراني، إن النظام الإيراني استفاد من انغلاقه بأن «جعل مقاربة أعراض أزماته غير سهلة بالنسبة لمعظم مراكز التفكير والدول، فضلاً عن صعوبة قراءة توزيع القوة داخل المشهد السياسي الإيراني».
وأضاف: «قامت الثورة في إيران عام 1979 لمعالجة أزمات متراكمة في إيران، لكن التيار الديني الذي احتكر القوة عمّق تلك الأزمات، وأضاف لها أبعاداً جديدة».
وأكد أن «إيران تعاني اليوم من 3 أزمات مركبة ومتداخلة: الأولى هي أزمة نموذج الهوية، والأزمة الثانية هي أزمة نموذج بناء الأمة - الدولة، أما الأزمة الثالثة فهي نموذج بناء القوة الذي تبناه تحالف مؤسسة ولاية الفقيه ومؤسسة الحرس الثوري».
ولفت العمري إلى أن «مركب الأزمات الثلاث سيُبقي إيران تعاني من حالة الإحباط واليأس، وتراجع منظومة القيم الاجتماعية، وانحسار الثقة الاجتماعية؛ سواء بين مكونات المجتمع نفسه، أو بين مختلف طبقات المجتمع والنظام الحاكم».
وشدد على أن «الاحتجاجات الأخيرة مثلت تجلياً لمركب الأزمات في إيران، وبيّنت خطأ كل الرهانات على أن حل أزمة الملف النووي سيستتبع بالضرورة حلولاً لأزمات إيران الداخلية، وأنه سيساهم بإعادة رسم المشهد الداخلي نحو الاعتدال والانخراط البنّاء مع النظام الدولي، لأن أزمة النظام الإيراني بنيوية تكمن في منظوره لنفسه وللعالم».
وقال أليكس فاتنكا، الخبير في الشؤون الإيرانية، إن «المظاهرات التي اندلعت مؤخراً في إيران كانت منطلقاتها سياسية أيضا وليست اقتصادية فقط؛ فالذين خرجوا إلى الشوارع كان يحركهم غضب وسخط موجه إلى النظام الحاكم».
وأكد فاتنكا أن «حركة الاحتجاجات لم تكن تخضع لقيادة موحدة، ولم تكن لديها أجندة»، وأن مراكز القوة والسلطة في إيران تتركز في بيت القائد و«الحرس الثوري» والرئاسة، مشدداً على أن توجهات حكومة روحاني تتناقض مع توجهات «الحرس الثوري»، و«هي تعبر عن توجهات تكنوقراطية حداثية، وتسعى إلى إعادة انخراط إيران في العالم، وهذا يُغضب جنرالات (الحرس الثوري)».
ودارت النقاشات حول تقييم قوة النظام الإيراني، ومدى قدرته على البقاء والاستمرار، وما إذا كانت الأزمات التي يعانيها النظام ستقود إلى تعديله أو تغييره.
وفيما يتعلق بالاتفاق النووي، وعن خيارات إيران في حال انسحبت واشنطن من الاتفاق، قال المجتمعون إن الرأي الغالب هو أنه ليس من السهل على إدارة ترمب أن تنسحب من الاتفاق.
وفي المحور الأخير الذي بحثته النقاشات، وهو محور «استشراف مستقبل إيران ومآلاتها الاستراتيجية»، تم التطرق إلى سيناريوهات الانتقال السياسي المقبل في إيران، حيث جرى ترجيح أن تتحكم مجموعة كبيرة من «المؤسسات» المتنافسة في عملية اختيار القائد الجديد، ويبدو «الحرس الثوري» الخليفة الفعلي لخامنئي.
ولفت الخبراء إلى أنه مما يبعث على التشاؤم من حدوث أي تحول إيجابي نتيجة لهذا الانتقال في إيران، أن أياً من المرشحين المعروفين لخلافة خامنئي ليس أقل تشدداً من خامنئي نفسه بشأن السياسات الداخلية أو الخارجية، «لكن القائد الجديد سيكون في موقع مريح لتوسيع نفوذ إيران السياسي - الديني في الخارج، وهذا الانتقال السياسي سوف يؤثر على الشرق الأوسط بأكمله، خصوصا دول الخليج العربية».
وبخصوص سيناريوهات السياسة الخارجية، توقع المشاركون أن تدفع أزمات الداخل النظام الإيراني إلى التفكير في سلسلة من التنازلات أمام المجتمع الدولي، لكسب امتيازات اقتصادية قبل كل شيء، والحيلولة دون إفلاس أو انهيار النظام.
وفي ما يتعلق بالأنشطة الإقليمية الإيرانية، «فالواقع يقول إنه من غير المرجح أن تعمل الحكومة الإيرانية على تغيير نهجها في ظل الشعور العالي بالتهديد الخارجي، ومن المرجح أن تبقى طهران قادرة على كسر الإجماع الدولي حيال أنشطتها الداعمة للإرهاب والمزعزعة للاستقرار».
أما فيما يتعلق بالسيناريوهات الاقتصادية، فقد ذهب الخبراء إلى أن الافتقار إلى نموذج اقتصادي واضح المعالم في إيران سيبقى عاملاً حاسماً في اضطراب السياسات الاقتصادية وتناقضها في كثير من الأحيان.
وإضافة إلى ذلك، تبرز مسألتان مهمتان فيما يخص تأثير الوضع الاقتصادي على الاحتجاجات: الأولى تكلفة الأعمال المخلة بالاستقرار التي تمارسها إيران في الخارج. والثانية تداعي النظام المصرفي الإيراني... و«سيتعين على النظام الإيراني خلال السنوات القليلة المقبلة الاختيار بين أمرين: إما مواصلة الإصلاحات الاقتصادية النيوليبرالية المؤلمة، لكن مع انفتاح في الفضاء السياسي، أو مواصلة الإصلاحات الاقتصادية المؤلمة مع تشديد القبضة الأمنية والسياسية».



الجيش الإسرائيلي يدعو الحكومة إلى قبول الاتفاق السياسي مع لبنان

جندية إسرائيلية أمام مبنى في حيفا أصيب بصواريخ أطلق «حزب الله»  (رويترز)
جندية إسرائيلية أمام مبنى في حيفا أصيب بصواريخ أطلق «حزب الله» (رويترز)
TT

الجيش الإسرائيلي يدعو الحكومة إلى قبول الاتفاق السياسي مع لبنان

جندية إسرائيلية أمام مبنى في حيفا أصيب بصواريخ أطلق «حزب الله»  (رويترز)
جندية إسرائيلية أمام مبنى في حيفا أصيب بصواريخ أطلق «حزب الله» (رويترز)

جنباً إلى جنب مع استمرار الغارات الإسرائيلية والعمليات البرية ضد لبنان والاغتيالات لقادة «حزب الله»، باشر الجيش الإسرائيلي تخفيف المظاهر العسكرية في أعالي الجليل بهدف التمهيد لإعادة السكان النازحين إلى الشمال.

وقالت مصادر عسكرية رفيعة إن الجيش أنهى المهمة التي حددتها القيادة السياسية في جنوب لبنان، وبات يسعى إلى «الحفاظ على إنجازاته العسكرية»، ويطلب من القيادة السياسية الموافقة على الاتفاق الذي تسعى الولايات المتحدة وفرنسا إلى التوصل إليه مع الحكومة في بيروت.

«الوحل» اللبناني

قالت هذه المصادر إن الجيش يرى في التوصل إلى تسوية سياسية في لبنان ضرورة ملحة كي يتجنب التورط في «الوحل» اللبناني، ويحاول حث الحكومة على تسريع الجدول الزمني. ويقول إن «الجدول الزمني العسكري يتسارع، بينما القرارات السياسية تتخذ بوتيرة بطيئة».

وبحسب ما أفادت به صحيفة «يديعوت أحرونوت»، الأحد، فإن الجيش يعتمد أسلوب المراوغة في إدارة العمليات البرية جنوب لبنان، وذلك بهدف إرباك قوات «حزب الله» التي ما زالت بعيدة عن فقدان قدراتها القتالية.

فعلى الرغم من إعلانه عن توسيع عملياته البرية في جنوب لبنان، وقيامه بغارات يومية شرسة في بقية المناطق، فإن القوات الكبيرة التي حشدها على الجبهة الشمالية تنفذ عمليات «محدودة» في قرى جنوب لبنان في إطار التوغل البري «في نطاق الكيلومتر الرابع والخامس من الحدود، لأنه يعتقد أنه أكمل المهمة التي كُلّف بها قبل نحو أسبوعين، والمتمثلة في «إزالة تهديد تسلل قوات وحدة (الرضوان) التابعة لـ(حزب الله) إلى منطقة الجليل».

مقتل 68 جندياً

وتشير القيادة العسكرية الإسرائيلية إلى أن الهدف العسكري الحالي في جنوب لبنان هو «الحفاظ على الإنجازات»، واستهداف منصات إطلاق الصواريخ القصيرة والمتوسطة المدى التابعة لـ«حزب الله»، والتي تهدد مناطق مثل حيفا وجبل الكرمل. وخلال العمليات البرية المستمرة منذ نحو شهر ونصف الشهر، قُتل 68 جندياً ومواطناً إسرائيلياً، مقارنة بخسائر قد تصل إلى نحو 25 ضعفاً في الجانب اللبناني، وفقاً لتقديرات الجيش، كما أوردتها صحيفة «يديعوت أحرونوت».

وتتقدم القوات الإسرائيلية إلى «خط القرى الثاني»، مع تجنُّب اجتياح المدن الكبرى مثل مرجعيون وبنت جبيل. وتشدد مصادر عسكرية على أن الوضع الحالي يُعدّ «مثالياً» من حيث الإنجازات، رغم التحديات المرتبطة بعمليات طويلة الأمد وسط ظروف شتوية قاسية متوقعة.

هدية ترمب

نقلت الصحيفة عن مسؤولين في الأجهزة الأمنية قولهم إنهم فوجئوا بالتقرير الأميركي الذي يفيد بأن الحكومة الإسرائيلية قد تنتظر حتى دخول الرئيس الأميركي المنتخب دونالد ترمب، إلى البيت الأبيض، لتقديم «هدية» له، تتمثل بوقف إطلاق النار في لبنان. وأكدوا أنهم يفضلون التوصل إلى اتفاق سريع، ويحذرون من تداعيات استمرار العمليات البرية جنوب لبنان في ظل الطقس الشتوي القاسي في المنطقة، ويحاولون تجنب «الغوص في الوحل اللبناني في شتاء غير مخطط له، بعد 14 شهراً من المعارك على مختلف الجبهات».

جنديان إسرائيليان يجمعان بقايا صاروخ أُطْلِق من لبنان على حيفا الأحد (أ.ب)

وبحسب الصحيفة العبرية، فإن نهاية الحرب في الشمال، والانتقال إلى حرب طويلة الأمد قد تستمر لسنوات في قطاع غزة، سواء تم الإفراج عن الرهائن أم لا، ستشكل نهاية الحرب الطويلة التي كانت الحكومة تأمل في إطالتها. وسيؤدي ذلك، وفقا للتقرير، إلى تشكيل لجنة تحقيق رسمية، وهي خطوة تخشى منها حكومة بنيامين نتنياهو، وقد تشمل أيضاً الذهاب إلى انتخابات مبكرة، ما يعكس التباين في الجدول الزمني للجيش الذي يسعى لتحويل «إنجازاته العسكرية» إلى واقع أمني واستراتيجي جديد، وبين القيادة السياسية المعنية بإطالة أمد الحرب.

إزالة المظاهر العسكرية

وكانت مصادر عسكرية رفيعة قد أكدت أن الجيش الإسرائيلي بدأ في إزالة المظاهر العسكرية من المنطقة الحدودية مع لبنان، في خطوة تشير إلى احتمالية إعادة سكان البلدات التي جرى إخلاؤها في بداية المواجهات مع «حزب الله»، إلى منازلهم «قريباً»، بحسب ما أوردت إذاعة الجيش الإسرائيلي، الأحد.

مبنى في حيفا أصابه صاروخ من لبنان (رويترز)

وذكر التقرير أن الجيش يعتزم سحب جميع الجنود من داخل البلدات الشمالية، وإعادتهم إلى القواعد والمواقع العسكرية، مع الإبقاء على عناصر الأمن «المدنيين» فقط، مثل فرق الطوارئ والمسؤولين الأمنيين المحليين، إلى جانب الوسائل الأمنية المتوفرة لديهم. كما أزال الجيش مؤخراً جميع الحواجز العسكرية والمكعبات الأسمنتية من الطرق المحاذية للمنطقة الحدودية، بما في ذلك الطرق التي كانت مغلقة أمام حركة المدنيين، خلال العام الماضي، بسبب تهديد استهداف المارين فيها بصواريخ مضادة للمدرعات.

ونقلت إذاعة الجيش عن مسؤولين عسكريين قولهم إن «الوضع في الشمال تغير. لم تعد هناك مناطق يُمنع التنقل فيها، ولا حاجة لاستخدام طرق التفافية. بإمكان المدنيين الآن التحرك بحرية على هذه الطرق بفضل سيطرة الجيش داخل الأراضي اللبنانية».