مايكل كاريك... أسطورة خط الوسط الذي لم يحظ بالتقدير المناسب

لاعب يجعل كرة القدم تبدو سهلة للغاية من خلال التمرير الصحيح والتمركز في المكان المناسب

فاز كاريك بعدد كبير من البطولات مع مانشستر يونايتد («الشرق الأوسط») - كاريك لم يشارك مع المنتخب الإنجليزي  إلا في 34 مباراة  («الشرق الأوسط»)
فاز كاريك بعدد كبير من البطولات مع مانشستر يونايتد («الشرق الأوسط») - كاريك لم يشارك مع المنتخب الإنجليزي إلا في 34 مباراة («الشرق الأوسط»)
TT

مايكل كاريك... أسطورة خط الوسط الذي لم يحظ بالتقدير المناسب

فاز كاريك بعدد كبير من البطولات مع مانشستر يونايتد («الشرق الأوسط») - كاريك لم يشارك مع المنتخب الإنجليزي  إلا في 34 مباراة  («الشرق الأوسط»)
فاز كاريك بعدد كبير من البطولات مع مانشستر يونايتد («الشرق الأوسط») - كاريك لم يشارك مع المنتخب الإنجليزي إلا في 34 مباراة («الشرق الأوسط»)

لو طرحنا سؤالاً عن أفضل لاعبي خط الوسط في كرة القدم الإنجليزية على مدى العشرين عاماً الماضية، فسوف يتبادر إلى أذهاننا على الفور أسماء مثل ستيفن جيرارد الذي كان يُعد لاعباً متكاملاً، وفرانك لامبارد الذي كانت لديه قدرة فائقة على تسجيل الأهداف، وبول سكولز الذي كان يمتلك قدرات خططية هائلة، فضلاً عن قدرته على صناعة وتسجيل الأهداف. لكن هناك لاعبَ خط وسط آخر يستحق أن يحجز مكانه بين هؤلاء الأساطير، لاعب لديه قدرة استثنائية على التمرير والتحكم في «رتم» المباراة بتمركزه الرائع وذكائه الشديد، لكن هذا اللاعب لم يحظَ بالتقدير الذي يتناسب مع قدراته وإمكانياته، خصوصاً على المستوى الدولي.
إنه نجم خط وسط مانشستر يونايتد مايكل كاريك، الذي قرر اعتزال كرة القدم بنهاية الموسم الحالي. ورغم أنه ليس من نوعية اللاعبين الذين يستحوذون على صدر صفحات الصحف والمجلات من خلال إحراز هدف جميل من تسديدة قوية من مسافة 30 ياردة أو من خلال تصدره للإحصائيات المتعلقة بصناعة وإحراز الأهداف، فإنني في كل مرة أشاهده فيها وهو يلعب مع مانشستر يونايتد على مدى سنوات طويلة أشعر بالذهول من قدرته الفائقة على أن يجعل كرة القدم تبدو سهلة للغاية من خلال التمرير الصحيح والتمركز في المكان المناسب.
وعندما نريد أن نُعلم الجيل القادم من لاعبي خط الوسط الشباب فن استخلاص الكرة والاستحواذ عليها، وأن يكون لديك رؤية كاشف للملعب بالكامل بحيث تعرف أين ستمرر الكرة حتى قبل أن تتسلّمها، فلا يوجد أفضل من مايكل كاريك كمثال نموذجي على ذلك.
ولا يوجد لاعب آخر لديه القدرة على تمرير الكرة بهذه السرعة، وبكلتا قدميه، وضرب خطوط الفريق المنافس من خلال التمرير الطولي القصير والمباشر لزملائه في الخط الأمامي - لا تبدو مثل هذه التمريرات القصيرة بروعة تمريرة بطول 60 ياردة مثلاً، لكن كاريك يستطيع القيام بذلك أيضاً وبمنتهى السهولة.
وعندما ننظر إلى «الجيل الذهبي» لكرة القدم الإنجليزية، ونتساءل عن الأسباب التي جعلتنا نفشل في استغلال إمكانيات لاعبين من الطراز العالمي، فأنا أرى أنه بدلاً من السؤال حول لعب لامبارد وجيرارد معاً في الفريق ذاته، كان يتعين علينا أن نسأل لماذا لم يكن كاريك هو الخيار الأول خلف هذين النجمين، خصوصاً أنه كان سيمنحهما القدرة على التحرك للأمام بكل سهولة واستغلال قدرتهما على صناعة وتسجيل الأهداف. وإذا نظرنا إلى المواسم الاستثنائية التي قدمها جيرارد ولامبارد مع فريقيهما في الدوري الإنجليزي الممتاز ودوري أبطال أوروبا فإننا سندرك أنهما قاما بذلك بفضل الأداء القوي من جانب لاعبين يتسمون بالذكاء والالتزام من خلفهما، مثل الفرنسي كلود ماكيليلي، أو الأرجنتيني خافير ماسكيرانو في حالة لامبارد، وتشابي ألونسو في حالة جيرارد (لاعب ذو قدرات دفاعية كبيرة) يمكنهما من التحرك للأمام واستغلال قدراتهما في المناطق الأمامية.
وخلال أغلب فترات الـ40 عاماً الماضية، كانت الثقافة الكروية والفلسفات الخططية في إنجلترا مغرمةً باللعب المباشرة والمثير والإيقاع السريع والمباريات التي تشهد كثيراً من الأهداف أو التدخلات القوية في خط الوسط، وهو الأمر الذي كان يعني عدم الانتباه بالشكل الكافي لقدرات وإمكانيات كاريك، وحتى تجاهله في بعض الأوقات من الانضمام لمنتخب بلاده، وهو الأمر الذي كان له مردود سلبي على المنتخب الإنجليزي في حقيقة الأمر.
ولحسن الحظ، فإن الانفتاح على الكرة العالمية والاستعانة بخدمات مديرين فنيين أجانب مميزين ولديهم الرغبة في تقديم أفكار جديدة قد أدى إلى تطوير أفكارنا خلال السنوات الأخيرة، كما تغيرت الفلسفة التدريبية وقوة المسابقة بصورة دراماتيكية. ونتيجة لذلك، حظي كاريك بتقدير أكبر من ذي قبل، ولا يوجد دليل على ذلك أكبر من تصريحات المدير الفني السابق لبرشلونة الإسباني جوسيب غوارديولا، الذي صرح بأن كاريك هو اللاعب الوحيد في العالم الذي كان يمكن ضمه للفريق الاستثنائي العملاق الكتالوني الفائز ببطولة دوري أبطال أوروبا على حساب مانشستر يونايتد في ملعب ويمبلي الشهير عام 2011. وفي الحقيقة، لا يمكن أن تكون هناك إشادة أكبر من هذه لكاريك، خصوصاً أن غوارديولا نفسه كان يلعب في نفس المركز، فضلاً عن دوره كمدير فني في ظهور سيرجيو بوسكيتس في المركز نفسه.
وفاز كاريك بعدد كبير من البطولات مع مانشستر يونايتد، سواء على المستوى المحلي أو القاري، وكان أحد الأعمدة الأساسية للفريق على مدى سنوات طويلة، لكنه رغم كل ذلك لم يشارك مع المنتخب الإنجليزي سوى في 34 مباراة. وأشعر بأنه لو كان كاريك يحمل الجنسية الإسبانية أو الإيطالية أو الألمانية لشارك في عدد أكبر من المباريات الدولية، بسبب الطريقة المختلفة التي تحتفي بها هذه الدول بمثل هؤلاء اللاعبين الذين يجيدون صناعة اللعب والقيام بالواجبات الدفاعية في منتصف الملعب على أكل وجه.
لم تُتَح لي الفرصة من قبل للحديث مع مايكل كاريك فيما يتعلق بكرة القدم، لكني أشعر بأن هذه لن تكون هي نهاية مسيرته الرائعة في اللعبة، لكنها ستكون بداية مسيرة أخرى أكثر روعة. ولم يكن غريباً أن يصرح المدير الفني لمانشستر يونايتد جوزيه مورينيو بأنه يتوقع انضمام كاريك للجهاز الفني بالنادي بنهاية الموسم.
ولم يشارك كاريك (36 عاماً) منذ إصابته بعدم انتظام في ضربات القلب في سبتمبر (أيلول) الماضي رغم أنه عاد للتدريبات في نوفمبر (تشرين الثاني) الماضي بعد فترة علاج. وكان مورينيو قد قال في وقت سابق: «سيسعد النادي جدا إذا لعب كاريك دوراً في الجهاز الفني وأنا كذلك وأتوقع منه أن ينضم لنا».
وخاض كاريك أربع مباريات في فترة الإعداد للموسم مع يونايتد، لكنه لعب مباراة رسمية واحدة هذا الموسم في كأس الرابطة خلال الفوز على بورتون ألبيون وقال إنه بدأ يشعر «بشيء غريب»، خلال المباراة، وخضع بعدها لجراحة بالقلب. وتوقع مورينيو عودة كاريك للعب هذا الموسم قبل أن يتولى منصباً تدريبياً.
وأضاف المدرب البرتغالي: «قضى كاريك بضعة أشهر دون تدريب، وهو الآن في الأسبوع الثاني من التدريبات وهو لاعب مهم بالنسبة لنا». وتابع: «أعتقد أن القرار جيد للفريق وله بأن ينهي فترته كلاعب كرة قدم بنهاية الموسم دون التعرض لإصابة أو لمشكلة».
واستهلَّ كاريك مسيرته مع وستهام يونايتد عام 1999 ثم انتقل إلى توتنهام هوتسبير في 2004، وانضم إلى يونايتد في 2006 وخاض معه أكثر من 300 مباراة، وأصبح قائداً للفريق قبل بداية الموسم الحالي. وفاز بالدوري الإنجليزي الممتاز خمس مرات إضافة إلى دوري أبطال أوروبا والدوري الأوروبي وكأس الاتحاد الإنجليزي وكأس العالم للأندية وثلاثة ألقاب لكأس رابطة الأندية الإنجليزية.
ولو أظهر كاريك في دوره التدريبي الجديد الذكاء الكروي والخططي ذاته الذي كان يتميز به كلاعب، فلن يكون من المستبعَد أن يساعد لاعبين صغار في السن على التألق، وأن يبرز اسمه بين كبار المديرين الفنيين في العالم خلال السنوات المقبلة. وربما يأتي اليوم الذي نعرب فيه عن تقديرنا لكاريك بصورة أكبر من ذلك، لكن كمدرب هذه المرة.



ذهبية الجندي تخفف الضغط على البعثة الأولمبية المصرية

الجندي (أ.ب)
الجندي (أ.ب)
TT

ذهبية الجندي تخفف الضغط على البعثة الأولمبية المصرية

الجندي (أ.ب)
الجندي (أ.ب)

خفف تتويج المصري أحمد الجندي بالميدالية الذهبية لمسابقة "الخماسي الحديث" للرجال، بجانب فضية اللاعبة سارة سمير في "رفع الأثقال" الضغط على البعثة الأولمبية المصرية في أولمبياد باريس بعد سلسلة من الاخفاقات المتتالية والتي عرضت البعثة إلى حالة من الهجوم العنيف من قبل الجمهور والنقاد المصريين.

حالة من "الارتياح النسبي" لدى البعثة المصرية الأولمبية وسط حالة من الهجوم وعدم الرضا عن النتائج التي حققتها، لاسيما أنها

احتفاء واسع في مصر بأحمد الجندي بعد فوزه بالميدالية الذهبية (أ.ب)

وفاز اللاعب المصري أحمد الجندي بالميدالية الذهبية الوحيدة لمصر في "أولمبياد باريس" بمسابقة الخماسي الحديث للرجال، محطماً الرقم القياسي العالمي في المسابقة بعدما وصل إلى 1555 نقطة، فيما كان الرقم القديم 1482، فيما حققت المصرية سارة سمير الميدالية الفضية لبلادها في وزن 81 كيلوغراما في رفع الأثقال للسيدات.

وتداول مستخدمو مواقع "التواصل" صور البطلين، وسط موجة من الاحتفاء، والتأثر لاسيما بمقطع الفيديو الذي راج للاعبة المصرية سارة سمير وهي تبكي لعدم حصولها على الميدالية الذهبية، وسط دعم من البعثة المصرية وتهنئتها بـ"الفضية" بعد منافسة شرسة.

ووجه الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي، الأحد، رسالة تهنئة، للثلاثي أحمد الجندي وسارة سمير ومحمد السيد، بعد تحقيقهم لثلاث ميداليات في دورة الألعاب الأوليمبية.

وأعلنت وزارة الشباب والرياضة، الأحد، إطلاق اسم سارة سمير صاحبة الميدالية الفضية على مركز "شباب الهوانيا" في محافظة الإسماعيلية (شرق القاهرة)، كما أعرب وزير الشباب والرياضة المصري أشرف صبحي عن سعادته بتحقيق أحمد الجندي للميدالية الذهبية في الخماسي الحديث، وقال صبحي في تصريحات إعلامية لقناة (بي إن سبورتس): " كنا ننتظر في باريس من ست إلى ثماني ميداليات، كان لدينا تقييم جيد لكل الألعاب ولم نضع كرة القدم أو كرة اليد في الحسابات ولكنها ظهرت بشكل جيد، وقمنا في الدورة السابقة بطوكيو بتحقيق ست ميداليات لوجود رياضة الكاراتيه التي نحن الأول على العالم في هذه الرياضة".

سارة سمير الفائزة بالميدالية الفضية (أ.ف.ب)

وواجهت البعثة المصرية الأكبر عربياً وأفريقياً بأولمبياد باريس انتقادات حادة لاسيما بعد خسارة منتخب كرة اليد المصري مباراته في ربع النهائي أمام إسبانيا بصورة مفاجئة، وهي الهزيمة التي تبعت خسائر جماعية أخرى في ألعاب مثل: الرماية والملاكمة والسلاح وتنس الطاولة والمصارعة والوثب العالي ورمي الرمح والسباحة التوقيعية والغطس، علاوة على عدم تحقيق لاعبين مصنفين دولياً في مراكز متقدمة أي ميدالية مثل زياد السيسي في لعبة سلاح الشيش، رغم التعويل عليه لتحقيق ميدالية لمصر إلا أنه أضاع فرصة الحصول على الميدالية البرونزية بعد تحقيقه المركز الرابع بعد خسارته أمام بطل إيطاليا، وكذلك لم ينجح كل من عزمي محيلبة في الرماية، وعبد اللطيف منيع في المصارعة الرومانية من إحراز ميداليات.

كما صدمت هزيمة منتخب مصر لكرة القدم أمام منتخب المغرب بنتيجة 6 أهداف مقابل لا شيء في المنافسة على الميدالية البرونزية الجمهور المصري.

منتخب مصر تعرض لهزيمة ثقيلة من المغرب (وزارة الشباب والرياضة المصرية)

وحسب البرلماني المصري عمرو السنباطي، عضو لجنة الشباب والرياضة بمجلس النواب، فإن تقدير أداء البعثة الأولمبية المصرية يجب أن يستند إلى الخطة أو التوقعات التي كانت تستهدفها بالأساس، ويتساءل في حديثه مع "الشرق الأوسط": "هل كان طموحنا الوصول إلى ثلاث ميداليات في الأولمبياد رغم أنها تعتبر أكبر بعثة مصرية؟ الأمر يحتاج إعادة النظر في الاستراتيجيات على المدى القصير والطويل، والتركيز على الرياضيات الأولمبية، فالكاراتيه ليس لعبة أولمبية بالأساس، وتم إدراجها في طوكيو بشكل استثنائي".

ويضيف: "أحمد الجندي وسارة سمير حققا فوزا أولمبياً مُقدرا، لكنهما قد لا يشاركان في الدورة الأولمبية المقبلة، ما يطرح سؤالاً عن تجهيز الصف الثاني والثالت في الألعاب الأولمبية، وتأهيل أجيال منافسة، وهذا كلام نكرره منذ دورة طوكيو الماضية، رغم مضاعفة الإنفاقات على هذا القطاع".

الجندي بطل الخماسي الحديث (أ.ف.ب)

ويعتبر الناقد الرياضي أيمن أبو عايد، أن النتائج التي حققها كل من أحمد الجندي وسارة سمير "حفظاً لماء وجه البعثة الأولمبية"، ويضيف لـ"الشرق الأوسط": "النتائج التي وصلنا إليها تأتي وسط شكاوى من اللاعبين من التقصير في الإعداد والتأهيل والتدريب الخاص وسط ظروف رياضية ضاغطة، وقد مهدت لنا تصريحات البعثة أننا بصدد تحقيق من ست إلى تسع ميداليات، ويبدو أن تلك كانت مبالغة وإسراف في القول، حتى لو لم يحالفنا الحظ في بعض المرات كما حدث مع لاعب المبارزة زياد السيسي بعد إخفاقه في الحصول على البرونزية".

سارة سمير (رويترز)

يضيف أبو عايد: "نتائج البعثة لا تتخطى ما وصلنا إليه من قبل، رغم الوعود مع كل دورة أولمبية بنتائج أفضل، وصار هذا خطاب نسمعه كل أربعة أعوام، حيث تظل تقارير لجان التحقيق في نتائج البعثة الأوليمبية حبيسة الأدراج، فمن غير المنطقي أن تحصل دولة عدد سكانها أكثر من 100 مليون نسمة على 3 ميداليات فقط".

الجندي خفف الضغط على البعثة الأولمبية المصرية (رويترز)

وأعلن المهندس ياسر إدريس، رئيس اللجنة الأولمبية المصرية بالتنسيق مع الدكتور أشرف صبحي وزير الشباب والرياضة، الأحد، رفع قيمة مكافآت الفوز بالميداليات خلال أولمبياد باريس 2024 إلى 5 ملايين جنيه (الدولار يساوي 49.2 جنيه) للميدالية الذهبية، و4 ملايين جنيه للميدالية الفضية، و3 ملايين للبرونزية، بخلاف صرف مكافأة فورية لكل فائز ألف يورو وساعة يد قيمة.

وشاركت مصر بأكبر بعثة في تاريخها بأولمبياد باريس بـ149 لاعباً ولاعبة و16 لاعباً احتياطياً؛ 79 من الرجال و52 من السيدات، في 24 لعبة أوليمبية، منها 4 ألعاب جماعية، وهي كرة القدم، وكرة اليد، والكرة الطائرة، والكرة الطائرة الشاطئية سيدات.