الاشتراكي يحسم أسماء مرشحيه... والتحالفات رهن المشاورات السياسية

التوافق مع الأطراف المسيحية أجّل المؤتمر الصحافي لجنبلاط

مظاهرة في بيروت نظمتها مؤسسات مجتمع مدني لبنانية ضد قتل نساء على يد اقاربهن (أ.ف.ب)
مظاهرة في بيروت نظمتها مؤسسات مجتمع مدني لبنانية ضد قتل نساء على يد اقاربهن (أ.ف.ب)
TT

الاشتراكي يحسم أسماء مرشحيه... والتحالفات رهن المشاورات السياسية

مظاهرة في بيروت نظمتها مؤسسات مجتمع مدني لبنانية ضد قتل نساء على يد اقاربهن (أ.ف.ب)
مظاهرة في بيروت نظمتها مؤسسات مجتمع مدني لبنانية ضد قتل نساء على يد اقاربهن (أ.ف.ب)

بات مشهد ترشيحات الحزب التقدمي الاشتراكي للانتخابات النيابية في السادس من مايو (أيار) المقبل، واضحة، بعد خضوعها لتعديلات طفيفة حصلت في دائرتي بيروت الثانية وبعبدا كما عالية والشوف، وإضافة مرشح في المتن الجنوبي، بينما لا تزال التحالفات تخضع للمشاورات السياسية التي يُفترض أن تظهر صورتها النهائية خلال فترة قصيرة.
وبعدما كان «الاشتراكي» قد قال إن رئيسه النائب وليد جنبلاط سيعلن أمس (الأحد)، في مؤتمر صحافي، عن أسماء مرشحيه، عاد واتخذ قراراً بتأجيله إلى حين الانتهاء من المباحثات مع الأطراف والأحزاب المعنية لوضع اللمسات الأخيرة على التحالفات.
وفي هذا الإطار، أشارت معلومات لـ«الشرق الأوسط»، إلى أن ثمة ظروفاً حالت دون عقد المؤتمر لاستكمال بعض المعطيات وكذلك مواصلة الاتصالات والمشاورات مع المعنيين، إذ يسعى جنبلاط إلى توافق، لا سيما مع الأحزاب المسيحية، في محاولة منه لعدم تجاوز أي تيار أو حزب مسيحي، وهو الأمر الذي لا يزال مدار بحث، فإما التوصل إلى ائتلاف انتخابي وإما حصول معركة انتخابية. وفشل المساعي سيؤدي في دائرة عالية والشوف إلى تشكيل أكثر من لائحة، وهنا، وفق المتابعين لمسار هذه الاتصالات «المسألة محصورة فعلياً على المقعدين المارونيين في هذه الدائرة وحصول التيار الوطني الحر عليهما في اللائحة أو عدمه، وهو لا يزال موضع مراوحة على أن تنقشع الصورة نهائياً في فترة قريبة جداً».
أما في جديد ترشيحات «اللقاء الديمقراطي»، فتقول المصادر، إنه إضافة إلى ترشيح جنبلاط ابنه تيمور بدلاً عنه في الشوف – عالية، حيث سيرشّح أيضاً ناجي البستاني، «فإن الأبرز هو ترشيح النائب السابق فيصل الصايغ عن المقعد الدرزي في بيروت الثانية، وهو الذي سبق له أن تولى منصب محافظ الجنوب، وذلك بدلاً من النائب والوزير السابق غازي العريضي». القرار جاء بعد اتفاق وتنسيق مع تيار المستقبل بحيث إن الثقل في هذه الدائرة هو للصوت السني الذي يقدّر عدد ناخبيه بـ35 ألف صوت، بينما لا يزيد عدد الناخبين الدروز على 5 آلاف صوت.
وتوضح المصادر أن «اختيار الصايغ جاء نتيجة اعتبارات كثيرة، أولاً أنه يحظى بتقدير النائب جنبلاط وتربطه به صداقة متينة، والرجل مشهود له سياسياً وإدارياً، إضافة إلى شفافيته على كل المستويات، كذلك تربطه بآل الحريري علاقة قديمة منذ أن كان محافظاً للجنوب، ما يعني أن هذا الاختيار جاء نتيجة التنسيق بين جنبلاط والحريري في سياق الزيارات المكوكية للنائب وائل أبو فاعور إلى السراي الكبير مقر رئاسة الحكومة موفداً من النائب جنبلاط».
أما التغير الثاني فكان اختيار مفوض الداخلية في الحزب التقدمي الاشتراكي هادي أبو الحسن عن المقعد الدرزي في دائرة المتن الجنوبي وهو المعروف بقربه من النائب جنبلاط ويحظى بشعبية في منطقته، والمقعد يشغله الآن النائب فادي الأعور في كتلة «التغيير والإصلاح»، بينما كان الثالث في إقليم الخروب، ضمن دائرة عالية – الشوف، بتسمية القيادي الاشتراكي الدكتور بلال عبد الله عن المقعد السني بدلاً عن النائب الحالي علاء الدين ترو.
هذا على صعيد الترشيحات التي ستُبقي أسماء المرشحين الآخرين على حالها في مختلف الدوائر، أما في التحالفات السياسية التي لا يزال الحراك بشأنها مستمراً بين «الاشتراكي» ومختلف الأطراف، فكانت لافتة الزيارة الثانية خلال أسبوعين لعضوي «اللقاء الديمقراطي» النائب نعمة طعمة، وأكرم شهيب، ولقائهما رئيس حزب القوات اللبنانية الدكتور سمير جعجع. وفي هذا السياق يقول عضو «اللقاء الديمقراطي» النائب نعمة طعمة لـ«الشرق الأوسط»، إن اللقاء كان إيجابياً، وثمة علاقات طيبة تربط «القوات اللبنانية» بالحزب التقدمي الاشتراكي و«اللقاء الديمقراطي»، والزيارة تأتي في إطار التشاور والتباحث في الملف الانتخابي وتحديداً في الجبل، مع تأكيده وجود نقاط كثيرة من التلاقي بين الطرفين التي لا بد أن تُستثمر نحو مزيد من التواصل والتشاور بغية الوصول إلى توافق أو أي صيغة ليُبنى على الشيء مقتضاه».
وعن إمكانية التحالف بين «القوات» و«الاشتراكي»، يقول طعمة: «من المبكر حسم هذه الخيارات بانتظار استكمال اللقاءات والمشاورات، مع التأكيد أن النائب جنبلاط يهمه أولاً وأخيراً تحصين مصالحة الجبل والحفاظ عليها بعيداً عن المكسب الانتخابي أو مقعد هنا وآخر هناك. إضافة إلى أنه يسعى للتوافق مع جميع القوى السياسية في الجبل، ولا سيما مع الأحزاب المسيحية، وكذلك الأمر مع تيار المستقبل والتيار الوطني الحر وسائر القوى السياسية، لما لذلك من دلالات إيجابية على صعيد التعايش في الجبل وتثبيت المصالحة. ولكن حتى الساعة لا يمكن الحديث عن أي تحالفات، فكل الخيارات متاحة وبالتالي الباب في المختارة ليس مقفلاً على أي طرف سياسي من أجل الوصول إلى ما يحفظ الجبل وأهله ووحدته».
وعن سبب تأجيل موعد الإعلان عن أسماء مرشحي «الاشتراكي» يلفت النائب نعمة طعمة، إلى أن هذا التأجيل «هو لإتاحة الفرصة أمام مزيد من اللقاءات والمشاورات بين القوى السياسية كافة، وحيث يسعى الحزب التقدمي واللقاء الديمقراطي لإعطاء هامش واسع لهذه الاتصالات، باعتبار أن هدفنا عدم تهميش أي مكون سياسي، لا بل نحن منفتحون على الجميع، وذلك ما يبتغيه رئيس اللقاء الديمقراطي».



«موسم أمطار غزيرة» و«انهيارات صخرية» يهددان حياة اليمنيين وأمنهم الغذائي

الأمطار الغزيرة منعت استكمال صيانة طريق هيجة العبد الحيوية بين مدينة تعز المحاصرة وباقي البلاد (إكس)
الأمطار الغزيرة منعت استكمال صيانة طريق هيجة العبد الحيوية بين مدينة تعز المحاصرة وباقي البلاد (إكس)
TT

«موسم أمطار غزيرة» و«انهيارات صخرية» يهددان حياة اليمنيين وأمنهم الغذائي

الأمطار الغزيرة منعت استكمال صيانة طريق هيجة العبد الحيوية بين مدينة تعز المحاصرة وباقي البلاد (إكس)
الأمطار الغزيرة منعت استكمال صيانة طريق هيجة العبد الحيوية بين مدينة تعز المحاصرة وباقي البلاد (إكس)

تشهد أجزاء واسعة من اليمن هطول أمطار غزيرة مع اقتراب فصل الشتاء وانخفاض درجة الحرارة، متسببة في انهيارات طينية وصخرية تهدد حياة السكان وتلحق الأضرار بالممتلكات والأراضي، في حين لم تتجاوز البلاد آثار فيضانات الصيف الماضي التي ترصد تقارير دولية آثارها الكارثية.

وتسببت الأمطار الأخيرة المستمرة لمدد طويلة، والمصحوبة بضباب كثيف وغيوم منخفضة، في انهيارات صخرية أغلقت عدداً من الطرق، في حين أوقع انهيار صخري، ناجم عن تأثيرات أمطار الصيف الماضي، ضحايا وتسبب في تدمير منازل بمنطقة ريفية شمال غربي البلاد.

وعطلت الانهيارات الصخرية في مديرية المقاطرة التابعة لمحافظة لحج (جنوبي غرب) استمرار العمل في تحسين وصيانة طريق هيجة العبد التي تربط محافظة تعز المجاورة بباقي محافظات البلاد، بعد أن أغلقت الجماعة الحوثية بقية الطرق المؤدية إليها منذ نحو 10 أعوام، وتسببت تلك الأمطار والانهيارات في إيقاف حركة المرور على الطريق الفرعية.

أمطار غزيرة بمحافظة لحج تلحق أضراراً بالطريق الوحيدة التي تخفف الحصار عن مدينة تعز (إكس)

ويواجه السائقون والمسافرون مخاطر شديدة بسبب هذه الأمطار، تضاف إلى مخاطر أخرى، مما أدى إلى صعوبة التنقل.

ودعت السلطات المحلية في المحافظة السائقين والمسافرين إلى توخي الحذر الشديد في الطرق الجبلية والمنحدرات المعرضة للانهيارات الطينية والصخرية والانجرافات، وتجنب المجازفة بعبور الوديان ومسارات السيول المغمورة بالمياه.

وكان انهيار صخري في مديرية الطويلة، التابعة لمحافظة المحويت (شمالي غرب)، أدى إلى مقتل 8 أشخاص، وإصابة 3 آخرين، بعد سقوط كتلة صخرية هائلة كانت مائلة بشدة فوق منزل بُني أسفلها.

وتزداد الانهيارات الصخرية في المناطق التي تتكون من الصخور الرسوبية الطبقية عندما يصل وضع الكتل الصخرية المائلة إلى درجة حرجة، وفق الباحث اليمني في الجيمورفولوجيا الحضرية (علم شكل الأرض)، أنس مانع، الذي يشير إلى أن جفاف التربة في الطبقات الطينية الغروية أسفل الكتل المنحدرة يؤدي إلى اختلال توازن الكتل الصخرية، وزيادة ميلانها.

ويوضح مانع لـ«الشرق الأوسط» أن الأمطار الغزيرة بعد مواسم الجفاف تؤدي إلى تشبع التربة الجافة، حيث تتضخم حبيباتها وتبدأ في زحزحة الكتل الصخرية، أو يغير الجفاف من تموضع الصخور، وتأتي الأمطار لتكمل ذلك التغيير.

انهيار صخري بمحافظة المحويت بسبب أمطار الصيف الماضي يودي بحياة 8 يمنيين (إكس)

وينبه الباحث اليمني إلى خطر يحدق بغالبية القرى اليمنية، ويقول إنها عرضة لخطر الانهيارات الصخرية بسبب الأمطار أو الزلازل، خصوصاً منها تلك الواقعة على خط الصدع العام الممتد من حمام علي في محافظة ذمار (100 كيلومتر جنوب صنعاء)، وحتى ساحل البحر الأحمر غرباً.

استمرار تأثير الفيضانات

تواصل الأمطار هطولها على أجزاء واسعة من البلاد رغم انتهاء فصل الصيف الذي يعدّ موسم الأمطار الرئيسي، وشهد هذا العام أمطاراً غير مسبوقة تسببت في فيضانات شديدة أدت إلى دمار المنازل والبنية التحتية ونزوح السكان.

وطبقاً لـ«الاتحاد الدولي لجمعيات الصليب الأحمر والهلال الأحمر»، فإن اليمن شهد خلال هذا العام موسمين رئيسيين للأمطار، الأول في أبريل (نيسان) ومايو (أيار)، والثاني بدأ في يوليو (تموز) إلى نهاية سبتمبر (أيلول)، و«كانا مدمرَين، بسبب أنماط الطقس غير العادية والأمطار الغزيرة المستمرة في جميع أنحاء البلاد».

ووفقاً للتقييمات الأولية التي أجرتها «جمعية الهلال الأحمر اليمني»؛ فقد تأثر 655 ألفاً و11 شخصاً، ينتمون إلى 93 ألفاً و573 عائلة بالأمطار الغزيرة والفيضانات التي ضربت البلاد أخيراً، ما أسفر عن مقتل 240 شخصاً، وإصابة 635 آخرين، في 20 محافظة من أصل 22.

فيضانات الصيف الماضي ألحقت دماراً هائلاً بالبنية التحتية في عدد من محافظات اليمن (أ.ب)

وألحقت الأمطار أضراراً جسيمة بمواقع السكان والنازحين داخلياً ومنازلهم وملاجئهم المؤقتة والبنية التحتية، مما أثر على آلاف الأسر، وكثير منهم كانوا نازحين لسنوات، حيث أبلغت «المجموعة الوطنية للمأوى والمواد غير الغذائية» في اليمن، عن تضرر 34 ألفاً و709 من المآوي، بينها 12 ألفاً و837 تضررت جزئياً، و21 ألفاً و872 تضررت بالكامل.

ونقل التقرير عن «المنظمة الدولية للهجرة» أن الفيضانات ألحقت أضراراً بالبنية التحتية الحيوية، بما في ذلك تدمير الأنظمة الكهربائية، مما أدى إلى انقطاع التيار الكهربائي وتعطيل تقديم الرعاية الصحية، وتسبب في تدمير الملاجئ، وتلوث مصادر المياه، وخلق حالة طوارئ صحية، وفاقم التحديات التي يواجهها النازحون.

تهديد الأمن الغذائي

وتعدّ الأراضي الزراعية في محافظة الحديدة الأعلى تضرراً بـ77 ألفاً و362 هكتاراً، ثم محافظة حجة بـ20 ألفاً و717 هكتاراً، وهو ما يعادل نحو 12 و9 في المائة على التوالي من إجمالي الأراضي الزراعية، بينما تأثر نحو 279 ألف رأس من الأغنام والماعز، وفقاً لتقييم «منظمة الأغذية والزراعة (فاو)».

شتاء قاسٍ ينتظر النازحين اليمنيين مع نقص الموارد والمعونات وتأثيرات المناخ القاسية (غيتي)

وكانت الحديدة وحجة والجوف الأعلى تضرراً، وهي من المحافظات الأكبر إنتاجاً للماشية، خصوصاً في الجوف، التي يعتمد نحو 20 في المائة من عائلاتها على الماشية بوصفها مصدر دخل أساسياً.

وتوقع «الاتحاد» أن العائلات الأعلى تضرراً من الفيضانات في كل من المناطق الرعوية والزراعية الرعوية غير قادرة على تلبية احتياجاتها الغذائية الدنيا في غياب المساعدة، مما يؤدي إلى ازدياد مخاطر انعدام الأمن الغذائي خلال الأشهر المقبلة.

وتشمل الاحتياجات الحرجة والعاجلة في المناطق المتضررة من الفيضانات؛ المأوى الطارئ، والغذاء، والمواد غير الغذائية، والمياه، والصرف الصحي، والملابس، والحماية، والمساعدات النقدية متعددة الأغراض، والإمدادات الطبية لضمان استمرارية وظائف مرافق الرعاية الصحية.

ودعت «مفوضية الأمم المتحدة السامية لشؤون اللاجئين» إلى التحرك العالمي، والعمل على تخفيف آثار تغير المناخ بالتزامن مع انعقاد «مؤتمر المناخ»، مقدرة أعداد المتضررين من الفيضانات في اليمن خلال العام الحالي بنحو 700 ألف.

وسبق للحكومة اليمنية الإعلان عن أن الفيضانات والسيول، التي شهدتها البلاد هذا العام، أثرت على 30 في المائة من الأراضي الزراعية.