مبادرة جديدة لتوحيد الأحزاب اليسارية في تونس

نحو ألف موقوف في الاحتجاجات الاجتماعية

TT

مبادرة جديدة لتوحيد الأحزاب اليسارية في تونس

كشف عبيد البريكي، الوزير السابق للوظيفة العمومية في تونس، عن تقدم المشاورات بشأن تشكيل حزب «اليسار الكبير»، وقال إن ثمانية أحزاب سياسية يسارية انضمت إلى مبادرة توحيد اليسار التونسي، وهي «حزب المسار الديمقراطي الاجتماعي» و«الحزب الاشتراكي» و«حزب الثوابت» و«حزب العمل الوطني الديمقراطي» و«حزب الوحدة الشعبية» و«حزب مستقبل تونس» و«الحزب الشعبي التقدمي». وتفتح هذه المبادرة أبوابها أمام قوى يسارية ممثلة في أحزاب وشخصيات سياسية مستقلّة ونقابيين.
وقال البريكي، وهو أحد القيادات النقابية السابقة لـ«الشرق الأوسط»، إن هذه المبادرة تبقى مفتوحة أمام كل الأطراف السياسية الراغبة في الانضمام إليها، وتعديل كفة المشهد السياسي التونسي، ومن بينها تحالف «الجبهة الشعبية» اليساري الذي يتزعمه حمة الهمامي، ويضم 11 حزباً سياسياً موزعة بين اليساري والقومي، إلا أنها مبادرة ممنوعة على الأحزاب الليبرالية في توجهاتها الاقتصادية والفكرية. وأكد على أن المبادرة التي أطلقها منذ أشهر تهدف إلى تشكيل اليسار الاجتماعي الديمقراطي، وهو توجه مختلف عن التوجهات الليبرالية للائتلاف الحاكم الحالي، على حد تعبيره.
وبخصوص إمكانية تحوّل هذا التحالف اليساري إلى حزب سياسي جديد، قال عبيد البريكي: «هناك إمكانية كبيرة ليتحول إلى حزب سياسي، فلا وجود لاعتراض من قبل الأحزاب المنخرطة في هذه المبادرة». واعتبر أن الهدف الأساسي من وراء هذه المبادرة هو بناء حزب سياسي يساري يأخذ بعين الاعتبار ما قدمه اليسار التونسي تاريخيّاً، وما قدمه أيضاً في التحولات الفارقة في البلاد. وأكد أن «هدف هذه المبادرة ليس بناء جبهة لأن جميع الجبهات التي أُحدثت أثبتت فشلها». وأوضح: «لا يمكن التعامل مع واقع قُطري وإقليمي بمنطق العقيدة والآيديولوجيا، بل إن الوضع يقتضي السياسة ونحن سنعمل سياسة».
وستعقد القيادات السياسية اليسارية مؤتمراً اليوم وغداً في مدينة الحمامات (60 كلم شمال شرقي العاصمة التونسية) للإعلان الرسمي عن هذه المبادرة ومكوناتها السياسية وتسميتها الرسمية والاستعدادات الضرورية لعقد مؤتمر انتخابي خلال الأشهر المقبلة.
وكان 11 حزباً سياسياً تونسياً بقيادة «حركة مشروع تونس» (بزعامة محسن مرزوق)، أعلنت عن تشكيل ائتلاف انتخابي بهدف التوجه لخوض الانتخابات البلدية المنتظرة في السادس من مايو (أيار) المقبل.
على صعيد آخر، قال وائل نوار الناشط ضمن حملة «ماذا ننتظر؟» المطالبة بإسقاط قانون المالية الجديد في تونس، إن السلطات التونسية أوقفت نحو ألف مشارك في الاحتجاجات الاجتماعية التي عرفتها البلاد بداية الشهر الحالي. وقال في تصريح إعلامي إبان تنظيم وقفة احتجاجية أمام البرلمان التونسي، أمس، للمطالبة بالتراجع عن الزيادات في الأسعار وإلغاء قانون المالية، إن لجنة تشكلت من محامين ونواب في البرلمان وحقوقيين للدفاع عن موقوفي الحراك الاجتماعي الأخير. وأكد تمسكهم بمجموعة من المطالب، وتتمثل في إلغاء قانون المالية و«فصوله المجحفة»، والتراجع عن الزيادات الكبيرة في الأسعار، إضافة إلى المطالبة بإطلاق سراح الموقوفين على خلفية تلك الاحتجاجات.



أحياء منكوبة بلا مياه وكهرباء بسبب القصف الإسرائيلي في مدينة صور الساحلية

جانب من الدمار الذي طال المباني في مدينة صور الساحلية جنوب لبنان (رويترز)
جانب من الدمار الذي طال المباني في مدينة صور الساحلية جنوب لبنان (رويترز)
TT

أحياء منكوبة بلا مياه وكهرباء بسبب القصف الإسرائيلي في مدينة صور الساحلية

جانب من الدمار الذي طال المباني في مدينة صور الساحلية جنوب لبنان (رويترز)
جانب من الدمار الذي طال المباني في مدينة صور الساحلية جنوب لبنان (رويترز)

قرب ركام مبنى ما زال الدخان يتصاعد منه في مدينة صور، تحمل عائلة حقائب وتصعد على سلم مظلم إلى شقة خُلعت أبوابها ونوافذها، ولا يوجد فيها ماء ولا كهرباء، بعد أن استهدف القصف الإسرائيلي البنى التحتية والطرق، إضافة إلى الأبنية والمنازل.

في اليوم الثاني من سريان وقف إطلاق النار بين «حزب الله» وإسرائيل، كانت مئات العائلات صباح الخميس تتفقّد منازلها في أحياء استهدفتها الغارات الإسرائيلية، وحوّلتها إلى منطقة منكوبة.

لم تسلم سوى غرفة الجلوس في شقة عائلة نجدة. تقول ربّة المنزل دنيا نجدة (33 عاماً)، وهي أم لطفلين، لـ«وكالة الصحافة الفرنسية»، بينما تقف على شرفتها المطلة على دمار واسع: «لم نتوقّع دماراً إلى هذا الحدّ. رأينا الصور لكن وجدنا الواقع مغايراً وصعباً».

وغطّى الزجاج أسرّة أطفالها وألعابهم، في حين تناثرت قطع من إطارات النوافذ الحديدية في كل مكان. وتضيف دنيا نجدة: «عندما وصلنا، وجدنا الدخان يتصاعد من المكان، وبالكاد استطعنا معاينة المنزل».

على الشرفة ذاتها، يقف والد زوجها سليمان نجدة (60 عاماً)، ويقول: «نشكو من انقطاع المياه والكهرباء... حتى المولدات الخاصة لا تعمل بعد انقطاع خطوط الشبكات».

ويقول الرجل، الذي يملك استراحة على شاطئ صور، الوجهة السياحية التي تجذب السكان والأجانب: «صور ولبنان لا يستحقان ما حصل... لكن الله سيعوضنا، وستعود المدينة أفضل مما كانت عليه».

وتعرّضت صور خلال الشهرين الماضيين لضربات عدّة؛ دمّرت أو ألحقت أضراراً بمئات الوحدات السكنية والبنى التحتية، وقطعت أوصال المدينة.

وأنذرت إسرائيل، خلال الأسابيع القليلة الماضية، مراراً سكان أحياء بأكملها بإخلائها، ما أثار الرعب وجعل المدينة تفرغ من قاطنيها، الذين كان عددهم يتجاوز 120 ألفاً.

لن يحصل بنقرة

خلال جولة في المدينة؛ حيث تعمل آليات على رفع الردم من الطرق الرئيسة، يحصي رئيس بلدية صور واتحاد بلدياتها، حسن دبوق لـ«وكالة الصحافة الفرنسية»: «أكثر من 50 مبنى، مؤلفة من 3 إلى 12 طابقاً دُمّرت كلياً جراء الغارات الإسرائيلية»، غير تضرّر عشرات الأبنية في محيطها، بنسبة تصل إلى 60 في المائة. ويضيف: «يمكن القول إنه يكاد لم يبقَ أي منزل بمنأى عن الضرر».

وشهدت شوارع المدينة زحمة سير مع عودة المئات من السكان إلى أحيائهم، في حين أبقت المؤسسات والمحال التجارية والمطاعم أبوابها موصدة.

ويوضح دبوق: «يتفقّد السكان منازلهم خلال النهار، ثم يغادرون ليلاً بسبب انقطاع الماء عن أنحاء المدينة والكهرباء عن الأحياء التي تعرّضت لضربات إسرائيلية قاسية».

ويقول إن الأولوية اليوم «للإسراع في إعادة الخدمات إلى المدينة، وتأمين سُبل الحياة للمواطنين»، مقرّاً بأن ذلك «لن يحصل بنقرة، ويحتاج إلى تعاون» بين المؤسسات المعنية.

ويضيف: «من المهم أيضاً إزالة الردم لفتح الشوارع حتى يتمكّن الناس من العودة».

واستهدفت غارة إسرائيلية في 18 نوفمبر (تشرين الثاني) شركة مياه صور، ما أسفر عن تدميرها، ومقتل موظفيْن، وانقطاع المياه عن 30 ألف مشترك في المدينة ومحيطها، وفق ما قال رئيس مصلحة مياه صور وليد بركات.

ودمّرت الغارة مضخّات المياه وشبكة الأنابيب المتفرّعة منها، وفق ما شاهد مراسلو «وكالة الصحافة الفرنسية»، الخميس، في إطار جولة نظمها «حزب الله» للصحافيين في عدد من أحياء المدينة.

وتحتاج إعادة بنائها إلى فترة تتراوح بين 3 و6 أشهر، وفق بركات، الذي قال إن العمل جارٍ لتوفير خيار مؤقت يزوّد السكان العائدين بالمياه.

ويقول بركات: «لا صواريخ هنا، ولا منصات لإطلاقها، إنها منشأة عامة حيوية استهدفها العدوان الإسرائيلي».

قهر ومسكّنات

بحزن شديد، يعاين أنس مدللي (40 عاماً)، الخيّاط السوري المُقيم في صور منذ 10 سنوات، الأضرار التي لحقت بمنزله جراء استهداف مبنى مجاور قبل ساعة من بدء سريان وقف إطلاق النار. كانت أكوام من الركام تقفل مدخل المبنى الذي تقع فيه الشقة.

ويقول بأسى: «بكيت من القهر... منذ يوم أمس، وأنا أتناول المسكنات جراء الصدمة. أنظر إلى ألعاب أولادي والدمار وأبكي».

وغابت الزحمة، الخميس، عن سوق السمك في ميناء المدينة القديمة، الذي كان يعجّ بالزبائن قبل الحرب، بينما المراكب راسية في المكان منذ أكثر من شهرين، وينتظر الصيادون معجزة تعيدهم إلى البحر لتوفير قوتهم.

بين هؤلاء مهدي إسطنبولي (37 عاماً)، الذي يروي أنه ورفاقه لم يبحروا للصيد منذ أن حظر الجيش اللبناني في السابع من أكتوبر (تشرين الأول) حركة القوارب في المنطقة البحرية جنوب لبنان.

ويقول: «لم يسمح الجيش لنا بعد بالخروج إلى البحر حفاظاً على سلامتنا» باعتبار المنطقة «حدودية» مع إسرائيل.

ويقول إسطنبولي: «نراقب الوضع... وننتظر»، مضيفاً: «نحن خرجنا من أزمة، لكن الناس سيعانون الآن من أزمات نفسية» بعد توقف الحرب.

ويقول أب لأربعة أطفال: «أحياناً وأنا أجلس عند البحر، أسمع صوت الموج وأجفل... يتهيّأ لي أن الطيران يقصف. نعاني من الصدمة».