نيران أميركية «صديقة» تقتل وتصيب عشرات العراقيين غرب الأنبار

بين الجرحى مدير ناحية البغدادي وقائد شرطتها

TT

نيران أميركية «صديقة» تقتل وتصيب عشرات العراقيين غرب الأنبار

تسببت نيران أميركية وصفت بالصديقة في مقتل وجرح 26 عراقيا في ناحية البغدادي التابعة لمحافظة الأنبار غرب العراق، وورد أن بين الجرحى مدير الناحية وقائد شرطتها.
وفتحت القيادة العامة للقوات المشتركة تحقيقا في الحادث. وفي بيان لها قالت القيادة إنه «توفرت لدى قيادة العمليات المشتركة معلومات استخبارية دقيقة عن وجود أحد القيادات الإرهابية وهو (كريم عفات علي السمرمد) في أحد بيوت ناحية البغدادي، للاجتماع مع خلية إرهابية تستعد لتنفيذ عمليات ضد القوات الأمنية والمواطنين». وأضاف البيان أنه «استنادا إلى تلك المعلومات كلفت على الفور قوة من لواء المشاة الثامن وبإسناد جوي من طيران التحالف الدولي، لغرض مداهمة المكان واعتقال الإرهابي المطلوب للقضاء». وأوضح البيان أنه «بعد تنفيذ المداهمة والقبض على الإرهابي وأثناء التفتيش وجمع الأدلة تعرضت القوة إلى هجوم برمانة يدوية من أحد المنازل المجاورة، مما استدعى الرد عليها بسرعة وبعدها انسحبت القوة إلى مقر انطلاقها»، مشيرة إلى أنه «فِي طريق العودة لوحظ تجمع مسلحين من دون التنسيق مع القوة المكلفة بالواجب، حيث استهدفتهم الطائرات المساندة للقوة».
من جهته، أكد محافظ الأنبار محمد الحلبوسي، في تصريح لـ«الشرق الأوسط»، أن «العملية تمت بطريقة سرية جدا، ولم يتم التنسيق مع بعض الجهات الأمنية كون الهدف المطلوب اعتقاله ابن شيخ عشيرة، وبالتالي كان لزاما ضمان سرية العملية». وأضاف الحلبوسي أن «ناحية البغدادي لم تسقط بيد تنظيم داعش وبقيت صامدة رغم الحصار ومحاولات التجويع، وبالتالي فإن دخول جماعة مسلحة يمكن أن يثير تساؤلات بخصوص هويتها، خشية أن تكون من الجماعات الإرهابية، ولذلك تم استهداف المجموعة من قبل أحد المنازل المجاورة رغم أنها تمكنت من اعتقال الشخص المطلوب، حيث سبق لأفراد من تنظيم داعش ارتدوا ملابس القوات الأمنية وهاجموا المواطنين وأعدموا العشرات منهم قبل سنوات». وبين الحلبوسي أنه «إثر الانسحاب تم قصفهم من قبل طيار أميركي، الأمر الذي تطلب الوقوف عند الملابسات الخاصة بذلك، لأنه غير مبرر، وهو ما ننتظر نتائج التحقيق الذي فتحته قيادة العمليات المشتركة». وكشف الحلبوسي عن «فتح تحقيق خاص من قبل السفارة الأميركية مع الطيار الأميركي».
أمنيا وعسكريا أكد الخبير المتخصص فاضل أبو رغيف، في تصريح مماثل لـ«الشرق الأوسط»، أن «الحادث كان غير مقصود تماما، حيث يمكن القول إنه خطأ بالتقديرات، خطأ بالتهديف، خطأ بإيصال الإحداثيات، ولكنه في كل الأحوال هو خطأ منصف، لكنه سيدرج في خانة النيران الصديقة». وأضاف أبو رغيف، أن «هناك تحقيقا بالحادث من قبل العمليات المشتركة، ولا أتوقع حصول تصعيد، رغم أنه شبه كارثي، لأن الكارثة ليست بالأعداد بالضرورة لكن بالتقديرات».
من جانب آخر، أعاد هذا الحادث إلى الأذهان قضية الوجود الأميركي في العراق لا سيما من قبل الجهات التي تعلن رفضها باستمرار لهذا الوجود حتى على مستوى المستشارين. وبناء على ذلك فقد اتفقت لأول مرة وجهة نظر زعيم التيار الصدري مقتدى الصدر مع وجهة نظر زعيم عصائب أهل الحق قيس الخزعلي بخصوص شرعية الوجود الأميركي. الصدر وفي تغريدة له على «تويتر» طالب بالقصاص من المعتدين على ناحية البغدادي فورا، على حد قوله. وقال: «مرة أخرى يثبت الاحتلال الأميركي طغيانه وعنجهيته، بل وتعديه السافر على حكومة العراق واستقلاليتها وسيادتها، وذلك بقصفه العشوائي والظالم لناحية (البغدادي) الذي راح ضحيته الأبرياء بغير وجه حق». وأضاف: «لذا نطالب بمحاسبتهم والقصاص من المعتدين فوراً».
أما رئيس لجنة الأمن والدفاع في البرلمان العراقي حاكم الزاملي، وهو قيادي بالتيار الصدري، فقد طالب من جهته بوضع حد لوجود قوات الاحتلال الأميركي، مؤكدا ضرورة محاكمة الطيار الذي استهدف المواطنين العراقيين في ناحية البغدادي. وقال الزاملي في بيان له، إن «ما قامت به قوات الاحتلال الأميركي باستهداف الأبرياء؛ مدير ناحية البغدادي ومدير مركز الشرطة وعدد من النساء والأطفال هو استهتار بكل ما تحمله الكلمة من معنى»، مشيرا إلى أنه «يمثل تجاوزا فاضحا وعدم احترام لسيادة الدولة العراقية». وأضاف الزاملي، أن «الذي نستغربه عندما تطلب القوات العراقية إسنادا من الطيران الأميركي لمعالجة هدف إرهابي يتحججون بأن معهم نساء وأطفالا»، مستدركاً: «لكن اليوم يتم قتل نساء وأطفال بدم بارد دون طلب من القوات العراقية».
ونوه الزاملي بضرورة «محاسبة الطيار ومحاكمته وفق القانون العراقي فضلا عن تعويض الشهداء والجرحى»، داعيا الحكومة العراقية إلى «وضع حد لوجود قوات الاحتلال الأميركي في القواعد الجوية العراقية». كما لفت الزاملي إلى أهمية «تحديد حركة الطائرات العسكرية من طلعات جوية وهبوط وإقلاع بأمر وبعلم من العمليات المشتركة العراقية»، مبينا أن «لجنة الأمن والدفاع النيابية ستتابع الإجراءات الحكومية وتنتظر نتائج التحقيق بهذه الحادثة المؤلمة».



مصر وسلطنة عمان تبحثان سلامة الملاحة في البحر الأحمر

نائب رئيس الوزراء لشؤون مجلس الوزراء بسلطنة عُمان يستقبل وزير الخارجية المصري (الخارجية المصرية)
نائب رئيس الوزراء لشؤون مجلس الوزراء بسلطنة عُمان يستقبل وزير الخارجية المصري (الخارجية المصرية)
TT

مصر وسلطنة عمان تبحثان سلامة الملاحة في البحر الأحمر

نائب رئيس الوزراء لشؤون مجلس الوزراء بسلطنة عُمان يستقبل وزير الخارجية المصري (الخارجية المصرية)
نائب رئيس الوزراء لشؤون مجلس الوزراء بسلطنة عُمان يستقبل وزير الخارجية المصري (الخارجية المصرية)

بحث وزير الخارجية المصري بدر عبد العاطي، في سلطنة عمان، الاثنين، ملفَ التوترات الأمنية في البحر الأحمر، مؤكداً أهمية سلامة الملاحة البحرية وحرية التجارة الدولية، وارتباط ذلك بشكل مباشر بأمن الدول المشاطئة للبحر الأحمر.

وحسب بيان صادر عن وزارة الخارجية المصرية، أشار عبد العاطي إلى «تأثير تصاعد حدة التوترات في البحر الأحمر على مصر، بشكل خاص، في ضوء تراجع إيرادات قناة السويس».

وأدى تصعيد جماعة «الحوثيين» في اليمن لهجماتها على السفن المارة في مضيق باب المندب والبحر الأحمر، منذ نهاية نوفمبر (تشرين الثاني) 2023، بداعي التضامن مع الفلسطينيين في غزة، إلى تغيير شركات الشحن العالمية الكبرى مسارها من البحر الأحمر، واضطرت إلى تحويل مسار السفن إلى طرق بديلة منها مجرى رأس الرجاء الصالح.

وتراجعت إيرادات قناة السويس من 9.4 مليار دولار (الدولار الأميركي يساوي 50.7 جنيه في البنوك المصرية) خلال العام المالي (2022 - 2023)، إلى 7.2 مليار دولار خلال العام المالي (2023 - 2024)، حسب ما أعلنته هيئة قناة السويس في أكتوبر (تشرين الأول) الماضي.

وخلال لقاء الوزير عبد العاطي مع فهد بن محمود آل سعيد نائب رئيس الوزراء لشؤون مجلس الوزراء، أشار إلى تقدير مصر الكبير للقيادة الحكيمة للسلطان هيثم بن طارق، وللدور الإيجابي الذي تضطلع به سلطنة عمان على المستويين الإقليمي والدولي.

وأكد عبد العاطي أهمية التعاون المشترك لتعزيز الأمن العربي، وحرص مصر على التنسيق والتشاور مع السلطنة لتثبيت دعائم الأمن والاستقرار في المنطقة، لا سيما في ظل الاضطرابات غير المسبوقة التي تشهدها منطقة الشرق الأوسط على عدة جبهات.

وطبقاً للبيان، تناول اللقاء مناقشة عدد من القضايا الإقليمية ذات الاهتمام المشترك، على رأسها القضية الفلسطينية واستمرار العدوان الإسرائيلي على قطاع غزة، والجهود المصرية لاحتواء التصعيد في المنطقة، والتوصل لاتفاق لوقف إطلاق النار وإطلاق سراح الرهائن، كما تم تبادل الرؤى حول الأوضاع في سوريا واليمن والسودان وليبيا.

وخلال لقائه مع بدر البوسعيدي، وزير خارجية سلطنة عُمان، في إطار زيارته الرسمية إلى مسقط، ناقش عبد العاطي مجمل العلاقات الثنائية والتنسيق المشترك حيال القضايا الإقليمية محل الاهتمام المشترك.

مباحثات سياسية بين وزير الخارجية المصري ونظيره العماني (الخارجية المصرية)

تناول الوزيران، حسب البيان المصري، أطر التعاون الثنائي القائمة، وسبل تعزيز مسار العلاقات بين مصر وسلطنة عُمان، والارتقاء بها إلى آفاق أوسع تنفيذاً لتوجيهات قيادتي البلدين.

وزار الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي، مسقط، في يونيو (حزيران) 2022، بينما زار السلطان هيثم بن طارق القاهرة في مايو (أيار) 2023.

وأكد الوزيران على أهمية التحضير لعقد الدورة السادسة عشرة للجنة المشتركة بين البلدين خلال الربع الأول من عام 2025، لتعزيز التعاون الثنائي بين البلدين في مختلف المجالات.

وشدد عبد العاطي على الأهمية التي توليها مصر لتطوير وتعزيز علاقاتها مع سلطنة عُمان، مشيداً بالعلاقات الوطيدة والتاريخية التي تجمع بين البلدين. وأشار إلى الاهتمام الخاص الذي توليه مصر للتعاون مع أشقائها في الدول العربية في مجال جذب الاستثمارات والتعاون الاقتصادي والتبادل التجاري، مستعرضاً برنامج الإصلاح الاقتصادي والاجتماعي الجاري تطبيقه في مصر، والخطوات التي تم اتخاذها لتهيئة المناخ الاستثماري وتوفير الحوافز لجذب الاستثمارات الأجنبية.

كما أشار إلى أهمية العمل على تعزيز التعاون بين المنطقة الاقتصادية لقناة السويس وهيئة المنطقة الاقتصادية الخاصة بـالدقم، وكذلك الربط البحري بين ميناءي «الدقم» و«صلالة»، والموانئ المصرية مثل ميناء الإسكندرية وميناء العين السخنة وغيرهما، بما يعزز التبادل التجاري بين البلدين، ويساهم في تعميق التعاون بينهما في مجالات النقل الملاحي والتخزين اللوجستي، في ضوء ما تتمتع به مصر وعُمان من موقع جغرافي متميز يشرف على ممرات ملاحية ومضايق بحرية استراتيجية.

وفيما يتعلق بالأوضاع الإقليمية في ظل التحديات المتواترة التي تشهدها المنطقة، ناقش الوزيران، وفق البيان المصري، التطورات في سوريا، والحرب في غزة، وكذلك الأوضاع في ليبيا ولبنان، وتطورات الأزمة اليمنية وجهود التوصل لحل سياسي شامل، وحالة التوتر والتصعيد في البحر الأحمر التي تؤثر بشكل مباشر على أمن الدول المشاطئة له، كما تطرق النقاش إلى الأوضاع في منطقة القرن الأفريقي والتطورات في السودان والصومال.

وأكد البيان أن اللقاء عكس رؤيةً مشتركةً بين الوزيرين للعديد من التحديات التي تواجه المنطقة، وكيفية مواجهتها، وأكدا على أهمية تعزيز التعاون بين البلدين والحرص على تكثيف التشاور والتنسيق بشأن مختلف القضايا، كما اتفق الوزيران على تبادل تأييد الترشيحات في المحافل الإقليمية والدولية.