الخارجية الفلسطينية لغرينبلات: لسنا قضية سكان

TT

الخارجية الفلسطينية لغرينبلات: لسنا قضية سكان

أدانت وزارة الخارجية الفلسطينية، تصريحات مبعوث الرئيس الأميركي لشؤون المفاوضات الدولية، جيسون غرينبلات، خلال جولة له «تحت الأرض» على حدود قطاع غزة، والتي حمل فيها الفلسطينيين المسؤولية عن حصار قطاع غزة، مروجا لمشروعات إسرائيلية لتحسين حياة الناس.
وقالت «الخارجية» في بيان: «يبدو أن غرينبلات وغيره من المسؤولين في إدارة ترمب، مُثقلون بقناعات منحازة تُفقدهم القدرة على القيام بدور (الراعي) النزيه لعملية السلام والمفاوضات، وتحولهم إلى مسوقين ورعاة لسياسات الاحتلال ومخططاته التوسعية، القائمة على التعامل مع القضية الفلسطينية كـ(قضية سكان) يحتاجون إلى (تسهيلات) ومزايا حياتية وهمية، بعيداً عن جوهر الصراع ومفهومه السياسي».
وكان غرينبلات قد أطلق خلال جولته مجموعة من الاتهامات والمواقف، التي حملت الفلسطينيين المسؤولية عن نتائج حصار قطاع غزة، قائلا إن إسرائيل ستعلن عن مشروعات وتدابير لغزة في اجتماع المانحين في بروكسل.
وقالت «الخارجية»: «هذه القناعات الآيديولوجية والمواقف المنحازة للاحتلال، أفقدت الإدارة الأميركية القدرة على لعب دور الراعي الحقيقي لإطلاق عملية سلام ذات جدوى بين الجانبين الإسرائيلي والفلسطيني».
وأضافت الخارجية: «إن ادعاءات غرينبلات التي أطلقها من (تحت الأرض) لم تدفعه للقيام بزيارة إلى قطاع غزة للاطلاع على ما يجري (فوق الأرض) من معاناة وآلام حقيقية جراء سياسات الاحتلال وعدوانه المستمر على القطاع منذ سنوات طويلة، كما أن هذا التبني للرواية الإسرائيلية يحول دون قيامه بجولات ميدانية في الضفة الغربية المحتلة للاطلاع عن قرب على معاناة المواطنين الفلسطينيين، جراء الاستيطان الذي يسرق أرضهم ويحرمهم منها، والحواجز العسكرية المنتشرة في الضفة الغربية المحتلة، التي تُقيد حق المواطنين الفلسطينيين في الحركة والتنقل، وتغلق مداخل قراهم وبلداتهم ومخيماتهم ومدنهم، وتحولها إلى سجون كبيرة، وتقطع أوصال وطنهم وتحوله إلى جزر معزولة في محيط استيطاني واسع، وغيرها كثير من أشكال المعاناة والظلم والألم التي يعاني منها المواطنون الفلسطينيون العزل، جراء سياسات الاحتلال القمعية والتهويدية، التي تحول حياة الفلسطينيين إلى جحيم لا يطاق».
واتهم غرينبلات، الأحد، حركة حماس «بإهمال أهالي قطاع غزة»، قائلا إنها «تبذّر المقدّرات على الأنفاق والصواريخ، لمواجهة إسرائيل، بدلا من مساعدة أهالي القطاع في أزمة الكهرباء والمياه والاقتصاد».
وأضاف غرينبلات لدى تفقّده أنفاقا على حدود غزة، إن «حماس تستخدم لغة الكراهية التي تنتج دائرة العنف».
ورافق غرينبلات اللواء جنرال يؤاف بولي مردخاي، منسق أعمال الحكومة الإسرائيلية في الأراضي الفلسطينية المحتلة.
وهاجم مردخاي «حماس» والسلطة، قائلا إن «سياسة السلطة بعدم الاستثمار في قطاع غزة، وفرض عقوبات على سكّانها، أدت إلى هذا الوضع»، معربا عن أمله في «أن يدرك الفلسطينيون والمجتمع الدولي ذلك».
وبعد الجولة التفقدية التي التقى بها غرينبلات بعسكريين إسرائيليين، اجتمع مع وزير المالية الإسرائيلي موشي كحلون.
وردت حركة حماس، على تصريحات غرينبلات، وقالت إنها «عدائية». وأَضاف فوزي برهوم المتحدث باسم الحركة، عبر صفحته على موقع التواصل الاجتماعي «فيسبوك»، أن «تصريحات مبعوث ترمب هي للتغطية على جرائم الاحتلال وانتهاكاته، ودور الإدارة الأميركية في الوقوف وراء العنف والإرهاب الإسرائيلي، ضد قطاع غزة».



اللاجئون الفلسطينيون يعودون إلى مخيم «اليرموك» في سوريا

اللاجئ الفلسطيني خالد خليفة يدعو لابنه المدفون في مقبرة مخيم اليرموك المدمرة (أ.ف.ب)
اللاجئ الفلسطيني خالد خليفة يدعو لابنه المدفون في مقبرة مخيم اليرموك المدمرة (أ.ف.ب)
TT

اللاجئون الفلسطينيون يعودون إلى مخيم «اليرموك» في سوريا

اللاجئ الفلسطيني خالد خليفة يدعو لابنه المدفون في مقبرة مخيم اليرموك المدمرة (أ.ف.ب)
اللاجئ الفلسطيني خالد خليفة يدعو لابنه المدفون في مقبرة مخيم اليرموك المدمرة (أ.ف.ب)

كان مخيم اليرموك للاجئين في سوريا، الذي يقع خارج دمشق، يُعدّ عاصمة الشتات الفلسطيني قبل أن تؤدي الحرب إلى تقليصه لمجموعة من المباني المدمرة.

سيطر على المخيم، وفقاً لوكالة «أسوشييتد برس»، مجموعة من الجماعات المسلحة ثم تعرض للقصف من الجو، وأصبح خالياً تقريباً منذ عام 2018، والمباني التي لم تدمرها القنابل هدمت أو نهبها اللصوص.

رويداً رويداً، بدأ سكان المخيم في العودة إليه، وبعد سقوط الرئيس السوري السابق بشار الأسد في 8 ديسمبر (كانون الأول)، يأمل الكثيرون في أن يتمكنوا من العودة.

في الوقت نفسه، لا يزال اللاجئون الفلسطينيون في سوريا، الذين يبلغ عددهم نحو 450 ألف شخص، غير متأكدين من وضعهم في النظام الجديد.

أطفال يلعبون أمام منازل مدمرة بمخيم اليرموك للاجئين في سوريا (أ.ف.ب)

وتساءل السفير الفلسطيني لدى سوريا، سمير الرفاعي: «كيف ستتعامل القيادة السورية الجديدة مع القضية الفلسطينية؟»، وتابع: «ليس لدينا أي فكرة لأننا لم نتواصل مع بعضنا بعضاً حتى الآن».

بعد أيام من انهيار حكومة الأسد، مشت النساء في مجموعات عبر شوارع اليرموك، بينما كان الأطفال يلعبون بين الأنقاض. مرت الدراجات النارية والدراجات الهوائية والسيارات أحياناً بين المباني المدمرة. في إحدى المناطق الأقل تضرراً، كان سوق الفواكه والخضراوات يعمل بكثافة.

عاد بعض الأشخاص لأول مرة منذ سنوات للتحقق من منازلهم. آخرون كانوا قد عادوا سابقاً ولكنهم يفكرون الآن فقط في إعادة البناء والعودة بشكل دائم.

غادر أحمد الحسين المخيم في عام 2011، بعد فترة وجيزة من بداية الانتفاضة ضد الحكومة التي تحولت إلى حرب أهلية، وقبل بضعة أشهر، عاد للإقامة مع أقاربه في جزء غير مدمر من المخيم بسبب ارتفاع الإيجارات في أماكن أخرى، والآن يأمل في إعادة بناء منزله.

هيكل إحدى ألعاب الملاهي في مخيم اليرموك بسوريا (أ.ف.ب)

قال الحسين: «تحت حكم الأسد، لم يكن من السهل الحصول على إذن من الأجهزة الأمنية لدخول المخيم. كان عليك الجلوس على طاولة والإجابة عن أسئلة مثل: مَن هي والدتك؟ مَن هو والدك؟ مَن في عائلتك تم اعتقاله؟ عشرون ألف سؤال للحصول على الموافقة».

وأشار إلى إن الناس الذين كانوا مترددين يرغبون في العودة الآن، ومن بينهم ابنه الذي هرب إلى ألمانيا.

جاءت تغريد حلاوي مع امرأتين أخريين، يوم الخميس، للتحقق من منازلهن. وتحدثن بحسرة عن الأيام التي كانت فيها شوارع المخيم تعج بالحياة حتى الساعة الثالثة أو الرابعة صباحاً.

قالت تغريد: «أشعر بأن فلسطين هنا، حتى لو كنت بعيدة عنها»، مضيفة: «حتى مع كل هذا الدمار، أشعر وكأنها الجنة. آمل أن يعود الجميع، جميع الذين غادروا البلاد أو يعيشون في مناطق أخرى».

بني مخيم اليرموك في عام 1957 للاجئين الفلسطينيين، لكنه تطور ليصبح ضاحية نابضة بالحياة حيث استقر العديد من السوريين من الطبقة العاملة به. قبل الحرب، كان يعيش فيه نحو 1.2 مليون شخص، بما في ذلك 160 ألف فلسطيني، وفقاً لوكالة الأمم المتحدة للاجئين الفلسطينيين (الأونروا). اليوم، يضم المخيم نحو 8 آلاف لاجئ فلسطيني ممن بقوا أو عادوا.

لا يحصل اللاجئون الفلسطينيون في سوريا على الجنسية، للحفاظ على حقهم في العودة إلى مدنهم وقراهم التي أُجبروا على مغادرتها في فلسطين عام 1948.

لكن، على عكس لبنان المجاورة، حيث يُمنع الفلسطينيون من التملك أو العمل في العديد من المهن، كان للفلسطينيين في سوريا تاريخياً جميع حقوق المواطنين باستثناء حق التصويت والترشح للمناصب.

في الوقت نفسه، كانت للفصائل الفلسطينية علاقة معقدة مع السلطات السورية. كان الرئيس السوري الأسبق حافظ الأسد وزعيم «منظمة التحرير الفلسطينية»، ياسر عرفات، خصمين. وسُجن العديد من الفلسطينيين بسبب انتمائهم لحركة «فتح» التابعة لعرفات.

قال محمود دخنوس، معلم متقاعد عاد إلى «اليرموك» للتحقق من منزله، إنه كان يُستدعى كثيراً للاستجواب من قبل أجهزة الاستخبارات السورية.

وأضاف متحدثاً عن عائلة الأسد: «على الرغم من ادعاءاتهم بأنهم مع (المقاومة) الفلسطينية، في الإعلام كانوا كذلك، لكن على الأرض كانت الحقيقة شيئاً آخر».

وبالنسبة لحكام البلاد الجدد، قال: «نحتاج إلى مزيد من الوقت للحكم على موقفهم تجاه الفلسطينيين في سوريا. لكن العلامات حتى الآن خلال هذا الأسبوع، المواقف والمقترحات التي يتم طرحها من قبل الحكومة الجديدة جيدة للشعب والمواطنين».

حاولت الفصائل الفلسطينية في اليرموك البقاء محايدة عندما اندلع الصراع في سوريا، ولكن بحلول أواخر 2012، انجر المخيم إلى الصراع ووقفت فصائل مختلفة على جوانب متعارضة.

عرفات في حديث مع حافظ الأسد خلال احتفالات ذكرى الثورة الليبية في طرابلس عام 1989 (أ.ف.ب)

منذ سقوط الأسد، كانت الفصائل تسعى لتوطيد علاقتها مع الحكومة الجديدة. قالت مجموعة من الفصائل الفلسطينية، في بيان يوم الأربعاء، إنها شكلت هيئة برئاسة السفير الفلسطيني لإدارة العلاقات مع السلطات الجديدة في سوريا.

ولم تعلق القيادة الجديدة، التي ترأسها «هيئة تحرير الشام»، رسمياً على وضع اللاجئين الفلسطينيين.

قدمت الحكومة السورية المؤقتة، الجمعة، شكوى إلى مجلس الأمن التابع للأمم المتحدة تدين دخول القوات الإسرائيلية للأراضي السورية في مرتفعات الجولان وقصفها لعدة مناطق في سوريا.

لكن زعيم «هيئة تحرير الشام»، أحمد الشرع، المعروف سابقاً باسم «أبو محمد الجولاني»، قال إن الإدارة الجديدة لا تسعى إلى صراع مع إسرائيل.

وقال الرفاعي إن قوات الأمن الحكومية الجديدة دخلت مكاتب ثلاث فصائل فلسطينية وأزالت الأسلحة الموجودة هناك، لكن لم يتضح ما إذا كان هناك قرار رسمي لنزع سلاح الجماعات الفلسطينية.